باحثو مايو كلينك: سيدتي.. القهوة مشروب صحي

لها دور في تقليل الالتهابات وحماية الدماغ .. وضرورة الانتباه إلى الحساسية من الكافيين



ثمة العديد من الأخبار الطبية السارة لأهل الذوق الرفيع في الاستمتاع بشرب القهوة، إذْ عرض الباحثون من مايو كلينك ضمن عدد شهر فبراير (شباط) الحالي من مجلة «المصدر الصحي للنساء من مايو كلينك»، جُملة من الدراسات الطبية ونتائجها المُؤكدة للفوائد الصحية التي يجنيها المرء من شرب أقداح القهوة العبقة بالنكهة والغنية بالمواد الطبيعية المضادة للأكسدة.
والمعروف أن المواد المضادة للأكسدة Antioxidants، هي مواد متوفرة في بعض أصناف المنتجات الغذائية. وتعمل على مساعدة الجسم في جهود التخلص من مواد ضارة تُدعى الجذور الحرة Free radicals. وهذه الجذور الحرة هي مركبات غير مستقرة، تعمل على تنشيط تفاعلات الأكسدة السيئة، ما يُؤدي مع مرور الوقت وتراكم منتجات التفاعلات السلبية تلك إلى تهيج عمليات الالتهابات في أجزاء شتى من الجسم، وأيضاً الإسهام بشكل فاعل في ترسيخ ترسيب الكولسترول على جدران الشرايين القلبية أو الدماغية، وفي إنتاج مركبات كيميائية ذات خصائص تُؤدي إلى العبث بمكونات نواة الخلايا وتحولها في أعضاء شتى من الجسم إلى خلايا سرطانية.

* فوائد القهوة ومن جُملة ما عرضه الباحثون من مايو كلينك أن القهوة تقلل من مخاطر الالتهابات في الجسم و أمراض الشرايين القلبية. وأشاروا إلى الدراسة التي شملت أكثر من 27 ألف امرأة ممن بلغن سن اليأس. وهن نسوة عُرضة للإصابة بأمراض الشرايين القلبية بعد زوال التأثيرات المفيدة والحامية للهرمونات الأنثوية العالية النسبة قبل بلوغ سن اليأس. وتبين من نتائج الدراسة أن مقارنة متناولات القهوة بمن لا يتناولنها أظهرت أن قدرات المواد المضادة للأكسدة في القهوة قد خفضت حدة عمليات الالتهابات وظهور الإصابات بأمراض الشرايين القلبية.

وكذلك أظهرت متابعة من يشربون القهوة، وعلى وجه الخصوص المنزوعة الكافيين منها، هم أقل عُرضة للإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري. المعلوم أن النوع الثاني من مرض السكري هو أكثر شيوعاً، وله علاقة بالعوامل الوراثية، ويظهر لدى متوسطي العمر والمتقدمين فيه بشكل غالب. هذا بخلاف النوع الأول الأقل شيوعاً، وغير المرتبط بالعوامل الوراثية، والأكثر انتشاراً بين الأطفال.

إلى هذا فإن شرب القهوة يُضفي وقاية وحماية لدماغ الإنسان. حيث دلت متابعة حوالي 900 امرأة متقدمة في العمر، أن من تعودن طوال حياتهن شرب القهوة العادية، أي غير منزوعة الكافيين، فإنهن أكثر تمتعاً بالاحتفاظ بمهاراتهن وقدراتهن الذهنية العقلية. ويعتقد الباحثون أن حفظ قدرات الذكاء والتفكير السليم والذاكرة والتفاعل الذهني مع الآخرين مرده تناول مادة الكافيين في القهوة نفسها.

وكانت دراسة واسعة تُدعى دراسة صحة الممرضات قد أكدت أن اللواتي لا يتناولن العلاج الهرموني التعويضي بعد بلوغهن سن اليأس يُمكنهن بتناول كميات متوسطة أو عالية من الكافيين، أن يُوفرن الحماية لأنفسهن من الإصابة بمرض باركنسون.

وختم الباحثون عرضهم للآثار الإيجابية للقهوة ومكوناتها الصحية بالقول إن غالبية الناس الذين يتناولون كميات معتدلة من القهوة، ما بين كوبين إلى أربعة أكواب، فإنهم لا يضرون أنفسهم بفعلهم هذا، بل على العكس فإنهم يُقدمون لأنفسهم شيئاً صحياً.

لكنهم في نفس الوقت قالوا إن تناول كميات عالية من الكافيين قد يُسبب للبعض القلق والتوتر وعدم الارتياح والتهيج والرعشة وقلة النوم والصداع واضطرابات في الجهاز الهضمي وخفقان في نبضات القلب. والسبب أن البعض لدية «حساسية» مفرطة من الكافيين، بخلاف آخرين من الناس.

وهذه الدراسات ونتائجها تأتي بعد عقود من الاعتقاد الشائع، والمنسوب لعلم الطب، بأن القهوة سبب في أمراض القلب على وجه الخصوص. ولعل من أقوى الدراسات دراستين تثبتان أن لا علاقة سلبية لشرب القهوة بأمراض القلب. الأولى تم نشرها في مايو (ايار) من العام الماضي بمجلة الدورة الدموية، و هي من أعلى المجلات الطبية الأميركية المتخصصة بالأصل في صحة القلب. وشملت أكثر من 128 شخصا من الذكور والإناث. وأظهرت أن شرب القهوة،التي تم إعدادها بطريقة الفلترة، لا يرفع من معدلات الإصابة بأمراض شرايين القلب. وذلك بغض النظر عن مقدار الكمية، مهما كانت مرتفعة.

والثانية نُشرت في عدد مارس من مجلة الرابطة الأميركية للطب الباطني. وتبين من خلالها أن تناول قدحين أو أكثر يومياً من القهوة لا خطورة منه على صحة القلب.

* تساؤلات حول الكافيين حينما يتناول أحدنا قدحاً من القهوة الطبيعية بالكافيين، فإن تأثيرات الكافيين تظهر في خلال أقل من ساعة على الجسم، إذْ يغدوا المرء أكثر نشاطاً وإنتاجية ووعياً ذهنياً، كما أن المزاج يُصبح أكثر ارتفاعاً. ولذا يزول آنذاك عن الجسم كله ذلك الشعور الممل بالإرهاق والرتابة والخمول.

وكثير من الناس يلجأ إلى هذا المشروب الصحي كعقار لرفع مستوى الوعي والأداء اليومي، بل في مجتمع كالولايات المتحدة، فإن 9 من بين كل 10 أشخاص يفعل هذا. والغالبية تتناول جرعات متوسطة من الكافيين، تتراوح ما بين 200 إلى 300 مليغرام، من خلال تناول قدحين إلى أربعة أقداح يومياً.

وبالرغم من هذا فإن البعض من الناس قد يتأذى من الكافيين، وتظهر عليه أعراض ليس من المنطقي التعرض لها أو تحملها، ما يستدعي تقليل تناول القهوة أو تناول القهوة المنزوعة الكافيين. والسؤال هو لما يُصاب البعض بهذه التأثيرات السلبية للكافيين على الجسم؟

والإجابة تكمن بشكل رئيس في أربعة أمور. إما تناول كميات عالية منه، أو وجود حساسية بالأصل من الكافيين، أو وجود اضطرابات في النوم لا علاقة لها بالكافيين، أو تناول بعض من المواد الأخرى مع تناول الكافيين. وعندما يتناول المرء كميات عالية من الكافيين، أي أكثر من حوالي 600 مليغرام في اليوم، أو حوالي سبعة أقداح عادية من القهوة، فإن من المحتمل بشكل تلقائي أن يظهر القلق، والتوتر، وعدم الارتياح، وفقدان الشعور بالاستقرار، ورجفة في اليدين وبعض عضلات الجسم، وقلة النوم، والصداع، والغثيان أو ألم في المعدة أو الإسهال، واضطرابات إيقاع النبض. وهنا السبب معروف، ولذا فإن التصرف السليم معروف بداهة. ألا وهو تقليل تناول القهوة وإبقاء الكمية ضمن المقدار الآمن.

لكن حينما يتناول المرء كميات قليلة من القهوة، مثل قدح واحدل، وتظهر عليه بعض من تلك الأعراض أو كلها، فإن الأمر لا علاقة له بارتفاع كمية الكافيين في الجسم. بل الأمر أكثر ارتباطاً بحالة من الحساسية في تفاعل الجسم مع الكميات المتدنية من الكافيين في الجسم. وكلما زادت درجة الحساسية كلما ظهرت الأعراض مع تناول كميات قليلة من الكافيين.

وحساسية الإنسان للكافيين تعتمد على بعض من الأمور. التي أهمها مقدار كتلة الجسم وحجمه. إذْ الأجسام الصغيرة الحجم الخفيفة الوزن أكثر عرضة لسهولة ظهور أعراض حساسية الكافيين. ولذا فإن النساء النحيلات والأطفال هم أكثر معاناة بحساسية الكافيين.

هذا مع الأخذ بعين الاعتبار مدى تناول المرء للكافيين، بمعنى أن منْ لا يتناولون الكافيين بشكل متكرر ومستمر هم أكثر عرضة للحساسية منه فيما لو تناوله فجأة. بخلاف منْ تعودوا عليه.

وفي حالات معينة، مثل مواجهة ظروف تسبب التوتر والقلق، تكون درجة تحمل الجسم للكافيين، حتى بكميات قليلة ومعتادة، متدنية. ولذا تظهر على المرء أعراض الحساسية بسهولة.

هذا بالإضافة إلى تأثير عوامل عدة في ظهور الحساسية من الكافيين، مثل العمر والجنس والتدخين وتناول الأدوية والحالة الصحية البدنية والنفسية بشكل عام.

وهناك مجموعة من الأدوية التي ترفع من احتمالات ظهور أعراض زيادة التعرض للكافين، حتى لو لم يكن لدى المرء أي حساسية منه. مثل بعض من المضادات الحيوية أو بعض أدوية علاج ضيق الشُعب الهوائية في الرئة أو حتى مكونات بعض العلاجات العشبية الشعبية.