النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي شناشيل البصرة.. إرث معماري يقاوم الاندثار

    [align=justify]



    تعرفت البصرة على الشناشيل، كما يقول المختصون، في القرن السابع عشر الميلادي، لكن الشناشيل صارت تنافس النخيل في التدليل على الهوية الجمالية للمدينة.. وغدت من معالم المدينة التاريخية.

    ويصف الدكتور أنور جاسب أستاذ الدراسات التاريخية في جامعة البصرة للوكالة المستقلة للأنباء لـ (أصوات العراق) الشناشيل بأنها "الشرفات الخشبية المزخرفة التي تمتاز بها المدينة، وتعتمد على ابراز واجهة الطابق الثاني بأكمله أو غرفة من غرفة بشكل ناتئ إلى الامام، ويكون هذا البروز بالخشب عادة وبزخارف هندسية."

    ويضيف "والشناشيل مفردة فارسية الأصل مركبة من ( شاه نشين ) التي تعني محل جلوس الشاه." مشيرا إلى أنه من البصرة انتقل هذا الطراز إلى بغداد وباقي المدن العراقية.
    الشاعر الرائد بدر شاكر السياب، وهو من أبناء مدينة البصرة (1926 -1964) وضع عن الشناشيل قصيدته المشهورة (شناشيل ابنة الجلبي) ووردت الشناشيل في الكثير من القصائد والقصص والروايات واللوحات التشكيلية والصور الفوتوغرافية للأدباء والفنانين البصريين والعراقيين عموما.

    ويضيف جاسب" تباينت الآراء حول ما إذا كان التأثير الأول على الشناشيل تركياُ ام هندياُ، غير ان البعض يرى ان التأثير التركي أعظم نفوذا واقرب إلى معطيات التاريخ من التأثير الهندي."
    ويستدرك "ولكن لايمكن تجاهل دور المعماري البصري وتعديلاته وإضافاته للوصول بالشناشيل إلى ما وصلت اليه."

    ويتابع "لقد استقبل البصريون هذا الفن الجديد بالكثير من الود ورحابة الصدر وعمدوا إلى إغنائه بالعديد من المفردات سواء في مجال العمارة ومواد البناء ام في مجال النقوش والزخارف."
    ويقول " تنوعت الشناشيل في الشكل والمحتوى وجاءت متطابقة مع الذوق العام، وجاء هذا بسبب حرية الحركة في الخشب، وسهولة التصرف به: لافتا إلى أن شناشيل البصرة حافظت على طابعها الخاص، فهي مطعمة بالزخارف المتناظرة مع الفسيفساء.

    ويرى جاسب أن أهمية الشناشيل لا تنحصر في خصائصها الفنية فقط، بل تتعداها إلى أهمية اجتماعية أيضا، إذ جاءت الشبابيك ذات المشبكات الخشبية البارزة على صورة مثلثات مسننة متباينة ومتوافقة مع القيم الاجتماعية المحافظة، معللا ذلك بأن "شكل الشبابيك المطلة على الأزقة والشوارع تسمح لأهل الدار ان ينظروا إلى الخارج، أي الزقاق، بينما لا يستطيع المارة ان يروا ما في الداخل.." مشيرا إلى أن تلك الخاصية مهمة بالنسبة للنساء.

    ويضيف بعدا اجتماعيا آخر للشناشيل يمنح نزلاء الدور المزودة به المزيد من الحميمية مع جيرانهم، بقوله "إن وضع الشناشيل في الطابق العلوي من المنزل أدى إلى تقارب سكان بيوت الشناشيل، بحيث يسمح للعوائل ان تتبادل التحايا والاخبار وشتى الأحاديث من خلال الشناشيل".
    من جانبه يرى المهندس المعماري حيدر جبار ان الاكتشاف الأهم في مادة بناء الشناشيل هو الخشب، فمن المعروف ان الطابق الأول (الأرضي) في البناء كان يعتمد بدرجة كبيرة على الحديد ( الشيلمان ) والطابوق والجص، بينما يعتمد الطابق الثاني على مادة الخشب.

    ويتابع أنه إضافة لرخص الخشب وسهولة توفره، فهو يحافظ على البرودة ويكون حاجزا امام أشعة الشمس الحارة. مبينا أن مادة الخشب، لخفتها، سمحت لسكان البصرة ان يرفعوا بيوتهم إلى طابق ثان من غير مخاوف من طبيعة الأرض الهشة.
    ويقول المهندس المعماري "وفرت الشناشيل للأزقة البصرية مظلة كبيرة تقي المارة حرارة الصيف، وتزداد أهمية المظلة التي تطل إلى الخارج لمسافة متر تقريبا عندما تطل الشناشيل من ( 20-30 ) منزلا متجاورا ويقابلها عددً مماثل من المنازل." مشيرا إلى أن هذا التقابل يجعل الأزقة بمنأى عن أشعة الشمس، فضلا عما تؤلفه الشناشيل في الزقاق الواحد من نسق معماري ذي ابعاد هندسية جميلة؛ لأنها في ارتفاع واحد سواء عن مستوى ارض الزقاق ام على مستوى إطلالتها أو طلعاتها الخارجية.

    ويهتم المهندسون كثيرا بنوعية المواد المستخدمة في البناء بما يتلاءم مع طبيعة المناخ بصورة كبيرة خاصة في الفترة التي سبقت اكتشاف الكهرباء، وفيما يخص البصرة فإن مناخها يتصف بالحرارة العالية صيفا وانخفاض درجات الحرارة شتاء مع ازدياد نسبة الرطوبة السنوية.
    ويقول جبار إن الكثير من المدن العراقية عرفت الشناشيل، مثل النجف والموصل واحياء بغداد القديمة وغيرها من المدن العراقية، ويرى أن "النظرة العامة للشناشيل العراقية تشير إلى انتمائها إلى جنس معماري واحد، لكن النظرة التفصيلية تكشف عن شيء من الخصوصية."

    ويتابع "حيث نجد في الشناشيل البغدادية عناية خاصة بالقضبان الحديدية ووجود السراديب ( التختبوش) ، في حين تهتم الشناشيل البصرية بالأعمدة الخشبية وبتشييد القناطر الحجرية أو الخشبية مع عناية واضحة بالزخارف البنائية، عبر التشكيل الخشبي."

    ويوضح جبار أن النوع المفضل من الخشب في العمائر البصرية هو (الجاوي) نسبة إلى جزيرة جاوة في دولة أندونيسيا الحالية،. ويشير إلى أن سكان البصرة القدامى يعمدون إلى طلاء شناشيلهم بنوع من الدهان العطري، كما يستخدمون شريطا يربط أجزاء الشناشيل بعضها بالبعض الأخر ليضيف إليها قدرا من القوة يساعدها على الاستمرار عقودا طويلة.
    سعد وادي مواطن يسكن احد بيوت الشناشيل في منطقة البصرة القديمة يقول إنه خلال العهد السابق كان يمنع اجراء أي ترميم أو بناء يغير من طبيعة شكل الشناشيل للحفاظ عليها كمعالم تراثية، اما خلال هذه الفترة فقد تعرضت الكثير من بيوت الشناشيل إلى تغيير اشكالها باستخدام أساليب البناء الحديث من قبل ساكنيها.

    ويضاف لـ (أصوات العراق) "سيؤدي استمرار هذه الاعمال الى القضاء على الشناشيل وزوالها.. لاسيما ان ساكنيها يعانون من قدم بنائها، وهو ما اضطرهم الى ترميمها بشكل دائم دون مراعاة لأهميتها التاريخية.
    لكن مدير أثار البصرة هاشم محمد علي يشكو هو الآخر من عدم تعاون الأجهزة التنفيذية بالبصرة في الحفاظ على مروروث المدينة الحضاري.

    ويقول محمد علي لـ (أصوات العراق) إن " القوانين العراقية المعمول بها حاليا تنص صراحة على عدم التغيير في شكل وهيأة أي مرفق آثاري أو تراثي وهو ما ينطبق على الشناشيل باعتبارها احد المرافق التراثية في البصرة."
    ويستدرك مدير أثار البصرة "غير أن الوضع الحالي وعدم الاستقرار الأمني حد من تنفيذ فقرات القانون ضد المتجاوزين برغم مطالبنا وسعينا في الحد من التجاوزات الحاصلة على هذه المرافق التراثية، لكن لم نجد استجابة من قبل الجهات التنفيذية."

    ويضيف "كان هنالك مشروع قديم في عهد النظام السابق لغرض حماية الشناشيل وتأهيلها كمرافق تراثية وسياحية في البصرة، غير ان هذا المشروع لم ير النور بسبب عدم وجود إمكانية لتوفير سكن بديل للعوائل التي تشغل بيوت الشناشيل." مشيرا إلى أن دائرته حاولت تفعيل هذا المشروع في الوقت الحاضر لكن عادت المشكلة من جديد.

    ويقول إن عدد بيوت الشناشيل المسجلة رسميا لدى دائرة الآثار في البصرة تبلغ 41 عقارا، جميعها مشغولة من قبل العوائل أو من قبل بعض الأحزاب التي استأجرت بعضا منها.
    ويختم مدير آثار البصرة بأسى "هذه البيوت معرضة للزوال بسبب الإهمال والتغيرات الحاصلة في اشكالها بعد قيام شاغليها بإجراء عمليات البناء الجديد."

    هذه هي الشناشيل فن وهندسة وتاريخ وأصالة اجتمعت في نسق واحد لتخلد أرثا معماريا جميلا.. غير ان هذا الإرث المعماري يحتضن رفاته بانتظار اعادة الحياة إليه، كما فعلت بعض المنظمات الدولية كمنظمة اليونسكو حينما أعلنت حمايتها للبنايات التاريخية مثل احياء القاهرة المملوكية وفاس العتيقة ومكناس وساحة جامع الفناء في المغرب.. باعتبارها جزءا من تراث الإنسانية . [/align]

  2. #2
    الحسيني غير متواجد حالياً مشرف واحة المضيف والتراث الشعبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2003
    الدولة
    خير البلآد ما حملك
    المشاركات
    1,868
    الف شكر يامشرفتنا على النقل الجميل والموفق ..

    تحياتي


    [blink]أللهمَ أحيينا حياةَ محمدٍ وألِ محمدٍ وأمتنا مماتهم[/blink]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيني مشاهدة المشاركة
    الف شكر يامشرفتنا على النقل الجميل والموفق ..

    تحياتي
    حياك الله اخينا الحسيني

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني