السلام عليكم أيها الكرام وكل عام وأنتم بخير وأبارك لكم أيها الأخوه بهذا الشهر الكريم .
وأوردلكم
نشأة الصلة بين أمير المؤمنين الإمام على عليه السلام وقبيلة همدان إلى ما أجمعت عليه المصادر التاريخية من أن علياً عليه السلام قدم إلى اليمن ليدعو أهله إلى الإسلام ففتح الله على يديه فأسلمت همدان كلها على يده في يوم واحد، فتوثقت بينهم الصلة من ذلك الحين وكان وفدهم أول من قدم المدينة المنورة مهنئاً ومبايعاً للإمام علي عن تولية الخلافة وكان من بينهم الشاعر رفاعة بن وائل الهمداني حيث أنشد قائلاً.

نسير إلى علي ذي المعالي *** بخير عصابة يمن كرام
كريم لا يراع إذا أريعت *** قلوب الناس في يوم الصدام

وقد جرت مناصرة همدان للإمام على ولأهل بيته بعد ذلك كثيراً من الويلات عليها. إذ ناصبهم الأمويين وولاتهم العداء، والحقوا بهم الأذى حيثما وجدوا، ولم تقف نقمتهم على همدان العراق بصفة خاصة وإنما شملوا بها من بقي في اليمن منهم، فسار إليهم " بسر بن أرطاة " وأغار عليهم في ديارهم فقتل منهم خلقاً كثير، ثم أمر جيشه بسبي نساؤهم.
ولعلى خيرما يفصح عن ولاء همدان وانتصارها لآل البيت، ما جرى على ألسنة شعرائها من ضروب التعبير عن وهذا الولاء، إذ أنهم لم يتركوا منا سبة تمر دون أن تنطلق ألسنتهم.
وبعد أن استعرت الخصومة بين معاوية والإمام على عليه السلام، أنبرى شعراء همدان يدافعون عن حق الأمام على في الخلافة، وإنهم ليجادلون ويناظرون خصومه، يسوقون الأدلة والحجج على حق إمامهم، ويدفعون عنه ما أثاره الأمويين حوله من التهم.
لذلك لا نكون مبالغين إذا قلنا أن شعراء همدان كان لهم فضل السبق في إثارة هذا اللون من شعر الحجاج والمناظرات.

مشاركة همدان في معركة الجمل:
خرج أهل الكوفة على راياتهم حين أنتدبهم الأمام على بن أبي طلب عليه السلام لنصرته في وقعة الجمل وخرجت فيهم همدان ورأيتها يومئذ لسعيد بن قيس الهمداني ومعه من أشراف قومه وفرسانها: يزيد بن قيس الأرجي، ومالك بن كعب الأرجي، وسعيد بن نمران، والحارث الأعور وقوم من بكيل وشبام".
وحين بدأت وقائع القتال في يوم الجمل، وحمي وطيسها، التف الهمدانيون حول الأمام على ووقفوا بين يديه يفتدونه بأنفسهم، فقتل على رأيته يومئذ عشرة فيهم خمسة من همدان وخمسة من سائر اليمن، وبرز منهم فرسان في ذلك اليوم " يزيد بن قيس إذ راح يخترق الصفوف شاهراً سيفه، وإنه بين ذلك ليضرب به وجوه الأزد وضبة فيكشفهم عن مواقفهم وهو يرتجز:
قد عشت يا نفسي وقد حييت ** * دهراً فقدك اليوم ما بقيت
وانتهت وقعة الجمل بانتصار الأمام علي وهمدان.

شعراء همدان وأخبارها

مشاركة همدان في معركة صفين:

ربما كان دور همدان في صفين من أبرز معالم تاريخها في الإسلام، حتى أنه ظل من مفاخر أبنائها وشعرائها زمناً طويلاً، إلا أن هذا الدور صار نقمة عليها فيما بعد من جانب الأمويين وأشياعهم. وقد بدأ هذا الدور منذ نزل الإمام على بن أبي طلب عليه السلام بالكوفة ومنذ بدأ يعد العدة للقاء أهل الشام. فأنتدب من همدان رجالاَ اضطلعوا بالدعوة له بين الناس والحض على الانتصار له، وجادت له همدان يومئذ برجالها ومالها، فكانت في طليعة القبائل التي أعلنت بين يديه ولاءها ونصرتها ومؤازرتها. فهذا أحد رؤسائها وهو يزيد بن قيس الأزجي يعلن بين يديه أن قومه من همدان على جهاز وعدة، وأكثر الناس أهل قوة، بل إنه ليدفع به إلى القتال دفعاً حين يقول له: يا أمير المؤمنين، إن أخا الحرب ليس بالسؤوم النؤوم، ولا من إذا أمكنته الفرص أجلها واستشار فيها ولا من يؤخر حرب اليوم إلى غد وبعد غد. فمر مناديك فلينادي في الناس وأشخص بنا إلى هذا العدو راشداً معنا
.
فدعا أمير المؤمنين أحد رجال همدان وهو الحارث الأعور وأمره أن ينادي في الناس ، فكان أول من أجابه سعيد بن قيس الهمداني وهو سيد همدان بالكوفة وصاحب رأيتها ، فقال : يا أمير سمعاً وطاعة ، وأنا أول من أجاب ما طلبت ، وكان سعيد بن قيس أحد الخمسة الذين أشاروا على أمير المؤمنين الإمام على علية السلام بالمسير إلى الشام .

ووقف سعيد بن قيس وخطب الناس خطبة أطال فيها وأحسن، إذ بين للناس موطن الحق فيما هم مقبلون عليه، ودافع عن أمير المؤمنين خير دفاع إذ بين وجه الباطل فيما يدعيه أعداؤه ويفترونه عليه، ثم راح يبث الحماسة في قلوب الجيش ويوصي بالصبر ويحث على طلب الشهادة.
وتلاه من خطباء همدان يزيد بن قيس الأزجي فكان مما قاله في ذلك اليوم: أن هؤلاء القوم - أراد معاوية وشيعته - والله ما إن يقاتلونا على إقامة دين رأونا ضيعناه ولا إحياء عدل رأونا أمتناه، لا يقاتلونا إلا على إقامة الدنيا ليكونوا جبابرة فيها وملوكاً لو ظهروا عليكم، فقاتلوا عباد الله الظالمين الحاكمين بغير ما أنزل الله.... في كلمة طويلة له.
وفي صفين بدأ أمير المؤمنين في تعبئة صفوفه وتأمير الأمراء، فدفع بالرايات إلى أصحاب الفضل والصبر فكان سعيد بن قيس على همدان وحمير في الميمنة وكانت راية أمير المؤمنين مع عمرو بن الحارث الهمداني.

وتعد وقعة الماء أول وقائع صفين، بعد أن غلب أهل الشام على الفرات ومنعوا أهل العراق منه، فاندفع هؤلاء إلى قتالهم حتى أجلوهم عنه، وشاركت همدان في وقعة الماء إذ أندفع فرسانها وحماتها يقاتلون دونه.


همدان في صفين :


ويعجب شاعرهم المعراء بن الأقبل من موقف أهل الشام ومنعهم الفرات من أهل العراق ، في قصيدة طويلة تعرض في تضاعيفها لمعاوية وصحبه بالسخرية تارة وبالزجر والتهديد تارة أخرى يقول.

لعمر أبي معاوية بن حرب *** وعمرو ما لدائهما دواء
أتحمون الفرات على رجالٍ *** وفي أيديهم الأسل الظِماء

حتى إذا انتهت وقعة الماء ، ونشط السفراء في الصلح بين الفرقين كان لرجال همدان جهداً واضح في هذا الميدان ، نذكر منهم سعيد بن قيس صاحب أول سفارة يومئذ، ويذكر أنه وجه كلمة بليغة إلى معاوية حذره فيها من مغبة تلك الفتنة الطاحنة ، وأنتهت جهود السفراء بين الفرقين على الإخفاق وبدأت وقائع القتال في صفين.

ودور همدان في صفين دور بارز حفظت لنا المصادر التاريخية قدراً كبيراً منه ، كشف عن بطولات فرسانهم ، وما كان يجري على ألسنتهم من الشعر .
وكان الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام قد عبأ همدان في اليوم السادس والثامن من أيام صفين لقتال أهل الشام ، فكانت في كل هذه الأيام تضرب من يقف بإزائها من أهل الشام حتى تلحقهم بقبة معاوية البيضاء . وشهدت صفين يوماً من أيام همدان العظيمة وذلك بعد مقتل الصحابي الجليل (( عمار بن ياسر )) وقد أفاضت كتب التاريخ في ذكر وقائعها في ذلك اليوم.
ويذكر أن معاوية قد أعجزته مواجهة أهل العراق ، فلجأ إلى الغدر والحيلة ، يتبع