"القاعدة" تطلق حملة لإعادة استقطاب عناصر "الصحوة"
تحول "المالكي" إلى مركز قوة رئيسي يؤثّر إيجابا على الوضع الأمني





2008-09-27
العراق- شرق برس : وكالات

أكد مصدر فرنسي مطلع ان الاوضاع الأمنية في العراق في تحسن مستمر نتيجة تحول رئيس الوزراء نوري المالكي الى مركز قوة رئيسي. في وقت أعلن قائد الجيش الأميركي في محافظة بغداد الجنرال جفري هاموند ان المحافظة تشهد خلال رمضان الحالي شهرا هو الاقل عنفا منذ ثلاث سنوات رغم ارتفاع مستوى العنف مقارنة مع الاشهر الاخيرة.

وقد المصدر ان الوضع الامني في العراق في تحسن مستمر، وهو قائم على معطيات ثابتة، وبالتالي لا يمكنه الانتكاس الى ما كان عليه قبل سنة ونصف السنة، مشيرا الى أن عدد الحوادث الامنية الآن هو حوالي 400 في اليوم الواحد، في حين انه كان يصل الى 1500 في ذلك التاريخ. وتوقف المصدر أمام ثلاثة مؤشرات اساسية:

الاول هو ان التحسن الامني نوعي وكمي، ويلاحظ هنا في صورة جلية ان العمليات ذات الطابع الدموي قد تراجعت بصورة كبيرة، بالرغم من بعض التفجيرات التي حصلت في الايام الاخيرة.

والثاني هو ان رئيس الوزراء نوري المالكي آخذ في التحول الى مركز قوة رئيسي، وقد برهن عن قدرات ملموسة من خلال مواجهة حالة الفلتان التي كانت قائمة، وفرض الامن في منطقتي البصرة والموصل، وقد بدأ عمله في إعادة بناء الجيش العراقي يعطي مفعوله، وهو سائر في هذا الطريق حتى نهايته.

والثالث هو عودة التفاهم بين المالكي والاطراف السنية (جبهة التوافق) التي كانت قد انسحبت من حكومته، الامر الذي ينعكس في اتجاهين:

الأول هو تعزيز العملية السياسية، وقد ظهر ذلك على نحو خاص من خلال اقرار قانون الانتخابات المحلية يوم الاربعاء الماضي، بعد جدل طويل وخلافات بسبب كركوك، والتفاهم من اجل ترحيل الخلاف القائم من حول وضع المدينة، وكذلك قانون النفط، والاتجاه الثاني هو انه يقوي من موقف العراق في المفاوضات الجارية مع الطرف الأمريكي بصدد الاتفاقية الأمنية.

وأكد المصدر ان الامم المتحدة والاطراف التي تتابع الموقف الميداني في العراق، تشارك فرنسا الرأي حول التقدم الحاصل، والذي هو مبني على معلومات مدروسة، موضحا ان المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة في شأن الاتفاقية الامنية تمر بمرحلة حساسة، لأن قرار مجلس الامن يحدد مهلة ولاية القوات الاجنبية بنهاية العام الحالي، ومن المسائل الصعبة تحديد روزنامة زمنية لانسحاب القوات الاميركية، وهو ما يعارضه الاميركيون حتى الآن، كما أن العراقيين يعارضون بقاء القوات الاميركية تحت "الفصل السابع" من ميثاق الامم المتحدة لأن ذلك يمس قضية السيادة الوطنية.

الى ذلك، أعلن قائد الجيش الأميركي في محافظة بغداد الجنرال جفري هاموند ان المحافظة تشهد خلال رمضان الحالي شهرا هو الاقل عنفا منذ ثلاث سنوات رغم ارتفاع مستوى العنف مقارنة مع الاشهر الاخيرة، مؤكدا خلال لقاء مع الصحافيين ان نحو ستين هجوما سجلت في محافظة بغداد خلال الايام الأحد والعشرين الاولى من رمضان الجاري مقابل حوالى 800 عام 2006 وقرابة 500 خلال عام ،2007، معربا عن ارتياحه لأن "معدل الهجمات لا يتجاوز نسبة 2،4 يوميا خلال السنة الجارية". الا انه أقر "بزيادة طفيفة في اعمال العنف" خلال سبتمبر/ ايلول مؤكدا "انه شهر رمضان" حيث تزداد الهجمات عادة.

وأكد هاموند ان اعمال العنف تلك ناجمة عن خليط من "الجريمة ومحاولات القاعدة افشال عملية" تطبيع الامور في البلاد وليست نتيجة العنف الطائفي، معتبرا ان انخفاض الهجمات يعود الى "الفعالية المتزايدة لقوات الامن العراقية" التي تحارب المتمردين الى جانب القوات الاميركية و"تتلقى مزيدا من المعلومات من الناس" حول نشاطات المتمردين، خاتما بالقول "رغم النجاحات التي حققناها، ما زلنا بعيدين عن الانتهاء. فالمهمة لم تنجز بعد تماما وما يزال امامنا عمل كثير في بغداد".

وفي سياق آخر،قالت مصادر قريبة من الجماعات العراقية المسلحة ان تنظيم "القاعدة" أصدر توجيهاً إلى مسلحيه بوقف العمليات ضد "مجالس الصحوة"، بعد أيام من رسالة صوتية لزعيم "دولة العراق الاسلامية"، داعيا فيها عناصر"الصحوات" للعودة الى "المقاومة".

وفيما لم يستبعد قادة في المجالس نجاح "القاعدة" في استقطاب مقاتلين ساخطين بسبب تخلي القوات الأميركية عن دعمهم، وإغرائهم بالمال، أكد مسؤولون أمنيون عزم الحكومة على الايفاء بالتزاماتها تجاههم.

وقال مصدر مقرب من الجماعات المسلحة إن تنظيم "القاعدة" اطلق حملة لإعادة استقطاب عناصر "الصحوة"، شملت وقف العمليات ضدهم، مشيرا الى ان قرار الجيش الأميركي التخلي عن "مجالس الصحوة" والحاقها بالحكومة "دفع جماعات مختلفة الى محاولة اعادة هيكلة تنظيماتها، لكن بعضها فوجئ باتصالات مسؤولين في "القاعدة"، تعهدوا خلالها وقف العمليات ضد عناصره وتجميد فتاوى القتل الى حين مراجعة مواقفهم والعودة الى العمل المسلح".

وكان زعيم تنظيم "دولة العراق الاسلامية" ابو عمر البغدادي دعا في تسجيل صوتي بثته مواقع الكترونية مساء الأربعاء عناصر "الصحوة" الى تصويب أسلحتهم نحو "المحتل الصليبي"، لكنه لم يعلن وقف حملة القتل التي اطلقها قبل أشهر ضد السنّة المناهضين لتنظيم "القاعدة".

وستتولى الحكومة الأربعاء المقبل المسؤولية الكاملة عن "مجالس الصحوة"، بناء على اتفاق سابق مع الجيش الأميركي، ما أثار مخاوف المجالس ودفع بعض مسلحيها الى الانسحاب من مواقعهم. وأكد المستشار لدى هذه المجالس ابو عزام التميمي ان تحويل ملفها الى الحكومة سبب "إحباطاً كبيراً لعناصرها وانعكس ذلك زيادة في العمليات الإرهابية بعد تخلي أعداد من منتسبي الصحوة عن مواقعهم".

من جهة أخرى، لم يستبعد قائد "صحوة التاجي" العقيد سعيد عزيز سلمان استجابة بعض المسلحين دعوة "القاعدة" ومجموعات أخرى لإعادتهم الى العمل المسلح، خصوصاً إذا لم توف الحكومة بوعودها وامتنعت عن دفع رواتبهم. وقال إن "المرحلة المقبلة ستثبت نجاح الحكومة أو فشلها في استقطاب عناصر الصحوة في مواجهة إغراءات القاعدة المادية"، مضيفا ان "المستقبل بالنسبة الى تلك العناصر ما زال مجهولاً وإذا لم تقدم الحكومة أدلة على ايفاء تعهداتها فالنتائج ستكون سلبية، على رغم ان معظم العناصر لا يرغب في العودة الى مرحلة الاضطراب الأمني بعد ان عاشوا الأمن والاستقرار في مناطقهم".