الموروث الشعبي التركماني بكل تنوعه و جوانبه, عبارة عن ترجمة حية لصفحات انسانية في حب الحياة وروح التعايش وصور من الحكم والتجارب والامال والعواطف الانسانية والموهبة الفطرية التي صاغها الابداع الشعبي من خلال العديد من الاداب والفنون والعادات والصناعات، من عصارة العديد من القرون والعقود الماضية المنتجة لفنون شعبية حية نابضة بحب الحياة والشجاعة والامل والعمل، في سلسلة من برامج التعاطي الانساني الخالص مع الحياة حينا ومع الاخر حينا اخر، وفق معايير الاخذ والعطاء وانضاج التجربة واغناء الشراكة والجيرة، مقابل الاغتناء والتفاعل في المشتركات الانسانية المختلفة، الدينية منها او العرقية او المعتقداتية او المناطقية او غيرها من الشراكات الابرز. من هنا كان الادب الشعبي التركماني العريق جسرا ثقافيا مهما لنقل التجارب والثقافات والموروثات الشعبية العربية وغيرها من الثقافات العراقية الاخرى الى الشعوب الاخرى في نوع من الاغناء والاغتناء، فيما اصبح بحكم موقعه الجغرافي والتاريخي ورشة للحوار الانساني ونقطة لتلاقي الحضارات والثقافات الشعبية المختلفة، الامر الذي اهله ليكون رافدا مهما من روافد الادب الشعبي العراقي وارضا خصبة لولادة الكثير من المأثورات الشعبية الغنية بالتجارب الانسانية والقومية والدينية المستمدة من ادب وتراث اقوامهم المنتشرين في اجزاء كثيرة من العالم وبالاخص في الدول الناطقة بالتركية في محاولة مقصودة لتوظيف هذه التجارب من اجل العراق (الارض والوطن والهوية). إن ثراء التراث التركماني، يكمن في ثراء رموزه ودلالاته وقدرته على التعايش، والتنفس برئة حية عبر القرون. ويمكن اعتبار عام 1848 م عام ولادة الاهتمام بالادب الشعبي التركماني وبداية توثيقه على يد الشاعر التركماني المرحوم (سيد عرفي) الذي انصب اهتمامه على فرع من فروع الفولكلور هو الاغاني الشعبية التركمانية المسماة بالـ(قوريات او خوريات) بعد ان جمع مجموعة كبيرة من نصوص هذا النوع من الشعر والاغاني التي يتميز بها تركمان العراق، ثم ظهرت دراسات مستفيضة عنها بعد منتصف القرن العشرين. وينقسم الادب التركماني على قسمين:
1 ـ الادب الشعبي مجهول المؤلف وهو الادب الذي لا يعرف منشئه ولا زمان انشائه لذلك يعد تراثا عاما للشعب ومن فنون هذا الادب الحكاية الشعبية (القصص الشعبية. النوادر. النكات. القصّ التعليمي والاخلاقي. الاساطير) الحكم والامثال الشعبية ، الاغاني، الخوريات، الاصطلاحات الادبية والبكائيات.
2 ـ الادب الشعبي معروف المؤلف : وهو الادب الذي انشأه مؤلف معروف و ينقسم الى قسمين: أ‌. السير - وهي لون من القصص الطويلة يتراوح بين النثر والشعر، نظمه شعراء معروفون في الادب التركماني ويطلق عليه بالـ(عاشق) ويسمى (عاشق ادبياتي) أي أدب العشاق. وهو يدور حول البطولات والفروسية والحب ويشتمل على اشعار ملحمية. ولما كان منشئ هذا الفن يتغنى به بآلة موسيقية تركمانية تسمى (الساز) لذلك يطلق عليهم (شعراء الساز) ايضاً .
س‌ب. الادب الديني ويصنفه بعض الباحثين الى:
* ادب الديوان الذي بقي حكرا على عليةّّ القوم من السلاطين والحكام والوزراء واتباعهم.
* ادب التكايا الذي نشأ في زوايا التكايا التي كانت تعد المحفل الادبي والتوجيهي للمتصوفين وفنون هذا الادب هي الانفاس البكتاشية والصوفية والمدائح النبوية.
* الادب الحسيني الذي نشأ في بعض التكايا ثم ترعرع في المساجد وفنون هذا الادب تزخر بمدائح النبي واله (ص) والمراثي الحسينية التي تصاحب ايام عاشوراء وزيارة الاربعين.

المؤتمر