قوة البلد من قوة الحكومة



كتابات - قاسم البصري



يمر العراق في الوقت الراهن بأرهاصات بالغة الخطورة في ظل واقع سياسي وأمني صعب التعقيد، وكأنما أريد لهذا البلد أن لايهدأ وللشعب أن لايرتاح، وبعد كل التضحيات التي قدمها هذا الشعب، ولكن يبدو أن معركته مع أعدائه والمتربصين به مازالت مفتوحة، وإذا كانت الأهداف التي يسعى اليها الأرهابيون من التكفيريين والبعثيين من خلال الجرائم التي يقومون بها وهدفها الواضح هو تدمير البلد وقتل المواطن لضرب العملية السياسية ودق أسفين بينه وبين حكومته التي أنتخبها... وإذا كنا نعلم أن الإرهاب يسعى بكل طاقاته الى إثارة النعرات الطائفية بين مكونات الشعب الواحد ليثبت لهذا الشعب أن (زمن البعث الصدامي) أرحم وأمن وأن (الشيعة) لا يمكنهم أن يكونوا (حكام) وإن كانوا الأكثرية.. إذا كنا ندرك الأسباب من وراء هذه الجرائم التي يقوم بها الأرهابين ، فلا يمكننا أن نتفهم السبب الذي يسعى اليه البعض ممن دخل العملية السياسية أو ممن يدعي أن من مصلحته إستقرار العراق من إضعاف حكومة أنتخبها الشعب وفق عملية إنتخابية قل مثيلها في عالمنا العربي أو الشرق الأوسطي على أقل التقديرات، حكومة تحمل على إعبائها الكثير من التحديات والمخاطر...

نعم هذه الحكومة لا تمثل كل الطموح لاسيما أنها تكونت ومبدأ المحاصصة الذي جعلها تركيبة ليست متجانسة كثيراً، يتقاطع ويتصادم فيها اطراف الوحدة الوطنية لحسابات طائفية وقومية إقل ما يمكن أن توصف به أنها شر لابد منه في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من تأريخ العراق، حكومة لم يكن لرئيس وزرائها كثير من الخيارات والبدائل عند تكوينها، فوضع مابين مطرقة الإدارة الأمريكية الباحثة عن أي نصر في العراق، وسندان الضغط الشعبي الهائل الباحث عن سبل العيش الكريمة.

"المالكي" وبالرغم من كل الصعوبات والتحديات وتداخل المواقف وإزدواجية السياسات بذل ومازال جهوداً كبيرة من إجل إستقرار العراق وسعيه للحياد بسياسة البلد عن التدخلات الخارجية، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فهو يقود سفينة الحكم في بحر متلاطم الأمواج منها العلاقة مع الولايات المتحدة وتمسكها بالملف الامني لوحدها وعدم اعطاء القوات الامنية العراقية حرية التحرك للقضاء على الارهاب، سيما من ناحية رسم الخطط او التسليح أو غيرها من الامور التي تؤثر على قدرتها على الامساك بالملف الامني بشكل كامل، ومنها أقليمية لعدم ضبط بلدان الجوار للحدود أو من خلال الدعم المادي والإعلامي للأرهاب في العراق، أو موضوعة المليشيات وما تسببه من إرباك للواقع، ولكن ومع هذا الوضع الصعب والمعقد أستطاع "المالكي" تخطي الكثير من العقبات فتعامل مع المليشيات بحكمة وصبر قبل أن يصدر قرار إنهاءها، ومشروع المصالحة الذي أطلقه وأعتبره السياسيون والمراقبون خطوة مهمة من أجل سحب البساط من تحت أقدام الصداميين وحلفائهم الزرقاويين وعزلهم من جمهور واسع يرفدهم، وكذلك حدد ملامح علاقته بالأدارة الأمريكية واوضح لهم أنه (صديق لهم وليس رجلهم) وأن العراقيين وحكومتهم المنتخبة لديهم القدرة على الأمساك بالملف الأمني، وحدد شكل العلاقة بدول الجوار من خلال زياراته وتطميناته، موضحاً لهم (أن صبر العراقيين سينفذ).

السيد نوري المالكي يمتلك من أسباب القوة ما لايمتلكها إلا القليل من الساسة العراقيين في هذا الزمن الرديء.

فالرجل معروف بنزاهته ووطنيته ونضاله الطويل ضد النظام البعثي، ولايختلف إثنان على صراحته ومواقفه الشفافة وأن لا تأخذه بالله لومة لائم.

أما من يتحدث أن هذه الحكومة لم تقض على الأرهاب، عليه النزول للشارع ليتعرف عن كثب عن التحديات والعقبات التي تواجه المالكي وحكومته من السيطرة على الوضع الأمني والقضاء على الأرهابيين.

من يريد إستقرار العراق واستقلاله، عليه دعم هذه الحكومة المنتخبة من أكثرية الشعب، بالرغم من كل نقاط الضعف والسلبيات الموجودة فيها أو التي تصاحب عملها، وهذا لايمنع من نقدها وترشيدها بل العكس في النقد البناء تحيى وتتطور الأمم ولكن ما يثار في الاونة الأخيرة ليس من النقد في شيء بل هي حملات مسعورة تحت عنوانين و(يافطات) متعددة تارة بدعوى تشكيل حكومة إنقاذ وأخرى باعطاء فترة زمنية لهذه الحكومة لتحقيق أجندات خاصة وأخرى بانقلاب عسكري، وما هي إلا محاولات واضحة لإظهار الحكومة بمظهر الفشل وإيجاد حكومة إنقاذ وطني بديلة لأسقاط العملية السياسية برمتها والعودة الى المربع الأول.



ديربورن - مشيغن

[email protected]




http://www.kitabat.com/i21804.htm