الإنجليزية لغة عالمية أثبتت وجودها في المؤسسات الأكاديمية الدولية

تكيفت كي تصبح لغة العمل والطلبة الأجانب وأصحاب الأسهم


باريس: دورين كارفاجال
حينما رجع طلبة الاقتصاد من عطلتهم هذا الشتاء إلى المدرسة العليا الفرنسية هنا، وضعت طلبات مكتوبة في صفحة واحدة على جدران الممرات تطلب امتيازا واحدا: الفرنسية كلغة تعليم.
وجاء في هذا الاستعطاف: «نحن نفهم أن الاقتصاد هو مثل الكثير من الفروع العلمية تدور أبحاثه بالإنجليزية». لكن الطلب أشار إلى أنه من غير المقبول على أستاذ فرنسي يدرّس طلابا يتكلمون الفرنسية بلغة انجليزية ذات لكنة.

أصبحت الانجليزية مع التحولات الكبيرة على المستوى العالمي، هي اللغة المستخدمة في الكثير من المؤسسات الأكاديمية. وخلال السنوات الخمس الأخيرة تبنت أكثر معاهد الاقتصاد العالمية اللغة الانجليزية ضمن استراتيجية محسوبة، تهدف إلى جذب عدد أكبر من الطلبة من شتى أنحاء العالم كرد فعل على العولمة.

وتقود الجامعات الخاصة بالاقتصاد هذا التوجه، وهذا يعود بشكل جزئي إلى التحولات التي طرأت في المتطلبات الأكاديمية مع أواخر التسعينات، حيث أصبحت المعايير الجديدة تستوجب استخدام اللغة الانجليزية في الكثير من المواضيع المدرَّسة. لكن هذه اللغة وصلت إلى الدراسات الجامعية الأولية، حيث راحت جامعات من كوريا الجنوبية تقدم 30% من دوراتها في الإنجليزية. وسعى رئيس جامعة كوريا السابق في سيول إلى الوصول إلى نسبة 60% من دوراتها تدرَّس بالإنجليزية، لكنه في نهاية المطاف لم تتم إعادة انتخابه لمنصبه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وفي مدريد يستطيع طلبة دراسات الاقتصاد وادارة الاعمال أن يجروا اختباراتهم بالإنجليزية في معهد امبريسا الراقي، وأن يسجلوا في الدورات الأساسية للحصول على شهادة الماجستير في اللغة نفسها. أما مدرسة ليل لإدارة الأعمال في فرنسا فتوقفت عن اعتبار الإنجليزية لغة أجنبية منذ عام 1999، والآن أصبحت نصف البرامج المخصصة لطلبة الدراسات الجامعية الأولية تدرَّس بالإنجليزية للتماشي مع العدد المتزايد من الطلبة الأجانب.

وخلال السنوات الأخيرة الثلاث كانت البرامج المخصصة لطلبة الماجستير، والتي تدرَّس بالإنجليزية في الجامعات الفرنسية قد تضاعفت أكثر من مرتين في 1700 جامعة حسبما قال ديفيد ويلسون الرئيس التنفيذي لمجلس إدارة قبول المتخرجين، وهي منظمة عالمية تقود المدارس الخاصة بالاقتصاد ومركزها في ماك لين بولاية فرجينيا.

وقال لورنت بيبارد عميد برامج الماجستير في مدرسة اسك التي تعد رائدة في مجال دراسات الاقتصاد في فرنسا «نحن نتحول صوب الإنجليزية. لماذا؟ لأنها لغة التدريس العالمية، والإنجليزية تسمح للطلبة كي يكونوا قادرين على القدوم من أي مكان في العالم، وبالنسبة لطلبتنا الفرنسيين أن يذهبوا إلى أي مكان في العالم».

واحتفلت الجامعة هذا العام بمرور 100 عام على تأسيسها باستخدام لغتها المتبناة. وبدأ الفيلم الخاص بالإعلان عنها بالإنجليزية والفرنسية. وإضافة إلى ذلك تجد الإعلان على ذكرى تأسيس الجامعة مكتوبا بالفرنسية وبحروف أصغر بالإنجليزية.

واستفادت جامعة اسك أيضا من زيادة دخلها الناجم عن زيادة عدد الطلبة الأجانب فيها، خصوصا أولئك الذين لغتهم الأولى الإنجليزية. وزاد عدد الطلبة الأجانب فيها بنسبة 38% خلال 4 سنوات، من 909 طلبة إلى 3700 طالب.

وتبلغ أجور دراسات الماجستير لعامين 19800 يورو لمواطني الاتحاد الأوروبي، بينما يصل إلى 34 ألف يورو للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي.

وقال كريستوفر برديلت نائب عميد مدرسة ليل لدراسات الماجستير في مدرسة ليل والخاصة بإدارة الأعمال، إن «السوق الفرنسية للطلبة المحليين محدودا. والدخل مهم جدا من أجل توفير خدمات جيدة نحن بحاجة إلى تغطية نفقاتنا على المكتبة ومجلات البحوث. نحن بحاجة إلى تغطية كل هذه النفقات مع عدد أكبر من الطلبة لذلك فهو أمر مهم جذب طلبة أجانب».

ومع زيادة عدد الطلبة الأجانب، بدأت جامعة اسك الآن بعرض 25% من دوراتها بالانجليزية. وطموحها هو تسريع العروض كي تشكل 50% خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.

من جانبه يحاجج سانتياغو انيغويز اوزونو عميد معهد دو امبريسا الأسباني، بأن الاتجاه العام هو نتيجة طبيعية للعولمة مع تحول الإنجليزية لتلعب دورا شبيها بدور الأسبانية في القرن الثالث عشر، التي كانت تستخدم في معظم الجامعات.

وقال إن «الإنجليزية تكيفت كي تصبح لغة عمل، لكنها ليست لغة أكسفورد. إنها اللغة التي يستخدمها أصحاب الأسهم».

لكن جعل الطلبة يشعرون بالراحة وهم يتكلمون الانجليزية داخل صفوف الدرس، أسهل قولا مما هي في الواقع. فحينما بدأ الطلبة الفرنسيون الأصغر سنا في اسك دورة مطلوبة في التحليل المنظماتي، كان المناخ غير مريح، حسبما قال ألان جنكينز بروفيسور مادة إدارة الأعمال ومدير برنامج دراسات الماجستير. وأضاف: «كان علي أن أجبر نفسي كي أقول: هل بإمكانك أن تعطيني هذا بالإنجليزية».

* خدمة «نيويورك تايمز»