ملاحظة قبل ان تقرا المقال لا تنفعل من الاسماء المذكورة مثال على الفكرة وانما فكر بالفكرة



على اعتاب اتفاق الكتل حول حقن الدم العراقي: قادتنا خذلونا تعالوا: نولول!!!!!!
محسن الجابري - 03/10/2006م - 12:46 ص | مرات القراءة: 1024 | مجموع التعليقات: 8


وصلت وبعد لحظات قليلة من نشر خبر الاتفاق السياسي الحاصل اليوم بين الكتل السياسية مجموعة من التعليقات السريعة التي أجمع كتابها على غضبهم من هذا الاتفاق، ولم يفت غالبيتها من نظرة تشاؤمية دفعت به إلى تخوين القيادات الشيعية على ما قامت به!!

أحد التعليقات كان كالتالي: مبارك عليمن يا مالكي مبارك على السنة ان خلصتهم من فضيحة اللي انتخبوة وطلع مفخخ سيارات مبارك لاسر الضحايا اللي راح يزيدون
مبارك للشعب اللي راح يشوف ايام اسود؟؟؟مبارك المن
ليش هوة اكو واحد تصالح وية الشيطان
اي انت شدا تسوي يا مالكي

تعليق آخر: سبحان الله هل هذا ماقدر عليه الائتلاف بعد فضيحة الدليمي ؟ هل باعوا دم الابرياء بتوقيع الدليمي والهاشمي بالمعاهدة ؟ ام اوامر امريكية بحته .. حسبنا الله ونعم الوكيل على من يستهين بدم الشيعة وخاصة في دم الشيعي في حي العدل الذي لم يجف للان

وثالث: ابقوا على الاتفاقات مع احفاد يزيد الا ان تدور الدوائر ويكون دمكم هو النازف يا من انتخبناكم ووثقنا بكم وخنتم الامانه .. وقفوهم انهم مسؤولون

ورابع: دم هؤلاء الشيعه المظلومين هو برقبه القيادات الشيعيه التي لايهمها سوى المنصب و الراتب و التي هي باقيه مادام الشيعهه يقتلون و يهجرون
شاهدوا مايحدث لو ان مسجدا وهابيا تم تفتيشه حيث يقيم البعثيون الدنيا و لايقعدونها.

هذه جملة من التعليقات التي قدمها بعض الأخوة، ومع احترامي الشديد لتعليقاتهم ولآرائهم وددت أن نجلس ونتهامس إن لم نقل نتحاور حول مثل هذه الاتفاقية وهل يستحق قادتنا مثل هذه الكلمات؟

طبعا لا بد في البداية أن نحدد ما هو المطلوب من الرجل السياسي الموجود في الحكم تحديداً؟

وما هو فهمنا أساساً لعملية الحكم؟ لا سيما حين تكون في الحكم بشركة مع آخرين... هذه الشركة التي قد تعنيـ على سبيل الفرض ـ أن شريكك من صنف الشيطان الرجيم، وأنت لم تختر هذا الشريك وإنما هو شريك أجبرت عليه.

هنا يجب ان نحدد بالضبط الموقف حتى نستطيع ان نفهم قواعد اللعبة، لأن الحكم جديد على أكثرنا، وفهمنا في الكثير من الأحيان مرتبط بثقافة معارضة، وبثقافة مستندة إلى ما يتداوله الشارع الشعبي وفي أحسن الأحوال في الصحافة، وهذه ليست بالضرورة مرتبطة بفنون الحكم وأساليب النفوذ وفي كيفية ابقاء معايير القوة بين يديك، وهذه هي مهمة السياسي تحديداً في هذا الزمن.

الزمن الذي يجبرك فيه الظرف الديموغرافي والأمني والمحلي والاقليمي والدولي على أن تتشارك مع الآخر حتى لو كان هذا الآخر من صنف عدنان الدليمي أو مثل طارق الهاشمي أو خلف العليان أو صالح المطلك أو ما شاكل، وقدرك أن عقلاء السنة تم العمل على ابعادهم من قبل قوى مؤثرة ووضع متطرفيهم ومتشدديهم أمام تجربة هي الأكثر إحراجاً والأكثر تعقيداً في نفس الوقت.

ترى ما هي مهمة السياسي عندئذ؟

من السهل حين نكون جلوساً في موكب حسيني أو في جامع أو في مقهى أو حارة لكي نبدأ بالتحليلات ونقيّم الأمور بناء على مواصفات هذا الموكب أو ذاك الجامع، فالمعايير هنا واضحة جداً ولا التباس فيها، هذا حرام وذاك حلال وهذا قبيح وذاك ليس بذاك، ولكن في عالم السلطة والحكم فإن المعايير بالنسبة للمتدين والملتزم بمبدأ ما من أحرج ما تكون، فهي ضبابية بشكل عجيب، وتتداخل فيها الخطوط والمصالح الضيقة والواسعة والعامة والخاصة والحق والباطل والصالح والضار بشكل مذهل.

لذلك يا أعزتنا ليس سواء طرق التقييم بيننا وبين هؤلاء، فمن يجلس في البيت ليس كمن يعبر نفسه مسؤول عن ضغط الدم النازف، والذي يجلس في الموكب ليس كمثل من يرى الأسلحة مشرعة ضد الآمنين، وظروف المغدور ليست كظروف الآمن، فرويدكم بالله عليكم واتقوا الله في شهر الله في عباد الله.

* * * *

لو أردت ان أخرج من دائرة الولولة التي أراها واضحة في هذه التعليقات والتي لا اشك انها تصدر من قلوب متألمة وحريصة، إلا إنها تبقى غير صائبة لكثير من الملاحظات سأورد بعضها، ولكن دعوني أقف قليلاً عند تعليقات المنصب والراتب، وهي مسألة لا أدري كيف يمكن لمثل هؤلاء الأخوة أن يتحدثوا عن هذه المعايير؟

هؤلاء كلهم لديهم مناصب، وهذه المناصب الشعب هو من منحهم إياها، ورواتبهم متقاربة جداً، فماذا يحتاجون في مثل هذه الاتفاقات ومن بعد ذلك؟

أترى رجلاً كرئيس الوزراء يحتاج إلى منصب أو راتب وهو يحظى بأعلى منصب تنفيذي في البلد؟

أترى مثل الشيخ الصغير بحاجة إلى منصب وهو الذي كان متردداً جداً في قبول دخول الانتخابات لولا ضغوط المؤمنين عليه وكلنا نتذكر خطبته يومذاك حين أراد أن يعتذر من الترشيح فطولب بالبقاء من قبل المؤمنين؟

وهل هذه المناصب والرواتب ترقى لمستوى أن يعرّضوا حياتهم إلى كل هذا الخطر الذي هم فيه؟

وهكذا بقية المسؤولين الذين لا نعرف من بعضهم إلا كل إيثار وحرص على المظلومين والمستضعفين..

ليس دفاعاً عن هؤلاء لا والله... ولكن ما يؤلم ان نشارك في ظلمهم وعدوهم لا يرحمهم في كل لحظة.

* * * *

عودة إلى بدء..

أنا أسأل الأخوة الذين كتبوا ذلك: هل تعرفون الدليمي والهاشمي بقدر المالكي والعامري والصغير وغيرهم؟!

قطعاً ستقولون: لا.

سؤالي الثاني: هل خانكم هؤلاء وأمثالهم من قبل أو خذلوكم في معركة من المعارك التي خاضوها؟ حتى تخونونهم بهذه الصورة، وتتصورون أنهم تخاذلوا؟

لا أجد ما أجيب عنكم، ولكن لسان الانصاف يشير إلى أنهم لم يخذلونا مرة واحده في كل المعارك التي خاضوها، وإلا لما تم استهدافهم بهذه الصورة التي عرفناها والتي لا نعرف الكثير الكثير.

اذا كان ذلك واضحاً إذن تعالوا: لنترك لغة التخوين والولولة، ونأتي لنتعرف على أساليب عمل هذه الكتل، والذي يجب أن ندركه بادىء ذي بدء أننا أمام ساحة لا مجال فيها للعواطف والنوايا، كما لا مجال فيها للتردد والتراجع.

الاتفاق الذي حصل اليوم فيه الآتي:

أولاً: إلزام الجميع قانونياً وسياسياً بالعمل ضمن إطار شرعية الدولة.

وهذا يعني أن الائتلاف يسعى لاسترداد استحقاقات العملية السياسية من جبهة التوافق بعد أن اخذت حقوقها، وهذه قضية في غاية الأهمية وطالما رأينا كتابنا ومحللينا يعمدون لانتقاد أو مساءلة الائتلاف عما حصل عليه من ضمانات من الآخرين بعد أن اعطاهم حقوق المشاركة.

ثانياً: سلب شرعية كل نمط من أنماط التكفير وتحييد جبهة التوافق وقواها من الاصطفاف مع التكفيريين ونظرائهم.

ثالثاً: سلب شرعية كل سلاح يخرج من دائرة الحكومة، وهذا يعني تفعيل الكثير من الموضوعات المتعلقة بالارهاب والارهابيين وعزل الارهابيين بشكل واضح، وبالتالي تحديد ساحة الارهاب، لأن واحدة من المعاناة الكبيرة التي كانت حاصلة هي إن ساحة الارهاب غائمة، بحيث من يدخلها لا يعرف، ومن يخرج منها لا يعرف، بينما هنا تم الاقتراب من تحديد الارهاب ووصفه بشكل أكثر دقة.

رابعاً: حاولت الكثير من القوى المعارضة أن تظهر الائتلاف بالمتوحش والسفاك وما إلى ذلك من أوصاف أعدت سلفاً وجنّدت الكثير من القنوات الفضائية نفسها لذلك، بحيث أغلق اكثير من أسماع العراقيين من السنة من ان يسمعوا أي فكرة أو أي حل من الائتلاف، ولكنه بهذه الطريقة: طريقة المصالحة الوطنية وطريقة المشاركة الوطنية والوحدة الوطنية واتفاق اليوم، أستطاع أن يحرج الكثيرين في هذا الصدد. ولا يفوتني هنا من أن أروي للأخوة قصة حصلت معي وهو من أخوتنا في الانبار: يقول أعلنت قناة صلاح الدين الفضائية أنها ستجري حواراً مع أحد قيادات الائتلاف، ولعله صاحب أكثر الأسماء مكروهية في شوارع المحافظة، يقول: اغلقت التلفزيون مباشرة وسببته!! وسببت القناة كيف أنا تسمح لمثل هذا بأن يدخل في بيوتنا!! ولكني فوجئت في اليوم التالي الكثير من الأصدقاء يتحدثون عن روعة اللقاء والحديث الهام الذي تكلّم به، رغم إن محرر القناة حاول ان يحرجه أكثر من مرة، يقول: اجتهدت أن اسمع المقابلة حين أعيدت، وإذا أفاجىء بأن هذا الرجل لم يك كما سمعت، بل هو يتكلم بنفس طريقتي وبنفس روحيتي ووطنيتي!!

كلامي هذا لا ينبغي أن يفهم بأن الائتلاف لم يرتكب أخطاء، ولكن الكثير من تصرفاته مبني على ظروف لا يتلمسها كل إنسان إلا من ألف ما يجري في الكواليس، وقد نفهم اليوم دور ابو موسى الأشعري في يوم المصاحف، ولكن هل يا ترى فهمها من عاش في ذلك الزمن؟!

محسن الجابري

وكالةأنباء براثا (واب)