--------------------------------------------------------------------------------

حفلة تعارف مع الذين حزنوا على صدام ..د. فخري مشكور





صدر حكم الاعدام على صدام حسين فحزن كثيرون عليه لاسباب متفاوتة يحسن بنا ان نقيم لهم حفلة تعارف لكي يتعرف عليهم العراقيون جيدا.




بعض الحزنى يملكون حسا انسانيا مرهفا ..وقلوبا رقيقة لا تطيق سماع صراخ هرة جائعة او كلب حبيس أو طفل يتيم فضلا عن حكم بالاعدام على انسان له سمع وبصر...هؤلاء الانسانيون لم يسمعوا ابدا بحكم بالاعدام صدر في عهد الرئيس المظلوم صدام حسين، ولم يسمعوا عن تعذيب في اقبية الامن والمخابرات ولا عن المقابر الجماعية ولا الاسلحة الكيمياوية ولا دفن الاحياء ولا اعدام الاطفال ولا قطع الالسن ولا بتر الاذان ولا انتهااك الاعراض ولا تقطيع الاوصال ولا ماكنة فرم اللحم البشري وغير ذلك من (الافتراءات) على هذا العبد الصالح!! انهم بالتاكيد لم يسمعوا بكل ذلك، ولو سمعوا-حاشاهم- لكان لهم موقف .




حزنى آخرون مثقفون عرب لمسوا بأنفسهم الخدمات الجليلة التي قدمها هذا المفكر العبقري للثقافة العربية، تلك الخدمات التي ساهمت في قيام دور للنشر وصدور صحف وانطلاق فضائيات وامتلاء ارصدة نقلت المثقف العربي من انسان معدم يعجز عن طبع انتاجه الى كاتب مرتاح يفكر وينتج دون قلق على مستقبله ولا يحمل هما لرزق عائلته او مستقبل اطفاله.




بعض الحزنى يسكنون في حيّ راق بني بكامله من عطاء هذا القائد الكريم ووزعت بيوته عليهم، ومن الوفاء – والوفاء خلق عربي واسلامي- ان لا يتنكروا لولي النعمة الذي لم يخلفه من يسير بسيرته ويهتدي بهديه.




فريق آخر قانونيون مهنيون يتألمون جدا لاي خدش في الاجراءات القانونية لاية محاكمة في العراق والوطن العربي...وقد هالهم حصول بعض التجاوزات القانونية اثناء محاكمة تجري في العراق، فهذا الخدش سابقة خطيرة تحدث لاول مرة في العراق بصورة خاصة والوطن العربي بصورة عامة، وليس من المعقول ان يسكت هؤلاء المحامون والخبراء القانونيون على نظرة القاضي شزرا الى متهم لم تثبت ادانته بعد، ولا ان يغضوا الطرف عن محاكمة مستعجلة يجري اختصارها في تسعة اشهرويكتفى باثبات التهمة فيها فقط بمئات الشهود والآلاف من الوثائق الرسمية الاصلية، ويقتطع من بعض محاضرها مشاهد تمنع اطلاق صفة العلنية على المحاكمة، ولا امثال ذلك من الخروقات القانونية الخطيرة التي لم يسمع هؤلاء القانيون بامثالها في العراق والوطن العربي قبل اليوم، ولو سمعوا قبل ذلك لكان لهم موقف!!





فريق آخر من الحزنى وطنيون شرفاء هالهم ان يتعاون مع الامريكان رجال الحكم الجديد الذين شكلوا محكمة اما بتوجيهات الامريكان واما باشرافهم..هؤلاء الشرفاء حساسون جدا للتعاون مع امريكا، ولم يسمعوا ابدا بتعاون حاكم عربي مع امريكا(استغفر الله العظيم من كل فرية)،.هؤلاء الشرفاء لم يسمعوا أيضا بالحرب العراقية الايرانية التي شنها صدام بدفع ودعم من امريكا..ولو سمعوا بذلك من قبل لكان لهم موقف.




اعلاميون وفضائيات معادية لامريكا واسرائيل ..ترصد بكل دقة اصغر شاردة وواردة تتعلق بالنفوذ الامريكي او الاسرائيلي في العالم العربي والاسلامي وتهتم بشكل خاص بالخسارة التي لحقت بنضال الامة ضد امريكا واسرائيل بسقوط فارس الامة وحاميها..لكن عينها العوراء لم تر لحد الآن قاعدة امريكية على بعد مئات الامتار من مقرها انطلق منها العدوان الامريكي على العراق، ولم ترصد كامراتها الرقمية اي اثر للنفوذ الاسرائيلي ولا النشاط الاسرائيلي المحموم الذي يتخذ من عاصمتها منطلقا له، ولو رأت القاعدة الامريكية القريبة منها، أو علمت بدور اسرائيل بالقرب منها لكان لها موقف .




حزنى عرب اعتصرت قلوبهم على صدام لأنه في النهاية عربي بالرغم من كل شيء، هؤلاء عرب اقحاح تثور غيرتهم على كل عربي، ولم يسمعوا باجتياح وتدمير بلد عربي كالكويت، ولو سمعوا لكان لهم موقف.




حزنى آخرون مسلمون، يؤمنون بالله وباليوم الآخر ويرون ان كل المسلم على المسلم حرام..دمه وعرضه وماله، وصدام في النهاية هو مسلم ولا يجوز ان السكوت على قتل مسلم..هؤلاء المؤمنون الخاشعون لم يسمعوا بالحرب على بلد اسلامي وقتل وجرح مليوني مسلم في حرب مجنونة صدرت اوامرها من الكافر.




أخرون حريصون جدا على الامن والاستقرار ويرون ان احسن وسيلة لخلق الاستقرار هو اطلاق سراح المجرمين والكف عن تطبيق القانون واغفال حقوق المظلومين ولو بلغ عددهم الملايين!!




هناك دول وزعماء وقادة سياسيون ومجاهدون!! تكشف الدراسات الاقتصادية لدولهم والكشوفات البنكية لحساباتهم الخلفية الحقيقة لمواقفهم.




المسلمون والعرب والقانيون لم يسمعوا بالقصاص في الاسلام ولا في القانون ولا في قواميس العدالة.




هؤلاء جميعا حزنى ، وحق لهم ان يحزنوا.


لهؤلاء جميعا نقدم تعازينا، ولا نقول لهم: كفّوا،بل نقول لهم: أعلنوا عن حزنكم، افصحوا، وزيدوا، لكي تكفونا المهمة.




يبقى الفريق الذي لم يستطع ابراز حزنه, ولم يشارك ابناء شعبه فرحته، فاختفى عن الانظار..نقول لهم:




أذلك مبلغكم من العلم؟




يا حسرة على العباد