النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    افتراضي منقول : لم يسمع العالم من شيعة العراق بعد !! ..


    هوامش المسألة العراقية: لم يسمع العالم من شيعة العراق بعد
    2003/06/19

    د. بشير موسي نافع
    ثمة قلق متزايد في الاوساط العربية والاسلامية حول تفاوت مظاهر الرفض العراقي للاحتلال بين سنة العراق وشيعته. ففي حين تسمع من اوساط العرب السنة، عامة ووجهاء وعلماء، تصريحات قاطعة في عدائها للاحتلال ورفضها لوجوده، فان اللغة الصادرة عن الاوساط الشيعية تكاد تنحصر حتي الان في دائرة القضايا المطلبية. وفي حين تتصاعد المقاومة المسلحة في المناطق السنية، شمال وشمال غرب بغداد، فان مناطق الاغلبية الشيعية في الجنوب تبدو وكأنها تعيش حالة من الحيرة والانكفاء علي الشأن المحلي. ثمة من يظن ان العراق مقبل علي مرحلة جديدة من تاريخه الحديث من حيث فعالية طوائفه. فبعد ان شهد العقدان الماضيان عنفا واسع النطاق مارسه النظام اساسا (ان لم يكن حصرا) ضد الشيعة والاكراد، فان العراق يبدو وكأنه يتحرك نحو مرحلة يتحمل فيها السنة العرب العبء الاكبر في مواجهة الاحتلال وما سيترتب علي هذه المواجهة من خسائر ودمار ودماء. يغذي هذا التقرير المتسرع للوضع العراقي مجموعة من الاخطاء والاوهام والاساطير، ساهمت معا في تشكيل رؤية عربية هشة وغير حقيقية لشرائح الشعب العراقي. فهل سمع العالم من شيعة العراق بعد؟
    ان استندنا الي احصائي السكان اللذين اجريا في 1919 من قبل السلطات البريطانية، وفي 1947 من قبل الحكم الملكي، فان المسلمين الشيعة يشكلون ما يزيد عن نصف سكان العراق جميعا. ينقسم شيعة العراق بين سكان مدن رئيسية وقديمة، كبغداد والنجف والديوانية وكربلاء والعمارة والبصرة، وعشائر مستقرة تعمل في الزراعة. ولأن التشيع الاسلامي قد ولد اصلا في العراق (وليس في ايران كما يعتقد البعض) فان الوجود الشيعي العراقي هو اصلا وجود حضري، ولم يتسع نطاق التشيع وسط العشائر العراقية الجنوبية الا خلال الحقبة التالية للقرن السادس عشر. وبالرغم من ان الكثافة الشيعية السكانية تتركز في بغداد والجنوب العراقي فان من الخطأ الفادح تصور شيعة العراق كطائفة ذات نمط جغرافي واجتماعي محدد ومعزول، فمدينة بغداد، التي يقطنها زهاء خمس سكان العراق جميعا، هي مدينة يتداخل في اكثر احيائها السنة والشيعة (والاكراد ايضا). وكما يتواجد الشيعة في شرق بغداد وشمالها، فان هناك وجودا سنيا ملموسا في منطقة البصرة وبين العشائر الجنوبية. ان شيعة العراق هم في قلب نسيجه، هم جزء لا يتجزأ من تكوين المدنية العراقية ومن الميراث الثقافي للعراق العربي ـ الاسلامي ومن وعي العراقيين الجمعي المتجلي في عاداتهم وتقاليدهم وفنونهم وسلوكهم الاجتماعي. ان من غير الممكن فهم العراق بدون اخذ شيعته في الاعتبار.
    الاغلبية الساحقة لشيعة العراق هي اغلبية عربية. ثمة كتلة شعبية صغيرة بين الاكراد تعرف بالاكراد الفيلية، وهناك بلا شك، علي الاقل منذ بدء العهد الصفوي، تواجد شيعي ايراني مستمر خاصة في النجف وكربلاء ناتج عن الارتباط الروحي لدي الشيعة في كل العالم بالعتبات المقدسة في المدينتين وعن تحول المدينتين كذلك الي مركزين بارزين للعلم. ولكن هذا الوجود الايراني قد تعرب وامتزج ثقافة ولغة ونمط حياة بالاغلبية العربية، تماما كما امتزجت العائلات الكردية والتركية والشركسية بالاغلبيات العربية في مدن بلاد الشام ومصر واصبحت جزءا لا يتجزأ من الفضاء العربي. لقد عرفت منطقة المركز من العالم الاسلامي، لأسباب دينية وسياسية وبفعل الهجرات المتعددة، تداخلا مستمرا بين المجموعات العرقية عبر القرون، ولكن الحقيقة الثابتة في هذه المنطقة انها حافظت دائما علي هويتها الثقافية واللغوية العربية واتصالا لا ينقطع في تقاليدها وتعبيراتها الاجتماعية. المهم لمن لديهم اهتمام خاص بالمسألة العراقية ان الاغلبية الساحقة من شيعة العراق ينتمون الي قبائل وعشائر عربية اصيلة مثل كعب وربيعة والخزرج وآل فتلة وبني حسن والجبور وبني اسد. بل ان موجة الهجرات العربية القبلية الواسعة التي شهدها القرن الثامن عشر، مثل هجرة عنزة وشمر، قد شهدت هي الاخري توزعا جغرافيا وطائفيا. فبين عنزة العراق هناك سنة وشيعة، وبينما حافظت شمر عجيل الياور وشمر زوبع علي تسننها فقد اعتنقت شمر لموجة المذهب الشيعي.
    لأسباب عدة، لا مجال لتفصيلها الآن، عاني شيعة العراق من سياسة تمييز عثمانية مضاعفة، الي جانب التمييز العثماني ضد العرب عموما، خاصة بعد ان تعزز الحكم العثماني المركزي منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر. وعندما سيطر زعماء جمعية الاتحاد والترقي علي السلطة في اسطمبول منذ 1908 ازداد عمق واتساع التمييز العثماني ضد العرب، مما اثار ردود فعل قومية عربية في العراق، تماما كما اثار من ردود فعل في سورية والحجاز. واخذت الافكار والمشاعر العربية بالتالي في الانتشار والتصاعد في الاوساط العربية الشيعية والسنية خاصة في العاصمة بغداد، كما في النجف والبصرة. ان دور الشيعة البارز في ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني هو امر معروف لدي كافة طلاب التاريخ العربي الحديث، ولكن ما هو غائب ربما ان العلماء المسلمين الشيعة قد لعبوا ايضا دورا هاما في الدفاع عن العراق والدولة العثمانية خلال سنوات الحرب الاولي، رغم الالام العربية التي سببتها سياسات الاتحاديين.
    لقد انضم ما لا يقل عن خمسين الف مجاهد شيعي مسلم الي جانب القوات العثمانية في الشعيبة والحويزة والقرنة يقودهم علماء ومجتهدون بارزون مثل السيد محمد مهدي الحيدري وشيخ الشريعة ومصطفي الكاشاني ومحمد سعيد الحبوبي ومهدي الخالصي وعبد الكريم الجزائري ومحسن الحكيم. وكان هؤلاء العلماء قد تحركوا من كاظمية بغداد والنجف وكربلاء استجابة لدعوة الجهاد العثمانية بكافة وسائل السفر لحشد ابناء الجنوب ورص صفوف العشائر المقاتلة. سقط الحبوبي المتقدم في السن شهيد الارهاق والانهاك في حزيران 1915 بعد ان قاتل الغزاة لسبعة شهور كاملة. وعندما سقطت بغداد علي يد الغزاة، قال مهدي الحيدري الذي كان قد عاد للمدينة بعد عام من الجهاد، قال باكيا كأني بالاسلام قد سقط من السماء الي الارض .
    العراق الحديث، العراق كما نعرفه الان بجغرافيته الطبيعية والبشرية وبنيته السياسية، ولد من تداعيات الحرب العالمية الاولي ومن ثورة العشرين اهم هذه التداعيات علي الاطلاق. لم ينل شيعة العراق خلال الحقبتين الملكية والجمهورية نصيبهم العادل في مؤسسات الحكم والسلطة، بما في ذلك المؤسسة العسكرية. ولكن العراق كشعب وسياسة وثقافة لم يكن طائفيا مطلقا. لقد انطلقت ثورة العشرين علي خلفية من نكث البريطانيين لوعودهم عند احتلالهم البلاد في 1917 ومن ثقل وطأة نظام الاحتلال وعمق المشاعر العربية والاسلامية عند العراقيين، وليس هناك من شك بأن جنوب العراق كان ساحة الثورة الرئيسية كما كانت العشائر الشيعة الجنوبية هي وقودها. ولكن الثورة كانت حركة وطنية بحق، فقد امتدت الي ديالي والي منطقة الرمادي إضافة الي كركوك ومواطن الدليم. وقد كان تشكيل حرس الاستقلال في بغداد في شباط (فبراير) 1919 مؤشراً فاصلا علي توجه العراقيين نحو مناهضة الاحتلال ومواجهته بكل الوسائل الممكنة. ضمن صفوف حرس الاستقلال تواجدت عناصر سياسية سنية مثل شاكر محمود، محمود رامز، عارف حكمت، وناجي وسامي شوكت الي جانب عناصر شيعية مثل باقر الشبيبي وجعفر ابو التمن وعبد المجيد كنه والسيد عبد المهدي المنتفكي. كما لعب كل من الزعيم الشيعي البغدادي السيد محمد الصدر والشيخ يوسف السويدي، العالم السني ذي الميول السلفية، معا وبتعاون وثيق، دورا كبيرا في تصعيد حالة المقاومة والتمهيد لانطلاق الثورة. خلال النصف الأول للقرن العشرين، قدر لبعض هؤلاء ان يلعب ادوارا هامة في الحياة السياسية العراقية.
    في 1935، بعد اسابيع قليلة من استلامه حقيبة الداخلية في وزارة ياسين الهاشمي الثانية والاخيرة، منح رشيد عالي الكيلاني رخصة لمجموعة من العروبيين العراقيين لتأسيس ناد فكري وثقافي باسم نادي المثني بن حارثة. وقد تحول نادي المثني خلال السنوات القليلة التالية الي واحد من أهم مراكز تبلور الفكر العربي والثقافة القومية في العراق والمنطقة ككل. ترأس نادي المثني د. سامي شوكت (السني المسلم) بينما كان نائبه الشيعي العروبي محمد مهدي كبه، الذي سيصبح فيما بعد أحد اهم زعماء حزب الاستقلال.
    قام بنشاطات النادي حفنة من أهم دعاة الحركة العربية في العراق، كان بينهم من المثقفين الشيعة كل من محمد فاضل الجمالي (الذي ترأس الوزارة بعد ذلك) وعبد الكريم الأرزي ومحمد حسن سلمان (اللذان اصبحا وزيرين بعد ذلك). خلال العقدين التاليين، انتشرت بين سنة العراق وشيعته (كما بين اكراده) مختلف التيارات الايديولوجية السياسية مثل الحزب الشيوعي، حزب البعث وحركة القوميين العرب. في بداية النشاط الاسلامي السياسي، تواجدت عناصر شيعية ضمن خلايا الاخوان المسلمين وحزب التحرير، حتي ولد حزب الدعوة الاسلامي الشيعي في نهاية الخمسينات ليس كحزب طائفي بل كرد فعل اسلامي علي التوسع الشيوعي غير المسبوق في صفوف الشعب العراقي والشيعة منه بشكل خاص. ولعل من المهم التذكير بأن ثلاثة من القادة القطريين الاوائل لحزب البعث (فؤاد الركابي وحازم جواد وعلي صالح السعدي) كانوا ابناء عائلات شيعية، وان اغلبية اعضاء القيادة القطرية للحزب في 1963، عندما سيطر البعث بالتعاون مع عبد السلام عارف علي السلطة، كانت شيعية. ولم يتراجع وجود الشيعة العراقيين في قيادة حزب البعث في العراق الا بعد منتصف الستينات عندما اخذت قيادة الحزب في التحول تدريجياً الي قيادة جهوية تكريتية.
    هذا التداخل السني ـ الشيعي في نسيج العراق السياسي والاجتماعي هو جزء لا يتجزأ من سيرورة العراق التاريخية. ان من الظلم والسذاجة الآن تجاهل الآثار المؤلمة للحملة الدموية التي شنها النظام السابق علي الشعب العراقي خلال العقدين الماضيين والتي طالت شيعة العراق وعلماءهم وقواهم السياسية بشكل اساسي. ولكن الاستنتاج بأن تلك الآثار ستنجح في تقويض بنية العراق او انها مسوغ للمس بوحدته هو استنتاج لا يقل سذاجة ولا يستند الي فهم موضوعي لتجربة العراق التاريخية.
    ان التباين الوقتي في ردود الفعل السنية والشيعية تجاه الاحتلال هو تباين يرجع لاسباب ذاتية وموضوعية. ثمة آلاف من العائلات الشيعية التي لم تدفن موتاها من ضحايا النظام السابق بعد، وآلاف اخري ما زالت تبحث عن عظام من اختفي من ابنائها. وسيحتاج اولئك جميعا لشيء من الوقت قبل ان يخرجوا من مجالس العزاء ليروا ويتلمسوا فداحة الاحتلال وثقل وطأته. كما ان من المهم ان نري حجم التغييب السياسي لجماهير الشعب العراقي خلال العقدين او الثلاثة الماضية، لا سيما ابناء التيار الاسلامي، وان وقتا سيمر قبل ان يجد الكثير من العراقيين الوسيلة والطريقة واللغة التي سيعبرون بها عن دورهم السياسي. ولكن الأهم من ذلك كله ان حركة اغلبية شيعة العراق ترتبط الي حد كبير بموقف العلماء وفتاواهم. ولا يغيب ان المؤسسة العلمائية الشيعية، حتي اكثر مجتهديها تسييسا، هي مؤسسة محافظة بطبعها، تتسم حركتها بالتؤدة ويثقل قراراتها احساس بالمسؤولية الاجتماعية لهذه القرارات.
    في كل التجارب الاستعمارية السابقة، ولدت حركات المقاومة الوطنية من السياسات التي اتبعتها الادارات الامبريالية، من تحدي الامبريالية لثقافات ومقدسات ومصالح الشعوب الواقعة تحت سيطرتها العسكرية.
    والعراق لن يكون استثناء. ولكن بين التفاوض مع الادارات الامبريالية وانفجار الغضب الشعبي في وجهها، ثمة مسافة لا بد من قطعها. وليس هناك من شك بأن العالم لم يسمع من كل الشعب العراقي بعد.

    القدس العربي اللندنية
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    [email protected]


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    4,192

    افتراضي

    قراءة جديرة بالأهتمام!

    المسألة التي تثير المخاوف على مستقبل الوضع في العراق هو البعد الطائفي الذي بدأ البعض يبرزه على السطح. ولست أدري على وجه التحديد ما اذا كان البعض هذا مدفوعاً من جهات بريمرية او جهات متعصبة اخرى في السعودية او مصر او الأمارات.

    المسألة التي ناقشها احد خبراء السياسة الفرنسيون في كتاب نشره قبل عدة سنوات هو الوضع الفريد للشيعة العرب في العراق. فهم اغلبية مطلقة في البلد ولكنهم يعيشون وضع الأقلية في المحيط العربي السني. ومع عدم انسجام أغلبية الشيعة العراقيين التام وعدم تفاهمهم مع الجار الفارسي العنصري الا ان الأغلبية السنية العربية تتعامل معهم على انهم اقلية ينبغي استئصالها.

    هذا الموضوع الذي بدأ يبرز ويأخذ شكلاً دراماتيكيا اكثر على مستوى استخدام اللغة على الأقل يرجعنا الى المربع رقم واحد. ويعني هذا المعنى بما يعنيه هو ان هنالك نخبة سنية تنتمي الى أغلبية عربية اكبر خارج الحدود تشعر ان "حقوقها" التي امتلكتها تاريخياً من الممكن ان تفقدها في هذه الفترة العصيبة. اخشى ما أخشاه ان تتمكن غلواء العصبية والتعالي على بعض المصابين بالكساح الفكري من أمثال كبيسي وغيره وتؤدي بنا لا سمح الله الى تحريك نعرة طائفية لا تبقي ولا تذر.
    البداية ايها السادة في الأعتراف بالخطيئة و التبري من افعال ارتكبها البعض ممن كان يحسب على هذه الجهة أو تلك. ومن ثم الأنطلاق الى مقاومة المحتل والمعتدي وغيره من خلال بناء نفس خالية من ارواح التسلط والتعالي والتكفير والأستئصال الشريرة. المقاومة ستحدث ان عاجلاً او آجلاً. ولكن المقاومة ببث روح الوحدة والتسامح والأنفتاح على الآخر والأعتراف بحقوق الآخر والبناء والتعاون في البناء لهي المقاومة الحقة التي سترغم الأجنبي على الرحيل عاجلاَ ام آجلاَ. لأن المحتل لن يستطيع ان يعيش في عراق تسوده روح التآخي وتغليب المصلحة الوطنية والبعد عن الأستئصال الطائفي والعرقي.

    الأستراتيجية التي ينتهجها الخط الذي يحرك التحرك المسلح في بعض مناطق العراق ممن تستوعب عمقاَ طائفياَ معيناَ قد تكون الضغط العسكري ضد الأميركان ليس لطرد المحتل بقدر ما تحريك الواقع للحصول على مكاسب يعتبر البعض انهم فقدوها. مع تقديري واحترامي لكل وقفة شجاعة وقفها او يقفها الأخ السني ضد اي فاسد او طاغية او محتل على اساس عقائدي شريف.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني