النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    بحث/ لا تَقْفُ ما ليس لك به علم/ العلامة محمد حسين فضل الله

    لا تَقْفُ ما ليس لك به علم

    [align=left]العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله[/align]

    قال الله تعالى:

    {ولا تقف ما ليس لك به علمٌ إنَّ السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً}(سورة الإسراء:36).

    في هذه الآية نقف مع أحد المبادئ العامة في الحياة التي حاول الإسلام أن يطلقها في مجال الفكر والعقيدة والسلوك.

    ونحن هنا في محاولةٍ للسير في ظلال هذه الآية نحو الحياة.

    لا تقف: لا تتبع كل شيء ليس لك عليه حجة وليس معك عليه برهان، سواء كان شيئاً تسمعه، أو ظاهرة تبصرها، أو فكرة تعقد عليها قلبك وتعيها أُذنك، فإنك سوف تواجه المسؤولية عمّا سمعت، وعما أبصرت، وعما اعتقدت، وعليك أن تقدم الحساب على نسبة وضوح ذلك كلّه لديك.

    فهناك عدة حالات نمر بها في كل قضية تواجهنا:

    أ - حالة الوهم: وهي الطرف المرجوح في القضية، كما إذا كان وعينا لها بنسبة 40% أو 30%.

    ب - حالة الشك: وهي حالة تساوي الطرفين، كما إذا كان وعينا لها بنسبة 50%.

    ج - حالة الظن: وهي الطرف الراجح في القضية، كما إذا كان وعينا لها بنسبة 60% أو أكثر.

    د - حالة اليقين: وهي حالة الجزم، كما إذا كان وعينا لها بنسبة 100%.

    بالطبع، لا يكون التعاطي مع الحالات الثلاث الأولى إهمالها رأساً، فإن بإمكان الإنسان أن يأخذ منها جانب الحذر في بعض المجالات، ومتابعة البحث في المجالات الأخرى، بل ان ما نريد قوله هو رفض اعتبار هذه الحالات أساساً للعمل وطريقاً للحياة ومقياساً للحقيقة، فكل شيء لا يكون وضوحه بمستوى اليقين فليس بحقيقة.

    تلك هي خلاصة الفكرة.

    مراحل تحصيل اليقين

    أما كيف نطبقها في جميع المجالات:

    1 - في مجال العقيدة: فليس للإنسان أن يعتقد بأية عقيدة نتيجة الظن أو الوهم أو الشك، بل لا بدَّ له من أن يحصل على درجة اليقين ليكون معذوراً على تقدير الخطأ، ومطمئناً في طريق الصواب، وعلى هذا الأساس، دعا الإسلام الإنسان إلى أن يتحرر من كل رواسبه ويقف وجهاً لوجه أمام الحقيقة الواضحة تحت شعار: {تلك أمانيُّهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} (سورة البقرة/111).

    2 - في مجال العلم، فلكي تكون النظرية العلمية في مستوى الحقيقة التي لا تقبل النقاش، لا بد أن تحصل على نسبة اليقين، وذلك حين تؤكد التجربة العملية صحتها، وبهذه المناسبة نشير إلى الطريقة المدرسية التي تقدم النظريات كأشياء جاهزة لا تقبل الجدل، الأمر الذي يوحي إلى طلاب الصفوف الابتدائية والثانوية، بأنها نظريات على مستوى الحقيقة، كما هو الحال في نظرية داروين في النشوء والارتقاء، ونظرية فرويد وغيرهما، في الوقت الذي نجد أصحاب هذه النظريات يعترفون بأنها ظنية تنطلق من قضايا جزئية خاصة وملاحظات محدودة.

    لذلك يجب ألا نعطي العلم المعاصر أكثر مما أعطى نفسه، فقد تأتي نظريات جديدة كنظرية النسبية لأينشتاين لتقلب الكثير من النظريات التي قبلها، لأن القضية ليست بمستوى 1 + 1 =2.

    3 - في مجال العلاقات مع الآخرين: فلكي تحكم على إنسان بأي صفة كانت، سواء في مجال الدين كأن تقول عنه إنه ملحد أو فاسق أو مؤمن، أو في مجال السياسة كأن تقول عنه إنه خائن أو مخلص، أو في مجال الأخلاق العامة كأن تقول إنه أمين أو صادق أو كاذب أو سارق أو مرتش أو منافق... فكر في الأساس الذي ارتكزت عليه أحكامك، فهل هو بنسبة 100% أو أقل من ذلك، فليس لك أن تحكم إذا كان الأساس يرتكز على نسبة أقلّ، فلعلَّ الحقيقة في الطرف الآخر، تماماً كما هي الحالة في الجو عندما يكون غائماً في جانب ومضيئاً في جانب آخر، فقد يقول الذين يعيشون في جانب الغيم، إنه لا نور هنا، بينما الحقيقة أن النور موجود، ولكن لا بد لرؤيته من الانتقال إلى الجانب الآخر، وهكذا قد تكون الحقيقة في الـ 40% إذا كانت نسبة وضوح الجانب عندنا 60%.

    وبهذا نغلق أبواب الإشاعات التي تجد لها المجال الواسع في حياتنا، عندما تجد الكثيرين الذين يتقبلونها دون وعي أو حساب، ونتخلص من فوضى الألقاب بلا حساب في جانب المدح والذم.. وهكذا نسير مع هذا الاتجاه عند التحدث عن العقائد والمبادئ. فليس لك أن تعطي أيّ عقيدة أو مبدأ أيّة صفة إلا إذا كنت تملك المعلومات الصحيحة عنها. وبهذا سوف نتخلص من فوضى التهم التي توجه للأديان والعقائد دون حساب، انطلاقاً من معلومات خاطئة لا ترتكز على مصادر وثيقة، بل على إشاعات من هنا وكلمات من هناك أطلقها مغرضون أو جاهلون، كما نشاهده في نظرة الشباب إلى الدين عندما يصفونه بأنَّهُ «ضد العلم» أو «مخدر» أو «رجعي» دون أن يملكوا أيّة معرفة عن الدين تبرر لهم هذا الاتهام، وإنما هي الكلمات التي أخذوها عن فلان وفلان فاعتنقوها دون تفكير.

    4 - في الحوار مع الآخرين.. فلكي تجادل في أيّ فكرة أو تحاور في أيّ عقيدة، لا بد لك من أن تملك الثقافة والمعلومات التي تستطيع أن تدير معها عملية الحوار والجدال بسلام.

    أمّا إذا لم يكن لك علم في ما تناقش فيه أو تجادل فيه، فإنك ستحوَّل هذا النقاش إلى نوع من المهاترات والكلمات الفارغة التي لا تعطي إلا الرنين ولا تؤدي إلا إلى إضاعة الوقت وإثارة الأحقاد والضغائن.

    وقد أشار القرآن إلى هذه الفئة من الناس التي لا تملك مقوّمات الحوار الهادئ العميق في قوله تعالى: {ومِنَ النّاس من يُجادل في الله بغير علمٍ ولا هدىً ولا كتابٍ مُنيرٍ} (الحج/8).

    فهو لم يشجب موقفهم لأنهم جادلوا في الله، بل أراد أن يستنكر عليهم الفكرة المضادَّة التي ينطلقون منها في حالات الجدل، دون أن يملكوا الأساس العلمي لها.

    ومن هنا نعرف الفرق بين أن تستفهم وتسأل عما لا تعلم، فهذا هو ما يدعو الإسلام إليه، وبين أن تجادل بغير علم وهو ما يستنكره، لأنك في الحالة الأولى لا تملك إلا علامات استفهام تثيرها أمام الفكرة وأمام الأجوبة التي تثار أمامك حولها، فأنت في كل ذلك طالب معرفة، أمّا في الحالة الثانية، فأنت تتبنى الفكرة دون أن يكون لك حجة عليها، ولذا فسوف يتحول موقفك إلى عناد وإصرار على الجهل.

    5 - في المجالات العامة: كما في الشهادة على الدعوى، فلكي تشهد على أية قضية، لا بد من أن تكون القضية واضحة 100%، فقد سئل النبي محمد (ص) عن الشهادة، كيف أشهد، فالتفت النبي (ص) إلى السائل، وكانت الشمس في وسط النهار والطقس صحو «على مثل هذا فاشهد أو دع..».

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    أرض الله الواسعة
    المشاركات
    6,631

    بحث/ لا تَقْفُ ما ليس لك به علم/ العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله دام ظله











    أحسنت وبارك الله فيك أخي , ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ سماحة المرجع الغالي السيد فضل الله علماً وذخراً وسنداً للمؤمنين جميعاً ويسدد خطاه وينصره آمين يارب العالمين .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني