مراسلون بلا حدود» تهاجم الديمقراطيات «المتخاذلة»
02/02/2007

انتقد الامين العام لمنظمة «مراسلون بلا حدود» روبار مينار في مقدمة تقرير المنظمة السنوي للعام 2007، الصادر أمس، تخاذل دول ديمقراطية خلال العام المنصرم و«رفضها في بعض الاحيان الدفاع عن القيم التي يفترض بها تجسيدها»، مضيفا ان منظمته التي تتخذ من باريس مقرا لها «تدق ناقوس الخطر»، وذلك بعد أن «تميز العام المنصرم بالاستسلام والتخاذل والمساومة التي أقدم عليها من يفترض بهم المثابرة في الدفاع عن حريتي التعبير والصحافة». وتطرق التقرير، الذي يستعرض حال الحريات في 89 دولة والمتوفر بلغات عدة من بينها العربية على موقع المنظمة الالكتروني، بشكل خاص الى «ازمة الرسوم الدنماركية» التي شهدها العام الماضي (على خلفية نشر صحيفة دنماركية رسوما اعتبرت مسيئة للإسلام)، حيث جاء فيه انتقاد للاتحاد الأوروبي «لم تتمكن الهيئات الأوروبية من تأمين الحد الادنى من العون للدنمارك التي استهدف ممثلوها الدبلوماسيون اضافة الى صحافيين اوروبيين وعرب هددوا او اعتقلوا». وقالت المنظمة «وكأن هذه الدول ولا سيما الاوروبية منها فضلت عدم فرض رأيها خشية الاختلاف مع الانظمة العربية والاسلامية».
وكان لمنطقة الشرق الأوسط، وتحديدا العراق، نصيب كبير في التقرير، حيث اعتبر ان العام 2006 «كان العام الأكثر دموية» منذ «الغزو» في مارس 2003، فقد لقي 65 اعلاميا حتفهم فيما ازدادت عمليات الاختطاف في هذا البلد كما في الأراضي الفلسطينية. وتعلق هاجر سموني، المشرفة على منطقة الشرق الأوسط في المنظمة، لـ«الشرق الأوسط» بأن الوضع في العراق يزداد سوءا. واضافت «في بداية الأمر كان الضحايا هم من الصحافيين الاجانب، ولكن بعد سقوط النظام ونشوء الميليشيات وتدهور الاوضاع سحبت كثير من المؤسسات صحافييها الاجانب وتم الاستعانة بصحافيين محليين (عراقيين)». وتوضح «والمشكلة أن كثيرا من هؤلاء الصحافيين المحليين لا يتمتعون بالضمانات الأمنية التي كانت تتوفر للأجانب، وبالتالي كانت النتيجة انهم الان يشكلون اكبر عدد من ضحايا الإعلام... فهؤلاء وخصوصا العاملين في التلفزيون منهم يتم التعرف عليهم بسهولة، وبالتالي فإن استهدافهم يتم في منازلهم وليس حتى خلال عملهم في الشارع». أما عن الخطوات التي اتخذتها المنظمة في هذا السياق فتوضح هاجر «نحن على اتصال بالسلطات العراقية، وقد التقينا الرئيس (جلال) طالباني». وتقول ان المفارقة هي انه ثمة اعتبار بأن الاعلام العراقي قد حرر، اما بالنسبة للأمن فان الصحافيين ليسوا اكثر امنا من بقية العراقيين. وتضيف «نحن نطالب باجراء تحقيقات في قتل الصحافيين، فحتى ذلك لا يتم». ويحوي التقرير خريطة توضح توزيع البلدان اكثر خطورة، واللافت وضع كل من السعودية والعراق في نفس الخانة (السوداء ـ وتعني الوضع جاد للغاية). ولدى السؤال عن ذلك، اوضحت هاجر ان ذلك لا يعني انهما يعانيان من نفس الاوضاع. وردا حول اعتبار ذلك غير منصف قالت إن «التوزيع تم بحسب استطلاع اجرته المنظمة في وقت سابق»، لكن في ذلك الاستطلاع تأتي السعودية من بعد العراق... فكيف يفسر ذلك سيما ان التقرير يتحدث عن عشرات القتلى في العراق وهو أمر لم يحدث في السعودية، تجيب هاجر «اذا نظرنا الى السعودية لم يحدث هناك تطور خلال العام الماضي» وزعمت ان صحافيين يمنعون، وهناك رقابة على الانترنت، الا انها تضيف «لقد وجهت الينا هيئة الصحافيين السعودية دعوة لزيارة المملكة ونحن سنستجيب لها»، موضحة ان موعد هذه الزيارة لم يحدد بعد. وتشمل قائمة «الوضع الجاد للغاية» غالبية البلدان العربية، اضافة الى إيران والصين. فيما وضعت كل من روسيا وأفغانستان وباكستان والفلبين والمكسيك وكولومبيا في خانة «بلدان ذات وضع صعب». من جانبه، قال تركي السديري رئيس تحرير صحيفة «الرياض» السعودية ورئيس هيئة الصحافيين السعوديين، إنه «من تجاربي الكثيرة مع الإعلام الأجنبي.. المملكة مستهدفة بدافعين، إما الجهل بحقيقة الأوضاع أو بقصد التجني، لمجرد أنها دولة متكاملة القدرات ولم تتعرض لسلبيات الدول الأخرى المجاورة».

واضاف، «فمثلا في تقرير «مراسلون بلا حدود»، نجد أن ليبيا وسورية قد أعطيتا مركزا متقدما عن السعودية.. فهل هذا جائز. ثم لا أعتقد أن المملكة في موقع أكثر تقدما من الصين أو روسيا، ومع ذلك فالدولتان لم تبحثا عن رضا منظمة «مراسلون بلا حدود»، بل بحثتا عن مصلحة مجتمعاتها».

وتابع، «نحن في المملكة لدينا حرية نعترف أن لها حدودا، لأننا لا نريد صحافة على غرار بعض الدول المجاورة، والتي أدت أو ساعدت في اشتعال حروب أهلية أو ان تكون مملوكة لأفراد يتاجرون بها أو مملوكة لحكومات تفرض عليها حتى نوعية العناوين».

وأفاد السديري، «أعتقد أن منطقة الخليج بصفة عامة هي من أفضل الدول العربية في نوعية الممارسة الصحافية، حيث لم يحدث أن فقد صحافي حياته أو عمله لمجرد أنه كتب مقالا غير مرغوب فيه، كما لا يخفى على المشتغلين في الوسط الاعلامي العربي أن صحافيين عربا فقدوا حياتهم، إما بسبب حادث سير أو اختفوا في ظروف مجهولة». وقال من هو الصحافي السعودي، الذي تعرض لمثل هذا المصير؟

واختتم السديري بقوله، «نحن نمارس حريتنا، لكن على ضوء احتياجات مواطنينا ومتطلبات كل مرحلة، بما يكفل وحدة مجتمعنا».