“ "مجيء " محمد الصدر
بقلم: wsn

كان مجيئه هبة ربانية لا نستحقها , و حين ازف " الرواح " عرفنا ان مجيء الرجل ليس في اوانه و مكانه , و ان ابناء الصدر و تلامذته و اتباعه لم يولدوا بعد ...
و هل اخطأ الصدر حين جاء , حين حدد موعد المجيء , بعد عقود قضاها في محراب عشقه الالهي و حلسا لحزنه القديم , و حسرته المحمدية .. نعم أخطأ الصدر حين جاء لشعب " الهوسات " التي تشبه رقصاتها حركات الثيران المهتاجة !
نحن شعب اعتاد على تقبيل الايادي , و تبجيل الاسماء , و عبادة الاشخاص , و كان مجيء صادق الصدر, صادق القول و الفعل ليعترض , بعض العظماء يجيء الى الدنيا ليعترض , ليسجل شهادته و يمضي , شاء من شاء و ابى من ابى !
لقد كان مجئيه حدثا تاريخيا خالدا , لو كنا نعقل او نفهم لخلدناه , لجعلناه لنا عيدا , لكننا نسير عكس سير الامم قاطبة , و ما نحن الا امة سوء تحرق مبدعيها , و تنوح عليهم حينا من الدهر ثم ننساهم ...
يقول الشاعر العراقي
اضاعوك حيا و ابتغوك جنازة *** و هذا الذي تأباه صيد اماجد

اخطأ امام " الكرامة الانسانية " حين جاء لشعب لا يعول الا على " الكرامات الصوفية" التي لا تجيب ولا تودي , و لا تضر و لا تنفع و لا يحتاجها المغيبون في غياهب الذل و الحرمان, ولما اراد ان يجللنا بكرامة الانسان , اتهمناه , اجترئنا عليه , سفهناه .. نحن السفهاء .. تطاولنا عليه و هو لا يزيد على ان يقول : يا ليت قومي يعلمون !
تحيلني زفرات الصدر و صرخاته , الى صرخات جده علي عليه السلام , و خطبه في مسجد الكوفة , خطب الصدر في مسجد الكوفة تفضي الى خطب نهج البلاغة ,تحيل الى نهج البلاغة , حيث كان يخطب علي , بكلمات النور التي اذهلت الشرق و الغرب , و من خلال سلوك الشهيد وافعاله واقواله , تبين ان في الدينيين من هو مولع بنهج بلاغة علي عليه السلام , ان فيهم من يريد ان لا تقبل يده كما هو بنفسه لا يقبل يد اي احد من الناس !!
وهذه المفارقة العجيبة كان يثيرها الصدر بأسلوبه و بطريقته . قال انه رأى " نحوا " من انحاء تقبيل الايادي , يمكن ان تتقبله النفس , و يرضى به الاحرار , و تنقاد له نفوس الاباة المولودون احرارا : وهو ما يقوم به الباكستانيون من تقبيل احدهم ليد الاخر حين يلتقون , فليس هنا زراعة للكبر في نفس احد , فكما تقبل يدي اقبل يدك , و كما تخضع لي بالتقبيل و الانحناء اخضع لك على نفس النحو و على نفس الدرجة .. فيتكون امامك موقف ضد " التمييز " و ضد الطبقية الروحانية .. التي تتساوى امام الله سبحانه بالخلق من مصدر واحد وخالق واحد ومنتهى و عاقبة و مصير واحد متمتثل بالموت المحتم !
بعد ان قيل " ان رسول الله يهجر .. حسبنا كتاب الله " و الرسول يوشك ان يغادر , اختلف صحابة الرسول في امرهم .. هل يقدمون لرسول الله ما طلب , قلما و دواة , ليكتب لأمته ما لن يضلوا بعده , و اراد اخرون رغم الكلمات الجارحة التي اذت رسول الله و هو على اعتاب الرحلة الابدية , ان يقدموا له ما اراد , لكن الرسول " ص " رفض وقال : او بعد ما قلتم !!
رفض سيد البشر و عظيم الانسانية ان يكتب لأمته ما يحفظها من الضلال , لأنهم اقدموا على اختلاق " رأي " يفسد كل حكمة الرسول و اي شيء سيكتبه على الورق سيقابله اصحاب المصالح بأن رسول الله كان يهجر و لم يكن واعيا لما كتب !
لذلك رفض رسول الله ان يأتوه بدواة و قلم !
لأنه سواء وصى او لم يوص فأن الجواب قد اعد سلفا , اعده ذلك الرجل الذي قال ان رسول الله يهجر !
لست بهذا ان اقيس الرسول ( ص ) بغيره من الناس , لكن بالامكان ان يقاس اهل ذلك العصر , بأنصار الصدر , لأن الازمان اشباه كما يقولون .
الصدر الثاني الامام الخارج من تحت الرماد , ماردا جبارا هائلا , يخيف الجميع , و يحاذره الجميع , و يمقته الجميع , و في النهاية يلتصق به الجميع , ليضيع كل شيء !

اول علامات الضياع و التضييع في الحركة الصدرية , هو تحول عدو القداسة الاوحد الى مولى مقدس و زعيم اوحد !