[align=center] مستقبل التيار الصدري مع الحكومة العراقية[/align]

بعد الدعم من الجزيرة والشرقية...الامريكان يقفون في صف واحد مع التيار الصدري مبروك التحالف الجديد

كتب زهير الدجيلي

دعا الجنرال بترايوس قائد القوات الاميركية في العراق الحكومة العراقية الى مد يدها للتيار الصدري، بما معناه التفاوض معه وحثه على الانخراط في العملية السياسية. وهذه الدعوة اثارت الدهشة، وسبب الدهشة لدى المراقبين هي ان هذه التصريحات جاءت في غمرة القتال بين القوات العراقية والاميركية المشتركة مع جيش المهدي في البصرة وبغداد ومحافظات عدة. وفي وقت كانت فيه الطائرات الاميركية وما زالت تقصف مواقع المتمردين على حكومة المالكي في مدينة الصدر وغيرها.

لذلك اعتبرت دعوة بترايوس ليست موجهة للحكومة بالدرجة الاولى، انما موجهة للتيار الصدري لكي يأتي الى طريق التعاون مع الولايات المتحدة في العراق وسيحظى برعاية اميركية تجعله على قدم المساواة مع الآخرين في نظر واشنطن.

ومما لا شك فيه ان التيار الصدري، وجيش المهدي رغم كل الاتهامات ومعظمها حقيقية عن وجود عصابات عنف وجريمة تجاوزت على القانون ونكلت بالمجتمع العراقي في بطانة جيش المهدي والتيار الصدري، فان الموقف الوطني في بعض شعارات هذا التيار في رفض الاحتلال والمحافظة على استقلال العراق، جعله في مقدمة القوى التي تخشاها الولايات المتحدة وتحسب لها الف حساب.

واذا كانت علاقة هذا التيار بايران هي علاقة استغلال من جانب طهران لاكثر التيارات فاعلية يمكن ان يوظف من قبلها لزعزعة امن العراق تحت اقدام القوات الاميركية، فان هذه العلاقة ألقت بظلال الشكوك حول الكثير من شعارات الصدريين وسلوكهم، فيما ساعدت طريقة مقتدى الصدر في قيادة هذا التيار وفرض آرائه التي في اكثرها تنم عن سوء قيادة على عزوف الناس عنه، لهذا اختلط الكثير من المكونات السياسية السلبية والايجابية داخل هذا التيار ووصل الاختلاط الى درجة تعذر فيه تنقيته من الاستغلال الايراني ومن استغلال العصابات الاجرامية من دون استخدام القوة والصدام المستمر معه، وهذا ما حصل.

غير ان الاستمرار في التعامل مع التيار الصدري وميليشياته بالقوة الى عام قادم لن يخدم حكومة المالكي ولن يخدم خطط واشنطن التي تتمنى من ورائها انهاء العنف حتى نهاية هذا العام، للتفرغ لسحب القوات وبناء معاهدة عسكرية مع الحكومة العراقية تضمن مصالحها الأستعمارية المستديمة في العراق.وتزداد الصعوبة في تصفية التيار الصدري أذا توفر له منهاج وطني واضح وقيادة غير جاهلة أو مضطربة فكريا وتخلص من التيارات المتخلفة وعصابات الجريمة التي أستوطنت مابين الجلد والعظم .

لهذا، جاءت دعوة بترايوس لتقدم الجزرة للتيار الصدري وفتح باب المفاوضات معه ولتصبح وشنطن طرفا بها. وهي دعوة لا تخلو ايضا من تقوية حبل النجاة الاميركي، الذي يمسك به المالكي بقوة. لكنها دعوة مريبة تريد تجريد الخط الوطني في التيار الصدري من أفضل مبررات وجوده في مقاومة الأحتلال.

بيد ان دعوة بترايوس لم تحظ بتأييد الجميع في حكومة المالكي ولا بين القوى السياسية الناشطة في العملية السياسية، فقد ايدها البعض، وخصوصا القوى التي تريد استمرار تداول السلطة سلميا بعيدا عن لغم الشوارع بارهاب الميليشيات وبعيدا عن دكتاتورية ائتلاف شيعي من حزبين، حيث اكد النائب عن حزب الفضيلة في البرلمان نديم الجابري ضرورة احتواء التيار سياسيا، كما اعرب النائب عن جبهة التوافق علاء مكي عن تأييد الجبهة لمضي التيار قدما في نشاطه السياسي والابتعاد عن حمل السلاح. فيما رفض اخرون من الائتلاف الشيعي ومنهم عباس البياتي هذه الدعوة، منتقدين تصريحات القائد الاميركي بهذا الخصوص، مؤيدين طريقة استخدام القوة التي تعاملت بها حكومة المالكي مع هذا التيار.

وهذا الموقف من بعض اطراف الائتلاف الشعي لا يثير فقط الدهشة انما الريبة ايضا ويؤكد ان هناك دوافع سياسية تدعو هذه الاطراف الى ابعاد الصدريين عن الانتخابات القادمة في المحافظات بكل الوسائل وتمهيد الطريق لفوز كاسح يحظى به المجلس الاعلى وحزب الدعوة رغم مابينهما من جفوة، وبهذا يكون الائتلاف الشيعي السابق قد تقلص بعد حيازة السلطة الى مجموعتين، بدلا من 16 مجموعة تفرقت شذر مذر تحت سطوة التطلع المرير للحكم.

ويمكن القول هنا أن حسم الغلبه لحزبين شيعيين على حساب التيارات الأخرى ومنها التيار الصدري لن يتم بسهولة مثلما يحسب المجلس الأعلى وحلفائه , كما أن حكومة المالكي ستستمر حتى نهاية ولايتها وهي تسمع صيحات الغضب عليها في الشارع الصدري.وتحت أستمرار هذا الغضب سيكون حال المالكي بعد أنقضاء مدة ولايته مثل حال الجعفري ولن يجد من الصدريين صوتا يوصله الى السلطة مثلما حصل عام 2006.

غير ان المهم في كل مجريات الأحداث حتى الأنتخابات القادمة هو أن الجماهير في المحافظات الوسطى والجنوبية لم تعد تثق بالأحزاب الدينية وصراعاتها وطريقتها في ادارة الحكم , هذه الطريقة التي اتسمت بالعنف والفساد بانواعه والتستر عليه والأنتقام من بعضهم البعض وكأن ( العقيدة الشيعية والولاء لأهل البيت ) مجرد ستار أخفى وراءه زعماء هذه الأحزاب أسوأ المصالح الشخصية ومساعي التمسك بالسلطة بأي ثمن . ولم تعد هذه ( العقيدة ) قادرة على حقن دماء أحد من الطائفة أو المحافظة على ميثاق وأئتلاف .

ولن يكون بمستطاع هذه الأحزاب أن تحرز مأحرزته من أصوات كما في الأنتخابات السابقة بالجبرية الدينية التي استخدمتها وباستغلال حب الناس لآل البيت فلقد تكشفت النوايا وأتضحت الأهواء , اللهم الا اذا أستخدمت التزوير وشراء الذمم والضغط بالقوة المسلحة تحت شعار ( حياتك مقابل صوتك ) وأستعانت بالدعم الأيراني السياسي والمالي والديني . غير أن الحكم الديني الشمولي لن يدوم للأبد شأنه شأن حكم الحزب الواحد .وأن دامت لغيرك ماأتصلت أليك .