حروب كثيرة , قامت في عصور مختلفة , سحقت بين إتونها , الضعفاء والأبرياء , ودفعت البشرية , ثمنا باهظا لها , حتى أمست البشرية بلا خجل , تساوى الإنسان مع الحيوان , حيث أعفى العقل من منصبه , أو أطيح به , واستبدل بمكانه الملك صاحب السيادة والريادة " غريزة الحيوان ", وهل يخجل بعد ذلك الانسان , وفي حالة ما تبقى من هذا النسل .
حروب كثيرة , قامت ثم قعدت على ملايين من الجماجم , وأسدل الستار على تمثيلها تارة , وعلى ذكر تاريخها تارة أخرى , تمثيلية قذرة , فان المستفيد واحد والمنتصر واحد والمنهزم ملايين من البشر لا تعريف لهم إلا إنهم كانوا حمقى , طاب لهم العيش في ضل العبودية أو التسلط .
حروب كثيرة , كم منها كان قذرا , وكم منها كان نظيفا ؟
وهل كانت حروب نظيفة ؟
كثيرة هي الحروب القذرة وأسبابها لا تتعدى اثنان في واحد , استباحة الإنسان واستعباده , إلى درجة مسح قيمة الإنسانية , وتغيير ماركتها المسجلة عند أهل السماء .
من أي الحروب التاريخية والحديثة تختار , أمن عصور الخرافات العربية ؟ أم من حروب العالم الأولى والثانية وحروب الخليج وآخر حرب شهدها العالم هي حرب البلقان , وما زالت الرحى تدور وتدور , ومن يكون حظه منها ينتظر في القائمة السوداء ؟ .
دعونا من حروب العالم الآخر , ولنتأمل الحرب الدائرة في العراق , وطننا , أمتنا , بيتنا .. الخ من الكلام المعسل , ترى أي صنف من الحروب يمكن تصنيف ذلك ؟ على أن يتحمل وزر فتواه ! .
ودعونا من الحرب المذهبية , أو الأهلية التي تشتعل نيرانها بين الحين والآخر في العراق ! ولنقف قليلا عند الحرب الداخلية , فيما بين العائلة الواحدة أو المذهب الواحد , وهل يجوز تبرير ذلك إن الطرفين قد اجتهدا فأصاب احدهم واخطأ الآخر , فلكل واحد أجره , وبهذا تتفتق العقول ويغلق الموضوع .
لو تنازلنا قليلا , وقدرنا لأنفسنا وأرواحنا أن تمشي على الأرض لحظة , ومن ثم نكمل دورة حياتنا , ونحن على صنوف من الطايرين والناعقين والمؤتمنين على خلق من القال والقيل والقاق والقيق وووو , لنتساءل : ماذا قدمنا لديننا إلى الآن ؟
ماذا قدمنا لمذهبنا الحق إلى الآن ؟
اترك الدين والمذهب جانبا وقل ماذا قدمنا لأنفسنا إلى الآن ؟
حروب قمنا بها لأجل إضعاف قوينا , وقص أجنحته , وكسر قفاه , حتى لا تقوم له دائرة فيما بعد , واستهجان لرأي حكيمنا , واستغلال جهلتنا في تنفيذ واجبهم المقدس , وتوجيه الإعلام في نقل الأحاديث المراوغة للحقيقة , بل قل نقل الاحاديث الطيارة والنفاثة , ومن ثم يكون نتائج الأمر ذات نسبة بيانية عالية , وخدمة معروضة على طبق من ذهب لعدونا ؟ يسيل لعاب عدونا تجاهها , ويبهت ساكتا من تحقيق مآربه دون شقاء او تعب .
فما هي تبرير حروب النجف الأشرف وكربلاء والديوانية والبصرة الخ ؟
هل هناك نص قراني يحث المسلمين في الاقتتال بينهم ؟ ام ان هناك حديث نبوي يقر ذلك ؟ وهل كانت تلك الحرب نظيفة ام قذرة ؟
اذا كانت حرب البلقان قذرة , وحرب الخليج قذرة , فهل هناك اقذر من حرب النجف وكربلاء ؟
لان البلقان بين قوميتين والخليج بين مذهبين , وبين هذا وذاك يمكن تبرير تلك الحروب , ولكن ما تبرير حروب النجف الأشرف وكربلاء والديوانية ؟ ما تبرير أخافة الناس بقوة السلاح ؟
واعتقد لا يوجد احد فيما بيننا لم يسمع قول الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم من أخاف مسلما في دنياه أخافه الله يوم القيامه .
أم إن هذا الحديث يتوعد حكام الجور فقط ؟ وهذا يعني يخص الكبار !! فلا يمكن ان يشمل الافراد الصغار !!
كل الحروب ذات هدفين متعاكسين في المضمون , يتجهان الى افقين متباعدين , بينهما مسيرة يوم للشمس , الافق الاول اهدافه لا يرتقي اليها الا من اراد الله بهم خيرا , الا وهي حروب الانبياء , والتي تتمثل في محاربة الشرك بالله , والدعوة الى المساواة بين البشر ونبذ العبودية . اما الافق الاخر فان اهدافه لا تتجاوز ان يكون الناس عبيد لا يملكون من امرهم شيء , وهذا الافق تلمع فيه نجوم كل الحروب البشرية , ولا معنى هنا لحروب التحرير , اذا اراد احد ان يتمنطقطقطقطق , فما شاء الله حروب التحرير كثيرة في تاريخنا ولكنها نقلة نوعية من أستعباد الى استعباد من نوع اخر وهو حتما في طريقة الى الدكتاتورية في اخر المطاف .
الا ان هناك حربا واحدة قامت بين فريقين متنافسين , قامت هذه الحرب من أجل تحرير الإنسان ونبذ كل أشكال العبودية , وذهب ضحية ذلك ملايين من البشر , انها الحرب الأهلية الأمريكية , ولو عرفنا أسباب الحرب , ومن ثم نظرنا الى وجود تمثال الحرية في قلب واشنطن , لقلنا يستحق التمثال ان يقام هناك .