كونوا أما رجال دولة أو منظمو مواكب اللطم - مهدي قاسم
(صوت العراق) - 18-02-2007
ارسل هذا الموضوع لصديق
ومضات خاطفة : كونوا أما رجال دولة أو منظمو مواكب اللطم .. ــ مهدي قاسم
:
بلا شك أن آمال معظم و أغلب العراقيين باتت معلقة على مدى نجاح الخطة الأمنية لمدينة بغداد و ضواحيها ، و كذلك على مدى تثبيت نسبة معينة من الأمن و الاستقرار الدائمين و الراسخين و ليس مؤقتين !! ، و ذلك عبر توجيه ضربة قاصمة ضد القوى الإرهابية و المليشيات أو القوى المسلحة و عصابات الإجرام المنظم ، التي تتحدى الدولة و تزهق أرواح المواطنين المسالمين و تسطو على المال العام و الثروات الوطنية ، و بالتالي التركيز المكثف و المخلص و الجدي على تطهير العاصمة من أوكار هذه القوى الإجرامية المعشعشة ، و بعيدا عن أية اعتبارات و تكتيكات سياسية معينة ، على صعيد تقاسم السلطة و الغنائم و الطرائد ، و القائم حتى الآن على مساومات سياسية و طائفية جارية خلف الكواليس ، بتنا نحن العراقيين نعرفها جيدا ، ولا سيما السكوت و التغطية على تواطؤ بعض السياسيين من رؤساء و زعماء الأحزاب و الحركات السياسية مع القوى الإرهابية أو الميليشاوية المسلحة و المتجاوزة بكل استهتار و استخفاف على حرمة القانون و على"سيادة " الدولة على حد سواء ..
و يمكن القول أن خطة بغداد الأمنية ستكون الفرصة الأخيرة أمام قادة و زعماء الأحزاب الحاكمة أو المشاركة في السلطة و خاصة منها أحزاب " الائتلاف الموحد " الشيعية أن يثبتوا إلى أي مدى يستطيعون أن يكونوا رجال دولة و يتقنون بعض الشيء إدارة شؤون الدولة أو الحكومة ، أم أنهم مجرد رجال مفطومين بالتطبع أو الغزيرة على الإجادة البارعة في اللطم و النحيب من خلال تنظيم المواكب المازوخية الدامية لمشاهد تعذيب و جلد الذات ، و تخريب الروح و أخر ما تبقى من نبض الآهات يئن بها بلد في حالة الاحتضار و الانهيار !..
فإضاعة هذه الفرصة التاريخية ، ستكون بمثابة فصل أخير ، كدليل قاطع ودامغ ومتواصل للفشل السياسي الذريع الذي رافق العملية "السياسية الجديدة " في غضون السنوات الماضية ، و كبرهان على الأمية السياسية الشاملة ، التي برزت في هذا المجال سواء من ناحية إجادة ممارسة الحكم أو على صعيد تمشية و تنظيم و تيسير شؤون الدولة ، أم التخفيف من عبأ الأثقال والأحمال لهموم و شجون المواطنين الكثيرة و المتراكمة !.
و نظن بأن ما يقارب من أربع سنوات من الإرباك و الفوضى و التلبك و عدم الجدية و الفشل المخزي على صعيد ممارسة جميع الأنواع السلطوية و الإدارية ، بشكل غير بنّاء ، بل و بتخريب منظم من جميع النواحي ، نقول بأن السنوات الثلاث هذه يجب أن تكون كافية للاعتراف الصريح بهذا العجز المزمن و الشلل المهيمن ، و من ثم الانسحاب جانبا ، بالطبع ما تيسر من أكياس مكتظة بأكداس المال العام المنهوب ، لإفساح المجال لمَن يجيد ممارسة الحكم و إدارة شؤون الدولة ، أو على الأقل ، له قليل أو كثير من التعاطف الوطني و الإنساني مع أبناء شعبه !..
أما إذا وصل الشعب العراقي إلى درجة مريعة من درك و حضيض ، بحيث لا يوجد بين صفوفه من رجال دولة حقيقيين ، و من سياسيين مخلصين و نزيهين شرفاء ، أي ممَن يجيدون و يبرعون في إدارة دفة و مقاليد و شؤون السلطة و الحكم و الدولة ، فمن الأفضل لشعب كهذا أن ينقرض على أن تتحكم بمصيره إلى ما لا نهاية ، مجموعات أو جماعات من رجال العصابات و السطو و النهب و الفرهدة و القتل السياسية و الطائفية و الاستخباراتية الأجنبية ، و ذات الولاءات الغريبة ، و خاصة ، وهم رجال عصابات أسوأ و أقذر و أحط حتى من رجال عصابات الكابوي الغابرة !..
ولكن من المستحيل أن تخلو صفوف الشعب العراقي من وجود بعض رجال دولة بارعين كإداريي دولة و محترفين ، و من وجود بعض سياسيين شرفاء و نزيهين و عفيفي النفس ، ممَن يتمتعون بشيء من المسئولية الوطنية إزاء شعبهم ووطنهم العراقي ، ممَن يجب أن تُفسح الفرص و المجالات أمامهم ، لاستلام زمام المبادرة و خدمة العراق شعبا ووطنا و أرضا بإخلاص و نزاهة ، بعد كل هذه المراحل و الفصول و العقود الطويلة و المظلمة من المعاناة الجهنمية و الفظيعة .
إذن فأن هذه الفرصة التاريخية هي الأخيرة أمامكم أيها السادة : أما تثبتوا أهليتكم في الحكم و إدارة شؤون الدولة ، أو تنسحبوا و تنزووا جانبا مع ما ملكت أيديكم من أموال و ثروات طائلة و حرام ..
إذ ليس من المعقول أن تقودوا شعبا ووطنا و بلدا ، من فصول موت و قتل و خراب و تدمير ، إلى فصول تالية و تالية من القتل و الدمار و إلى ما لا نهاية ..
و لا يسعنا إلا التمني بنجاح خطة بغداد الأمنية و كذلك بعودة الوعي العراقي و المسئولية الوطنية الكاملة ، من أجل إراحة الشعب العراقي من محنه الكثيرة !..
[email protected]