الوزير المتورط بقتل نجلي الآلوسي كان إمام مسجد في حي الحمراء







الوزير المتورط بقتل نجلي الآلوسي كان إمام مسجد في حي الحمراء




2008-09-14 12:26


الجوار: لم يصدق أهالي حي "الحمراء" الذي يقع في جانب الكرخ من بغداد، أن خطيب جامعهم (جامع الإمام علي بن أبي طالب) سيذكر في التشكيلة الوزارية لحكومة نوري المالكي في عام 2006، وان أسعد الهاشمي، رجل الدين الملتحي الذي كان يتقدمهم في الصلاة، ويخطب فيهم كل يوم جمعة، سيغدو وزيرا للثقافة ممثلا لجبهة التوافق السنية، بعد أن كان هو نفسه يحض المصلين على ترك النشاطات الثقافية التي تعد من النواهي والمحرّمات، كالرسم والمسرح والتصوير الفوتوغرافي.



وما عمق من وقع الصدمة على سكان الحي الذي يعرفون الهاشمي، هو تلك الإشاعات التي كانت تلاحقه وقتها (والتي تأكدت فيما بعد)، انه قائد خلية من "كتائب ثورة العشرين" أحد فصائل المقاومة الإسلامية، والمقربة من الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين، وكان أهل الحي يتساءلون: كيف سيوفق الهاشمي بين وظيفته الحكومية، وبين مشروعه المناهض للحكومة نفسها؟!


السنوات الثلاث الماضية حملت معها مفاجآت أكبر لسكان الحي، وللعراقيين عموما المتابعين لقضية هذا الرجل، ففي منتصف أب/ أغسطس الجاري، نشرت الصحف العراقية نص الحكم الغيابي الذي أصدرته المحكمة المركزية العليا في بغداد على وزير الثقافة السابق أسعد الهاشمي بالإعدام شنقا، لتحريضه على مقتل ولدي النائب مثال الألوسي زعيم حزب الأمة العراقية في عام 2005.


خصم الهاشمي، النائب مثال الألوسي، كان يقطن في حي "الحمراء" أيضا، الأمر الذي جعل أهالي "حي الحمراء" على صلة أكثر بمتابعة "قضية الجارين" بحسب موقع نقاش.


يقول أبو خليل (57 سنة) من سكان الحي وهو من المواظبين على أداء الصلوات الخمس اليومية في المسجد: "أشار لنا الشيخ اسعد الهاشمي بيده نحو جهة وقال: هناك يقع بيت من زار إسرائيل وصافح الأعداء" ويكمل أبو خليل: "لم أكن أعرف الألوسي بشكل شخصي ولم أكن رأيته في الحي سابقا، لذا ذهبت مسرعا للبيت وسألت اولادي الشباب عنه".


زار الألوسي "إسرائيل" بصفة شخصية على هامش ملتقى الاقتصادي عقد في أيلول/سبتمبر 2004 ، وأثارت زيارته مواقف مختلفة سيما أنها كانت أول زيارة لمسؤول عراقي إلى الدولة العبرية. وقف ضده الإسلاميون والقوميون بشده، وسبب حرجا لحلفائه السياسيين وللمؤتمر الوطني العراقي (أحمد الجلبي) الذي كان عضوا فيه، والجميع نددوا بالزيارة وتبرؤوا منها، ومن ثم تم عزله من حزب المؤتمر الوطني ليشكل حزبا خاصا به هو "حزب الأمة العراقي".


في شباط (فبراير) عام 2005 تحركت سيارة من نوع أوبيل يستقلها أربعة شبان يرتدون الملابس الرياضية بالقرب من سيارة ولدي الألوسي، وأطلقت عليهما النار فماتا فورا، جرت الحادثة خلال لحظات كما وصف لنا أشخاص في الجوار، لتعود سيارة الاوبل من الشارع نفسه وتختفي في الأزقة. بعد الحادث "عاد الألوسي للسكن في المنطقة الخضراء كبقية المسؤولين العراقيين".


يرفض أحمد علوان الذي قضى أكثر من ثمانية اشهر موقوفا على خلفية التحقيق في القضية، الحديث عن الموضوع مكتفيا بالقول لمراسل (نقاش): "لم يتحدث الشيخ الهاشمي بشيء أمامي عن المقاومة، جرى توقيفي فقط لاني كنت اجلس أنا وبعض الأخوة مع الهاشمي بعد انتهاء الصلاة، رغم أن أغلب أحاديثنا كانت دينية".


مجريات عملية التحقيقات لم تنشر بعد، لكن المحكمة أكدت على تورّط وزير الثقافة في التحريض على القتل، وحكمت عليه بالإعدام، في سابقة مثّلت مفاجأة للسكان، الذين تنوعت ردود أفعالهم. فأعرب بعضهم عن أسفه لقرار الإعدام، في حين أكد بعضهم لمراسل نقاش أن "مثال الألوسي ارتكب خطأ كبيرا حين زار بلدا معاديا، لكن ولديه لا ذنب لهما"، وآراء ثالثة كانت مستنكرة لتورط الهاشمي ومؤيدة للنائب الألوسي بشكل تام.


لم يخفي المهتمون بالشأن الثقافي فرحتهم بالحكم الصادر، وأحدهم (أ.حسن) وهو موظف في وزارة الثقافة، يقطن في حي الحمراء قال: "بالرغم من معارضتي لأحكام الإعدام بشكل عام، إلا أن الهاشمي يستحق المعاقبة، ليس بسبب حادثة نجلي الألوسي فقط، بل لما فعله في وزارة الثقافة في خلال عهده".

ويضيف حسن: "تحولت وزارة الثقافة في عهد الهاشمي الى ثكنة عسكرية.


حسن يعتقد أن "ما جرى في الحي كان درسا للمتشددين، بأن لا حصانة لأي مخرب حتى لو كان مسؤولا كبيرا"، وهو يرى أن حي الحمراء اليوم بات أكثر استقرارا، وخاليا من المظاهر المسلحة، بعد حملة الاعتقالات التي شنتها القوات الحكومية للقبض على المتشددين، مضيفا أن "النشاطات الترفيهية تقام في الحي أيضا، فقد عادت بطولات كرة القدم المحلية، وعاد فريق عشيرة عانه للمشاركة في اللعب بعد إطلاق سراح اغلب لاعبيه من المعتقلات العراقية بعد أن اعتقلوا على خلفية حادثة الهاشمي".


يذكر ان ملصقات انتشرت في أجزاء من العاصمة بغداد كتب عليها "ساعدونا للقبض على هذا الإرهابي"، حملت صورة الوزير السابق أسعد الهاشمي، الذي هرب منذ منتصف العام الماضي إلى جهة مجهولة، عندما داهمت القوات العراقية بأمر قضائي منزله، واعتقلت العديد من حراسه، فيما صرح النائب الألوسي أن "أسعد الهاشمي موجود الآن في سوريا بجواز سفر آخر وباسم مستعار" .