السلطة الكردية وحملاتها ضد الكتاب العراقيين ومنهم الاكراد المختلفون..
سليم مطر
07/05/2007
من المعروف لدي جميع المتابعين لوضع الاعلام في اوروبا، ان هنالك سلطة كبيرة لاسرائيل والحركة الصهيونية علي الحالة الاعلامية والثقافية في جميع البلدان الاوروبية. ومن اكثر الطرق السائدة التي تمارسها فروع الحركة الصهيونية، لفرض سيطرتها، انها تشكل لجنة خاصة في كل عاصمة اوروبية تتكون من بضعة كتبة متفرغين مهمتهم الاولي متابعة كل ما ينشر في اعلام البلد، مما قد يمس ببعيد او قريب اسرائيل والمقدسات الصهيونية.
ويقوم هذا المكتب من خلال ما يمتلكه من علاقات مع اجهزة الاعلام، بشن حملة شعواء من التشهير والتشويه ضد كل جهة او كاتب سولت له نفسه مس اسرائيل والصهيونية ولو بكلمة واحدة، والتهمة الجاهزة هي (معاداة السامية)!

الارهاب الثقافي البرزاني

يبدو ان المشرفين علي سلطة البرزاني في اربيل قد تعلموا الكثير من هذه الفنون لمحاربة الاعلام المضاد، اولا مما اكتسبوه من سلطة البعث السابقة، ثم، وهذا هو الاهم والحاسم، ما اكتسبوه من تقنيات اعلامية قمعية جديدة ومحنكة من التجربة الاسرائيلية.
علي هذا النمط الصهيوني، قامت سلطة البرزاني منذ سنوات طويلة، بتكوين مكاتب في اوروبا وامريكا وكندا، تضم زمرة من الكتبة البوليسيين، الذين يمضون وقتهم مثل كلاب مسعورة يتشممون كل ما يكتب في الاعلام الكردي المختلف وبالذات المكتوب من قبل (اليسار الكردي العراقي خصوصا) بالاضافة الي كل ما يكتب في الاعلام العراقي والعربي في الخارج، والذي قد يختلف باي شكل كان مع سياسية سلطة البرزاني، من اجل شن حملة ارهاب وتشهير وتشويه وحبك قصص وهمية للحط من سمعة الكاتب الكردي خصوصا والعراقي عموما، الذي قد يختلف معهم بكلمة واحدة. ان الكثير من المثقفين العراقيين والاكراد منهم، يمتلكون الشهادات علي معاناتهم من حرب الاعصاب المدمرة هذه. وهنالك تهم جاهزة اقلها العمالة لسلطة البعث والتبعية للمخابرات الفلانية وحبك القصة الاخلاقية، وغيرها من الامور التي ليس لها اي علاقة بالكتابة وحرية الراي والحوار الديمقراطي، وهي امور يعاقب عليها القانون وترفضها الاخلاق، في كل مكان وزمان.
اما اخوتنا المثقفون في داخل الوطن، في بغداد بالذات، فانهم يتهامسون برعب عن سيف البرزاني المسلط علي رؤوسهم، بجانب سيوف ارهابية عديدة. ليس هنالك كاتب عراقي واحد يعيش في بغداد يتجرأ ان يكتب كلمة واحدة تختلف عن سياسة القيادات الكردية المتسلطة. والجميع يعرفون، ان الكثير من الصحافيين العراقيين الذين يعتقد ان اغتيالهم قد تم من قبل اطراف ارهابية اسلامية، هم بغالبيتهم في الحقيقة ضحايا اطراف سياسية حاكمة ومن اشرسها القيادة البرزانية التي لا ترحم ولا تسامح اية زلة قلم!
اما خارج الوطن، فان من اهم اساليب هؤلاء الكتبة البوليسيين، هي استخدام اسماء متعددة لكتابة المقالات التهجمية وارسال الايميلات الشخصية المهددة. فتارة باسم مسيحي او شيعي او سني او كردي، من اجل الايحاء ان تشويه سمعة هذا الكاتب لا يقوم بها انصار البرزاني وحدهم، بل العديد والعديد من المثقفين العراقيين من مختلف الفئات والطوائف!!
طبعا هؤلاء الكتبة المأجورون، لا يقومون بالمهمة وحدهم، بل هنالك مواقع اخبارية وثقافية عراقية عديدة تابعة لهم، وهي تمارس نشاطها تحت يافطات وطنية وثقافية عراقية، بعض هذه المواقع تدعي انها صوت العراق وبعضها تدعي التعبير عن الكاتب العراقي، بل بعضها تدعي انها اخبار البصرة، ومواقع اخري عديدة، يكفي مراجعة بسيطة لنشرياتها لكي نكتشف بكل جلاء تبعيتها للتيار القومي العنصري البرزاني، وهي عادة مليئة بمثل هذه المقالات التهجمية واللاأخلاقية وباسماء حقيقية ووهمية.

انا.. العدو رقم واحد للشعب الكردي!!

ان اعضاء هذه الشرطة الثقافية البرزانية، حالهم حال كل الشرطة الثقافية في كل زمان ومكان، يبحثون عن لقمة عيشهم وتسهيل شغلهم من خلال البحث عن الحلول السهلة والتهم الجاهزة والاعداء المحددين الذين ترمي عليهم كل جرائم الكون. وقد تم اختياري انا شخصيا، ومنذ اعوام، من قبل هذه الاجهزة، لاكون (العدو رقم واحد للشعب الكردي)، حتي اكثر من صدام! ولو ذهبتم الي مواقع الانترنت لوجدتم عني العشرات وربما المئات من المقالات التشهيرية في الصحف والمواقع القومية الكردية العراقية والسورية والتركية والايرانية، بالعربية وباللغات الكردية السورانية والكرمنجية، التي فيها من الحكايات والتهم العجيبة الغريبة عن حياتي، لو عرف بها هتلر شخصيا لأصابته الغيرة! علما باني حتي الآن لم اكتب كلمة واحدة تدعو لممارسة العنف لا ضد الاكراد ولا ضد اي انسان. فأنا لمن لا يعرفني من انصار (فلسفة غاندي السلمية) ومن (انصار الكفاح الشعبي السلمي). ولكن جريمتي الكبري بالنسبة لهذه الشرطة الثقافية، اني كنت منذ اواسط التسعينات من اوائل الذين كتبوا وشرحوا ونبهوا واصدروا المقالات والكتب حول خطر الطروحات القومية، العروبية منها والكردوية. وقد اثبتت الاعوام الاخيرة صحة جميع تحذيراتي وتوقعاتي عن خفايا المشاريع القومية العنصرية الكردوية. وقد جعلت الاعوام الاخيرة الكثير من المثقفين العراقيين الذين كانوا يتهمونني بالمبالغة في طروحاتي، يتفقون معي، بل بعضهم اتصل بي واعتذر عن نقده لي. لكن ماذا نعمل، بعد ان وقع الفاس بالراس، فهذه هي مشكلتنا نحن ابناء النخب الثقافية والسياسية العراقية، نظل نلهث وراء الاحداث، ونخشي كل من يحاول ان يدرس خفايا الامور ويستشرف تطورات المستقبل!!

غرور القوة، فخ نهاية الدكتاتوريين..

ان القيادة القومية البرزانية، مثل كل القيادات الدكتاتورية التي تغتر بالسلطة وبقدرتها علي الهيمنة، فتصاب بثمالة الجبروت، وتعتقد ان التخمة والسمنة دليل الصحة والقوة، فيستولي عليها بالتدريج الشرهون والمخادعون والمعدومو الضمير، ويستشري في اجهزتها الانحطاط، وتميل الي حلول القمع وتدمير المخالفين لان الحوار يخيفها ويفضحها.
ومن الامثلة الاخيرة لسلوكيات هذه الزمر المكلوبة، حملاتهم الشعواء ضد المواقع العراقية الرافضة للدخول في (بيت الطاعة) البرزاني، مثل تلك الحملة الدائمة ضد موقع (كتابات)الثقافي الديمقراطي الذي يعتبر واحدا من اكثر المواقع الثقافية العراقية انتشارا وتاثيرا. اما اشد الحملات الشعواء فهي تجري منذ اسابيع ضد موقع (الحوار المتمدن)، وهو موقع يساري عراقي له شعبية واسعة بين الكتاب اليساريين في العالم العربي. ولم يشفع لهذا الموقع انه طالما تبني الدفاع عن قضايا قومية كردية كثيرة، وان المشرف عليه مثقف كردي عراقي اصيل هو (رزكار عقراوي). لكن جريمة هذا الموقع انه يسمح للمقالات النقدية الفاضحة للقيادات القومية وللفساد والسلب المستشري هناك. اما (ذروة خطايا) هذا الموقع، فهي انه قام بحملة مفتوحة لجمع التواقيع بعنوان: (من اجل انسانية مدينة كركوك وتقرير مصيرها بشكل حضاري) www.rezgar.com/camp/i.asp?id=87، بما يعني هذا من رفض للفقرة (140) التي فرضها القوميون العنصريون علي الدستور العراقي، والتي تريد طرد العراقيين العرب من كركوك، وتسهيل عملية ضمها الي المشروع العنصري الانفصالي. ان هذه الحملة الجريئة التي لا زالت مفتوحة للتوقيع، كانت ضربة قاصمة لكل اوهام وخيالات وادعاءات عناصر الشرطة الثقافية البرزانية بسيطرتهم علي غالبية المثقفين العراقيين. حيث جلبت الحملة حتي الآن اكثر من (400) توقيع لمثقفين وشخصيات عراقية، فيهم العديد من الاكراد وكذلك من باقي العراقيين المتعاطفين مع الحقوق القومية الكردية، لكنهم يرفضون تلك المغالاة القومية العنصرية المستفحلة يوما بعد يوم.
ولسذاجة عناصـر الشرطة الثقافية، انهم لم يصدقوا ان يبادر موقع يشرف عليه مثقف كردي عراقي بمثل هذه الحملة التي جعلتهم يفقدون رشدهم وينتفون شعرهم، فلم يجدوا غير تفسير واحد مضحك: ان هذه الحملة لا بد ان تكون من تدبير (سليم مطر) و(علي ثويني) (اعداء الشعب الكردي وعملاء صدام وحلفاء الشيطان واعضاء الماسونية العالمية.. الخ.. الخ..)!
لنفضح ونرفض التعاون

ان الضمير الثقافي والانساني يفرض علي كل المثقفين والسياسيين العراقيين، والاكراد منهم خصوصا، التدخل بكل الامكانات لدي قيادة البرزاني من اجل تغيير هذه السياسة القمعية اللااخلاقية التي تسلط سيف الارهاب علي الكاتب العراقي، اسوأ بكثير من سيف الارهاب الذي كانت تسلطة سلطة صدام علي الكتاب المختلفين.
ان التطرف البرزاني بسياسة القمع والتشويه التي تجاوزت كل الحدود، جعلت المثقفين العراقيين، حتي البعيدين منهم عن السياسة، وحتي المتعاطفين منهم مع تاريخ الحركة البرزانية، يتمردون علي هذه الاساليب القمعية الحمقاء، ويشرعون باعلاء صوتهم الرافض لمثل هذه الممارسات التشهيرية المنافية لكل قيم الديمقراطية والضمير الحي.
هنالك موجة ثقافية متصاعدة من الاصوات الضميرية شرعت تطالب المثقفين العراقيين (اكرادا وغيرهم) بسحب اسمائهم ونصوصهم من تلك المواقع البوليسية البرزانية التي تحتمي باسمائهم من اجل ممارسة سياستها القمعية البوليسية ضد اخوتهم.
آن الاوان ان تسود بين المثقفين العراقيين الاخلاق الانسانية والديمقراطية الحقيقية والمتفق عليها في كل انحاء العالم المتمدن، والتي تفرق بين حرية التعبير الديمقراطي من ناحية، وحرية التشويه والقمع والقذف بحق المختلفين، من ناحية ثانية.
نعم.. لقد آن اوان المثقفين العراقيين، قبل مطالبة الدولة بان تكون ديمقراطية واخلاقية، ان يكونوا هم انفسهم من الرافضين الحقيقيين لكل تهاون وتعاون مع المعادين للديمقراطية وللاخلاق الانسانية ومبادئ الحرية. وليكن رفضـنــــا وادانتنا وفضحنا للسلوكيات المنحطة لمواقع وكتبة القمع الثقافي البرزانية، بداية حقيقية لخلق سلوكيات ثقافية عراقية وطنية وانسانية تحترم الانسان والكلمة الحرة النبيلة.

ہ كاتب وباحث عراقي مقيم في جنيف