سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

هناك روايات متواترة عن الأئمة المعصومين عليهم السلام تحث وتؤكد على الزواج المبكر، لكن اليوم وحسب التطور تولدت فكرة لدى عامة الناس ناتجة حسب دعواهم من التجربة في الحياة أن هذا الزواج غير صحيح لما فيه من آثار سلبية على الزوجين ناتجة عن عدم خبرتهم بالحياة وعدم تقاسمهم وإحساسهم بالمسؤولية هذا بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي الذي يولد كثير من المشاكل مما ينتج أكثر الأحيان فشل في هذا الزواج.
فما هو رأي سماحتكم من الناحية الدينية والاجتماعية.. راجين التفصيل لأنه موضوع ابتلائي.
أدامكم الله ودفع عنكم كل مكروه.
ولدكم الشيخ
محمد السعداوي
بسمه تعالى:-

الزواج المبكر لدى الشباب يعتبر من النعم غير المشكورة عند الكثيرين لأنه يغطي حاجة ضرورية من حاجات نفس الإنسان، ويوفر متطلبات القوة الشهوية التي خلقها الله في نفوس بني ادم لديمومة الجنس البشري واستمراره على وجه الأرض، وبه يكمّل المسلم نصف دينه وعليه أن يتقي الله في النصف الآخر منه، كما ورد في الخبر.
وبه استقرار حياة الشاب والشابة بعد موجة المغريات الجارفة والتي توقع بالفرد إلى إزجاء حاجته الجنسية ولو بطريق الحرام والعياذ بالله، والله يريد الحلال ليستر على عبده ويلبسه ثوب التقوى، فقال تعالى ((هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ)).
وأهم الفوائد التي يمكن جنيها من الزواج المبكر هو استقامة تصرف الفرد واتزانه واحترامه للثوابت العرفية والأخلاقية، فيكون عامل بناء ودعم وإسناد لمجتمعه بدلاً من أن يكون عامل هدم وإفساد عندما يبحث في أعراض الناس وحرماتهم ليوفر متطلبات القوة الشهوية التي زرعها الله فيه، وبالتالي سينتظم أمر المجتمع وتزول من حياته الاجتماعية العديد من المشاكل المتسببة عن اندفاع الشباب نحو حاجاتهم الجنسية، وسيوفر المجتمع طاقات شبابية للبناء خوف أن تتبدد في إغراءات الشيطان وأمانيه. نعم قلة خبرة الشاب قد توقعه في بعض المشاكل غير قادر على التخلص منها، وهنا يأت دور الآباء لتوجيه الشباب في زواجهم المبكر ورعاية قلة خبرتهم وإعانتهم مادياً مما يغطي متطلبات حياتهم الزوجية، وبالتالي سيسد على المشاكل أبواب نفوذها، والحياة مدرسة يتعلم فيها الفرد ما لم يتعلمه من الكتب مع شيء من الصبر والتاني في مواجهة بعض المشاكل، وعدم التسرع في حسمها بالطلاق، والعياذ بالله.
ثم أن ما ذكر في السؤال من تغير النظرة ليس بصحيح لأنه يمثل حالات معينة وليست كلية لكل حالات الزواج المبكر، ونحن نشاهد كثيراً من الزواج المبكر وقد أثمر عائلة كريمة وحياة زوجية هادئة، خصوصاً إذا امتنع الأهل من التدخل إلا بما فيه مصلحة للزوجين، وكانوا يقفون بحياد تام عند حصولها، ووظيفتهم توجيه الزوجين ورفد خبرتهم الناقصة بما يختزنه الواحد منهم من خبرات حياتية.
نعم قد تفشل بعض حالات الزواج المبكر ولكنها قليلة وبفعل التدخل غير المسؤول وغير الداعي للأبوين والأقرباء.
أنا مع الزواج المبكر للشاب ولكن لا على نحو إلجاء الشاب إليه أو إكراهه عليه بل يترك على رغبته يطلبه حيث تضغط الحاجة عليه.وفي الموروث التاريخي مما يغني على ارجحية الزواج المبكر، ومع كلام الشارع وهو يعرف وجه الحقيقة ويشاهدها أمامه، فلا كلام لنا معه.
قاسم الطائي
النجف الاشرف