حزب الدعوة المقر العام ... الخيارات الصعبة



مراقب أكاديمي

الظرف الذي يمر فيه حزب الدعوة/المقر العام هذه الأيام تعتبر من أحرج الظروف وأي قرار مهما كان نوعة سوف يترتب عليه أستحقاقات خطيرة قد تؤثر تأثيرا خطيرا على سمعة هذا الحزب وعلى رصيده من التضحيات خلال العقود السابقة وعلى مسيرته في المستقبل والسيناريوهات المطروحة أمام حزب الدعوة سيناريوهات تحمل في طياتها محاولة تفكيك هذا الحزب وتشويه سمعته على النطاق الجماهيري...ومن يتزعم هذا الإتجاه هو العدو التقليدي لحزب الدعوة وهي المخابرات الإيرانية بذراعها الطويل في العراق وهو المجلس الأعلى والأذرعة القصيرة الأخرى أمثال حزب الدعوة/تنظيم العراق.
المطروح على الساحة السياسية في العراق هو إعادة تشكيل الإئتلاف العراقي الموحد وبإسم جديد بعد الهزيمة الكبيرة التي مني بها المجلس الأعلى في الإنتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات وبعد التقدم الكبير الذي حظي به حزب الدعوة/المقر العام نتيجة التقدم الأمني بعد صولة الفرسان.

يعرف المجلس الأعلى جيدا أنه ورقة محروقة في الشارع العراقي ويعرف كل من ينتمي تحت راية المجلس الأعلى تحت أية مسمى كان سوف يكون مصيرة الهزيمة في الإنتخابات البرلمانية القادمة ولذلك يعمل المجلس الأعلى على أن لا تخرج قائمة الإئتلاف العراقي الموحد بأسمها الجديد دون أن تضم تحت جناحها قائمة المالكي لأنهم كما يعتقدون إن المالكي هو الورقة الرابحة الوحيدة في هذا الإئتلاف الجديد وهم سوف يعتمدون على هذه الورقة للمرور إلى قبة البرلمان الجديد وبالتالي مرور المخابرات الإيرانية لهذه القبة.

في المقابل يقف المالكي ومن وراه حزب الدعوة المقر العام أما خيار صعب ولعله أصعب الخيارات في تاريخ هذا الحزب ولذلك فهو يقدم خطوة على طريق إنضمامة إلى الإئتلاف الجديد ويؤخر خطوات...فإذا ما قرر الإنضمام إلى الإئتلاف الجديد يكون قد ضحى بسنوات من النضال ويكون قد تنكر لدماء آلاف الضحايا الذين عبدت دمائهم الطريق لسقوط الحكم الدكتاتوري السابق وتنكر لهذه الدماء المجلس الأعلى وكل من إنتمى للإئتلاف الحاكم ويعرف جيدا أن الشعب العراقي وصل إلى درجة من الوعي لا يمكن بعد الأن أن تؤثر فيه الإطروحات الطائفية الضيقة والإطروحات القومية لأن في الأصل لم تجد أطروحات من هذا القبيل أرض صالحة لها في المجتمع العراقي قدر ما وجدت لها الأرض الصالحة في ذهنية الساسة التي تحركها أيادي مخابراتية هنا وهناك...فللعب على الوتر الطائفي الضيق هو الأخر أصبح ورقة محروقة ولذلك نرى هذه الأيام كثرت الإطروحات الوطنية أسما ولكنها طائفية مضمونا وهذا الشيء يعرفه الشعب العراقي وأصبح واضحا كالشمس...يعني هذا إن أي قرار لحزب الدعوة بالإنضمام إلى الإئتلاف الجديد سوف يضع هذا الحزب تحت نفس الخيمة، خيمة الفساد وسرقة المال العام والتنكر لحقوق الشعب العراقي والإرتباط بالخارج صفات أتسم بها الإئتلاف وهي صفات باتت مطبوعة في ذهن الشعب العراقي، وبالنتيجة فإن حزب الدعوة/المقر العام سوف يكون الخاسر الأكبر وقد لا تقوم له قائمة بعد الآن...

من جهة أخرى يعرف حزب الدعوة/المقر العام إن قرار إنسلاخة عن خيمة الإئتلاف الجديد يحمل بين طياته خطورة كبيرة جدا فهو يعلم إن المجلس الأعلى سوف يحاول بجميع الطرق سحب البساط من تحت قدمي المالكي بما يملك هذا المجلس من آليات مختلفة لتنفيذ ذلك...يستطيع المجلس الإعلى وبمساعدة المخابرات الإيرانية أن تلهب الشارع العراقي بسلسلة من الإنفجارات المستمرة هنا وهناك من خلال منظمة بدر الذراع العامل للمخابرات الإيرانية في الساحة العراقية دون النظر في كون التفجيرات تحدث في مناطق مختلفة من العراق سواء كانت تنتمي لهذه الطائفة او تلك، لهذه القومية او تلك المهم زعزعة الوضع الأمني داخل العراق ولحين الإنتخابات مع حملات منسقة ضد المالكي وحزب الدعوة/المقر العام مع كشف كافة الأوراق والتي تصب في مصلحة المجلس الأعلى، ويعلم المالكي أيضا إن المجلس الأعلى يستطيع سحب البساط من تحت قدمي حزب الدعوة وذلك من خلال طرح الثقة بحكومة المالكي وبالتالي سحب الثقة وإجبار الحكومة على الإستقالة في مرحلة حرجة وتنصيب ليس بالضرورة عادل عبد المهدي إنما اي وجه يخدم مصالح المجلس الأعلى للمرحلة المتبقية وبذلك يدخل حزب الدعوة/المقر العام الإنتخابات القادمة عاريا من أية منصب حكومي، كما سوف يحاول المجلس الأعلى تحسين صورته في المرحلة المتبقية بعد سيطرته على منصب رئاسة الوزراء من خلال بعض القرارات الآنية كأن يصرف نصف راتب للموظفين أو إعطاء مائة ألف لكل عائلة مستغلا فترة الأعياد القادمة قبل الإنتخابات كجزء من رشوة إنتخابية مكشوفة كما فعلها سابقا آياد علاوي وحصد من خلالها الكثير من الأصوات.

واضح إن الخيارات المطروحة أمام المالكي خيارات صعبة ومرة في نفس الوقت وهذا ما يجعل المجلس الأعلى مقتنعا إن المالكي سوف يأتي صاغرا للإنضمام تحت خيمة الإئتلاف الجديد والمسألة مسألة أيام ليس إلا ولذلك يؤجل المجلس الأعلى الإعلان عن الإئتلاف الجديد، وحتى لو اعلن الإئتلاف بدون حزب الدعوة/المقر العام سوف يبقي الباب مفتوحا أمام المالكي لمراجعة نفسه قبل أن يلجأ المجلس الأعلى للخيارات المذكورة أعلاه ولو إنه أرسل عدة رسائل قبل أيام تبين قدرة المجلس الأعلى على حرق الشارع العراقي من خلال سلسلة التفجيرات التي حدثت هنا وهناك.

على حزب الدعوة/المقر العام ان يراجع نفسه قليلا وماذا حصد خلال السنوات الأربعة الماضية حينما قبل بمنصب رئاسة الوزراء فقط على أن لا يكون أي وزير من الوزراء من حزب الدعوة/المقر العام او من الوزراء المستقليين والذين يتمتعون بالخبر والكفاءة والنزاهة...كانت النتيجة إن المالكي كان رئيس وزراء لحكومة مرتبط وزرائها بإجندات إقليمية ودولية فمن المخابرات الإيرانية إلى المخابرات السعودية وبقية الدول الإقليمية إلى المخابرات الدولية وبذلك كان المالكي في حقيقة الأمر يحكم نفسة فقط وكان كل وزير يعزف للجهة التي أوصلته للوزارة وبذلك عم الفساد وضاعت ميزانيات عملاقة في جيوب المفسدين وتحولت إلى تفجيرات تقتل العراقي هنا وهناك وقصور في جميع أنحاء العالم وإستثمارات في هذه الدولة أو تلك وقد أعترف المالكي بعدم كفاءة الوزراء المفروضين عليه وراح حزب الدعوة يعلل النقص في الخدمات وتلبية متطلبات الشارع العراقي بالمحاصصة وهو صادق في ذلك ولكنه يتحمل المسؤولية...

نحن نعتقد ومن خلال قراءة واقعية للشارع العراقي كما قلنا سابقا وبغض النظر عن إننا نؤيد هذا الطرف أو ذاك، إن الخيار الصحيح للمالكي أن ينزل إلى الإنتخابات بنفس القائمة التي نزل بها في إنتخابات مجالس المحافظات مع ملاحظة إبعاد العناصر الفاسدة من هذه القائمة وأول هذه العناصر هو حزب الدعوة/تنظيم العراق وهو حاليا حزم أمره وآئتلف مع المجلس الأعلى ولكن بسهولة يمكن أن يعود إلى قائمة إئتلاف دولة القانون بإشارة واحدة من المخابرات الإيرانية الراعي الرسمي للمجلس الأعلى وحزب الدعوة تنظيم العراق...كما إن إئتلاف دولة القانون عليه إبعاد الجماعة التي تطلق على نفسها بالمستقلين وتشمل د. خالد العطية نائب رئيس مجلس النواب الحالي و د. علي الدباغ الناطق بأسم مجلس الوزراء الحالي، و د. حسين الشهرستاني وزير النفط الحالي حيث تمثل هذه الجماعة خطرا كبيرا على العراق، فإذا كان المجلس الأعلى يعمل وفق أجندة المخابرات الإيرانية، فإن هذه الجماعة تعمل وفق أجندة مخابرات دولية تستهدف ثروة العراق الإستراتيجية وهي النفط وهي تمثل الجناح الأخطر على الساحة العراقية وبدأ المواطن العراقي يتحسس الروائح الكريهة المنبعثة من هذه المجموعة فالمواطن العراقي لا يريد أن يرى شخص مثل خالد العطية في البرلمان القادم ولا يريد أن يرى شخص مثل حسين الشهرستاني وزيرا للنفط بنفس القدر الذي لا يريد أن يرى العنزي في البرلمان و صولاخ في وزارة المالية أو أية وزارة أخرى، المطلوب الإنفتاح على التيارات الوطنية في غرب وشمال العراق إذا أراد حزب الدعوة/المقر العام خدمة العراق فعلا.



البصرة
[email protected] هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته