بقلم: مهند حبيب السماوي

لايخفى على من يعرف الحد الادنى من الف باء الحوار والخطاب، سواء كان من النوع السياسي او غيره من الحوارات، أن السؤال المبني على أسس صحيحة وواقعية ويبغي الكشف عن غموض ما ، يتطلب بالمقابل جواب دقيق وواقعي كاشف لما اراده صاحب السؤال ان يعرفه ، وهو بالتالي يمكن أن يكون جواباً لفظياً خطابياً او قد يكون جواب من نوع أخر يتمثل بسلوك معين ضمن سياق ما .

ففي خطوة أعتبرها بعض المراقبين والمتتبعين غير مسبوقة وجديدة على الساحة السياسية العراقية وجه رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي الشيخ صباح الساعدي سؤالاً إلى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حمل الكثير من الدلالات والأشارات المهمة حول واقع الفساد المالي في العراق ومدى مصداقية محاربته من قبل الحكومة العراقية، حيث قال الساعدي في تصريح صحفي لوكالة بلاد نيوز وعلى الرابط :


http://www.biladnews.net

"اذا كان رئيس الوزراء جاداً في محاربة الفساد فإن ذلك يستدعي منه وقفة شجاعة لا ان يكتفي بالاقوال فقط... بالامس القريب صرح المالكي أن الفساد المالي والاداري ينخر جسد الدولة، ونحن بدورنا نقول: من المسؤول عن ذلك؟ ألستم انتم الحكومة والوزراء ؟ " .

وبعد ذلك خاطب الساعدي رئيس الوزراء مباشرة قائلاً " ألست مخولا بموجب الدستور أن تقيل الوزير الفاسد والمتلكئ، ام ان تلك تصريحات للاستهلاك الاعلامي وتمهيد للدورة الانتخابية المقبلة حتى تتصدر صفحات جرائدك الانتخابية ؟ ".

وهذا يعني ان الساعدي يٌحمل رئيس الوزراء مسؤولية بقاء الوزير المتهم بالفساد من جهة كما انه يُحمل الكتل السياسية التي ينتمي لها الوزير مسؤولية بقاء هذا الوزير في منصبه عبر الدفاع عنه ومنع أستجوابه من جهة أخرى ، وهذا واضح حينما قال الساعدي " ان وقوف الكتل السياسية المتنفذة في الحكومة وراء وزرائها وعدم السماح بمساءلتهم كان سبباً رئيساً في عدم استجواب الوزراء المتهمين بالفساد على منصة البرلمان في الفترة السابقة".

ولاريب ان كل حديث عن الوزارات الفاسدة في العراق يجرنا بالضرورة الى الحديث عن وزارة التجارة ووزيرها فلاح السوداني الذي قدمت وزارته نموذج لايمكن أحتذائه مطلقاً من ناحية الفساد في العراق وكيف لا ....والمواطن العراقي " حتى عند سقوط النظام البائد في 2003 كان لديه اربع حصص تموينية تسلّمها مقدماً وتضم 13-17 مفردة موجودة،اما الآن فقد وصل الحال الى تسعة مفردات في البطاقة التموينية، تصل ثلاث مواد منها وثلاث مواد اخرى متأخرة منها مادتان بنوعية غير جيدة وتبقى مادة واحدة معلقة لحين تشكيل الحكومة الجديدة ! "على حد تعبير الساعدي الذي لجأ، كما يبدو، للتهكم حول هذا الوضع المزري الماساوي الذي ترزح تحت وقره وزارة التجارة .

الحديث عن وزارة التجارة عاد للظهور مرة اخرى بعد فترة ركود استمرت سنة كاملة كان في حينها يطالب الساعدي باستدعاء وزير التجارة فلاح السوداني للبرلمان العراقي وفي وقتها حالت بعض الكيانات السياسية دون مجييء السوداني للبرلمان وقد نقلت لنا آنذاك بعض وكالات الأنباء تصريح غريب للنائب سامي العسكري يقول فيه بأن مطالبة رئيس لجنة النزاهة الشيخ صباح الساعدي باستدعاء وزير التجارة فلاح السوداني تقف ورائه أسباب سياسية ، وقد أضاف (العسكري ) أن" ألساعدي يتصرف بصفة شخصية دون اللجوء إلى أعضاء اللجنة الذين وصفهم بأنهم لايتفقون معه في هذا الأمر " وأكد أن موضوع محاسبة الوزراء يجب أن يتم ضمن أساليب أصولية وقانونية يتبعها مجلس النواب من دون أن تكون محاسبتهم لأغراض سياسية" على حد وصفه .

وهذا يعني أن وزير التجارة غير مقصر في رأي السيد العسكري ولا تشوب عمله أي شائبة وأنه ووزارته يقدمان للمواطن العراقي مايطمح أليه أي إنسان في منطقتنا هذه !!!.

الرجوع لتصريحات العسكري هذه بشأن وزراة التجارة في هذا الوقت تعد بمثابة مراجعة أخلاقية قيمية لسلوك عام لبعض أعضاء البرلمان العراقي المتمثل في دفاعهم عن وزراءهم أو عن نواب آخرين من نفس كتلتهم حتى لو كان التقصير و" الغلط راكبهم من ساسهم
لراسهم " ، ومن البديهي ان النائب سامي العسكري لا يشعر بمعاناة الأنسان العراقي ، فلا أعتقد أنه يعرف ما تحتوي البطاقة التموينية من مفردات غذائية ولا نوعها ولا حتى شكلها ، ولهذا تراه لا يحس باوجاع العراقي الذي ذاق الويلات من هذه البطاقة فيدافع عن وزير التجارة ويحاول أدارة القضية باتجاه اخر عبر اتهام رئيس لجنة النزاهة الشيخ صباح الساعدي بان استهداف وزير التجارة هو أمر يقع ضمن أجندة سياسية ولا يرتبط بواقع الخدمة التي تقدمها وزارة التجارة للمواطن ،وهذا يكشف أن العسكري لايعرف راي المواطن العراقي بالبطاقة التموينية وهذا أمر معيب ومخجل يجعل المواطن يراجع نفسه الف مرة في الانتخابات المقبلة ، بل الامر اكثر من ذلك حيث يصل اللامعقول الى درجة كبيرة متمثلا في راى العسكري الذي أكد فيه ان طلب اقالة السوداني يمثل راي شخصي وان اعضاء اللجنة لايتفقون مع الساعدي في هذا الامر وهذا يعني ان اللجنة التي تعمل مع الساعدي لاترى اي تقصير وسلبية في اداء وزير التجارة تستحق الاقالة ، وهذا يعني ايضاً ان كان العسكري من الصادقين ان أعضاء اللجنة ايضاً لايعرفون البطاقة التموينية وماتتضمن من مفردات بائسة....

فأي لجنة هذه ؟

واي أعضاء هؤلاء الذين انتخبهم الشعب ؟

واي ماساة تلك التي تحيط بالشعب العراقي وهو يرى ان نوابه الذين انتخبهم تدافع عن وزير متهمه وزارته بقضايا فساد كبرى ؟

والان…. مالذي ساقوله جواباً على هذه الاسئلة ؟

لا اعرف بصراحة الاجابة على هذه الاسئلة ... وليت السيد رئيس الوزراء يجيب قبلي على أسئلة صباح الساعدي التي وجهها اليه فيما يتعلق بالوزارات المتهمة بقضايا الفساد !

مهند حبيب السماوي

[email protected]