الحرب الأهلية الأمريكية تلك حرب قامت بين دول الشمال الأمريكي والجنوب الأمريكي داخل الولايات المتحدة الأمريكية , دول الشمال الأمريكي اهتمت بالصناعة والتجارة ونشر التعليم بين صفوف شعوبها , أما دول الجنوب فقد اهتمت بالزراعة فقط , وأقدمت على استخدام الإنسان كآلة لتحقيق دخل كبير , استخدمت الهنود الحمر السكان الأصليين كعبيد يعملون لديهم , إضافة إلى عدد كبير من الأفارقة .
دعت دول الشمال إلى تحرير العبيد في جميع المقاطعات الأمريكية , لان ذلك يعتبر عيبا على الإنسان وطمسا لحقوقه المشروعة , إلا إن دول الجنوب أعلنت عدم تمسكها بهذا المشروع , وأدى الأمر إلى إعلانها الانفصال عن دولة الولايات المتحدة الأمريكية .
ومن هذه الأجواء المشحونة , أعلنت دول الشمال الحرب على دول الجنوب , والتحق عدد كبير من عبيد دول الجنوب بالجيش الأمريكي الشمالي لمقاتلة الجنوب , وفي الأخير انتصرت دول الشمال على الجنوب وأعيد ضم دول الجنوب إلى هيكل الولايات المتحدة الأمريكية , وأعلن الرئيس أبراهام كولن الرئيس الأمريكي قراره في منح عبيد الولايات المتحدة الأمريكية الحرية .
وكم كانت فرحة عبيد الولايات المتحدة الأمريكية بهذا القرار الإنساني الرائع الذي لم تقوم من اجله حرب في العالم إلا حروب الأنبياء والرسل والحرب الأمريكية , ولم تقم دعوة في العالم تحمل تحرير الإنسان من العبودية إلا دعوة الأنبياء والرسل ودعوة دول الشمال في الولايات المتحدة الأمريكية .
ولكن كم كانت المأساة , والأسف الكبير ...!! , فان العبيد لم يحترموا تلك النفوس التي جاءت وبذلت أرواحها من اجلهم , ولأن العبيد لم يعرفوا جيدا كيف يدبروا أمرهم وانتقالهم من العبودية إلى الحرية , وبعد مرور الأيام القليلة والتي لم تتجاوز عمر حمل الضأن , عاد العبيد العمل لدى أسيادهم , رغم إن آثار السياط ما زالت تحملها جلودهم , وذكريات التعذيب والتنكيل والقتل والاغتصاب وحياة الذل ما زالت عالقة في أذهانهم .
ويبدو إن الأمر واضح فان هؤلاء العبيد " الأحرار الجدد " فتحوا أعينهم في الدنيا فوجد كل واحد منهم ا ن أباه وعشيرته تعمل بهذه الصنعة , لذا تحولت دمائهم من دماء الأحرار إلى دماء العبيد , بل نسي هؤلاء حياة الأحرار , وان مشكلة تحويل هذه الدماء إلى دماء أحرار بحاجة إلى وقت طويل وموقف صعب , وإلا كيف ينتقل الإنسان من العبودية إلى الحرية بليلة وضحاها , من المؤكد أن العقل لا يتحمل هذا أبدا , ويبقى يحمل حنينا كبيرا إلى حياته الأولى " العبودية ".
والآن ...
لقد فرحنا كثيرا في الإطاحة بنظام صدام حسين , وكنا ننتظر مستقبل قريب , اقل عمر في ذلك عام أو أكثر من ذلك بقليل , ولكن الظاهر إننا لم نعرف كيف نتصرف بأمورنا , وننسق علاقاتنا معا , حتى كثرة مشاكلنا وأمست بحجم المشاكل التي نتعرض إليها وتكاد أعظم منها , فهل ذلك مؤشر أن نعود إلى " طريقتنا الأولى " كما حدث لإخوتنا عبيد أمريكا . والله من وراء القصد إن كنا أحرار فعلا , .