الترجمة العربية الكاملة للنص الإنجليزي





صدام حسين
جرائمه وانتهاكاته لحقوق الإنسان




تقرير عن التكلفة الإنسانية لسياسات صدام
من إعداد وزارة الخارجية والكومنويلث





المحتويات

صفحة
المقدمة 3
التعذيب 4
معاملة النساء 7
الأوضاع في السجون 8
القتل التعسفي والإعدام بدون محاكمة 10
اضطهاد الأكراد 12
اضطهاد الشيعة 15
ملاحقة المعارضة خارج العراق 16
احتلال الكويت 17
الخاتمة 18


الملاحق:
الملحق واحد: أساليب التعذيب 19
الملحق اثنان: كيف أضرت أفعال صدام بالمسلمين 20
الملحق ثلاثة: قائمة بالإعتداءات باستخدام الأسلحة الكيماوية 21









صدام حسين:
جرائمه وانتهاكاته لحقوق الإنسان






"يتركز صراعنا مع صدام حسين، لا مع الشعب العراقي. إنهم يستحقون الأفضل. العراق بلد يضم شعبا يتمتع بمهارات كبيرة، بلد غني وناجح بمصادر ثروته الطبيعية. نريد أن نرحب بعودة العراق إلى المجتمع الدولي. نريد أن يكون الشعب حرا ويعيش حياة هانئة دون التعرض لقمع وتعذيب صدام." رئيس الوزراء توني بلير، مؤتمر النقابات العمالية، 10 سبتمبر 2002




المقدمة

العراق بلد مرعب لمن يعيش فيه. يعاني الشعب من خوف دائم من اتهامهم بأنهم معارضون للنظام. يتم حثهم على الإبلاغ عن نشاطات أفراد أسرهم وجيرانهم. بإمكان قوات الأمن أن تهجم في أي وقت. الإعتقال والقتل التعسفي شائع جدا. وقد هرب ما بين ثلاثة وأربعة ملايين عراقي، يمثلون حوالي 15% من إجمالي الشعب العراقي، من بلدهم بدل أن يعيشوا تحت حكم نظام صدام حسين.

هذه الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ليست من عمل أفراد متحمسين، بل هي سياسة متعمدة يتبعها النظام. الخوف هو وسيلة صدام المختارة للبقاء في الحكم.

يصف هذا التقرير، الذي يعتمد على شهادات العراقيين في المنفى والأدلة التي جمعها مقررون من منظمات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان ومواد استخبارية، التكلفة الإنسانية لتحكم صدام حسين بالعراق. وهو يبحث على التوالي في موضوع سجل العراق حول التعذيب، ومعاملة النساء، والأوضاع في السجون، والقتل التعسفي والإعدام دون محاكمة، واضطهاد الأكراد والشيعة، وملاحقة على رموز المعارضة خارج العراق، واحتلال الكويت.

لقد أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واللجنة الدولية لحقوق الإنسان مرارا وتكرارا، وطوال عدة سنوات، سجل حقوق الإنسان في العراق. لكن العراق مستمر بالإزدراء بقرارات مجلس الأمن وتجاهل التزاماته الدولية تجاه حقوق الإنسان. وقد قامت اللجنة الدولية لحقوق الإنسان، في 19 إبريل 2002، بالموافقة على قرار يلفت الإنتباه إلى "انتهاج حكومة العراق للإنتهاكات الواسعة الإنتشار والخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، مما أدى لأن يعم قمع وظلم قائم على قاعدة عريضة من التفرقة وإرهاب واسع الإنتشار."


حال صدام حسين طوال 10 سنوات دون السماح بدخول محققين من الأمم المتحدة معنيين بحالة حقوق الإنسان في العراق. إلا أن أندرياس مافروماتيس، المقرر الدولي الخاص في الوقت الراهن، تمكن في شهر فبراير 2002 من القيام بزيارة قصيرة للعراق. وقد رافقه مسؤولون عراقيون في كل مكان خلال برنامج زيارة محدود بشكل مقيد. يبقى أن نرى ما إذا كان سيتمكن من العودة إلى العراق للإستمرار بمهمته، وما إذا كان سيسمح له بالتحرك دون قيود ليقوم بتقييم شامل ومستقل حول وضع حقوق الإنسان في العراق. مازال العراق يرفض السماح لمراقبي حقوق الإنسان الدوليين العمل بالعراق، متحديا بذلك طلبات الأمم المتحدة.



التعذيب

التعذيب منهجي في العراق، وكبار رموز النظام شخصيا ضالعون بالتعذيب.

يحكم صدام حسين العراق مع أفراد مقربين من عائلته وعدد من شركائه، يأتي أغلبهم من مسقط رأسه تكريت. هؤلاء هم الوحيدون الذين يشعر بأنه يثق بهم. وهو يسيطر بشكل مباشر على الخدمات الأمنية، وتتغلغل سيطرته هذه، من خلالهم ومن خلال شبكة كبيرة من حزبه، عميقا في المجتمع العراقي. وتنحصر المسؤولية الحقيقية بيدي صدام والدائرة المحيطة به مباشرة. صدام هو رئيس الدولة، ورئيس الحكومة، وقائد الحزب السياسي الوحيد في العراق، وقائد القوات المسلحة.

يرأس صدام مجلس قيادة الثورة الواسع النفوذ، والذي يسن القوانين والمراسيم ويسيطر على جميع المؤسسات الأخرى بالدولة. العديد من المراسيم الصادرة عن مجلس قيادة الثورة تعطي الأجهزة الأمنية كامل الصلاحية لإخماد المنشقين دون التعرض للمحاسبة القانونية. فالمرسوم الصادرعن مجلس قيادة الثورة في 21 ديسمبر 1992 يضمن الحصانة لأعضاء حزب البعث الذين يتسببون بأضرار للممتلكات والإيذاء الجسدي أو حتى الموت أثناء ملاحقتهم لأعداء النظام.

راجع الصورة في الأصل الإنجليزي ص 5

وقد أصدر صدام حسين، من خلال مجلس قيادة الثورة، سلسلة من المراسيم تقر عقوبات قاسية (البتر، الكي، قطع الآذان أو غيرها من أشكال التشويه) لإرتكاب الجرائم. وأقر مجلس قيادة الثورة في منتصف عام 2000 قطع اللسان كعقوبة جديدة للتشهير أو إطلاق ملاحظات مهينة في حق الرئيس أو عائلته. تطبق هذه العقوبات بشكل أساسي على المنشقين السياسيين. وقد بث التلفزيون العراقي صورا من هذه العقوبات كتحذير للآخرين.

تبعا لتقرير منظمة العفو الدولية الذي نشر في شهر أغسطس 2001، "تنتهج أساليب التعذيب ضد المعتقلين السياسيين، ودرجة وشدة التعذيب في العراق تنجم فقط عن الموافقة على استخدامه على أعلى المستويات." وقد تلقت منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان طوال سنوات الآلاف من التقارير حول التعذيب، والتقت العديد من ضحايا التعذيب.

على الرغم من أن القانون العراقي يحرم ممارسة التعذيب، لم ينم إلى علم الحكومة البريطانية ولا حالة واحدة تتعلق بتقديم مسؤول عراقي متهم بعمليات تعذيب إلى المحاكمة.






عائلة تعرضت للتعذيب: قضية أثيرت أمام وزارة الخارجية والكومنويلث تم نقل أسرة اعتقلت في أواخر عام 2000 إلى مركزين منفصلين للتحقيق ضمن مباني الحرس الوطني الواقعة على الطريق المؤدية إلى أبو غريب. تم احتجاز الزوج في أحد المراكز، بينما احتجزت الزوجة والأولاد في مركز مخصص للنساء. تم التحقيق مع الزوج والزوجة تحت ضغط التعذيب حول قيام الزوج ببيع سيارة قال المحققون بأن قوات الأمن العراقية قد استولت عليها أثناء مداهمتهم لمقر معارضين عراقيين. وقال المحققون لكل من الزوج والزوجة بشكل منفصل بأنهم سيتوقفون عن عملية التعذيب إذا ما وقعا على اعترافات تقر بتعاونهما مع المعارضين. إلا أنهما رفضا. خلعت ملابس الزوجة عنها لتصبح عارية وتم إطفاء السجائر في جميع أنحاء جسدها كلما رفضت أن تورط زوجها. تم ضربها وحذفها في أنحاء غرفة التحقيق. وأجبر أولادها على مراقبة التعذيب. أطلق سراحها في النهاية بعد إبلاغها أن زوجها سوف يستمر بالتعرض للتعذيب إلى أن تعود للإعتراف. تم اعتقالها مرة أخرى بعد أسبوعين، وتكرر معها نفس أسلوب التعذيب لتصبح مهشمة نفسيا. أثناء التحقيق مع الزوج، ربطت ذراعاه خلف ظهره ثم تم تعليقه في الهواء باستخدام خطاف يتدلى من السقف. سبب له هذا ألما شديدا حيث أن عضلات وروابط كتفيه قد تمزقت. وبعد مدة دخل المحققون الغرفة وأنزلوا الزوج عن الخطاف وأجلسوه على كرسي في منتصف الغرفة. ثم تم إطلاق النار عليه عن قرب باستخدام مسدس كلما رفض التوقيع على اعترافه. في بعض الأحيان أخطأت الطلقات جسده، وفي أحيان أخرى تم وضع فوهة المسدس على أصابع يديه وأصابع قدميه أو على ذراعيه وأطلقت النار عليها لبترها.وجرت تحقيقات طوال الأسبوعين التاليين على فترات متقطعة، كانت تعقب فترات حرمان من الطعام والماء. وفي النهاية دفع أفراد أسرة الزوج والزوجة رشوة لضابط مخابرات عراقي وتم إطلاق سراح كل من الزوج والزوجة، حيث هربا بالتالي من العراق.





عدي صدام حسين هو الإبن الأكبر لصدام حسين. تم اتهامه مرارا بسلسلة من حالات اغتصاب وقتل النساء صغيرات السن. احتفظ بغرفة خاصة للتعذيب، تعرف باسم "الغرفة الحمراء"، تحت ستار منشأة للكهرباء في مبنى على ضفة نهر دجلة. قام شخصيا بإعدام منشقين في البصرة أثناء الإنتفاضة التي أعقبت حرب الخليج في شهر مارس 1991. وفي إحدى أشهر حوادث التعذيب الجماعي، أمر عدي حسين بضرب أفراد منتخب كرة القدم الوطني بالخيزران على أقدامهم بعد خسارتهم في مباراة تأهيل لكأس العالم. وباعتباره عضوا في مجلس الأمن القومي، فإنه يتولى مسؤولية القيادة عن جميع الجرائم التي ارتكبت بتصريح من ذلك الجهاز أو بموافقته. (من حملة مقاضاة مجرمي الحرب في العراق – Indict وغيرها من المصادر)


هناك دليل ملموس على أن النظام العراقي يعذب الأطفال. ففي شهر يونيو ذكر جون سويني، مراسل هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، في تقرير له أثناء زيارته لمنطقة الأكراد الآمنة في شمال العراق قصة علي، وهو عراقي كان يعمل لدى ابن صدام حسين عدي. فبعد مرور وقت على محاولة اغتيال عدي التي تم إفسادها، وقع في دائرة الشك. فهرب إلى الشمال، تاركا وراءه زوجته وابنته البالغة من العمر عامين. فأتت الشرطة السرية لزوجته، وعذبوها لتقر بمكان وجود علي. وعندما لم ترشدهم عن مكانه قاموا بتعذيب ابنتها بمحاولة سحق قدميها. وعندما التقى جون سويني علي وابنته بعد عامين كانت لا تزال تعرج. خشي علي أن تكون ابنته قد أصبحت معوقة مدى الحياة.

كما التقى السيد سويني بستة شهود آخرين في شمال العراق لديهم خبرة مباشرة مع تعذيب الأطفال، بما في ذلك فردا آخر من منفذي قرارات صدام - وهو الآن مسجون في سجن كردي - حيث أخبره بأن باستطاعة المحقق أن يفعل أي شيء. "باستطاعتنا أن نصنع كباب من الطفل إن أردنا ذلك" كما قال للسيد سويني وهو يضحك بسره.

قصي صدام حسين هو الإبن الأصغر لصدام. باعتباره رئيسا لأجهزة الأمن الداخلي العراقية فقد سمح وشجع على الإستخدام المتواصل للتعذيب في العراق، بما في ذلك الإغتصاب والتهديد بالإغتصاب. (المصدر: حملة مقاضاة مجرمي الحرب في العراق)



معاملة النساء

تفتقر النساء تحت نظام صدام حسين إلى حتى أبسط حق بالحياة. فيوجد مرسوم صدر عام 1990 يعطي الأقارب من الرجال الحق بقتل قريبة من النساء تحت ذريعة الشرف دون أن يعاقبوا.

تتعرض النساء للتعذيب وسوء المعاملة وأيضا للإعدام دون محاكمة في بعض الحالات وفقا لمنظمة العفو الدولية. تم اعتقال سعاد جهاد شمس الدين، طبيبة تبلغ من العمر 61 عاما، في 29 يونيو 1999 للشك بأن لها اتصالات مع جماعات إسلامية شيعية. تم ضرب أقدامها أثناء جلسات التعذيب المنتظم قبل إطلاق سراحها دون إدانة أو محاكمة في 25 يوليو 1999.

وتستلم منظمات حقوق الإنسان وجماعات المعارضة باستمرار تقارير عن نساء عانين من صدمة نفسية بعد تعرضهن للإغتصاب من قبل أفراد عراقيين أثناء حجزهن. اغتصاب السجينات السياسيات يمثل جزءا من سياسة النظام، كما هو موضح في المربع أدناه.

مغتصب محترف بطاقة موظف حكومي تابعة لعزيز صالح أحمد، يعرف بأنه "مقاتل في الجيش الشعبي" و"نشاطه" هو "الإعتداء على شرف النساء" (أي مغتصب محترف). (المصدر: مشروع البحوث والتوثيق العراقي، جامعة هارفارد)


بموجب تقرير من منظمة العفو الدولية، تم قطع رؤوس عشرات النساء المتهمات بالبغاء دون خضوعهن لأي إجراءات قضائية، وكذلك الحال بالنسبة للرجال المتهمون بالقوادة. وتم اتهام العديد من الضحايا مرارا لأسباب سياسية ولم يكن لهن أي ضلوع بالبغاء. وقد شهد ممثلون عن حزب البعث والإتحاد النسائي العام العراقي عمليات القتل التي يقوم بها فدائية صدام (المليشيا التي أسسها الإبن الأكبر لصدام حسين، عدي حسين، عام 1994) باستخدام سيوف لقطع رؤوس الضحايا أمام منازلهن.

قام النظام العراقي بمصادرة متعلقات نضال شيخ شلال وزوجها، وتم طردهما من منزلهما. فصلت هي من وظيفتها الحكومية وسجن زوجها لمدة أربعة شهور وتعرض للتعذيب على أيدي المخابرات العسكرية العراقية. وفي 18 أكتوبر 2002 أخبرت الحاضرين في اجتماع لنادي الصحافة الوطني في واشنطن عن وضع المرأة في العراق.

قُطعت رأس نجاة محمد حيدر التي كانت طبيبة ولادة بتهمة ممارسة الدعارة كما أوردت منظمة العفو الدولية. وكان إعدامها عارا كبيرا حتي بالمعايير العراقية. فلم يكن هناك دليل يدعم إتهامها بهذه التهمة كما أنه قيل أنها قُبض عليها قبل إدخال تطبيق عقوبة قطع الرأس على من تمارسن الدعارة حيز التنفيذ. وكان السبب الحقيقي وراء موتها هو إنتقادها لحالة الفساد المتفشية في قطاع الرعاية الصحية العراقي.





"فقدت المرأة العراقية أحبائها - الأزواج والإخوان والآباء،" كما قالت شلال. "تحملت المرأة العراقية التعذيب والقتل والإحتجاز والإعدام والنفي، تماما كالآخرين في المجتمع العراقي، على أيدي عصابة صدام حسين المجرمة."

"تم قطع رؤوس العديد من النساء في العلن بالشوارع تحت ذريعة كونهن كاذبات، بينما هن بالحقيقة ينتمين إلى عائلات تعارض النظام العراقي. وقام أفراد من عصابة صدام حسين باغتصاب النساء، خصوصا المنشقات منهن. وزوجات المنشقين إما قتلن أو عذبن على مرأى من أزواجهن بغرض الحصول على اعترافات من الأزواج. تم اختطاف النساء من قبل أفراد عصابة عدي وقصي (أبناء صدام) بينما كن يمشين في الشوارع، ومن ثم اغتصبن."

وعلى المستوى الشخصي، قالت شلال بأن أخاها اعتقل في عام 1980، ولا تزال عائلتها تجهل ما حدث له. وتم إعدام عدد من أبناء عمومها، واعتقال 882 فردا من قبيلتها، قبيلة الجبور، ولا يزال مصيرهم مجهولا.




تعامل صدام حسين مع النساء منظمة العفو الدولية (2001) - قطع رأس إمرأة تعرف باسم أم حيدر في الشارع دون إدانتها أو خضوعها لمحاكمة، وكان ذلك في نهاية شهر ديسمبر 2000 بعد أن قام زوجها، وهو متهم من قبل السلطات بضلوعه بنشاطات إسلامية مسلحة، بالهروب من العراق. أخذ رجال ينتمون إلى فدائية صدام أم حيدر من منزلها في ضاحية الكرادة أمام أبنائها وحماتها، وقام اثنان منهما بالإمساك بذراعيها، بينما قام الثالث بسحب رأسها من الخلف وقطعه أمام القاطنين في المنزل. كما شهد عملية قطع الرأس أفراد حزب البعث الحاكم في المنطقة. وأزال رجال الأمن جسمها ورأسها بأكياس بلاستيكية، ثم أخذوا الأبناء والحماة. اتحاد حقوق الإنسان، فرنسا (2002) - تم اعتقال إمرأة شابة لأن زوجها رفض القتال في الحرب ضد إيران. كانت حاملا في ذلك الوقت وولدت في السجن في 3 ديسمبر 1989. "كنت أرضع طفلي، لكنهم أخذوه مني وعمره 17 يوما - لكي لا يصبح مثلي. ما زلت أبحث عنه، وليس لدي أي أخبار عنه منذ ذلك الحين." تقول هذه السيدة، والتي تعرضت أيضا لتعذيب فظيع في السجن، بأنها لا تزال تعاني من تعذيب أبدي: تعذيب ناجم عن عدم معرفة مكان إبنها.




الأوضاع في السجون

أوضاع السجناء السياسيين في العراق غير إنسانية ومهينة. الوصف التالي لأوضاع السجون مأخوذ من مصادر حكومية بريطانية.

سجن "المهجر" الواقع في كلية تدريب الشرطة في وسط بغداد كان في السابق مركزا لتدريب الكلاب البوليسية. يستوعب "المهجر" عادة من 600 إلى 700 شخص. هناك ثلاثون زنزانة تحت الأرض، وثلاثون أخرى غيرها مستخدمة كحجرات للكلاب. يضرب السجناء مرتين باليوم، وتغتصب النساء بشكل دوري من قبل سجانيهن. لا يتلقى السجناء أي رعاية طبية، لكن بعضهم صمد لغاية عام واحد في "المهجر". تم بناء خزانين كبيرين للزيوت بسعة 36,000 لتر لكل منهما قرب "المهجر". الخزانان مليئان بالوقود ومتصلان بواسطة أنابيب مع مباني السجن في "المهجر". ولدى سلطات السجن تعليمات بإشعال النار بالوقود وتدمير "المهجر" في حالة الطواريء.

"سجن التابوت" يقع في الطبقة الثالثة تحت الأرض في المقر الجديد للمديرية العامة للأمن في بغداد. يحتجز السجناء هنا في صفوف من الصناديق المستطيلة المعدنية، كما هو موجود في المشرحة، إلى أن يعترفوا بجرائمهم أو أن يقضوا نحبهم. هناك حوالي 100 إلى 150 صندوق تفتح لمدة نصف ساعة يوميا ليتعرض السجناء للنور والهواء. يتغذى السجناء على السوائل فقط.

سجن "القوطية" (العلبة) يقع في مجمع المديرية العامة للأمن في منطقة الطالبية في ضاحية مدينة صدام في بغداد. يتكون السجن من 50-60 صندوق معدني بحجم صناديق الشاي القديمة، ويحتجز بداخلها المعتقلون تحت نفس الظروف السائدة في سجن "التابوت". وهناك صنبور للماء في كل صندوق وله قاعدة من الشبك لكي يتمكن السجناء من التبرز.

لعب الجنرال عبد حمود، مدير المكتب الخاص بصدام، دورا مباشرا في الإشراف على السجون وأمنها. وقد وقع كل من صدام وهو مذكرات إعدام السجناء. وقد حفظ الأرشيف الذي يضم هذه المذكرات مخفيا ضمن منطقة الكافيتريا في الطابق الثامن من المبنى الرئيسي لوزارة الداخلية في بغداد.

في أوائل عام 1998 أعاق النظام العراقي فريق المفتشين عن الأسلحة التابعين للأمم المتحدة الذين كانوا يحاولون التحري بخصوص ادعاءات بأن العراق أجرى تجارب على السجناء باستخدام أسلحة بيولوجية في منتصف التسعينات.


سجين سياسي كردي من الإتحاد الوطني الكردستاني مفرج عنه يقص رواية عن سجن بغداد رعد قادر آغا هو عضو في الإتحاد الوطني الكردستاني. قضى ثماني سنوات في السجن. فيما يلي جزء من تقرير، بلسان رعد شخصيا، حول سجنه - نشرتها صحيفة الإتحاد الوطني الكردستاني "كردستاني نيو" في 23 أكتوبر 2002. في البداية حجزوني في غرفة ضيقة يقل ارتفاعها عن متر واحد وبنفس العرض. لا يمكنك النوم أو الوقوف فيها. بإمكانك فقط الجلوس فيها. صنعت الحجرة من لوح سميك ولها فتحة واحدة فقط في سقفها، ومن خلالها يقدمون الماء لنا. إلا أنه عند بداية التحقيقات تفقد شهيتك للطعام، عدى الماء، لأنك تكون حينئذ تحت ضغط وتوتر كبيرين. بقيت هناك مدة سبعة عشر يوما. في القطاع الرابع (من السجن) هناك عشر حجرات، جميعها مطلية باللون الأسود القاتم. وأنت داخل هذه الحجرات لا تستطيع رؤية أي شيء، ولا تدري ما إذا كان الوقت ليلا أو نهارا، حيث لم تكن هناك أية إنارة في هذه الحجرات. وليس باستطاعتك سماع أي شيء. كانت الحجرات تغص بأعداد كبيرة من القمل والجرذان. أمضيت حوالي ثمانية شهور في تلك الحجرات. كنا نتناول فقط رغيفا ونصف الرغيف من الخبز يوميا ونصف كوب من الحساء، في الحقيقة هو ليس حساء بل مجرد ماء ساخن. وفي المساء كانوا يعطونا مرق الشمندر. في يوم الخميس كانوا يزودونا بطعام يجب أن يكفي ليوم السبت. وفي المساء كانوا يفتحون الأبواب ليس لكي نخرج، بل لكي يعدوا السجناء ويروا من مات منهم ومن بقي على قيد الحياة. من المفروغ منه أن حلاقة الشعر أو اللحية أمر مستحيل، والجوع كان ظاهرة غير إنسانية أبدا. استمرت الحال كذلك لمدة أيام وشهور وسنوات. وقضى العديد من السجناء نحبهم نتيجة للجوع. ففي البداية تفقد وزنك وتصبح نحيلا وهزيلا. هذه الحالة تسبب الكثير من الألم. ثم تبدأ بفقدان الشعر. يتأثر جلدك نوعا ما. ثم تبدأ بفقدان القدرة على الرؤية والسمع."



القتل التعسفي والإعدام دون محاكمة

تتم عمليات الإعدام دون إتخاذ إجراءات قانونية. وعادة ما يمنع الأقارب من دفن الضحايا تبعا لتعاليم الإسلام، ويحاسبون حتى على ثمن الرصاصات المستخدمة.

منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة "منظمة مراقبة حقوق الإنسان"، والمقرر الدولي الخاص حول حقوق الإنسان في العراق كتبوا تقارير عن ظاهرة قتل السجناء بغرض "تنظيف" السجون. في عام 1984 تم إعدام 4000 سجين سياسي في سجن واحد، سجن أبو غريب. وهناك ما يقدر بحوالي 2500 سجين أعدموا ما بين عامي 1997 و 1999 في حملة أخرى "لتنظيف" السجون. وفي فبراير عام 2000 تم إعدام 64 سجين في أبو غريب، تبعه إعدام 58 آخرين في شهر مارس، وجميعهم كانوا قد احتجزوا في سجن انفرادي. وفي شهر أكتوبر 2001 تم إعدام 23 سجين سياسي، أغلبهم من المسلمين الشيعة، في سجن أبو غريب.

وما بين عامي 1993 و 1998 تم إعدام حوالي 3000 سجين من سجن "المهجر" في منطقة مخصصة للإعدام تعرف باسم "الحديقة" تقع قرب السجن. "الحديقة" عبارة عن منطقة مفتوحة وضفة رملية مغطاة بمظلة من الحديد. تم إعدام السجناء في سجن "المهجر" في "الحديقة" باستخدام بندقية رشاش. هناك لجنة إشراف خاصة في السجن كانت تتخذ قرارات الإعدام.

التعامل مع المظاهرات (من مشروع البحوث والتوثيق العراقي، جامعة هارفارد) توضح الوثيقة قائمة بالتعليمات للتعامل مع مظاهرات المعارضة. المذكرة، وهي مؤرخة في 6 مارس 1991، صادرة من مقر الأمن في بغداد وموجهة لمدير عام مديرية أمن محافظة دهوك ومن هم تحت إمرته. التعليمات المفصلة تنص على أن تتم محاصرة موقع المظاهرة، والسيطرة على المناطق المرتفعة التي تشرف عليها، وإطلاق النيران على المتظاهرين بهدف قتل 95% منهم وإبقاء الباقين منهم لغرض التحقيق. وهناك تعليمات أخرى بإبقاء الوحدة الفنية (كناية عن الأسلحة الكيماوية) كقوة احتياطية.



الإعدام غير القضائي والتعذيب
( المصدر: مشروع البحوث والتوثيق حول العراق بجامعة هارفارد)

على الرغم من أن القادة المحليين لديهم صلاحية واسعة بإعدام السجناء، تم توبيخ هذا القائد لعدم التحقيق معهم قبل قتلهم.

صدرت هذه الوثيقة في مارس سنة 1987 عقب تعيينِ مجلس قيادة الثورة العراقيّ لعَلِي حسن المجيد رئيسا لجهاز شؤون الأمن بشقيه العسكري والمدني في شمال العراق. وفور تعيينه شُـنَّت حملة "الأنفال" ضد الأكراد. واتبع النظام في حماته هذه استخدام مجموعة من الأساليب العشوائية الفتَّاكة بما فيها الإغارة على الأكراد المدنيين بأسلحة كيماوية وتدمر قُرىً كردية الإعدام بقطع الرأس.



[راجع الصورة الضوئية للأصل العربي لمذكرة الإعدام في النسخة الإنكليزية ص 13]

يقول رائد صادق آغا عضو الإتحاد الوطني الكردستان الذي أدرجنا روايته في المعتقل سالفا وهو يسترجع صورة حية لإعدام السجناء:في اليوم التالي لحادثة إطلاق النار على عُدَي (إبن صدام) كان في غرفة الإعدام أكثر من ثمانمئة سجين. وكان يمكنك ان ترى ما يدور من الحجرات المطلة على قسم الحبس الانفرادي. وحدث في تلك الليلة أن قام السجناء المحتجزون في هاتين الغرفتين بحفر خط على الحائط لكل جثة يرونها تُحمَل خارج غرفة الإعدام. ومن ثمَّ فإن أكثر من ألفي سجين أُعدموا في ذات الليلة تلك لأنهم جلبوا مقصلة يمكنها قطع رقاب السجناء 12 تلو 12 ، أي بمعدل 24 سجينا في الدقيقة.



إضطهاد الأكراد

عانت جماعات الأكراد العراقيين معاناة مروعة تحت حكم صدام.
قدمت الوثائق التي حصل عليها الأكراد أثناء حرب الخليج وقدموها لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان - وهي منظمة غير حكومية- قدمت الكثير من المعلومات عن اضطهاد صدام للأكراد. وتفصح هذه الوثائق عن اعتقال وإعدام ثمانية آلاف كردي من سن الثالثة عشر فما فوق.


فضلا راجع الصورة في الأصل الإنجليزي ص 13


وفي عام 1985 لفتت منظمة العفو الدولية الانتباه إلى تقارير عن مئات آخرين من الموتى أو المفقودين بما في ذلك إختفاء 300 طفل كردي كانوا قد أوقِفوا في السليمانية وعُذِّبَ بعضهم كما مات ثلاثة منهم وهم رهن التوقيف.

وفي عام 1988 مَحَقَت القوات الحكومية العراقية قرى كردية محقا كاملا وبشكل منتظم وقتلت سكانا مدنيين. فوفقا لتقديرات منظمة العفو الدولية فإن أكثر من مئة ألف كردي قُتلوا أو اختفوا بين عامي 1987 و1988 من جراء حملة تُعرَف بإسم حملة الأنفال شُنَّت بغرض القضاء على التمرد الكردي.

وإشتملت الحملة علي استخدام الأسلحة الكيماوية. وطبقا لما أوردته منظمة مراقبة حقوق الإنسان أن هجمة واحدة على بلدة حلبجة الكردية أودت بحياة 5000 مدني و أدت إلي إصابة 10000 آخرين بجراح.

ومازال إضطهاد أكراد العراق مستمراً إلى اليوم بالرغم من أن الحماية التي توفرها منطقة الحظر الجوي في الشمال قد حدّت من وطأة و قسوة هذا الاضطهاد. كما أن نظام صدام بقي يواصل سياسة التعريب [العِرقي] في شمال العراق بهدف إضعاف مطالبات الأكراد بأحقيتهم في المنطقة المحيطة بمدينة كركوك والتي تتصف بوفرة النفط في أراضيها.

و ينقل المُقَرِّر الخاص لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لدي العراق مزاعمَ عن مصادر كردية معارضة أن 94000 فرد طُرِدوا من منازلهم منذ عام 1991. وزعمت المصادر أيضا أن أراضٍ زراعية مملوكة للأكراد صُودرت وأعيد توزيعها على عراقيين عرباً. وقدمت السلطات حوافز لعرب من جنوب العراق بهدف تشجيعهم على الانتقال إلي منطقة كركوك، وفي حال وقوع نزاعات بين العرب وجيرانهم الأكراد فإن السلطات تُظَاهِرُ العرب على حساب جيرانهم من الأكراد.

إضافة إلى ذلك منعت [السلطات العراقية] الأفراد من أصل عرقي كردي أو تركماني من شراء العقارات وأجبرت هؤلاء الذين يملكون أراض يرغبون في بيعها علي بيعها لمشترٍ عربي الأصل. كما أُكرِه الأكراد أيضا على تغيير هُويتهم العرقية في بطاقات إثبات الشخصية إلى عرب كجزء من هذه العملية [التعريب العرقي] أما التركمان فليس مسموح لهم أن يسجلوا أنفسهم كتركمان من الأساس فهم مُجبَرون أن يسجلوا أنفسهم في بطاقات إثبات الشخصية إما كأكراد أو كعرب.





علي حسن المجيدراجع الصورة في الأصل الإنجليزي ص 14المعروف بإسم "علي الكيماوي" كقائد للمنطقة الشمالية تقع علية المسؤولية القيادية المباشرة عن الهجوم بالأسلحة الكيماوية على بلدة حلبجة شمالي العراق والذي أسفر عن مقتل ما يصل إلى 5000 نسمة.كما كان له أيضا دورٌ رئيسي في القمع الوحشي للتمرد الذي تبع حرب الخليج عام 1991 بما في ذلك الإعدام الجماعي والتعذيب والتدمير على نطاق واسع (المصدر: حملة Indict)


























مُصاب ألمَّ بأحد المحاربين القدماء
( المصدر: مشروع البحوث والتوثيق حول العراق بجامعة هارفارد)

الوثيقة التالية هي رسالة من عاصي مصطفى أحمد إلى صدام حسين
يستفسر فيها عن مكان وجود زوجته و ابنته وولمُصاب ألمَّ بأحد المحاربين القدماء
( المصدر: مشروع العراق للأبحاث والتوثيق بجامعة هارفارد)

الوثيقة التالية هي رسالة من عاصي مصطفى أحمد إلى صدام حسين
يستفسرفيها عن مكان وجود زوجته و ابنته وولديه.


راجع صورة ضوئية من الأصل العربي لرسالة عاصي مصطفى أحمد مدرجة في النص الإنجليزي ص 14.

والوثيقة المدرجة أدناه من سعدون علوان مصلح مدير مكتب رئيس الجمهورية يرُدّ فيها قائلا " إن زوجتك وأولادك فُقِدوا أثناء عمليات الأنفال في عام 1988." وموقعة بتاريخ 29 أكتوبر 1990.

بسم الله الرحمن الرحيم
جمهورية العراق
مكتب الرئاسة
رقم/ ش أ/ب/4/ 16565
محافظة السليمانية / قطاع الشمال
بتاريخ / 10 ربيع الثاني 1411 هـ
المكان / ب ي ي ك س / مسجد حاج إبراهيم
29/10/1990م

رداً على طلبك بتاريخ 4/10/1990م
إن زوجتك وأولادك فُقِدوا أثناء عمليات الأنفال في عام 1988
ولكم التقدير،
من سعدون علوان مصلح / مدير مكتب الرئاسة


اضطهاد الشيعة

إن المجتمع الشيعي الذين يكونون ما يصل إلى 60% من سكان العراق هو أكبر تجمع ديني في العراق. وعمل صدام على ضمان ألا يهدد سلطانه أيٌ من زعماء الشيعة الدينيين أو القبليين. فهو يقضي على أيٍ ممن يصبح بارزا بينهم.

في أبريل عام 1980 أُعدم آية الله محمد باقر الصدر، وهو رجل دين شيعي عراقي بارز. كما اعتُقل وأُعدم عددا كبيرا من أعضاء عائلة شيعية ذات زعامة دينية بارزة هي عائلة الحكيم في مايو 1983. كما اُغتيل عضو آخر من نفس العائلة هو سيد مهدي الحكيم في الخرطوم في يناير 1988.

برزان التكريتي راجع الصورة في الأصل الإنجليزي ص 15 أخ غير شقيق لصدام ومسؤول عن اعتقال و/ أو مقتل عدة آلاف من أعضاء قبيلة برزاني من الذكور عام 1983. فعندما كان رئيسا للمخابرات العراقية بين عامي 1979 و 1983 قام بقمع الأقليات الدينية والعرقية بما في ذلك النفي القهري والإختفاءات والقتل.له صلة باعتقال 90 من أعضاء عائلة الحكيم ومقتل ستة منهم على الأقل.


اختفى أكثر من مئة رجل دين شيعي منذ تمرد عام 1991، حيث قُتل سيد محمد تقي الخوئي في حادث سيارة مُفتعَل في يوليو 1994. وبعد إغتيال إثنين من زعماء الشيعة البارزين آية الله أكبر الشيخ مرزا علي الغراوي وآية الله الشيخ مرتضى البُرجُردي عام 1988 أعرب المُقَرِّر الخاص لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لدى العراق عن مخاوفه من أن هذه الاغتيالات تشكل جانبا من هجوم منظم على قيادات المسلمين الشيعة بالعراق.

وفي اوائل عام 1999، أثناء التظاهرات السلمية التي خرجت كرد فعل لمقتل أكبر زعيم ديني للشيعة في العراق آية الله أكبر سيد محمد صادق الصدر، فتحت قوات الأمن النيران على جموع المتظاهرين فسقط مئات من المدنيين من بينهم نساء وأطفال. كما ضلعت قوات الأمن في جهود لتعطيل صلوات الجماعة الشيعية أيام الجمعة في بغداد ومدن أخرى حيث أوقَفت عددا كبيرا من [المُصلِّين] الشيعة اِعتُقِلوا دون محاكمة وعُذّبوا. وفي مايو عام ألفين وواحد أُعدِم رجلي دينٍ شيعيين في بغدادَ بتهمة اتهام النظام العراقي علانية بقتل فضيلة آية الله أكبر.

كما قام الجيش والميليشيات العراقية بتدمير قرىًشيعية بأكملها في الجنوب رداً على هجمات وقعت على مبانٍ حكومية وموظفين حكوميين في جنوب العراق إبَّان عام 1999.

خلال التسعينات اتبع صدام سياسة تجفيف مناطق الأهوار في جنوب العراق مما أجبر السكان على النزوح والانتقال للمناطق العُمرانية بحيث يصبحون أقل قدرة على مساعدة العناصر المناهضة للنظام وبحيث يمكن لاجهزة أمن النظام أن تُحكم سيطرتها عليهم.

وعلى حد تعبير تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة يقول: " إن انهيار مجتمع قاطني الأهوار من الأَعراب- وهم شعب متميز عرقيا قطن في هذه الأهوار منذ آلاف السنين- يضيف جانبا إنسانيا لهذه الكارثة البيئية. فالآن يعيش حوالي 40000 من أعراب الأهوار الذين يقدر إجمالي عددهم بنصف مليون نسمة في مخيمات للاجئين في إيران. أما الباقون فهم مشتتون داخل العراق. إن حضارة عمرها خمسة آلاف عام هي الوريث الوحيد للسومريين والآشوريين القدماء يُحِيقُ بها خطرٌ مُقيمٌ يوشكُ أن يودي بها إلي نهاية مفاجئة وسريعة.


مُلاحقة وتهديد المعارضة خارج العراق

تلقى المُقَرِّر الخاص لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لدى العراق بلاغات عديدة عن ملاحقة وتخويف وتهديدات يتعرض لها أعضاء المعارضة [العراقية] المقيمين بالخارج وعائلاتهم.
وفي منتصف فبراير 1999 ألقت المخابرات العراقية القبض على أخٍ لأحد الأعضاء البارزين في حزب الوفاق الوطني العراقي الـ Ina والذي يتخذ من لندن مقرا لإقامته وأجبروا الأول على الاتصال بأخية هاتفيا ليقص علية ما أصابه. وبعدها تحدث أحد رجال المخابرات مع الأخير على الهاتف وطالبه بالتعاون مع المخابرات وألمح بوضوح لما يمكن أن يُلِمَّ بأخيه إن لم يفعل.

وفي يناير 1999 اتصلت المخابرات هاتفياً بأحد أعضاء الـ Ina الآخرين وأفادوه بأن أخاه وأبناءه رهن الاعتقال بالعراق وأنهم سوف يتعرضون للأذى إن لم يتعاون معهم. ثُمّ طلبوا منه تفاصيل عن رئيس الـ Ina الدكتور عايض علوي مثل عنوان بيته وأسلوب استخدامه لسيارته. كما قامت المخابرات العراقية بمحاولة واحدة على الأقل لاغتيال د. علوي.

جانب من التقرير النصف سنوي للمُقَرِّر الخاص لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان غادر الجنرال نجيب الصالحي – ضابط رفيع المستوى في الجيش العراقي - غادر العراق في عام 1995 ليعيش في الأردن حيث أصبح عضوا ناشطا في المعارضة العراقية. وبعد مغادرته اِعتُقِلَ الرجال والنساء من أسرته تباعا وأُخضعوا للاستجواب وأشكالا أخرى من الملاحقة كما أُجبِر أخاه على السفر للأردن مرتين ليحاول إقناعه بالعودة للعراق. وأفاد الجنرال الصالحي أنه تلقي في يوم 7 يونيو 2000 مكالمة هاتفية من بغداد تدعوه إلى الذهاب إلى أحد المتاجر في عمَّان ليتسلم هدية تنتظره هناك. وما كانت الهدية إلا شريط فيديو يُصَوِّرُ واقعة اغتصاب لإحدى أفراد أسرته من النساء. وبعد عشرة أيام من الواقعة تلقى مكالمة أُخرى من جهاز المخابرات العراقية حيث سألوه ما إذا كان قد تسلم الهدية وأخبروه أن إحدى الإناث من بين أفراد أسرته بين أيديهم وبعدها حثُوه على التوقف عن نشاطه[السياسي]. وفي لقاء له مع المقرر الخاص صرَّح الجنرال الصالحي أنه علي استعداد لتسليم شريط الفيديو في حالة واحدة وهي عند محاكمة أحد كبار المسؤولين بالحكومة العراقية.




إحتلال الكويت


غزت العراق الكويت في 2 أغسطس 1990. قامت القوات العراقية بنهب واغتصاب الكويتيين والأجانب ونفذت أحكام بالإعدام دون محاكمة. وقد وثقت منظمة العفو الدولية العديد من الانتهاكات الأخرى التي وقعت إبان احتلال الكويت. كما منعت العراق هيئة الصليب الأحمر من الدخول وهي الهيئة التي لديها تفويض بمنح الحماية والمعونة للمدنيين الذين يُضارون من جراء النزاعات العسكرية الدولية.

عزيز صالح النعمانحاكم للكويت في القسم الأخير من فترة الاحتلال بين نوفمبر 1990 و فبراير 1991 تقع علية مسؤولية الانتهاكات الخطيرة التي اقترفتها القوات العراقية خلال تلك الفترة لمعاهدة جنيف الرابعة الخاصة بحماية الأفراد المدنيين زمن الحرب. وتشمل هذه الانتهاكات القتل والتعذيب والاغتصاب والترحيل.(المصدر: حملة Indict)


وبينما حاول العراق فرض سماته على الأراضي المحتلة اعتُقِل مدنيون كويتيون "بتهم" من قبيل إطلاق اللحى. وكان الناس يُنزعون من ديارهم ويُزَجُّ بهم في معتقلات إرتجالية. وفي نتائج تقوم على عدد كبير من المقابلات [ مع الضحايا] أحصت منظمة العفو الدولية 38 أسلوب تعذيب إستخدمتها قوات الاحتلال العراقي من بينها الضرب وكسر الأطراف ونزع أظافر اليدين والأقدام وإدخال القوارير في أدبار المعتقلين وكذلك ثمثيل الإعدام فيهم.

ومازال أكثر من 600 فرد من الكويتيين وآخرين من جنسيات أخرى في عداد المفقودين. وتعتقد الحكومة البريطانية أن بعضا منهم كانو مايزالون أحياءً عام 1998. أما العراق فيرفض أن يلتزم بقرارات الأمم المتحدة ويفسر مصير هؤلاء المفقودين ومازال ممتنعا عن تقديم معلومات لازمة لإغلاق أكثر من ثلاثمئة من تلك الملفات الستمئة التي لاتزال مفتوحة.

وفي محاولة لتعطيل أي عمل عسكري يهدف إلى طرده من الكويت احتجز العراق بضعة مئات من الأجانب كرهائن في كل من العراق والكويت بما فيهم أطفال كما منع آلاف آخرين من مغادرة البلاد. بل والأسوأ من ذلك أن الرهائن استُخدموا كدروع بشرية في عدد من المواقع الاستراتيجية العسكرية والمدنية والعديد من تلك الأماكن غير صالح للاستخدام الإنساني. ومثلت تلك الأعمال خرقا للقانون الدولي وإتفاقية جنيف الرابعة التي يدخل العراق كطرف فيها كما أكد مجلس الأمن الدولي في قراريه رقم 670 و 674.

وعند انتهاء حرب الخليج أضرم الجيش العراقي الفارّ النيران فيما يزيد على 1160 بئر بترول كويتي مما كان له أَوخَم العواقب البيئية.


نَهْبُ الكويت

( المصدر: مركز أبحاث ودراسات الكويت)

تُظهر هذه الوثيقة الكيفية المنظمة التي نهب بها العراق الكويت.

(راجع صورة ضوئية من الأصل العربي للوثيقة مدرجة في النص الإنجليزي ص 19).



الخلاصة:

لا يحوي هذا الملف كل الروايات التي نمت لعلم الحكومة البريطانية عن قصة المعاناة الشخصية التي عاناها كل عراقي على يدي نظام صدام. فهناك للأسف الشديد الكثير والكثير من تلك الروايات بحيث نعجز عن ذكرها كلها. ولكن الأدلة التي يحويها هذا الملف هي وصفٌ دقيقٌ لما يلقاه العراقيون العاديون في حياتهم اليومية. ومن ثمَّ فلا عجب أن العراقيين أصبحوا ثاني أكبر مجتمع من اللاجئين في العالم وفقا لإحصاءات مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين. ويتصدر العراقيون قائمة الرعايا الأجانب من طالبي اللجوء السياسي بالمملكة المتحدة.

كان صدام على الدوام غليظا في معاملته لأي من معارضيه منذ تسلقه للسلطة عام 1979 وحتى الآن. كما أن عدم اكتراث صدام البالغ والوحشي لقيمة النفس البشرية والمعاناة الإنسانية يظَلُ أبرز الوصمات في جبين نظامه.


الملحق الأول

أساليب التعذيب الخاصة بنظام صدام حسينأبلغ ضحايا صدام حسين أو عائلاتهم جماعات حقوق الأنسان الدولية مثل منظمة العفو الدولية والمنظمة الدولية لمراقبة حقوق الإنسان بكل أساليب التعذيب التالية:إقتلاع الأعينأفادت منظمة العفو الدولية عن حالة أحد رجال الأعمال الأكراد والذي أُعدم عام 1997. فعند تسلم أسرته للجثمان كانت العينان مُقتلعتان من محجريهما وكان المحجران محشوان بالورق.نَقبُ اليدين بآلة حفرٍ كهربائية (شنيور)وهي وسيلة شائعة لتعذيب السجناء حيث أبلغت منظمة العفو الدولية عن أن أحد السجناء تعرض لذلك ثُمّ سُكب مركب حامض الكبريتيك المركز على جروحه المفتوحة.تعليق السجناء من السقفتُعصَبُ أعين المحتجزين ثُم يُجرَّدون من ملابسهم ويعلقون من المعصمين لساعات طويلة وغالبا ما تكون اليدان موثقتان خلف الظهر مما يتسبب في خلع الأكتاف وتمزيق العضلات والأربطة.الصدمات الكهربائيةوهي طريقة تعذيب شائعة حيث تُسدَّد الصدمات لأجزاء مختلفة من الجسم من بينها الاعضاء التناسلية والأذنين واللسان والأصابع.الاعتداء الجنسيتعرض الضحايا، خاصة النساء منهم، للإغتصاب والإعتداء عليهم جنسيا كما كان هناك تقارير بإدخال القوارير المكسورة في فتحة الشرج.الفلقةيُجبَر الضحايا على الانكفاء على وجوههم ويضربون على كعوب أقدامهم بسلك حتى يفقدوا الوعي في أغلب الأحيان.أشكال أُخري من التعذيب الجسديإطفاء السجائر في مواضع مختلفة من الجسد ونزع أظافر اليدين والقدمين والضرب بالعصُي والكرابيج والخراطيم والأسلاك المعدنية إستُخدمت بكثرة.الإعدام التمثيلييُخطر الضحايا بأنهم سيُعدمون رميا بالرصاص ويَقومون بعصب أعينهم وإحضارهم أمام طابور إعدام ثم يبدأ العسكر بإطلاق الرصاصات الفارغة عليهم.حمامات الأحماض الحارقة [مثل حامض الكبريتيك المركز المعروف شيوعا بماء النار]أبلغ ديفد شيلر السفير الأمريكي المختص بمتابعة جرائم الحرب [سفير مُتَجوّل] أن هناك أدلة مصورة تُظهِر أن العراق استخدم الحمامات الحمضية أثناء اجتياحه للكويت حيث كان الضحايا يُعلقون من المعصم ويُدَلّون تدريجيا في المحلول الحمضي.



الملحق الثاني

كيف أضرت أفعال صدام حسين بالمسلمينأسفرت الحرب العراقية الإيرانية عن ما يقدر بمليون ضحية بين قتيل وجريح. وقُدّرت خسائر إيران بين 450 ألف و730 ألف قتيل وجريح بينما تراوحت خسائر العراق بين 150 ألف و340 ألف قتيل وجريح.وأثناء حملة الأنفال في القسم العراقي من كردستان كانت القوات العراقية مسؤولة عن مقتل واختفاء 100 ألف مسلم كردي.أما في 16 مارس 1988 قامت القوات العراقية بقتل وجرح 10 آلاف كردي في يوم واحد بشنها هجوما بالأسلحة الكيماوية على بلدة حلبجة شمالي العراق.كما أدى غزو العراق للكويت عام 1990 إلى موت ألف مواطن كويتي مسلم تقريباًوما يزال هناك 605 أفراد مجهولي المصير منذ عام 1991 من بينهم مواطنون من الكويت والسعودية والهند وسوريا ولبنان وإيران ومصر والبحرين وعمان.كما هجر عراقيون يتراوح عددهم ما بين 3 إلي 4 مليون عراقي وطنهم وبحثوا عن ملاذ لهم خارج العراق.كما تَشَرَّد مئات الآلاف من العراقيين داخل العراق. وقد يكون تقدير عدد هؤلاء بـ 900 ألف تقديرا متحفظا. ففي الشمال دمر النظام بلدانا وقرىً بأسرها تدميرا منهجيا [عمدياً] أثناء فترة الحرب مع إيران. وإلى الجنوب قليلا في منطقة كركوك تم نقل غير العرب من منطقة كركوك إلى أجزاء أخرى من العراق وإحلال العرب محلهم لكي يستولوا على ديارهم وأرضهم. أما في جنوب العراق فقد تم إجبار مجموعة من السكان يتراوح عددهم بين 300 ألف و 500 ألف نسمة على الرحيل عن موطنهم الأصلي في منطقة أهوار العراق.وفي السنوات الأخيرة تمّ توقيف آلاف المسلمين قهريا في العراق و تعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب والقتل كل ذلك بسبب إمَّا الاشتباه في نشاطهم السياسي المعارض أو لصلة قرابة تربطهم بأفراد مطلوبين من جانب السلطات.المصادر: تقرير لجنة الولايات المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2002التقرير القطري لمنظمة مراقبة حقوق الإنسانالخدمة الإخبارية للاِتحاد الدولي للعدالة بتاريخ 12/9/ 2002تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان ضحايا التعسف المنهجيالمصادر الخاصة بالحكومة البريطانية




الملحق الثالث

قائمة بالهجمات الكيماوية على العراق من 1987 إلى 1988المصدر: منظمة مراقبة حقوق الإنسان، تقرير التطهير العرقي بالعراققامت منظمة مراقبة حقوق الإنسان بعمل أبحاث مستفيضة عن الهجمات الكيماوية شمال العراق. وترى اللجنة وفقا لأبحاث ميدانية أجرتها أن 60 قرية على أقل تقدير إضافة إلى بلدة حلبجة قد هُوجِمت بغاز الخردل وغاز الأعصاب أو بمُركَّبٍ يحتوي على كلا الغازين وذلك أثناء حملة الأنفال بين عامي 1987 و1988.وتقول المنظمة أن النظام العراقي استخدم الأسلحة الكيماوية من أجل أربعة أهداف تكمل بعضها البعض:1. الهجوم على القواعد الأساسية لتمركز المحاربين الأكراد غير النظاميين.2. مناوشة وقتل القوات غير النظامية المنسحبة.3. إيقاع العقاب الجماعي على المدنيين لتعاطفهم مع المرتزقة الأكراد وجعلهم عبرة. وأبشع هذه الحالات هي القصف الكيماوي لمدينة حلبجة التي تمكن الثوار والحرس الجمهوري الإيراني من السيطرة عليها4. بثُّ الذعر بين المدنيين بهدف كسح القرويين من منازلهم بغرض تسهيل الإستيلاء عليها وإعادة توطين وقتل السكان.ورغم أن التمييز بين هذه الأهداف يساعد على فهم السبب العملي وراء تلك الحملة العراقية إلا أنه عديم المعنى قانوناً. فالأسلحة الكيماوية بطبيعتها أسلحة عشوائية الأثر [ لا ُتميِّز] واستخدامها ممنوع في كل الأحوال.