النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: دعاء احمد مطر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    المشاركات
    732

    افتراضي دعاء احمد مطر

    بقلم / أحمد مطر
    يحكي أنّ قرية ابتُليت بلصِّ بالغ الخسّة، كان يسطو علي المقابر، فينبش اللحود الحديثة، وينتزع أكفان الموتي، ثمّ يرمي بجثثهم إلي حفرها ثانيةً، ويهيل عليها التراب كيفما اتّفق.
    واجتمع رأي أهل القرية علي الإيقاع بذلك اللّص، فلمّا تمكّنوا منه، قتلوه شَرّ قتلة، ليكون عبرة لمن اعتبر.
    لكن لم يمض وقت طويل، حتّي ظهر لصّ جديد مولع هو أيضاً بسرقة الأكفان، لكنّه، بخلاف سلفه، كان شخصاً مقدراً لقيمة الوقت، ومبدعاً متفرّداً لا يحب التقليد، ذلك أنّه كان إذا انتزع كفن الميت، لم يُضيّع وقته في طمر الجثّة من جديد، بل كان يتركها في العراء نهباً لأنياب الضّواري!.
    عندئذٍ أجمع أهل القرية علي الترديد بحسرة واحدة: رحم الله سارق الأكفان الأوّل ! هذه الحكاية عادت إلي ذهني بإلحاح، وأنا أقرأ آخر إبداعات سلطة الشلايتيّة الجدد في دولة المنطقة الخضراء التي يحدّها العراق من جهاتها الأربع!.
    إنّ أحداً ممّن ابتُلي بجرائم النظام السابق لا يمكن أن يترحّم عليه ولو في الكوابيس، لكن النظام الذي أعقبه إذا جاز للفوضي أن تسمّي نظاماً أتي من فنون الإيلام الطازجة ما كاد يُنسي الناس آلامهم البائتة، علي الرغم من شدّة قسوتها وقرب عهدهم بها.
    وإنّ في ذلك لآية لقوم يتفكّرون!
    ففي هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ أمّتنا المجيدة، قدّم جماعة من نوائب البرلمان، مشروع قانون من شأنه أن يكفل للدولة، عند إقراره، تسجيل رقم قياسيّ في حكمة التشريع ليس له من سابقة علي وجه هذه الأرض، منذ خلق سيّدنا آدم عليه السلام، ومن شأنه أيضاً أن يُفجّر موسوعة غينيس فور دخوله فيها، لعدم قدرتها علي استيعاب رقم قياسيّ أضخم من كلّ المقاييس، علي نحو انفجار ذلك الكمبيوتر المسكين الذي سألوه ذات يوم: شكو ماكو؟ !
    وقبل أن أسترسل في الاحتفاء بهذا الإعجاز، أرجو القارئ الكريم أن يجود بما لديه من الخرز الزرقاء لنوائبنا الأفاضل، خشية أن يحسدهم سكّان الكواكب الأخري، علي علو هممهم، وفرادة إبداعاتهم، وعظمة إنجازاتهم. كما أرجوه أن يترفّق عند محاولة التبرّك بلمس شرفهم الرفيع فهو رفيع جداً إلي حدّ أنّه يمكن للنسمة العليلة أن تقطعه!.
    إنّ مشروع القانون هذا هو ممّا يُسمّي منه وإليه ، ومعناه عند ترجمته إلي اللغة الخضراويّة هو: مرقتنا علي هدومنا .. أي أنّه شخصيّ جداً، وخاص تماماً بالنوائب أنفسهم، وهو علي هذا مؤدّب و خوش آدمي ولا يتدخّل في ما لا يعنيه!
    وفي ما يلي شذرات من شعاع هذا المشروع المعجزة:
    أوّلاً: يتمتّع رئيس مجلس النوائب بدرجة رئيس جمهوريّة، وكلّ واحد من نوّابه بدرجة نائب رئيس جمهورية، مع كلّ ما لهذه الدرجة من حقوق ومخصصّات وامتيازات وصلاحيات علي ما أعتقد! .
    ثانياًَ: يتمتّع كلّ عضو في مجلس النوائب بدرجة رئيس وزراء، مع جميع الامتيازات الخاصّة بهذه الدرجة.
    ثالثاً: لكلّ واحد من هؤلاء المصائب مصروف جيب إضافي قدره ثلاثة ملايين دينار شهريّاً!
    رابعاً: تُصرف لكلّ واحد من هؤلاء الكوارث، ولأفراد أسرته الغالية علينا جوازات سفر دبلوماسية!
    خامساً: عند المرض والكحّة مرض عضال أيضاً يُعالَج هؤلاء وأسرهم في الخارج، علي حساب الدولة الحبّوبة السخيّة.
    سادساً: يُخصّص لكلّ آفة من آفات المجلس بيت وما أدراك مابيت السلطوي يبقي في ملكيته لأربع سنوات علي الأقّل، بعد انتهاء عمله النيابي!.
    سابعاً: يتمتّع النوائب بالدرجات والامتيازات والمخصصّات السابقة حتّي بعد سقوطهم في الانتخابات المقبلة. أي أنّهم سيظلَّون رؤساء وزارات إلي أبد الآبدين، ولعلّ مشروعهم الدّاعر هذا هو استباق لشرعنة النهب المريع الدائم تحت حراسة القانون.. والكمنجة أيضاً، لعلمهم الأكيد بأنّ أحداً لن ينتخبهم مرّة ثانية، حتي لو تمتّع فايروس الأيدز بدرجة رئيس وزراء !
    ثامناً: يَصرف مجلس النوائب رواتب نصف طاقم الحراسة الخاصّ ب العضو بعد انتهاء ولايته، علي أن تتولّي وزارة الدفاع صرف رواتب النصف الآخر من الطاقم! هذا ما اختزنته الذاكرة من ذلك المكسب الشعبي العظيم. وإنّي لأتساءل باستغراب: كيف اكتفي هؤلاء السفلة والجهلة والمتبطّلون والمشعوذون والمحتالون والنشّالون، بهذا القدر المتواضع من المطالب، في بلد لا فضل لأحد منهم عليه، ومن شعب لا تربطهم به أيّة صلة ولم تكن لهم به أيّة معرفة، قبل أن تلتقطهم دبّابات الشيطان الأكبر، من شوارع الدول المختلفة، ومن فوق عتبات دكاكين مخابراتها، لتدلقهم فوق رأسه حكّاماً فجأة، فتوقعهم في أسوأ حالات الخَبَل علي طريقة شاف ماشاف... ، وهم الذين لم يأمل أغلبهم، في أجمل أحلام يقظته، بأن يصبح حتّي موظَفاً عادياً علي الدرجة الثامنة؟!
    فإذا كان هؤلاء علي هذه الدرجة من الدونيّة والوقاحة والرقاعة الجارحة التي تؤهلهم للتباهي بالوقوف عراةً أمام الملأ، فما الذي منعهم من المطالبة بأن يكون الواحد منهم بدرجة إله مثلاً، أو بدرجة ملاك علي الأقل؟!
    وبعد.. فإنّ المرء ليحتاج، عند وقوع المصيبة الفادحة، إلي قلب من حجر، لكي يمتلك هدأة النفس، وإلي لسان من حديد، لكي يتحرّر من سطوة التلعثم والتلجلج.
    ماذا يمكن للمرء أن يقول في مواجهة مثل هذا العهر الفاقع المذهل المدوّخ الذي قد لا يخطر حتي علي بال الشيطان؟!
    مسألة: إذا كان في حوزتنا، نحن المواطنين البسطاء، في كلّ أربع سنوات: رئيسا جمهوريّة، ومائتان وثلاثة وسبعون رئيس وزراء. وإذا كانوا سيصبحون، في غضون عقدين من الزمان: عشرة رؤساء جمهورية، وألفاً وثلاثمائة وخمسة وستين رئيس وزراء، فبعد كم ألف سنة ستكون لدينا دولة؟!
    إنّها مسألة عويصة ولاشكّ، ولذلك فإنِّني أتمنّي علي المُشرّعين الأفاضل أن يُلحقوا بمشروع قانونهم مادّة تنصّ علي وجوب إعطاء المواطنين دروس تقوية في الحساب والجبر، مع عناية خاصّة بالكسور العشريّة، وذلك إيماناً منهم بإشاعة الوعي الدمعقراطي بين أفراد الشعب المجيد!
    يسمّونه مشروع قانون، لكنني أسمّيه مشروب قانون، لأنّ من فكِّر به، مجرّد تفكير، هو، بكلّ تأكيد، كائن مغمي عليه من شدّة السُكر، وأول ما ينبغي للعقلاء هو أن يُخرجوه من حال السٌكر البَيّن، ليقيموا عليه الحدّ حتي يُغمي عليه من جديد أو يموت تحت السَوط. وذلك بعينه هو ما ينبغي أن يجري علي أمثاله ممّن وعدوه، مجرّد وعد، بمناقشة مشروبه .
    أمّا إذا تمّت المناقشة بالفعل، فأرجو الله العزيز القدير أن يُرسل علي المجلس صاعقة تنسفه بمن فيه، وتحملهم معه، بكلّ درجاتهم، إلي جهنّم وبئس المصير.
    أمّا إذا أمهلهم ربّنا حتّي إقراره، فأرجو أن يكون ذلك إلقاءً للحجّة عليهم وعلي الناس، لكي لا يحسبوا الإمهال إهمالاً، فيقضي، بعد ذلك، بقدرته علي تبديل الأحوال، وسرعته في إنزال العقاب، بإيقافهم في طابور منتظم ومتناسق، يوصلهم واحداً فواحداً، إلي الحبل الذّي وصل إليه صدّام، لكي ينال كلٌ منهم قسطه من العُلا، بالارتفاع عن وجه هذه الأرض، بكامل أدرانه ومفاسده، مشنوقاً.. بدرجة قاطع طريق !
    و مراد النفوس أصغر من أن تتعـــــادى فيه و أن تتفــــانى

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    66

    افتراضي

    اللهم آمين ربي اسمع واستجب


    [align=center]الله لو انت الماني[/align]

    §¤~¤§¤~¤§[move=down][align=center]اتق شر من احسنت اليه .... والاقارب عقارب[/align][/move]§¤~¤§¤~¤§

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    المشاركات
    732

    افتراضي

    حين قرأت مقال احمد مطر الاخير على جريدة الراية القطرية والذي سماه * مجلس النوايب * قلت ان شاعر العراق قد فقد صوابه وجاوز الحد واغرق في النقد الى مجال لا نطمح اليه خصوصا والشاعر معروف بالمبالغة لكن اعتقد ان النواب الذين لم ينتخبهم احد يستاهلون باستثناء الشريف منهم ان كان فيهم شريف خصوصا تلك الدكتورة التي القت خطبتها وهي جريحة في رقبتها لتقول ما عجز فحول البرلمان المدللين عن قوله .. قالت اني غير مهتمة بنفسي و جرحي انما اهتم بهذا الشعب الذي عانى من التفخيخ والتفجير ثلاث سنوات لم يطلنا منها سوى هذا التفجير .. سيجد النواب فرصة للدياحة في عمان والبلدان خصوصا و قد اصبح هاجس الموت رفيقا لهم الموت الذي يبعدهم عن انتهاز المصالح .
    و مراد النفوس أصغر من أن تتعـــــادى فيه و أن تتفــــانى

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني