حملات الانفال : من جرائم الابادة للجنس البشري






رياض العطار

من المعروف ان عمليات الانفال سيئة الصيت هي واحدة من الجرائم الكبرى التي ارتكبها صدام حسين , و من اجل اطلاع القراء على هذه الجريمة نطرح الاسئلة التالية : كيف تعرف حملات الانفال ؟ و متى بدأت و كيف انتهت ؟ و ما هي نتائجها ؟ و ما هو موقف المجتمع الدولي منها ؟ .

تعرف حملات الانفال التي شنها النظام البائد على كردستان العراق , من جرائم الابادة للجنس البشري , التي نفذت ضد الشعب الكردي في العراق .

لقد تم تنفيذ حملات الانفال العسكرية تحت اشراف و قيادة علي حسن المجيد , مسؤول منطقة كردستان انذاك و بصلاحيات أستثنائية واسعة , عندما

تبين أن محمد حمزة الزبيدي ( توفى في السجن أوائل عام 2006 ) لم يكن بمستوى المهمةالمناطة به وقد بدأ علي حسن المجيد بأصدار مجموعة من

التعليمات الصارمة و القاسية و التي تحدد بوضوح سيطرتة الشخصية على الامور هناك , و قد ورد في هذه التعليمات الامر المرقم 38 - 2950 و المؤرخ في 3 حزيران عام 1987 الموجه الى القيادات العسكرية و قيادات فروع الحزب و مديريات الامن و مديرية المخابرات العامة و منظومة الاستخبارات ما يلي : الموضوع - قرار

1 - يمنع منعا باتا وصول أي مادة غذائية أو بشرية أو ألية الى القرى المحظورة أمنيا المشمولة بالمرحلة الثانية من تجميع القرى و يسمح للعودة الى الصف الوطني من يرغب منهم و لا يسمح الاتصال بهم من أأقربائهم نهائيا الا بعلم الاجهزة الامنية .

2 - يمنع التواجد منعا باتا في مناطق المرحلة من القرى المحظورة أمنيا و المشمولة بالمرحلة اولى لغاية 31 - 6 - 1987 للمنطقة المشمولة

بالمرحلة الثانية .

3 - بعد اكمال الموسم الشتوي و الذي يجب ان ينتهي في 15 تموز بالنسبة الى الحصاد و لا يجوز استمرار الزراعة فيه للموسمين الشتوي

و الصيفي لهذا الموسم أيضا .

4 - يحرم كذلك رعي المواشي ضمن هذه المناطق .

5 - على القوى العسكرية ضمن كل مقاطعة قتل أي انسان او حيوان يتواجد ضمن هذه المناطق و تعتبر محرمة تحريما كاملا .

6 - يبلغ المشمولون بترحيلهم الى المجمعات بهذا القرار و يتحملون مسؤولية مخالفتهم له . للاطلاع و العمل بموجبه كل ضمن أختصاصه .

التوقيع - علي حسن المجيد - أمين سر قيادة مكتب تنظيم الشمال .

متى بدأت العمليات العسكرية :

قام مرصد الشرق الاوسط بدراسة 40% من الوثائق التي أستولت عليها المعارضة الكردية من المكاتب الحكومية في كردستان العراق عقب أنتفاضة أذار عام 1991 و وفقا لهذه الدراسة فقد بدأت عمليات الابادة ضد الاكراد بحملة الانفال الاولى بتأريخ 23 شباط 1988, بشن عدة هجمات في وادي (جفاتي ) في محافظة السليمانية , و قد حققت هذه الحملة أهدافها المحددة لها يوم 19 أذار بسقوط أخر قاعدة للمقاومة الكردية في قرية (بير غالو) ) ودمرت في هذه الحملة معظم قوات المقاومة الكردية مما اجبر بقية القوات على الهروب بأتجاه ايران , و لم يأسر في هذه العملية الا القليل .

في يوم 16 أذار شنتالقوات الحكومية التي يشرف عليها علي حسن المجيد , عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على مدينة ( حلبجة ) التي راح ضحيتها خمسة الاف شهيد و مثلهم جرحى ! .

يوم 22 أذار بدأت الحملة الثانية للانفال , عندما شنت القوات الحكومية عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى , و تم خلال هذه الحملة أختفاء اعداد كبيرة من الشباب و تم نقل بعض العوائل الى مخيمات الاعتقال في الصحراء جنوب العراق و سجن ( نقرة السلمان ) , و قد أنتهت هذه الحملة في الاول من نيسان عام 1988 .

في 7 نيسان بدأت حملة الانفال الثالثة في سهل ( جرمي ) حيث شنت القوات الحكومية هجوما كبيرا أستخدمت فيه جميع انواع الاسلحة بما فيها الطيران , و لم تواجه قوات الحكومة مقاومة شديدة بسبب شدة الهجوم , و قد أنتهت هذه الحملة يوم 30 نيسان بعد ان دمرت جميع القرى في المنطقة و قد تم أختفاء عدد كبير من العوائل ( تبين بعد سقوط النظام ان هؤلاء قد دفنوا احياء في مقابر جماعية في السماوة و الناصرية ...) .

يوم 2 أيار بدأت عملية حملة الانفال الرابعة بشن هجوم عنيف بالاسلحة الكيمياوية بواسطة سلاح الطيران و قد قتل في هذا الهجوم عدد كبير من المدنيين و نفذت عمليات أعدام جماعية بحق المقاتلين و المدنيين من اطفال و نساء ...

في 8 أيار دمرت جميع المستوطنات السكانية في منطقة العمليات الحربية .

و من 15 أيار الى 28 أب بدأت حملات الانفال الخامسة و السادسة و السابعة , عندما شنت هجمات واسعة لقوات الحكومة على وادي (شقلاوة) و ( راوندوز ) و قد أستخدمت في هذه الهجمات الاسلحة الكيمياوية و قد قتل و أسر و أختفى الاف من الاكراد و نقل بعضهم الى معسكرات الاعتقال.

يوم 25 أب نفذت حملة الانفال الثامنة و الاخيرة في منطقة ( باديان ) بشن هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى و بعد هذه الهجمات العنيفة فر السكان الى الجبال المحيطة بالمنطقة , و قتل و جرح في هذه الهجمات ألاف من الاكراد .

يوم 6 يلول أنتهت حملات الانفال سيئة الصيت و التي شكلت وصمة عار في جبين حكم صدام حسين البائد وقد أستمرت أكثر من ستة أشهر ( من23 شباط الى 6 أيلول ) و أدت الى قتل و أسر و اختفاء الاف من العوائل الكردية .

لقد لاحظ المقرر الخاص لحقوق الانسان السابق ( فان دير شتويل ) ان حملات الانفال كانت محكمة التخطيط و التنفيذ و قد أدت الى و فاة و أختفاء

الاف الاسر , و تم تدمير الاف القرى , بما في ذلك الموارد الاقتصادية و الممتلكات الثقافية العامة .. .الخ .

ان حملات الانفال التي نفذتها حكومة صدام حسين ضد الشعب الكردي هي أحدى جرائم الابادة للجنس البشري و يتحمل مسؤوليتها بالتضامن جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة ( المنحل ) و وزير الدفاع و القادة انذاك الذين ساهموا او خططوا او أمروا بتنفيذها .

موقف المجتمع الدولي من جريمة الانفال لقد ادان المجتمع الدولي قمع الشعب العراقي و خصوصا الاكراد و اصدر مجلس الامن عام 1991 القرار رقم 688 الذي ندد فيه بقمع السكان المدنيين العراقيين , بما في ذلك في المناطق التي يسكنها الاكراد , و طالب المجلس وضع حد لذلك , و ذكر ان نتائج القمع تهدد السلام و الامن

الدوليين , و في بيانيين أخرين أدلى بهما رئيس مجلس الامن الدولي في 11 أذار و 23 تشرين الثاني عام 1992 , ذكر ان المجلس , لا يزال يساوره بالغ القلق , أ زاء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان التي أرتكبتها حكومة العراق ضد شعبها و لا سيما في المنطقة الشمالية ( كردستان ) من العراق و مراكز الشيعة في الجنوب و اهوار الجنوبية .

, و في هذا السياق فقد ذكر المقرر الخاص لحقوق الانسان :

أنه درس حالة عرب الاهوار , و افاد ان طريقة عيشهم التقليدية معرضة للخطر نتيجة لافعال الحكومة العراقية , و

أضطر الاف من عرب الاهوار الى الفرار داخل البلد و خارج حدوده بسبب الحملة العسكرية التي شنتها الحكومة على من تظن أنهم معارضون و هي حملة تضمنت قصف القرى عشوائيا بالقذائف السامة و تم تسميم القنوات المائية بالمواد الكيمياوية و الاعتقال و الاحتجاز التعسفين لاعداد كبيرة من الاشخاص , كما نشرت الالغام مما اضطر السكان للهجرة من مناطقهم و حدثت ايضا عمليات تشريد قسرية من جراء ( مشروع النهر الثالث ) الذي نفذته الحكومة , و هو مشروع يرمي الى أنشاء طريق مائي مركزي للري .

لقد أدى تجفيف الاهوار الى تغيير تام في أقدم نظام لتنقية المياه و تعديل نسبة الملوحة في نهري دجلة و الفرات , فنسبة الملوحة أرتفعت الى الضعف بعد سنتين , و معدل درجة الحرارة أرتفع في مناطق وسط العراق و جنوبه باكثر من درجة و نصف , كما أصبحت المنطقة خالية من سكانها و ماتت فيها أصناف من النباتات و رحلت عنها طيور كانت تتخذ من هذه المنطقة موطنا دائما او مؤقتا لها .

و أخيرا , ان أسر ضحايا حملات الانفال و حلبجة يتطلعون الى معاقبة كل من أمر او خطط او شارك ... في هذه الجريمة و نيل عقابة العادل , فلا افلات من العقاب مهما طال الزمن .