السنة يعدّونه زعيماً غير طائفي
الانتخابات المحلية تقرر مصير المالكي ومستقبله في حكم العراق



بغداد-واشنطن-النور:

الأكراد وكتلة "ربما تكون واسعة التأثير من الشيعة" تتفق على أنّ (المالكي) قد يتحوّل الى "دكتاتور بثوب ديمقراطي" إذا ما تعزّزت قوّته أكثر مما هي عليه الآن. لكن آخرين –من الشيعة والسنة- يعتقدون أنه "زعيم غير طائفي" وأنه بضربه للميليشيات أكد عمله من أجل العراق. وينظر العلمانيون من هؤلاء يأسف لأنه يتزعم حزباً دينياً "محدد الطائفة"، فيما يعدّه آخرون "حاجة سياسية" لأنه ضد تطلعات أقلمة الجنوب، وضد "المطامع الكردية".

ويقول (آمت بالي) مراسل الواشنطن بوست في بغداد: إن رئيس الوزراء (نوري المالكي) هو القضية الرئيسة في الانتخابات المحلية التي ستُجرى في نهاية الشهر. ويشير الى أن (المالكي) شخصياً لن يخوض الانتخابات، لكنه من خلال حزبه ومن خلال قائمة "تحالف دولة القانون" استطاع أن يحوّل سياق الانتخابات الى ما يشبه الاستفتاء العام على "حكمه" ومصير "سلطته" ومستقبلها في العراق.

وستكون الانتخابات المحلية أو "المحافظاتية" سباق التنافس الأكثر حسماً في إطار محاولة (المالكي) تعزيز سلطة الحكومة المركزية، و"قيادته" هو شخصياً، بما يؤهله لتجديد "رئاسته للوزراء" في الانتخابات البرلمانية المقبلة. ولكن بإزاء ذلك هناك تيار قوّي وواسع التأثير في المحافظات الجنوبية يقوده المجلس الأعلى الإسلامي في العراق، يعمل باتجاه مختلف (الدعوة الى أقلمة الجنوب) و (إضعاف الحكومة المركزية) أو (تقوية صلاحيات الأقاليم بحيث لا تستطيع حكومة المركز في بغداد فرض إرادتها على كل العراق) وهذا (ما يعمل في سياقه أيضا إقليم كردستان).

وتضيف الواشنطن بوست قولها: إذا استطاع (المالكي) تأسيس قاعدة واسعة على نطاق العراق من خلال دعم السياسيين المحليين في المحافظات، ومن خلال دعوته لتعزيز سلطة الحكومة المركزية، فإنه سوف سيجعل السنوات الثلاث الماضية من حكمه قاعدة لتحوله من "نائب شبه مغمور في البرلمان" الى "رجل دولة قوّي" لم يظهر شبيه له منذ سقوط (صدام حسين).

وعلى الرغم من أن تاريخ حزب الدعوة –كحزب سياسي شيعي- يعارض الحكومات العلمانية، فإن (المالكي) و"تحالف دولة القانون" الذي يقوده –تقول الواشنطن بوست- يتفادى العمل في الكسب الانتخابي من خلال الرسائل الدينية، لصالح الوعود الشعبية بتطوير الحال الأمنية وبتحسين أداء الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء. وترى الصحيفة أن تنامي شعبية (المالكي) تهدد حتى الآن حلفاءه في السلطة خلال السنوات السابقة، بضمنهم الأكراد وزملاؤه الشيعة، إذ يركز هذان الطرفان على التخوف من تحول (المالكي) الى "زعيم قوّي"!.

ومنتقدوه، يشدّدون على أنه سيوسّع "قوته" هذه في الانتخابات البرلمانية المقبلة نهاية السنة الحالية. يقول (وليد صالح شركه) النائب في البرلمان ضمن الكتلة الكردية: ((هل تخلصنا من الدكتاتور الكابوس صدام حسين، فقط لنحصل على دكتاتور جديد يرتدي ثوب الديمقراطية)).

ولكن مقابلات أجريت مع اكثر من 100 شخصية في أنحاء العراق –كما يقول مراسل الصحيفة الأميركية- أظهرت أن العراق يعطي المزيد من الدعم لـ (المالكي). وفي كثير من الحالات بسبب التكتيكات العسكرية القوية التي أزعجت "حلفاءه". والشيعة يقولون إنهم يدعمونه، وهكذا يقول الكثيرون من السنة، الذين ينظرون إليه وبشكل متزايد على أنه "زعيم غير طائفي". وترى الصحيفة الأميركية أنه بنى هذه السمعة فقط على مدى السنة الماضية، عندما شرع في حملاته العسكرية ضد الميليشيات الشيعية التي يقودها (مقتدى الصدر) الذي كان حليفه ذات يوم وأحد أسباب صعوده الى رئاسة الوزراء، فضلا عن تهديدات للأكراد برغم أنهم "أحد الحلفاء الرئيسين في سلطته".

ويتفق مؤازرون شيعة لأحزاب أخرى –كالمجلس الأعلى الإسلامي في العراق- مع الأكراد في أنّ (المالكي) يخطط من الآن لـ "مشروع الحكم الدكتاتوري في بغداد" والعمل على إعادة فرض سيطرتها على العراق كله. فيما يؤكد شيعة مناصرون لـ (المالكي) أنه هو الوحيد الذي يعمل من أجل العراق كله، فيما تعمل الأطراف الأخرى لمصلحتها الخاصة.

وثمة آخرون بين هؤلاء وهؤلاء –وأغلبهم كما تقول صحيفة الواشنطن بوست من السنة والشيعة العلمانيين أو غير المنتمين الى أحزاب دينية- يعدّون "شخصية المالكي" غامضة حتى الآن، وأن مجرّد قيادته لـ "حزب ديني" تقف عائقاً من دون قدرتهم على تفهم الأبعاد الحقيقية لما يمكن أن تكون عليه سياساته إذا ما قويت سلطته، ولاسيما إذا تجدّدت له فترة 4 سنوات جديدة في رئاسة الوزراء بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة،