[align=justify]
حين تتجول في شوارع مدينة العمارة العراقية الجنوبية لابد من ان يجذبك منظر العشرات من النساء اللواتي يتسولن في شوارع المدينة، وما يضيف قسوة لهذا المنظر هو مشاهدة الأطفال وهم يتجولون حول أمهاتهم وهم يتوسلون المارة وسواق الأجرة على أن يعطفوا عليهم ويدفعوا بعض الاوراق النقدية لهم


هذه الظاهرة لم تكن موجودة في الشارع الميساني وكنا نشاهد بعض العجزة او المجانين هم فقط من يتسولون.فهناك العديد من الأطفال كانوا يتجمعون قرب الأشارات المرورية وفي الأسواق عرفت أنهم أطفال النسوة المتسولات بعضهم مازال رضيعا فيحمل على أكتاف الأم وهي تتنقل والذين بعمر ثلاث سنوات واكبر من ذلك بدأوا يتسولون من المارة بتلابيبهم ويتكلمون بكلمات تقشعر لها الأبدان مثل: (أبوي قتله الارهابيين ببغداد واحنه مهجرون وماعدنا عشاء) أو ( أبوي ميت. وأمي مشلولة وكلتلي روح جيبنه غداء) ويبكون قربهم وفي احيان أخرى يدخلون الى المحال ويقبلون أصحابها.أحدهم وأسمه فؤاد قال انا لم ادخل المدرسة أبدا ومنذ كنت صغيرا وجدت أمي تستجدي في الحي الصناعي وقرب الأسواق ووجدت أن بهذه الطريقة يمكن الحصول على المال بيسر وأضاف: أمي الآن امرأة عجوز وليس لدينا من يعيلنا لذا أجبرت شقيقاتي على الخروج وتلقيط رزقهن ممن يساعدون الفقراء وحين سألته عن حالتهم المادية قال: نحن نعيش بوضع مادي ضعيف وأبي قتل وتركنا صغاراً بين أحضان أمي ولم نجد من يساعدنا وحتى الأقارب تخلوا عنا. ودعت فؤاد الذي نزلت الدموع من عينيه ولكن كلمته الأخيرة بقيت ترن في أذني: ( عمو أذا كان لديك عمل فسوف أعمل معك).وفي الحي الصناعي وسط العمارة ، سرت خلف بنت تضع (البوشي) على وجهها كانت البنت تدخل الى محل وتخرج من محل آخر تقف قرب الرجال تكلمهم و تتوسلهم بان يعطفوا على حالتها بعض الشباب كانوا يسخرون منها والبعض الآخر يتغزل بجمالها ،سمعت احدهم يقول لها: أشاهد وجهك وأعطيك الف دينار. ولكنها امتنعت وذهبت الى آخر.وحين اقتربت منها وقلت لها أنني أريد أن أتكلم معك وأعطيك المال تركتني وذهبت وهي تحرك يديها باستهزاء.أمرأة تبيع الشاي في الحي الصناعي اسمها أم عبد سألتها عن المتسولات فقالت:اغلب البنات (المجديات) من عوائل مسحوقة وليس هناك من يقدم لهذه العوائل يد المساعدة فيلجأن الى أستجداء الناس والحصول على المال من أولاد الحلال وأضافت بعض النساء يستجدين ويجلبن النقود من اجل أن يأكلن بها من بسطيتي وهذا يعني أنهن لا يأكلن في بيوتهن. قلت لأم عبد لماذا أغلب أطفال المتسولات يغطون في نوم طويل؟. فأجابت: ليس من السهل ان يتركن الأطفال في البيوت لأنهم سيحتاجون الى رعاية وهذه غير موجودة في بيوت المتسولات في الأغلب ومن اجل ان لا يسببوا لهن مشاكل مثل البكاء او أرتكاب حماقات تقوم المتسولات بأعطاء الأطفال جرعات من شراب منوم و هذا الشراب يجعل الأطفال يغطون في نوم طويل على أكتاف النساء وهن يستجدين. قلت انه بداية الأدمان أذن. الانسة رشا جبوري مسؤولة منظمة نساء من اجل السلام فرع ميسان سألناها عن هذه الظاهرة الغريبة عن المجتمع الميساني وماهي الأسباب التي ادت الى كثرة تسول النساء في مجتمع محافظ فقالت حول هذه الظاهرة: لقد ادت الحروب التي تسبب بها الدكتاتور الى ان تتحمل بعض النسوة مسؤوليات عوائلهن وهذه المسؤولية تجعل الكثير من النساء من ذوات الوعي المحدود والتحصيل العلمي البسيط الى الاعتماد على اسهل الطرق في الحصول على المال ومن هذه الطرق التسول وهي ظاهرة تحط من قيمة المرأة ولم يكن لها وجود في المجتمع الميساني بسبب الطبيعة العشائرية لهذا المجتمع والألتزام الديني الذي يمنع المرأة من ان تعرض نفسها امام الغرباء. واضافت: من الضروري ان تهتم الحكومة في محاربة ظاهرة تسول النساء ويجب التعرف على مشاكلهن عن قرب ووضع الحلول التي تحمي كرامة النساء ولا تجعلهن اشبة بالبضاعة بين يدي أصحاب الأموال.أما عبد الحسين داغر مسؤول لجنة الرعاية الأجتماعية في مجلس محافظة ميسان فتكلم عن الأجراءات الحكومية بهذا الخصوص قائلاً: أن ظاهرة تسول النساء من أبشع الظواهر في مجتمعنا وقمنا كمجلس محافظة بأصدار قرار يمنع تسول النساء وطالبنا الجهات التنفيذية بتطبيق هذا القرار ولكنهم لم يطبقوه ولم نعرف الأسباب. وعن اسباب عدم ضم اولئك النسوة الى شبكة الرعاية الأجتماعية.قال (داغر): ان شبكة الرعاية الأجتماعية في ميسان شملت (15) الف مواطن ولكنها طبقت بصورة سيئة فالمسأولون التنفيذيون للمشروع أختاروا هذه ألأسماء بعجالة وبلا ضوابط رقابية وهناك الكثير من الخروقات في هذا البرنامج ويجب اعادة النظر به وبمبلغ الراتب وأضاف:..أعود لسؤالك فالمتسولات لا يقبلن براتب شبكة الحماية ال (50) الف دينار لأن كل واحدة منهن تحصل يوميا على (100) الف دينار فما فوق وهن في الأغلب لسن بحاجة الى المال ولكنهن امتهن هذه الوسيلة بالعيش وهناك نساء بوضع معاشي سيئ ولكن لا يتسولن وسبق لمجلس المحافظة ان زارهن الى منازلهن وقدم لهن العديد من المساعدات.

تحقيق :عصام حاكم [/align]