في أجماع إقليمي و دولي

الانقلاب على نظرية " انقلاب الإنقاذ " و سقوط نظرية البحث عن الحاكم القوي خارج توافق الكتل البرلمانية












بغداد، عمان، و اشنطن، طهران_ الملف برس



لم يكن من عادة البلاط الملكي الهاشمي في عمان أن يصدر بيانات بشأن تصريحات منسوبة لأحد من خارج البلاط الملكي و الحكومة الأردنية، و هو بشكل خاص معني بما يخص العاهل الأردني وحده في الأصل، و في أحيان نادرة قليلة القضايا الخلافية داخل السلطة أو ما يخص المواطنين.



لكن ما جرى أمس في نفي البلاط الملكي الهاشمي أن يكون زعيم كتلة الإتلاف العراقي قد أدلى بالتصريح الذي نسب إليه فيه القول " إن السنة أكبر الخاسرين في حالة اندلاع حرب أهلية في العراق، " و الأكثر من هذا أن البلاط الأردني أصر على استبعاد وجود أي احتمال لهذه التصريحات نهائياً، من خلال البيان الذي قال " إن سماحة الحكيم لم يلتق مع أي صحفي بعد استقبال الملك عبد الله الثاني له."



و هذا الموقف للبلاط الملكي الهاشمي في قطع دابر ردة الفعل الحادة التي سادت عدة أطراف عراقية من هذه التصريحات، يرى فيها العديد من المراقبين السياسيين في لندن، خصوصاً المراقبين العراقيين، إن العرش الهاشمي وجد في هذه التصريحات إبعاد عن الأهداف و الجهود التي يواصلها الأردن لتقريب الأطراف العراقية، سواء المختلفون داخل العملية السياسية، أو أولئك العراقيون في المنفى الذين تستضيفهم الأردن، و واصلت معهم العمل على تنضيج إطار للتفاهم مع أكبر كتلة برلمانية في العراق من جهة، و " تفهم " هذه الكتلة لما هو مشروع من مطالب لمعارضيها من جهة أخرى.



و لم يكن عبد العزيز الحكيم، منطلقاً من إدراكه لطبيعة المرحلة التي تلوح فيها الأغلبية الديمقراطية الأميركية بنفاذ صبرها، يقبل لنفسه تحمل مسؤولية دفع الأمور إلى انقلاب في العلاقة مع العديد من الجوار، في مقدمتهم الأردن و السعودية و مصر و إمارات الخليج، إضافة إلى أن الحكيم يدرك أن أي تصعيد في الاحتقان الطائفي سينعكس ليس فقط على النسيج السياسي العراقي غير المتماسك، و إنما بشكل ما يمكن ان يزيد من فرص تحرك القاعدة و احتضانها من قبل المتضررين في العراق. و لهذا و لتأكيد ارتكاز حكومة المالكي إلى قاعدة تتجاوز كتلة الائتلاف و حليفها الكردي إلى العرب السنة، كان لا بد من توضيح قاطع لمدى عدم صحة التصريحات المنسوبة له.



و يشير دبلوماسي أميركي معني بالشؤون السياسية العراقية سبق له العمل في سفارة واشنطن في بغداد: " إن ما جرى في عمان لم يكن كما أشاع البعض مواجهة أميركية مع المالكي و تقديم إنذار نهائي بشأن مصير حكومته، و إنما إدراك الإدارة الأميركية أن المالكي يرتكز على شرعية دستورية تشكل عامل تسكين لقوى قد ينفلت عقالها بشكل يتجاوز كل التصورات، في حالة الاندفاع نحو التوهم بأن قائد علماني قوي هو المخرج، و بهذا فأن ما جرى في عمان يشكل خيبة أمل كبيرة للطبيب إياد علاوي، الذي أبقى نفسه منزوياً خارج العراق، بانتظار توليته دوراً قيادياً ثانية في ظل حماية مكثفة."



و يشير هذا الدبلوماسي إلى " أن الرهان العلماني لم يعد مقبولاً، لأن العلمانيين أخفقوا في فرض نفسهم من خلال صندوق الاعتراض، و هم غير قادرين على التعاطي مع غالبية العراقيين، إلا إذا كان التوجه هو التخاطب بالسلاح، و هو الأمر الأخر الذي لا تتوفر مقوماته، فجيش النظام السابق قد ترهل من خلال البطالة لثلاث سنوات و نصف، و فقدانه كل أسلحته التي كانت تمكنه من قمع المعارضة. و بالأخير فأن اللجوء له يعني العودة إلى ما قبل 9 نيسان 2003"



و عند استقراء ما دار في المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء المالكي و الرئيس بوش يبدو بوضوح كما أبلغ عضو قيادي في الكتلة العراقية من غير حركة الوفاق " أن المالكي ليس ممن يرددون حاضر سيدي للرئيس الأميركي، كلما طرح تصوراً بشأن حل قضية عراقية، و قضية المليشيات هي عينة لموقف المالكي، حيث أصر على حل سياسي متدرج وليس استخدام تفوق السلاح الأميركي في ضرب جيش المهدي على سبيل المثال." و من ناحيته أبدى النائب زعيم حزب الأمة مثال الآلوسي تثمينه لعدم مسارعة المالكي إلى الموافقة على ما يطرحه بوش، لكنه في الوقت نفسه عبر عن أمله في أن تكون صلابة رئيس الوزراء، الذي قال عنه أنه لم يكن يوماً من الحمائم، ستوظف بأفضل طريقة و في سباق مع الزمن من اجل توسيع قاعدة المؤسسة السياسية الديمقراطية العراقية.



و يتفق محللون إيرانيون مستقلون يعيشون في العراق، قدموا إليه بعد سقوط النظام السابق، على " أن جمهورية إيران الإسلامية، و هي ترصد ، مدى الحساسية المتصاعدة بشأن مجريات الوضع العراقي، تتزايد قناعة في القبول بالتعاون مع السلطات العراقية دون القنوات الأخرى التي تمثلها مليشيات احتضنتها إيران تاريخياً.



و في هذا الإطار فسر المراقبون الإيرانيون تفاؤل الرئيس جلال الطالباني من نتائج زيارته هذه الأيام إلى طهران.



و مع أن المقربين لرئيس الوزراء المالكي يرفضون التعليق على استنتاج " الملف برس " بـ " أن كل الأطراف، السنية العربية العراقية، و السنة العرب، و الإدارة الأميركية، توصلوا جميعاً إلى أن المالكي يمثل الرجل الذي يستطيع ليس مسك العصا من منتصفها، و إنما هو يمتلك القدرة على أقناع محاوريه من العراقيين على ضرورة وضع الأمور في نصاب يتجاوز التوافق الهش. و لهذا فهو المناسب للمرحلة و الأقوى على معالجتها، من خلال عدم استسهاله امتشاق السلاح ضد من يختلف معه . " .



ويقول مستشارو المالكي " نحن لن نؤمن بـ " مفاهيم القائد الضرورة، لكننا نؤمن بأن العملية السياسية توافق و ليس قسر إلا يما يهدد الوطن و الشعب."



و قد يكون النائب مثال الآلوسي الأكثر تعبيراً عن تفهم دور المالكي في مسيرة العراق الراهنة عندما قال " أنا أقف للمالكي عندما قال لا للحشد العسكري الأميركي على مدينة الصدر، و سيقف العراقيون جميعاً له بإجماع قل نظيره في حالة تكريسه على أرض الواقع " رفضه مواصلة احتكام البعض للسلاح في معالجة أطراف العملية السياسية غير المتطابقين معهم،" فآنذاك نعزل الإرهاب و نطوق العنف الطائفي."



و في هذا كله يبدو أن المالكي يلقي مسؤولية ترسيخ الحلول المدروسة لما يعانيه العراق على منتقديه، تماماً كما يحمل حلفاءه اشتراكهم معه في المسؤولية التاريخية في إخراج العراق من خانق المحنة، و في مقدمتهم التيار الصدري الفتي



الكاتب:
الملف برس
تأريخ أضافة ألخبر

المصدر:
الملف برس
02 - 12 - 06