- حميد طارش الساعدي

[align=justify]
جريمة الاختفاء القسري، هي الجريمة الابشع التي عاشها العراقيون ابان فترة نظام الحكم المباد، وتتمثل باختطاف الافراد ،لاسباب سياسية او طائفبة او عرقية، عند خروجهم للعمل او الدراسة او باعتقالهم من دورهم او اماكن عملهم او دراستهم
ثم انكار ذلك على ذويهم عند المراجعة لمعرفة مصيرهم، وبذلك ينتهك النظام حتى دستورة ،في حق الانسان في محاكمة عادلة وتامين حق الدفاع المقدس،كما ينتهك المواثيق والاتفاقيات الدولية التي نصت على حق الانسان في الحباة والحرية والامان الشخصي والحق في سلامة الجسد من التعذيب والحق في محاكمة امام قضاء عادل
ونصت المادة(1) من اعلان حماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري والذي
اعتمد ونشر بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة47/133المؤرخ في 18/12/1992 على(1-يعتبر كل عمل من اعمال الاختفاء القسري جريمة ضد الكرامة الانسانية ويدان بوصفه انكارا لمقاصد ميثاق الامم المتحدة وانتهاكا خطيرا وصارخا لحقوق الانسان والحريات الاساسية التي وردت في الاعلان العالمي لحقوق الانسان واعادت تاكيدها وطورتها الصكوك الدولية الصادرة في هذا الشان.
2-ان عمل الاختفاء القسري يحرم الشخص الذي يتعرض له،من حماية القانون،
وينزل به وباسرته عذابا شديدا.وهو ينتهك قواعد القانون الدولي التي تكفل،ضمن جملة امور، حق الشخص في الاعتراف به كشخص في نظر القانون،وحقه في الحرية والامن،وحقه في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللانسانية او المهينه،كما ينتهك الحق في
الحياة او يشكل تهديدا له.)
وفعلا ينزل عمل الاخفاء القسري بالشخص واسرته عذابا شديدا، وقد راينا طيلة
خمسة وثلاثون سنة من حكم الطاغية المقبور،الافا من العوائل ظلت طيلة تلك السنوات تعيش الحداد والالم والبحث والامل والانتظار لتاتي هزيمة الطاغية النكراء فتكشف وثائقه الامنية عن قتلهم بطرق بشعة تنافي الدين والاخلاق والاعراف والتقاليد الانسانية
صور ارتكاب الجريمة
يمكن حصر صور ارتكاب الجريمة وذلك من خلال الادلة والوثائق وشهادة الناجين من الجريمة كالاتي:
1-اجراء التجارب البايولوجية واستئصال اجزاء معينة من الجسم واشارت الى ذلك الوثائق الموجودة في الملفات الامنية للمفقودين حيث تضمنت عبارات مئل
تاريخ العملية ويوم الفتح وعبارات اخرى تم ترميزها ويدعم هذه الوثائق شهادات للسجناء الناجين افادت بان النظام كان ياخذ قسم من السجناء لغرض
اجراء تجارب بايولوجية عليهم او استئصال اجزاء من اجسامهم وقتلهم فيما لو
بقوا احباء بعد ذلك.
2-استخدامهم في تفجير حقول الالغام اثناء الحرب العراقية الايرانية وتوجد وثائق رسمية تفيد بوفاتهم ضمن قواطع الجيش الشعبي في الجبهة وذكر فيها
عبارة المتوفي بدلا من عبارة الشهيد التي تطلق عادة على القتيل في الحرب.
3-افاد العديد من الشهود وهم من الناجين من سجون صدام المعروفة بالمغلقة
وسميت بالمغلقة لغلق اية معلومة عن السجناء فيها لاية جهة خارجية بما فيهم ذوي السجين وحرمانهم من المواجهة او الاتصال بمحامي او محاكمة عادلة ولا يصل الى مستوى هذه السجون من حيث الرعب والاذى جميع السجون التي حدثنا عنها التاربخ، حيث تضمنت افاداتهم عن مجيء افراد من الامن لياخذوا
مجموعات من السجناء اصطلح عليها بالوجبات ولتكرار هذه العملية عرف السجناء من خلال الحرس بان الوجبات مصيرها الموت في مقابر جماعية.
4-المتوفون من السجناء بسبب الاهمال الصحي المتعمد وتفشي الامراض وسوء التغذية حيث يتم اخراجهم من السجن بعربات النفايات الى اماكن مجهولة
لغرض دفنهم ودون معرفة ذويهم وهذا ما افاد به السجناء الناجين.
5-حدثت العديد من عمليات القتل ضد السجناء من قبل قوى الامن لاسباب تافهة
بهدف ادخال الرعب في نفوس السجناء ويتم بعدها نقلهم الى جهات مجهولة لدفنهم وتوجد شهادات للكثير من هذه الحالات.
6-وقوع الكثير من حالات الوفاة بسبب التعذيب القاسي والوحشي اثناء التحقيق
الذي كان يعتمد على اساليب التعذيب القذرة والتي بخجل الانسان من مجرد ذكرها وكان الهدف من التعذيب هو مجرد الاعتراف بالفعل المنسوب اليه وبغض
النظر عن وقوع جربمة ام لا اوهناك دور للمتهم فيها ام لا، ولعل ما اعلن في
مرافعات فضية الدجيل خير دليل على ذلك.
7-شاهد الملأ من على شاشة الفضائيات عمليات تفجير الضحايا بعد تلغيمهم بالمواد المتفجرة،كما تحدث الناجون عن احواض التيزاب والمثرامة التي يوضع
فيها الضحايا، او رميهم الى الحيوانات المفترسة او من ارتفاعات شاهقة بواسطة الطائرات.
معالجة البعض من اثار الجريمة
لايمكن ، ابدا، ازالة الماسي التي ترتبت على وقوع تلك الجريمة،لاكن يمكن القول بان المعالجة تنحصر في امرين، الاول،اصدار قانون وطني يحرم ارتكاب
تلك الجريمة ويضع لها اقسى العقويات على مرتكبيها ،مع رفع كافة الحصانات
عن مرتكبيها،خاصة،وان مرتكبي تلك الجرائم من الحكام الذين طالما فروا من العقاب باسم الحصانة،وتاتي ضرورة اصدار القانون يالرغم من وجود اتفاقيات
دولية تحرم الاخفاء القسري ومنها اعلان حماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري ،المذكور انفا، وعادة تحتاج الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الانظمام والتصديق من قبل الدولة لكي تكون ملزمة لها، لكن تثار هنا عدة اشكالات تؤثر
على تطبيقها منها، الاختلاف في التفسير،وعدم النص فيها على العقوبات المترتبة على ارتكاب الجريمة،عدم اعتياد القضاء المحلي على النظر في جرائم
وفقا للمعاهدات الدولية،ضعف الوعي القانوني بالمعاهدات الدولية باعتبارها نصوص ملزمة، بمجرد الانظمام اليها والمصادقة عليها،اما الامر الثاني يكمن في :
1-تخفيف معاناة ذوي الضحايا من خلال التعويض عن الضرر المادي والمعنوي
الذي لحق بهم،بما في ذلك تخصيص راتب تقاعدي يكفل معيشتهم.
2-توثيق وارشفة كافة المعلومات والوثائق عن المختفين قسرا ،بما في ذلك صورهم واسمائهم ونسخ من هوية الاحوال المدنية العائدة لهم، ووضعها في متحف ليكون شاهدا دامغا على بربرية ووحشية النظام الصدامي المباد.
3- الاستفادة،اقصى ما يمكن،من تجارب الحامض النووي مع الرفات ومحاولة التعرف على اصحابها وابلاغ ذويهم بذلك.
4-التنسيق مع كافة الجهات المحلية والدولية في ما يمكن ان يسهم في التخفيف
من حدة الاثار التي ترتبت على ارتكاب الجريمة.
خاتمة
بالرغم من مرور ما يقرب من اربعة سنوات على سقوط النظام لم يتحقق أي شيء ، بل وان الاجتماعات والمؤتمرات التي عقدتها بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق(بونامي) بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي ومكتب حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ووزارة حقوق الانسان العراقية، لم تقدم أي
شيء في هذا الاتجاه،وعجزت عن انشاء المركز الوطني للمفقودين والمغبيين في العراق بالرغم من صدور قرار من مجلس الوزراء يقضي بذلك.[/align]

مؤسسة الذاكرة العراقية