النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي التضخم كظاهرة اقتصادية

    التضخم كظاهرة اقتصادية تتوضح بارتفاع الأسعار

    مصطفى العبد الله الكفري

    الحوار المتمدن - العدد: 905 - 2004 / 7 / 25


    تعريف التضخم:

    عرف الاقتصاديون التضخم على أنه ظاهرة اقتصادية تتوضح بارتفاع الأسعار الناجم عن اختلال التوازن بين العرض المتاح من السلع والخدمات والطلب الفعال عليها.
    وهذا يعني وجود فجوة بين العرض المتاح والمحدود من السلع والخدمات والطلب الفعال أي المقترن بالقدرة على الشراء والذي يزيد عن العرض المتاح.
    والقوانين الاقتصادية توضح أن زيادة الطلب على السلع والخدمات عن العرض تؤدي إلى زيادة الأسعار، التي تعد المؤشر التقليدي على حدوث ظاهرة التضخم في أي اقتصاد.

    لقد أحدث جون مينارد كينز، الاقتصادي الإنكليزي المعروف نقلة نوعية كبيرة في تفسير التضخم وتحديد كيفية حدوثه.

    فالتضخم وفقاً لكينز هو زيادة الطلب الفعلي عن العرض المتاح من السلع والخدمات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. فالتضخم مرتبط بحدوث تطورات في عدد من المتغيرات الاقتصادية أهمها:
    - العرض المتاح .
    - الطلب الفعلي.
    - كمية النقود المعروضة للتداول.
    - أسعار الفائدة.
    - مستوى التشغيل في الجهاز الإنتاجي.

    وهذا يعني أن التضخم يظهر عندما تظهر زيادة إضافية في الطلب الفعال لا يواكبها زيادة في إنتاج السلع والخدمات.
    لذلك فإن أي زيادة في الطلب الفعال تعبر عن نفسها بحدوث زيادة في الأسعار .
    فإذا ما ازدادت كمية النقود المعروضة للتداول تنخفض أسعار الفائدة ويزداد حجم السيولة النقدية، التي يحتفظ بها الأشخاص نتيجة لانخفاض سعر الفائدة.
    وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الميل للاستهلاك، وانخفاض الميل للادخار. ومع انخفاض أسعار الفائدة وزيادة الميل للاستهلاك فإن المشروعات القائمة ترفع مستويات التشغيل، وتظهر استثمارات جديدة عندما يقوم المستحدثون بالحصول على قروض بأسعار فائدة منخفضة لتمويل مشروعات إنتاجية جديدة بسبب الميل للاستهلاك.

    وتوضح النظرية الكينزية أن الزيادة في الطلب الفعلي نتيجة زيادة كمية النقود وانخفاض أسعار الفائدة تسبق الزيادة في الإنتاج نتيجة الاستثمارات الجديدة، وهذا هو السبب الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار وحدوث التضخم . كما أوضح كينز أن العلاقة بين التضخم والبطالة هي علاقة عكسية، فإذا ارتفع معدل التضخم انخفض معدل البطالة والعكس صحيح، ذلك لأن ارتفاع التضخم يرتبط بزيادة الطلب الفعلي لما يتجاوز العرض المتحقق من السلع والخدمات في التشغيل الكامل للجهاز الإنتاجي، ومعروف أن حالة التشغيل الكامل تعني وصول معدل البطالة إلى حده الأدنى .

    كانت جميع النظريات التي ناقشت موضوع التضخم تركز دائماً على دراسة وتحليل العملية الديناميكية لتكوين الأسعار، والبحث عن العوامل والمسببات التي تؤدي إلى عدم استقرارها والآثار والنتائج المترتبة على ذلك.

    أسباب التضخم:

    يمكننا تحديد أهم الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وحدوث التضخم وفقاً لما يلي:

    • الزيادة في الطلب على السلع والخدمات من جانب الحكومة أو من جانب رجال الأعمال، أو القطاع العائلي. والنتيجة هي ضغط الطلب لا يقابله زيادة في إنتاج السلع والخدمات، فيحدث اختلال في التوازن بين العرض والطلب والفعال، فترتفع الأسعار ويحدث التضخم.

    • حتى في حال عدم حدوث زيادة في الطلب الفعال، فمن المحتمل أن ترتفع الأسعار أيضاً.

    وهذا قد يحدث عندما ترتفع التكاليف وبخاصة إذا ارتفعت الأجور عندما تزداد قدرة العمال على المساومة في تحديد أجور أعلى. والمطالبة بزيادة الأجور يمكن تبريرها إما بزيادة تكاليف المعيشة أو بارتفاع الإنتاجية. وعندما يستجيب أرباب العمل لمطالب العمال في رفع الأجور فهم يأملون أن يعوضوا ذلك برفع الأسعار. وهذا يؤدي إلى حدوث التضخم.

    أنواع التضخم :

    هناك أنواع متعددة من التضخم يمكن التمييز بينها من خلال ظروف أو أسباب حدوثها وزمان ومكان حدوثها. وقد ذكرت الأدبيات الاقتصادية عدة أنواع للتضخم منها على سبيل المثال )
    1- التضخم العادي أو الزاحف Groping Inflation.
    2- التضخم المكبوت Repressed Inflation.
    3- التضخم الجامح Hyper Inflation.
    إضافة إلى التضخم المتسلل، والتضخم المستورد، التضخم الركودي.

    - التضخم العادي أو الزاحف:وهو الناجم عن تزايد الطلب الفعال على السلع والخدمات ومن أهم أسباب حدوثه:
    - الزيادة الطبيعية للسكان وتطور احتياجاتهم، دون أن يواكب ذلك زيادة في عرض السلع والخدمات لتلبية هذه الاحتياجات.
    - تمويل قسم من الإنفاق العام عن طريق إصدار النقود بدون غطاء من الإنتاج أو المعادن الثمينة.
    - تأخر استجابة الجهاز الإنتاجي للزيادة في الطلب الفعال .
    ويتسم هذا النوع من التضخم بحدوث ارتفاع بطيء ولكنه مستمر في مستوى الأسعار.

    - التضخم المكبوت (المقيد):

    التضخم المقيد أو المكبوت هو عبارة عن حالة يظل فيه المستوى العام للأسعار منخفضاً بوسيلة أو بأخرى، لكن هذا الثبات يكون على حساب تراكم قوي يمكن أن يسبب ارتفاع (انفجاري) في الأسعار في مرحلة لاحقة . ويسود هذا النوع من التضخم في البلدان ذات الاقتصاد المخطط والتي تهيمن الدولة فيها على الاقتصاد. ويحدث التضخم المكبوت في حال زيادة الطلب الفعال عن العرض المتاح من السلع والخدمات وبخاصة عندما تصدر الدولة نقوداً وتضعها في التداول دون غطاء من الإنتاج أو من الذهب أو من العملات الأجنبية (القطع النادر).
    والمنطقي في هذه الحالة أن ترتفع الأسعار، لكن الدولة المسيطرة على الاقتصاد تلجأ إلى التحديد الإجباري لأسعار السلع والخدمات بأقل من السعر الذي يمكن أن يسود في حالة تفاعل العرض والطلب بشكل حر دون تدخل من الدولة. وهذا ما كان يحصل في الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية في ظل النظام الاشتراكي. ولمواجهة زيادة الطلب تقوم الدولة بتحديد حصص استهلاكية (مخصصات) لكل فرد من السلع والخدمات. وهذا ما يسمى بالتضخم المكبوت.
    وعندما تلغي الدولة قرار التسعير الإجباري للسلع والخدمات، فإن القوة الشرائية المتاحة للأفراد تتحول إلى طلب فعال محموم يؤدي إلى حدوث تضخم كبير وارتفاع انفجاري للأسعار.


    - التضخم الجامح:

    وهو حالة اقتصادية تدمر فيها القوة الشرائية للوحدة النقدية، وقد تصل الأسعار في ارتفاعها إلى أرقام فلكية، وتزداد سرعة دوران النقود، وتعطل وظيفة النقود كمخزن للقيمة، وتستخدم كوسيط للتبادل فقط. ذلك لأن النقود لم يعد لها قيمة تقريباً. وينشأ التضخم الجامح كحالة خاصة شديدة التطرف عندما تؤدي الزيادة العادية في الطلب الفعال وبخاصة في مرحلة الانتعاش أو في المراحل الانتقالية من نظام اقتصادي إلى نظام آخر، أو في فترات الحرب وما يعقبها.

    وتعد السلطات النقدية والمالية في الدولة المسؤول الأول عن حدوث وتطور التضخم الجامح والمدمر، لأنها تستسلم لدورة التسارع في التضخم حتى يصل التضخم الجامح ومن خلال قيامها بإصدار النقود بلا غطاء من الإنتاج أو الذهب، ولأنها هي التي تملك سلطة اتخاذ القرار، وتملك استخدام الأدوات المالية والنقدية الكفيلة بمحاربة التضخم والسيطرة عليه.


    آثار التضخم :

    يمكننا توضيح أهم الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للتضخم وفقاً لما يلي:
    يتعرض أصحاب الدخل المحدود لأكثر الآثار السلبية للتضخم، وذلك بسبب انخفاض الدخل الحقيقي الذي يحصلون عليه نظراً لارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للوحدة النقدية. تسارع العملية التضخمية (السباق بين الأسعار والأجور):
    إن ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى انخفاض الاستهلاك الحقيقي لذوي الدخل المحدود وبخاصة العمال الذين يحصلون على دخولهم من العمل (الأجور). لذلك سيحاول العمال زيادة أجورهم النقدية لتعويض الارتفاع في الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة، وإذا حصل العمال على زيادة الأجور سيؤدي ذلك إلى ارتفاع التكاليف المتغيرة للإنتاج، ولذلك سيحاول المستحدث أو المنظم زيادة الأسعار من جديد. وهذا يؤدي إلى زيادة التضخم فزيادة الأسعار يؤدي إلى زيادة تكاليف المعيشة أكثر، فيطالب العمال بأجور أعلى، وبهذه الطريقة يحدث السباق بين الأجور والأسعار وتكتسب عملية الارتفاع التضخمي في الأسعار قوة دافعة. وإذا استمر ذلك فإنه سيؤدي إلى حدوث التضخم الجامح، الذي بمثل سباق محموم بين الأجور والأسعار.

    قسم كينز المجتمع إلى ثلاث طبقات رئيسة هي:
    • فئة الرأسماليين المستثمرين،
    • فئة المنظمين أو المستحدثين،
    • فئة العمال كاسبي الأجور والمرتبات.

    وعندما نرغب بتوضيح آثار التضخم والتغير في الأسعار، يمكننا أن ندرس كيف تؤثر التغيرات في الأسعار أو في قيمة النقود على الفئات الثلاث المذكورة أعلاه. فإذا ارتفع مستوى الأسعار، يكون المتضرر من جراء ذلك فئة المستثمرين وأصحاب الدخول الثابتة، لأنهم سوف يشترون بدخلهم سلعاً وخدمات أقل من ذي قبل. ويستفيد من ارتفاع مستوى الأسعار فئة رجال الأعمال والمنظمين وذلك بسبب ارتفاع أسعار منتجاتهم وثبات تكاليف إنتاجهم أو تخلفها في الارتفاع. لأن الأجور والمرتبات مثلاً تكون محددة باتفاقيات لا يمكن أن تعدل فوراً، وكذلك مصاريف الإيجار والفائدة تظل أيضاً كما هي. أما الفئة التي تحصل على دخلها لقاء عملها الأجور والمرتبات فإنها تخسر عندما ترتفع الأسعار. لأن أجورهم ومرتباتهم لا ترتفع بالتناظر مع الأسعار، مما يؤدي إلى انخفاض أجورهم الحقيقية.

    ويتوضح أثر التغير في الأسعار على المدينين والدائنين وفقاً لما يلي: عندما ترتفع الأسعار، يستفيد من ذلك المدينون لأن الديون تسدد عن طريق بيع السلع والخدمات. وفي حال كون المدين منتجاً، فإنه يتنازل عن كمية أقل من إنتاجه لتسديد مبلغ معين من الدين. وفي حال كون المدين عاملاً، فإن كمية العمل اللازمة لتسديد دين معين ستكون أقل في حال ارتفاع الأسعار.

    أما في حال انخفاض الأسعار فإن المدينين يخسرون، لأن عليهم تخصيص كميات أكبر من السلع والخدمات لتسديد دين معين. ويكسب الدائنون لأن النقود التي يستردونها ستمكنهم من شراء كميات من السلع والخدمات أكثر مما كانت تشتري حين إقراضها. وكذلك العمال يخسرون، لأن كمية العمل اللازمة لتسديد دين معين ستزداد في حال انخفاض الأسعار.

    (وعلى العموم، يمكننا أن نقول بوجه عام، أن جميع المدينون يكسبون من ارتفاع الأسعار ويخسرون من انخفاض الأسعار، طالما أن التزاماتهم النقدية الثابتة تعني أكثر بدلالة السلع والخدمات عندما تنخفض الأسعار، وأقل عندما ترتفع الأسعار. والدائنون من الناحية الأخرى، يكسبون عندما تنخفض الأسعار، ويخسرون عندما ترتفع الأسعار).( )
    وسيكون أثر ارتفاع الأسعار على جماعة المستهلكين سلبياً، والسبب في ذلك أنهم يحصلون على كميات أقل من السلع والخدمات بنفس المبلغ من الدخل النقدي الذي يحصلون عليه. ويكسب المستهلكون في حال انخفاض الأسعار، لأنهم يشترون كميات أكثر من السلع والخدمات، بنفس الدخل النقدي الذي يحصلون عليه ويكونوا قادرين على تحسين مستوى معيشتهم.
    إن تغير الأسعار الزائد عن الحد في أي من الاتجاهين سيكون له أثراً سيئاً على المشروعات الاقتصادية، طالما أنها تثير الكثير من الشكوك بخصوص التوقعات المستقبلية. لذلك فالمحافظة على استقرار نسبي في الأسعار يعد أمراً ضرورياً لتحقيق تنمية مستدامة.


    مكافحة التضخم:

    لمحاربة التضخم والحد من آثاره السلبية، لا بد من اتخاذ العديد من الإجراءات. ومن بين هذه الإجراءات، الإجراءات النقدية التي تهدف إلى خفض الإنفاق الكلي، حيث تعمل السياسة النقدية عن طريق التحكم في تكلفة الائتمان وإتاحته. فعندما يحدث التضخم يستطيع البنك المركزي رفع تكلفة الاقتراض وتخفيض مقدرة البنوك التجارية على خلق الائتمان. وهذا سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الاقتراض، كما تصبح تكلفته أكثر من ذي قبل. ومع انخفاض مقدرة البنوك على خلق الائتمان، ستكون أكثر حذراً في سياستها الائتمانية. والنتيجة ستكون انخفاض في حجم الإنفاق النقدي الكلي. وهذا يتم أيضاً عن طريق زيادة سعر الخصم، رفع سعر الفائدة، عمليات السوق المفتوحة (يقوم البنك المركزي ببيع أوراق مالية حكومية إلى الجمهور أو إلى البنوك التجارية)، رفع نسبة الاحتياطي النقدي في البلاد (الطلب إلى المصارف التجارية الاحتفاظ بحد أدنى معين من النقدية بالنسبة إلى حجم ودائعها). القيود النوعية على الائتمان وبخاصة الاستهلاكي.


    ومن الممكن محاربة التضخم عن طريق الإجراءات المالية، حيث أن السياسة المالية للحكومة يمكن أن تسهم في السيطرة على التضخم عن طريق خفض الإنفاق الخاص وذلك بزيادة الضرائب على القطاع الخاص، أو عن طريق خفض الإنفاق الحكومي. أو عن طريق مزج كلا العنصرين المذكورين أعلاه. وبذلك تتضمن الإجراءات المالية لمحاربة التضخم : خفض الإنفاق الحكومي، فرض ضرائب جديدة أو زيادة نسبة الضرائب القديمة لتخفيض حجم الدخل الممكن التصرف فيه في أيدي الناس وتشجيع الادخار. تخفيض عرض النقود عن طريق تحسين مستوى أداء إدارة الدين العام. رفع سعر صرف العملة المحلية اتجاه العملات الأجنبية.

    كما يمكن محاربة التضخم عن طريق زيادة الإنتاج وزيادة الواردات وتقليل الصادرات بهدف زيادة العرض المتاح من السلع، التحكم بالأجور النقدية لإبقاء التكاليف منخفضة. الرقابة على الأسعار وغيرها.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي التضخم مؤشر هام للاستثمار

    [align=center]التضخم مؤشر هام للاستثمار [/align]

    التضخم بالمعنى الاقتصادي هو ضعف القوة الشرائية للعملة، فإذا كان عشر وحدات من عملة البلد تشتري كيلو غرام من اللحم أو فرختين في الزمن الحاضر، ثم ضعفت القيمة الشرائية للعملة بعد سنة وأصبح ثمن كيلو اللحم أو قيمة الفرختين ما يعادل خمس عشرة وحدة من وحدات العملة المحلية، فهذا يعني أن التضخم حدث بمعدل كبير وهو 50%.

    لذا فإن المستثمر الذي ربط أمواله لفترة طويلة بعائد مقبول لديه وقت بداية الاستثمار، أصبح خاسرا، ليس بسبب سوء اختياره لقناة الاستثمار، بل لأن عاملا آخر وهو التضخم قد قضى على قدر كبير من قيمة استثماره.

    والتضخم أمر لا بد منه، فالأشياء ترتفع أسعارها، فبذلك تقل قيمة النقود أمام السلع، فما كان الإنسان يشتريه منذ ثلاث سنوات بمبلغ 20 دولارا مثلا فإنه الآن غالبا ما يكون بخمسة وعشرين دولارا، وهذا هو التضخم.

    والتضخم المقبول والمعقول والمتوقع وجوده يكون صغير المقدار وقد لا يتجاوز نصفا في المائة أو واحدا في المائة في العام، عندما يكون الوضع الاقتصادي للبلد سليما وصحيحا.

    علما بأن تضخما في حدود 1-2% لا يمكن اعتباره نذير سوء، ولكن في حالة تجاوز معدل التضخم لهذا المعدل فإن هذا يعني وجود خلل اقتصادي كبير.

    رعب المستثمرين:
    إن ارتفاع معدل التضخم أمر مخيف للمستثمرين لأن التضخم يعني نقصا فعليا في قيمة أموالهم المرتبطة بذلك الاستثمار، وكذلك قلة قيمة العوائد التي ينتظرونها من استثماراتهم. فالبدائل أمام المستثمر عديدة، وعندما يختار أحدها فإنه يربط أمواله السائلة بها، ومن ثم تعود له أمواله وهي أقل قيمة مما كانت عليه، وكان من الأفضل له لو صرفها في مشتريات أخرى، لكان حصل على بضائع ذات قيمة، فلو أنه اشترى فيها سلعا معمرة أو سلعة متشربة لعامل التضخم كالأراضي والعقار لكان ذلك أفضل له.

    فلو أن إنسانا استثمر أمواله في سندات تقدم له ربحا مقداره 7% سنويا، وكان معدل التضخم هو 4% فإن ذلك يعني أن ربحه قد انخفض، وأصبح مقداره 3% فقط.

    كيف يقاس التضخم:
    يقاس التضخم بطريقتين: الأولى وتتم بحساب معدل حساب الأسعار العام، حيث تؤخذ أسعار مجموعة من البضائع المنوعة منها الأطعمة والملابس والوقود والأجهزة مثل الكمبيوتر وكذلك مجموعة من الخدمات كتكلفة غسيل الملابس أو السيارات. وتحسب قيمة شراء هذه البضائع في كل شهر، في أماكن عرضها وبيعها للجمهور، ومن قيمة الشراء للفترات المختلفة والتي عادة تكون شهرا أو فصلا ( ثلاثة أشهر) يعرف مقدار التضخم ومقدار التغير في مجموعة الأسعار وليس في سلعة واحدة فقط. فإن كان هناك انزياح للأسعار نحو الزيادة بمقدار نصف في المائة فإن ذلك يعني أن هناك تضخما بهذا المقدار.
    والطريقة الثانية لقياس التضخم: مقياس من المنبع، وهو أخذ عينات من أسعار البضائع وتسعيرها من المنتج الأول، أي مقدار السعر الذي يحدده المنتج لبضاعته، ومن هذه الأسعار الإجمالية يمكن معرفة اتجاه خط الأسعار بالصعود أو الهبوط.

    ويحدث أن تنخفض قيمة بعض السلع، فلا يعني ذلك انخفاض في التضخم، لأنه في الوقت نفسه ترتفع أسعار بعض البضائع الأخرى، لذا فإن المعدل لسلعة واحدة لا يؤخذ بالحسبان، ولكن يكون عاملا مهما لمعرفة سبب التضخم أو الغلاء، ومن هنا نسمع عن الضغوط الكبيرة على منتجي البترول، وذلك في محاولة من الدول الأخرى المشترية أو المستهلكة للبترول لتخفيض أسعاره، لأنه أحد السلع التي أدت إلى ارتفاع مؤشر التضخم.

    أسباب التضخم:
    أسباب التضخم عديدة منوعة، منها ما يرجع لأسباب اقتصادية داخلية، ومنها ما يكون حلقة من حلقات الارتباط بالاقتصادي العالمي.
    فمن المعروف أن التضخم يظهر في أوقات الأزمات الاقتصادية، عندما لا يكون هناك ثقة في الحكومات، أو أن الحكومات تعالج العجز في ميزانياتها بطباعة مزيد من الأوراق النقدية، وهذا يرفع الأسعار لأن النقود المتوفرة هي قيمة السلع والبضائع الموجودة، فكلما زاد النقد بدون زيادة في كمية البضائع سيكون ارتفاع الأسعار أمرا لا مفر منه.

    علاج التضخم:
    تعمل الدول ذات الاقتصاد الحر والقوي على متابعة مؤشرات الأسعار لمعرفة التضخم ومقداره ومنشئه، ومن هنا يبدأ العلاج.
    تتخذ الدول الرأسمالية معدل الفائدة وسيلة للحد من التضخم، فتتعامل بمعدل الفائدة بالزيادة أو النقصان لكي تعالج التضخم، فعندما يكون هناك علامات تضخم بدأت في الظهور، فإن البنك المركزي يعمل على زيادة نسبة الفائدة، والحكمة من ذلك هو الرغبة في سحب الأموال من السوق وتوجيهها إلى عملية توفير أو استثمار، فعندما تكون أسعار الفائدة عالية فإن الإغراء في الاستثمار سيرتفع لكبر الفائدة العائدة على المستثمر.

    المصدر- باب المقال

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي

    [align=center]التضخم ... غول الغلاء [/align]

    - لبنى سعيد -


    ظلَّت السيدة "إيرينا فولفجانج" تحلم بالمعاش الذي ستحصل عليه خلال شهرين والرخاء الذي سيحققه لها؛ بدأت أحلامها بشراء بيت بحديقة صغيرة ترعاها، ولكن -ونظرًا لارتفاع الأسعار بصورة مذهلة- تحوَّلت الأحلام لشراء شقة صغيرة تقيم بها، ثم تحوَّلت الشقة بعد ذلك إلى حجرة، حتى مر الشهران وتسلَّمت معاشها لتجد أنه -ولله الحمد- يكفي لشراء عشاء الليلة!!

    إن ما حدث لهذه السيدة الألمانية إنما هو نقطة في بحر المعاناة التي عاشها الشعب الألماني بعد الحرب العالمية الأولى حينما جنحت الأسعار إلى الارتفاع بسرعة الصاروخ. هذا الارتفاع في الأسعار يمثل ظاهرة مالية تعرف بـ "التضخم".

    التضخم: "هو الارتفاع في المستوى العام للأسعار" ويُقاس هذا المستوى العام بمتوسط سعر السلع والخدمات في اقتصاد ما؛ وهو متوسط بين أسعار المستهلك والمنتج، وذلك الارتفاع لا يكون بالضرورة في جميع الأسعار، فحتى في أوقات التضخم الشديد فإن بعض الأسعار المعينة قد تكون -نسبيًا- ثابتة، والبعض الآخر قد ينخفض فعلا. وليس هذا هو ما يقصده مذيع النشرة الاقتصادية حين يقدم تقريره الشهري عن معدل التضخم؛ فهو فقط يوضح -بنسبة مئوية- أن مستوى التضخم تغيّر عن الشهر الماضي؛ على سبيل المثال عندما تسمع أن معدل التضخم الشهري 1%، فهذا يعني فقط أن مستوى الأسعار زاد بـ 1% هذا الشهر وهو قد يكون تغيرًا طارئًا؛ فإذا ما استمر معدل التضخم عاليًا لفترة زمنية طويلة (أكثر من 1% شهريًا لعدة سنوات) يعتبر الاقتصاديون أن التضخم أصبح عاليًا.

    أنواع التضخم
    أولا تضخم جذب الطلب:
    أي أن الأسعار ترتفع نتيجة لزيادة الطلب عن الطاقة الإنتاجية للاقتصاد القومي، وفي هذه الحالة فإن زيادة الإنفاق في الاقتصاد القومي لا تمثل زيادة في الإنتاج الحقيقي بقدر ما تكون نتيجة زيادة الأسعار؛ فلو أن سلعة ما تباع بسعر جنيه للوحدة، فإن زيادة في الإنفاق قدرها 10 جنيهات يجب أن يترتب عليها زيادة في الناتج بمقدار 10 وحدات، أما في حالة ارتفاع سعر السلعة إلى جنيهين فإن زيادة الإنفاق بـ 10 جنيهات يترتب عليها زيادة في الناتج قدرها 5 وحدات فقط.
    ثانيا التضخم الزاحف:
    ويقصد به الارتفاع بمقدار 1 أو 2 أو 3% سنويًا في المستوى العام للأسعار، وهذا النوع من التضخم عليه خلاف بين الاقتصاديين حيث يرى بعضهم في نسبة الارتفاع البسيطة في الأسعار نماءً للاقتصاد، ففي أوقات التضخم الزاحف ترتفع أسعار السلع قبل ارتفاع أسعار الموارد فيؤدي ذلك إلى زيادة الأرباح مما يدفع رجال الأعمال إلى زيادة الاستثمارات. بينما يرى البعض الآخر أن الآثار التراكمية لمثل هذا التضخم تكون شديدة؛ فارتفاع سنوي قدره 3% في المستوى العام للأسعار إنما يعني مضاعفة المستوى العام للأسعار في حوالي 23 سنة، كما أن التضخم الزاحف يتضاعف بسرعة ويؤدي إلى التضخم الشديد الجامح.
    ثالثًا التضخم الجامح:
    وهو تضخم حلزوني تصاعدي في الأسعار والأجور؛ حيث تؤدي زيادة الضغوط على الأسعار إلى ردود أفعال تنتج المزيد من التضخم، وبذلك فإن هذا النوع من التضخم يغذي نفسه بنفسه. وأشهر مثال على هذا النوع من التضخم هو ما شهدته ألمانيا في أوائل العشرينات من هذا القرن حين قامت الحكومة بطبع النقود بمعدلات مرتفعة للغاية لتغطي نفقاتها، وفي عام 1923 تعدى معدل التضخم 1,000,000% حتى أن كثيرًا من الشعب الألماني لجأ لنظام المقايضة، واستخدام السلع بدلا من النقود كأن يحدد التاجر سعر رغيف الخبر بثلاث بيضات مثلا.

    آثار التضخم
    من أكبر آثار التضخم هو أنه مع اشتداد موجة الغلاء تفقد النقود إحدى وظائفها، وهي كونها مقياسًا للقيمة ومخزنًا لها، فكلما اشتدت موجة الغلاء انخفضت قيمة النقود مما يسبب اضطرابًا في المعاملات بين الدائنين والمدينين، وبين البائعين والمشترين، وبين المنتجين والمستهلكين، وتشيع الفوضى داخل الاقتصاد المحلي، وإذا حدث ذلك فقد يتخلَّى الناس عن عملة بلدهم، ويلجئون إلى مقاييس أخرى للقيمة.

    هذا كله نتيجة العبث الذي يحدثه التضخم في منظومة الأسعار النسبية؛ أي أنه لو كانت جميع أسعار السلع والخدمات ترتفع بنسبة واحدة وفي نفس الوقت، ما كانت هناك مشكلات. لكن ما يحدث أنه في غمار موجة الغلاء توجد طائفة من السلع والخدمات ترتفع أسعارها بسرعة كبيرة، وطائفة أخرى قد تتغير ببطء، وهناك طائفة ثالثة تظل جامدة بلا تغيير، ولهذا هناك من يستفيد وهناك من يُضار من هذا التضخم المستمر.

    وينقلنا هذا إلى أثر آخر من آثار التضخم وهو إعادته لتوزيع الدخل القومي بين طبقات المجتمع وبطريقة عشوائية، وأصحاب الدخول الثابتة والمحدودة مثل: موظفي الحكومة والقطاع العام هم المتضررون من التضخم؛ حيث إن دخولهم عادة ما تكون ثابتة، وحتى لو تغيرت فإنها تتغير ببطء شديد وبنسبة أقل من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار، وبهذا تكون دخولهم حقيقة في حالة تدهور. أما أصحاب الدخول المتغيرة مثل: التجار ورجال الأعمال، فدخولهم عادة ما تزيد مع موجة التضخم، بل إنها في كثير من الحالات ترتفع بنسبة أكبر من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار، وهم بذلك المستفيدون من هذا التضخم.

    وبالمثل يتم توزيع الثروة القومية؛ فالمدخرون لأصول مالية كالودائع طويلة الأجل بالبنوك؛ غالبا ما يتعرضون لخسائر كبيرة؛ ذلك أن القيمة الحقيقية لمدخراتهم تتعرض للتآكل سنة بعد الأخرى مع ارتفاع الأسعار، أما من يجسد مدخراته في أشكال عينية كالأراضي والمعادن النفيسة؛ فهو المنتفع من ارتفاع الأسعار على هذا النحو.

    ومع الارتفاع المستمر للأسعار يدرك الناس أن الشراء اليوم عند مستويات الأسعار السائدة أفضل من الشراء في الغد حيث ترتفع الأسعار؛ فيسارعون إلى "الاكتناز" أي شراء السلع والتحف والمعادن النفيسة، واللجوء لعملة أجنبية أكثر ثباتًا في قيمتها، وهو أمر ينعكس على تدهور سعر الصرف للعملة المحلية، وسرعان ما يضر التضخم الآخذ في التصاعد بميزان المدفوعات للدولة، ومن ثم باقتصادها ككل ويتمثل ذلك في ثلاثة أوجه: 1 - تعرّض الصناعة المحلية لمنافسة شديدة من الخارج (فبسبب ارتفاع أسعار السلع المنتجة محليًا مقابل السلع المستوردة يقل الطلب على المنتج المحلي)، وما ينجم عن ذلك من طاقات عاطلة وبطالة وانخفاض في مستوى الدخل المحلي.

    2 - نتيجة لزيادة الطلب على السلع المستوردة وانخفاض الطلب على السلع المحلية يزداد العجز في ميزان المدفوعات التجاري والذي تتطلب مواجهته إما استنزاف احتياجات البلاد من الذهب والعملات الأجنبية، أو اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، أو تصفية ما تملكه الدولة من أصول بالخارج.

    وما حدث للولايات المتحدة الأمريكية مثال على ذلك؛ فالارتفاع السريع في الإنتاجية في اليابان ودول السوق الأوروبية المشتركة، وارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل أسرع من ارتفاعها في الدول الأخرى؛ أدى إلى تقليل الفائض في الميزان التجاري الأمريكي، وأدى في النهاية إلى تحقيق عجز في ميزان العمليات التجارية.

    ومع نمو العجز في الموازنة العامة للدولة ربما تلجأ إلى زيادة ضخ عملتها المحلية فتتزايد كمية النقود دون أن يقابل هذه الزيادة زيادة مناظرة في حجم الناتج، مما يدفع الأسعار إلى مزيد من الارتفاع وتدخل الدولة في حلقة مفرغة.

    أما الأثر الاجتماعي الذي لا يمكننا إغفاله هو أن الغلاء المستمر يؤدي إلى تفشي الرشوة والفساد الإداري والتكسب غير المشروع وما إلى ذلك من معاملات فاسدة؛ حيث يلجأ الناس إلى هذه الأمور كخط دفاع لمواجهة التدهور المستمر الذي يحدث في دخولهم الحقيقية، ومن ثم في مستوى معيشتهم.. ولهذا فليس عجيبًا أن تكون البلاد المصابة بالتضخم هي أكثر البلاد تعرضًا للفساد.
    وقد قال لينين يوما: "إن أفضل طريقة لتحطيم النظام الرأسمالي هي إفساد العملة، وإنه بعملية تضخم مستمرة تستطيع الحكومات أن تصادر- سرًا وبطريقة غير ملحوظة- جزءًا هامًا من ثروات مواطنيها"

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني