الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر

اعمى,...بطريق مظلم !!

يسـرد جوانب من الحياة الأجتماعية

في العراق وليبيا وتونس


الحلقة الأولى:

كانت الحقيقة تحكم البشرية، إلا أن العالم في نهاية القرن العشرين سقط في الأنحطاط،.. وما من احد رفع صوته لردع ذلك الأنهيار والظلم أو ترميمه من دون خوف أو رهبة من المتسلطين على حرية البشر، ولذا تم اغتيال القًّيمْ التي آمن بها أجدادنا، فطحنت حضارتهم وتمزقت شَذَرَ مَذَرَ!!... ونتيجة لذلك، اندلعت الحرب الكلامية في أوساط طلائع الأمة المثقفة، وتبادلوا التهم التي قادتنا إلى ما نحن عليه ألآن !
وهكذا,...جعلونا نسير وفق مخططات علمية شئنا ذلك أم أبينا،.. وجلنا أغمض عينيه حتى عن ابسط القيَمْ الانسانية وأصبنا بالإحباط!.. ولم نترك شيئاً لم نتهمه لنعلق فوقه أسباب الإحباط والانتكاسات،..لأانعدام رؤيتنا للحقيقة والتخبط في التكهنات التي لا أساس لها من الصحة.، فزدنا جبناً في اتخاذ أي قرار ننهي به مشاكلنا.
قد يتعرض بعض الناس لبعض المطبات، التي تغير مجرى حياتهم، وبعد اليأس من تحسن وضعهم، يتجهون للاِنتقام ممن وضعهم في ذلك الموقف، وتأخذهم العزة بالإثم، ويشعرون بنشوة النصر... وهذا هو الوباء بعينه، وقانا الله وإياكم منه، فلا يمكن لأي مثقف أن يلجأ
لمثل تلك الحلول، حيث قيل:
" لا تصلح الخطأ بالخطأ "

ذكر الفيلسوف الهندي

"باها كافان سري":
إن لم تكن مقتدراً على المساعدة
فلن يلومك أحدٌ،......ولكن يجب
أن لا تؤذي غيرك!


إنّ العالم ما زال مفعماً بالخير، والسعيد هو من يسعد الآخرين ومن يتعمد الإساءة فهو خطر على المجتمع ويجب إبعاده، كما قال الشاعر:
لا تربط الجرباء قرب صحيحة
خوفي على تلك الصحيحة أن تجربا

كم من مرة سألت ذوي الأختصاص عن أسباب عدم التوفيق في عمل ما أو ما يسمى (بالنحس)، الذي يلازم عملنا بشكل مزري، ومسبباً لنا الإحباط المزمن !
لم اجد الجواب الشافي،... ولم استطع استنباط الواقع أو بعض الحقيقة، وهكذا عشت كغيري من ملايين البشر في شقاء دائب، أو كما قال المتنبي :
ذو العقل يًشقى في النعيم بعقلهِ
واخو الجهالةِ في الشقاءِ يَنعَمُ


ذكر (سو مرت موم)، "كل شيء في حياة الكاتب يمكن استخدامه في قصة"، ولذا قررت كتابة قصة زميلي "صابر", لا للتسلية، بل لأكتساب العبرة وتجنب الأنزلاق في سراب الهناء!!... مستعيناً بما
ذكره"شيرورد اندرسون"، حول استخدام ما يبدو متناثراً ولا تربطه أية رابطة في حياتنا اليومية، في نسيج قصصي جميل من خلال التجارب التي تحدث لنا أو أمام أعيننا، وتلك العوائــق التي تبرق من حولنا بغير توقع، والتي يطلق عليها أسم: ((مطبات)) وهي على درجات متفاوتة من الضرر.

حدثني " صابر", عن بعض ذكرياته منذ الطفولة، وكأنها مسلسل,...ومن تلك الأحداث، ما تكلس في أعماق ذاكرته،.... ولذا آل على نفسه سرد اليسير من سيرة حياته, في خضم الأحوال الأجتماعية التي اجتازها منذ نعومة اظفاره, وهو مسلوب الأرادة !
تجنب "صابر", الإطناب في سرد سيرته والأحوال الأجتماعية التي اكتنفتها,.. حتى لا يسبب مللاً للقارئ الكريم، كما تجنب الصراحة المطلقة, في سرد بعض الحوادث حتى لا يدمي مشاعر من له علاقة من بعيد او قريب من احداثها.
لم يوفق "صابر", برؤية أي شيء بوضوح، وطالما تحدث عن أناس بلا حياء، إلا أنهم امتلكوا الحظ في حياتهم، وآخرون شرفاء لم يلمسوا سوى الخيبات,...على أمل أن يبزغ الفجر ليهزم الظلام الدامس المخيم على حياتهم منذ الولادة، وأدركوا أن الزمن لا يفتح أبوابه إلا لمن يحسن الأنتظار,..وقيل:
لا شيئ اقوى من الحقيقة, وانتظار الشيئ اصعب من وقوعه
.. ولذا وجب التعاون والتعامل مع الواقع مهما كانت قسوته، ويجب الاستسلام له،.....
فقيمة الظلام الكبرى، تجعلك في حالة ترقب وتحفز أنتظارًا للنور
... كما يجب تعيين موقع المرفأ المتجه له، فلا فائدة من الاعتماد على الرياح لتعبث في أشرعة سفينتك وخاصة عندما تفقد الإقامة وتكون , .........
حقيبتك وحدها هي الوطن،
وفق ما ورد على لسان الشاعر العراقي "مظفر النواب"، .............
(هذه الحقيبة عادت وحدها وطني).
ومرًت الأيام,..ووجدت في جعبتي العديد من االمقالات الصحفية التي دونها زميل الطفولة "صابر", .. اضافة الى ذكريات كان يحدثني عنها ,
حينما سكنا عربة واحدة في قطار العمر !!
ولذا آليت على نفسي كتابة المفيد منها بصراحة, متجنباً الأطناب وخدش المشاعر الذاتية لكل من اساء لصابر عندما كان اعمى في طريق مظلم !!

يتبع في الحلقات التالية