معلقة لبيد

[poem=font="hesham nagham,4,darkblue,bold,normal" bkcolor="sandybrown" bkimage="http://www.iraqcenter.net/vb/mwaextraedit2/backgrounds/122.gif" border="ridge,9,sienna" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""] عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّها فَمُقَامُها = بِمنىً تَأَبّدَ غَوْلُها فَرِجَامُهَا
فَمَدَافِعُ الرّيّانِ عُرِّيَ رَسْمُها = خَلَقاً كما ضمِنَ الوُحِيَّ سِلاَمُهَا
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِها، = حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلاَلُها وَحَرامُهَا
رُزِقَتْ مَرَابِيعَ النّجومِ، وَصَابَها = وَدْقُ الرّواعِدِ، جَوْدُهَا فَرِهَامُها
مِنْ كُلِّ سَارِيَةٍ وَغَادٍ مُدْجِنٍ، = وَعَشِيّةٍ مُتَجَاوِبٍ إرْزَامُهَا
فَعَلا فُرُوعِ الأيْهقانِ، وَأَطْفَلَتْ = بِالجَلْهَتَينِ ظِباؤُها وَنَعَامُهَا
وَالعِينُ سَاكِنَةٌ على أطلائِها = عُوذاً، تَأَجُّلُ بالفَضاءِ بِهَامُهَا
وَجَلاَ السّيولُ عَنِ الطّلُولِ كَأَنّها = زُبُرٌ تُجدّ مُتُونَها أَقْلامُهَا
أَوْ رَجْعُ واشِمَةٍ أُسِفُّ نؤورُها = كِفَفاً، تَعَرّض فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا
فَوَقَفْتُ أَسْأَلُهَا، وَكَيفَ سُؤَالُنا = صُمّاً خَوَالِدَ ما يَبينُ كَلامُهَا
عَرِيَتْ، وكَانَ بِهَا الجَميعُ، فأَبْكَرُوا = مِنْهَا، وغُودِرَ نُؤْيُها وثُمَامُهَا
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيّ، حِينَ تَحمّلوا، = فَتَكَنّسُوا قُطُناً تَصِرّ خِيَامُها
مِنْ كُلّ مَحْفُوفٍ، يُظِلُّ عِصيَّهُ = زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلّةٌ وَقِرَامُهَا
زَجَلاً، كأنّ نِعاجَ تُوضحَ فَوْقَهَا = وَظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفاً آرامُهَا
حُفِزَتْ وَزَايَلَها السّرَابُ كَأَنّها = أَجزَاعُ بِيشَةَ أَثْلُها وَرِضامُهَا
بَلْ مَا تَذَكّرُ مِنْ نَوَارَ، وَقَدْ نَأَتْ، = وَتَقطّعتْ أَسْبابُهَا وَرِمَامُهَا
مُرِّيّةٌ، حَلَّتْ بِفَيْدَ، وَجَاوَرَتْ = أَهْلَ الحِجَازِ، فَأَيْنَ مِنْكَ مَرَامُها
بِمَشَارِقِ الجَبَلَيْنِ، أَوْ بِمُحَجَّرٍ، = فَتَضمَّنَتْهَا فَرْدَةٌ، فَرُخَامُهَا
فَصُوَائِقٌ، إنْ أَيْمَنَتْ، فَمَظِنَّةٌ = مِنْهَا، وِحافُ القَهْرِ أَو طِلخَامُهَا
فاقطَعْ لُبانَةَ مَنْ تَعَرّض وَصْلُهُ، = وَلَشَرُّ وَاصِلِ خُلّةٍ صَرَّامُهَا
واحْبُ المُجَامِلَ بِالجَزِيلِ، وَصَرْمُهُ = باقٍ، إذا ظَلَعَتْ وَزَاغَ قِوَامُهَا
بِطَليحِ أَسْفَارٍ، تَرَكْنَ بَقيّةً = منها، وأَحْنَقَ صُلْبُهَا وَسَنَامُهَا
فإذا تَغَالىَ لَحْمُهَا، وَتَحَسَّرَتْ، = وَتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلاَلِ خِدَامُهَا
فَلَها هِبابٌ في الزِّمامِ، كَأَنّها = صَهْبَاءُ مَعَ الجَنُوبِ جَهَامُهَا
أَوْ مَلمِعٌ وَسَقَتْ لأحْقَبَ لاَحَهُ = طَرْدُ الفُحُولِ، وَضرْبُهَا، وَكِدَامُهَا
يَعْلُو بها حُدْبَ الإِكَامِ مُسَحَّجٌ، = قَدْ رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحَامُهَا
بأَحِزَّةِ الثَّلبُوتِ يَرْبأُ فَوْقَهَا = قَفْرَ المَراقِبِ خَوْفُها آرامُهَا
حَتى إذا سَلَخَا جُمَادَى سِتّةً، = جَزْءاً، فَطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُهَا
رَجَعَا بِأَمْرِهِما إلى ذي مِرَّةٍ، = حَصِدٍ، وَنُجْحُ صَرِيمَةٍ إبرامُهَا
وَرَمَى دَوَابِرَهَا السَّفَا، وَتَهَيّجَتْ = رِيحُ المَصايِفِ سَوْمُهَا وَسِهَامُهَا
فَتَنَازَعَا سَبِطاً يَطِيرُ ظِلاَلُهُ، = كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبّ ضرَامُهَا
مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابِتِ عَرْفَجٍ = كَدُخَانِ نارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُهَا
فَمَضى، وَقَدَّمَهضا، وَكَانَتْ عَادَةً = مِنْهُ، إذا هِيَ عَرَّدَتْ، إقْدَامُهَا
فَتَوسطَا عُرْض السَّريّ، وَصَدَّعَا = مَسْجُورَةً مُتَجَاوِراً قُلاّمُهَا
مَحْفُوفَةًَ وَسْطَ اليَراعِ يُظِلُّها = مِنْهَا مُصَرَّعُ غَابَةٍ وَقِيامُهَا
أَفَتِلْكَ؟ أَمْ وَحْشِيّةٌ مَسْبُوعَةٌ؟ = خَذَلَتْ؛ وَهَادِيَةُ الصِّوَارِ قِوَامُهَا
خَنْسَاءُ ضيّعَتِ الفَرِيرَ، فَلَمْ يَرِمْ، = عُرْض الشّقَائِقِ، طَوْفُهَا وَبُغَامُهَا
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ، تَنَازَعَ شِلْوَهُ = غُبْسٌ كَوَاسِبُ مَا يُمَنّ طَعَامُهَا
صَادَفْنَ مِنْهَا غِرّةً، فَأَصَبْنَهَا؛ = إنّ المَنَايا لا تَطيِشُ سِهَامُهَا
بَاتَتْ، وَأَسْبَلَ وَاكِفٌ مِن دِيمَةٍ، = يُرَوي الخَمَائِلَ، دَائِماً تَسْجَامُهَا
تَجْتَافُ أَصْلاً قَالِصاً، مُتَنَبِّذاً، = بِعُجُوبِ أَنقاءٍ، يَميلُ هُيَامُهَا
يَعْلُو طَرِيقَةَ مَتْنِها مُواتِراً، = في لَيْلَةٍ كَفَرَ النّجُومَ غَمَامُهَا
وَتُضيءُ في وَجْهِ الظّلامِ مُنيرَةً، = كَجُمَانَةِ البَحْريّ سُلَّ نِظَامُهَا
حَتى إذا انْحَسَرَ الظّلامُ، وَأَسْفَرَتْ = بَكَرَتْ تَزِلُّ عَنِ الثَّرَى أَزْلاَمُهَا
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ في نِهاءِ صَعَائِدٍ = سَبْعاً تُؤاماً كَاملاً أَيّامُهَا
حتَى إذا يَئِسَتْ، وأسْحَقَ حَالِقٌ، = لَمْ يُبْلِهِ إرْضاعُها وَفِطَامُهَا
وَتَسَمْعَتْ رِزَّ الأنيسِ، فَرَاعَها = عَنْ ظَهْرِ غَيبٍ، والأنيسُ سَقَامُهَا
فَعَدَتْ، كِلا الفَرجَينِ تَحْسِبُ أَنّه = مَوْلى المَخَافَةِ، خَلْفُها وَأَمَامُهَا
حَتى إذا يَئِسَ الرَّّماةُ، وأَرْسَلُوا = غُضفاً دَوَاجِنَ، قَافِلاً أَعْصَامُهَا
فَلَحِقْنَ، واعْتَكَرَتْ لَها مَدَرِيّةٌ = كالسَّمْهَرِيّةِ حَدُّها وَتَمَامُهَا
لِتَذُودَهُنّ، وَأَيقَنَتْ إنْ لَمْ تَذُذْأَنْ = قَدْ أُحَمَّ مَعَ الحُتُوفِ حِمَامُهَا
فتَقَصّدَتْ منها كَسابِ، فضرِّجتْ = بِدَمٍ، وَغُودِرَ في المَكَرّ سُخَامُهَا
فَبِتِلكَ إذْ رَقَصَ اللّوامِعُ بِالضّحى، = وَاجْتَابَ أَرْديَةَ السّرابِ إكامُهَا
أقْضي اللُّبانَةَ، لا أُفَرّطُ رِيبَةً، = أَوْ أَنْ يَلُومَ بِحَاجَةٍ لُوّامُهَا
أَوَلَمْ تَكُنْ تَدري نَوارُ بِأَنّني = وَصّالُ عَقْدِ حَبَائلٍ، جَذّامُهَا؟
تَرّاكُ أَمكِنَةٍ، إذا لَمْ أَرْضها، = أَو يَرْتَبِطْ بَعْض النّفوسِ حِمَامُهَا
بَلْ أَنْتِ لاَ تَدْرِينَ كَمْ مِنْ لَيْلَةٍ = طَلْقٍ لَذِيذٍ لَهْوهَا وَنِدَامُهَا
قَدْ بِتُّ سَامِرَها، وغَايَةَ تَاجِرٍ = وَافَيْتُ، إذ رُفِعَتْ، وَعزّ مُدَامُهَا
أُغلي السِّباءَ بِكُلّ أَدْكَنَ عَاتِقٍ، = أَوْ جَونَةٍ قُدحَتْ وَفُضّ خِتَامُهَا
لِصَبُوحِ صَافَيةٍ، وَجَذْبِ كَرِينَةٍ = بِمُوتَّرٍ تَأُتَالُهُ إبْهَامُهَا
بَاكَرْتُ حَاجَتَهَا الدّجاجَ بِسُحْرَةٍ، = لأُعَلّ منها حِينَ هَبّ نِيَامُهَا
وَغَدَاةِ رِيحٍ قَدْ وَزَعتُ، وَقِرّةٍ = إذْ أَصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمالِ زِمَامُهَا
وَلَقَدْ حَمَيتُ الخَيْلَ تَحْمِلُ شِكّتي، = فُرْطٌ وِشاحي، إذ غَدَوْتُ، لِجَامُهَا
فَعَلَوْتُ مُرْتَقَباً على ذي هَبْوَةٍ، = حَرِجٍ إلى أَعلامِهِنّ قَتَامُهَا
حَتى إذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ، = وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثّغُورِ ظَلامُهَا
أَسْهَلْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْعِ مُنَيفَةٍ = جَرْدَاءَ يَحْصَرُ دُونَهَا جُرّامُهَا
رَفَّعْتُها طَرَدَ النَعامِ، وَفَوْقَهُ = حَتّى إذا سَخِنَتْ وَخَفّ عِظَامُهَا
قَلِقَتْ رِحَالَتُها، وَأَسْبَلَ نَحْرُها، = وابْتَلّ مِنْ زَبَدِ الحَمِيمِ حِزَامُهَا
تَرْقَى وَتَطْعَنُ في العِنَانِ، وَتَنْتَحي = وِرْدَ الحمامَةِ، إذْ أَجَدَّ حَمَامُهَا
وَكَثِيرَةٍ غُرْبَاؤها مَجْهُولَةٍ؛ = تُرْجَى نَوَافِلُها، وَيُخْشَى ذَامُهَا
غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولِ كَأَنَّها = جِنُّ البَدِيّ، رَوَاسِياً أَقْدَامُهَا
أَنْكَرْتُ بَاطِلَها، وبُؤتُ بِحَقّها = يَوماً، ولم يَفْخَرْ عَليّ كِرَامُهَا
وَجَزُورِ أَيْسَارٍ دَعَوْتُ لَحَتْفِها = بِمَغَالِقٍ مُتَشابِهٍ أَعْلاَمُهَا
أَدْعُو بِهِنَّ لِعَاقِرٍ أَوْ مُطفِلٍ = بُذِلَتْ لِجيرانِ الجَميعِ لِحَامُهَا
فالضّيفُ والجارُ الغَريبُ، كأنما = هَبَطا تَبَالَةَ، مُخَصِباً أَهْضامُهَا
تَأْوي إلى الأطنَابِ كلُّ رَذّيةٍ، = مِثْلِ البَليّةِ، قَالِصٍ أَهْدَامُهَا
وَيُكَلَّلُونَ، إذا الرياحُ تَنَاوَحَتْ، = خُلُجاً، تُمَدّ شَوَارِعاً أَيْتَامُهَا
إنَّا إذا التْقَتِ المَجَامِعُ لَمْ يَزَلْ = مِنّا لِزَازُ عَظِيمةٍ، جَشّامُهَا
وَمُقَسِّمٌ يُعْطي العَشيرةَ حَقَّها، = وَمُغَذْمِرٌ لِحُقُوقِها، هَضَّامُهَا
فَضلاً، وذو كَرَمٍ يُعِينُ على النّدى، = سَمْحٌ كَسُوبُ رَغائبٍ غَنّامُهَا
مِنْ مَعشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آباؤُهُمْ، = ولِكُلّ قَوْمٍ سُنّةٌ، وَإمَامُهَا
إنْ يَفْزَعُوا تُلْقَ المَغَافِرُ عِنْدَهُم، = والسِّنُّ تَلْمَعُ كَالكَواكبِ لاَمُهَا
لا يَطبَعُونَ، ولا يَبُورُ فِعَالُهُمْ، = إذْ لاَ تَميلُ معَ الهَوَى أَحْلاَمُهَا
فَبَنَوْا لَنا بَيتاً رَفيعاً سَمْكُهُ، = فَسَمَا إلَيهِ كَهْلُها وغُلامُهَا
فاقنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ، فإنّما = قَسَمَ الخَلاَئِقَ بَيْنَنا عَلاّمُهَا
وإذا الأمانَةُ قُسّمتْ في مَعْشَرٍ = أَوْفَى بِأَعْظَمِ حَظِّنا قَسَّامُهَا
فَهُمُ السُّعاةُ، إذا العَشيرَةُ أُفظِعَتْ؛ = وَهُمُ فَوارِسُها، وَهُمْ حُكّامُهَا
وهُمُ رَبِيعٌ للمُجاوِرِ فيهِمُ، = والمُرْمِلاتِ، إذا تَطَاوَلَ عَامُهَا
وَهُمُ العَشِيرَةُ أَنْ يُبَطَّىء حاسِدٌ، = أَوْ أَنْ يَميِلَ مَعَ العَدُوِّ لِئَامُهَا[/poem]