برهم صالح: الكويت لن ترى من العراق إلا الجار الملتزم الجيرة الحسنة

القراءة : 431
التعليقات : 10
تاريخ النشر : Monday, 26 February 2007


غزة-دنيا الوطن
تحيي دولة الكويت غداً، ذكرى تحريرها من الغزو العراقي عام 1990، وهذا العام هو الأول الذي تحيي فيه الكويت هذه الذكرى بعد إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، نهاية العام الماضي. ومع سقوط نظام صدام حسين عام 2003 واعدام صدام، طوى العراق والكويت صفحة من تاريخ علاقات متوترة بين البلدين، ليفتح صفحة جديدة. وبهذه المناسبة، قال نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح لـ«الشرق الأوسط» ان «العراق الجديد ملتزم بالقانون الدولي، ويتعامل مع الكويت من منطلق احترام والمصالح المشتركة»، مضيفاً: «العراق الجديد سيكون آمناً مع جيرانه والكويت لن ترى من العراق الا الجار الملتزم بقواعد الجيرة الحسنة، وبالمقابل نحن في العراق نتوقع من أشقائنا في الكويت الدعم والتفاهم للتغلب على مصاعبنا».
واعتبر صالح انه على «العراقيين ان يتفهموا قلق وهواجس بعض الكويتيين، وعلى القيادات العراقية الحكيمة الملمة بمصالح العراق، يجب ان تمنع تكرار مفاهيم العدوان التي اضرت العراقيين قبل ان تضر غيرهم». من جهته، أكد رئيس مركز العمليات الإنسانية الفريق متقاعد علي محمد المؤمن، أن الكويت تبذل كل ما في وسعها لتأمين نقل وتوفير المساعدات الإنسانية للشعب العراقي، وعلى الأخص الاحتياجات المعيشية اليومية، وتلك التي يستفيد منها على المدى الطويل.

وأضاف المؤمن في لقاء خاص بـ«الشرق الأوسط» أن «الكويت تقوم بتجهيز مستشفيات ميدانية، وتستقبل بعض الحالات المستعصية لعلاجها في مستشفياتها وخارجها، كما تعمل على أن تكون نقطة التقاء للجراحين والمختصين الذين يتعاملون مع حالات مرضية وجراحية خاصة في مجالي القلب والحروق». وشرح أن «المركز يعتبر اليوم هو المنسق والرابط بين دولة الكويت وقوات التحالف ومنظمات الأمم المتحدة، ويتعامل كذلك بصفة يومية مع مختلف الجهات الكويتية المعنية في الكويت كإدارة الهجرة والجمارك لتسهيل عمل المنظمات الإنسانية داخل الكويت، كنقطة انطلاق لأعمالها في العراق، إضافة إلى المساعدة في إدخال المساعدات من مختلف المصادر إلى الكويت ومن ثم إلى العراق».

وأشار المؤمن إلى أن «العنف المتنامي داخل العراق، فرض على المنظمات اتباع أساليب مختلفة تلائم المستجدات لتأمين الحماية بعمليات التنقل والسفر في كل مناطق العراق بالتعاون مع القوات الدولية والقيادات العراقية»، خاصة أن «مركز العمليات الإنسانية، هو المعني بتقديم التسهيلات للعاملين في المنظمات الإنسانية وتوفير الإمكانيات اللازمة لهم».

وشهدت العلاقات العراقية ـ الكويتية محطات عدة خلال العام الماضي، تشير الى تسحن العلاقات بين البلدين، على رأسها زيارة مسؤولين عراقيين رفيعي المستوى الكويت من ضمنها نائب الرئيس العراق طارق الهاشمي ورئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية عبد العزيز الحكيم. كما أن الكويت استضافت مؤتمر «العقد الدولي» بين العراق والأمم المتحدة، بحضور دولي شهر اكتوبر (تشرين الاول) الماضي. الا انه ما زالت هناك قضايا لم تحل بين البلدين قد تؤثر على صفو العلاقات بينهما.

ومن بين الملفات العالقة بين العراق والكويت ملف الديون العراقية وتعويضات حرب 1991، التي دفع العراق منها 21 مليار دولار الى دول وأفراد عدة، علماً بأن مفوضية الأمم المتحدة للتعويضات وافقت على طلبات تعويض تصل الى 52.4 مليار دولار اضافي. ولم يخض صالح في تفاصيل الديون والتي تطالب بغداد بإلغائها، قائلاً: «هذا الملف ملف قائم، ويمكن تسوية كل هذه الملفات بعيداً عن الضجيج الإعلامي والتصعيد السياسي». وأضاف: «القيادات الحكيمة في البلدين، سيتعاونان فيما يجلب الخير للبلدين». وقد طالب العراق على لسان مسؤولين عراقيين عدة ومن قبل مجلس النواب من الكويت الغاء الديون التي تقدر بقيمة 10 مليارات دولار، والتي كانت تقارير أفادت بأن الكويت مستعدة لإلغاء 80 في المائة منها العام الماضي، ولكن لم تتم الموافقة على هذا القرار بعد. وبينما يتشاور السياسيون حول موضوع الديون والتعويضات، هناك ملف أكثر حساسية من تبعات غزو الكويت، وهو ملف المفقودين الكويتيين. وأكد الناطق الرسمي باسم فريق البحث عن الأسرى والمفقودين الكويتيين فايز العنزي، أنه ما زال هناك 370 مفقودا كويتيا لم يعرف مصيرهم بعد.

وأضاف العنزي، المكلف رسمياً مهمة البحث الميداني عن الأسرى داخل العراق، ان الفريق تمكن من إيجاد رفات أسرى كويتيين في أربعة مواقع في العراق، مشيرا إلى أن هؤلاء أعدموا في فترة مبكرة بعد تحرير الكويت من العراق. وذكر العنزي أنه «لغاية نهاية عام 2006 تم التعرف على 233 رفاتا من أصل 605 أسرى ومفقودين من الكويت خلال الغزو العراقي، وأن رفاتين فقط اكتشفا في مقابر جماعية في الكويت».

وأوضح العنزي أن «وتيرة العمل في الفريق، بدأت في الانخفاض منذ عام 2004 نتيجة للاضطراب الأمني في العراق، ففي عام 2006 تم الإعلان عن 6 فقط من الشهداء على دفعتين، وعام 2005 تم الإعلان عن 12 من الشهداء، وفي عام 2004 بلغ عدد الشهداء المعلن عنهم 215 شهيداً». وكشف العنزي، عن أن الفريق بانتظار تحسن الأوضاع في العراق حتى يستكمل عمله، خصوصا أن العدد المتبقي يقارب 370، وقد تم الاتفاق مع الحكومة الكويتية على آلية إنهاء الوضع القانوني للأسرى، وصدر مرسوم أميري يقضي بتحديد تاريخ الوفاة لمن عثر على رفاته من تاريخ الأسر، ولمن لم يتم العثور على رفاته، لأسرته الحق في اللجوء للقضاء، والحصول على حكم بناء على قانون الأحوال الشخصية في الكويت. وقال العنزي: «هناك ما يقارب خمسين أسيرا تم الحكم بوفاتهم، وتحويلهم إلى شهداء من الناحية القانونية، وهناك عدد آخر من القضايا لا يزال منظورا أمام المحاكم الكويتية». من جهته، قال سامي الرشود، وهو شقيق الأسير نبيل الرشود، الذي لم يتم الكشف عن مصيره حتى الآن: «الجرح لا يزال ينزف». واضاف الرشود أن انتهاء الحروب يعقبه تبادل الأسرى، ونقل رفات الشهداء، ولكن معها أيضا تظل قضية المفقودين عالقة، مبينا أن قضية الأسرى ما زالت عالقة في الكويت لأسباب عدة، أبرزها أنهم لم يعودوا أولوية، وخرجوا من دائرة الاهتمام، فلم يعد للأسرى أي ذكر عدا في المهرجانات والاحتفالات الوطنية.

وقال الرشود: «القضية تستمر، ويستمر معها شعور أهالي الأسرى بفقدان عزيز، وما لم تسلم لنا رفات ندفنها أو الإعلان عن إغلاق ملف الأسرى وإعلانهم شهداء وتكريمهم بشكل لائق، سيظل مصيرنا معلقا ونظل في حيرة، هل ما زال أسيرا أم هو شهيد أم مفقود». وأشار الرشود إلى أن عائلات المفقودين «لا تزال نعتقد بأن اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين لم تعمل في قضية البحث عن الأسرى، وإن هدفها كان نشر القضية دوليا وحشد التأييد العالمي للملف، وقد اتضح لنا عدم صحة ذلك، فلم تتحرك أي دولة زارتها وفود اللجنة لتقديم مبادرة للضغط على النظام العراقي». وأضاف أن بعض العائلات كانت تتأمل بـ«وجود أسرى كويتيين في معتقلات النظام السابق المنتشرة في كل العراق، وهو أمر لم نعد نعتقد به بعد 4 سنوات من سقوط النظام السابق».

وذكر الرشود أنه كان «على الفريق التوجه للبحث في المقابر الجماعية، التي وجدت بعد انهيار النظام في العراق، وكذلك المقابر في الكويت لنتعرف على الرفات، وكان رد السلطة بأن الأولوية للبحث داخل العراق، ومن ثم توقف البحث في العراق بحجة الوضع الأمني السيئ هناك، رغم وجود مقابر في الكويت». وتابع: «بالفعل، تم التعرف على رفات بعض الأسرى في المقابر داخل الكويت، إلا أن البحث لم يستمر لحجج كثيرة، وتساؤلاتنا اليوم كثيرة منها ما يتعلق بأسباب توقف البحث داخل الكويت، إلا أننا لم نجد إجابة من أحد عنها».

واختتم الرشود حديثه بالقول «إننا كأهالي لا نملك سلطة، ولا الأدوات أو التخويل الذي يمكننا من نبش الرفات والبحث، ولهذا فستبقى القضية معلقة».