(( شُمُوسُ العالَمِينَ ))


طويلُ غرامي في هواك قصيرُ
نعم، وكثيرُ الشوقِ فيكَ حقيرُ

سموتم فكلِّ الكائناتِ لفضلِكُم
مدى الدهرِ من كلِّ الجهاتِ تشيرُ

وأنتم شموسُ العالمين بأسرِهِم
وفي ظُلمةِ الليلِ البهيمِ بدورُ

أنارت بكم كل الجهات لأنّكُم
لكُلِّ الورى يا آلَ أحمدَ نورُ

ولمّا وَرَتْ نارُ الغرامِ وحرَّكَتْ
قلوباً من الشوقِ القديمِ تَفُورُ

سَرَينا على الغبراءِ حتى كأننا
على قُبَّةِ السبعِ العوالِ نسيرُ

تسير بنا شُهُبُ المطايا كأنّها
طيورٌ إلى أوكارِهِنَّ تطيرُ

سوايحُ يُزجيها الغرام على الرجا
قشاعمُ حنَّت للسَرى وصقورُ

تَحَرَّكَها الأشواق وكم غدا
لأخفافها عند المسير صريرُ

علونا عليها والجوانح لم تَزََل
يشبُّ بها عند الرحيلِ سعيرُ

عُيونٌ وأجفانُ تسيلُ ومهجةٌ
تذوبُ وشوقٌ في القلوبِ كثيرُ

قصدناكم نرجو النوالَ لأنَّكم
غيوثٌ لمن يبغي الندى وبُحورُ

أتيناكم غُبْرَ الوجوهِ وَتُرْبِكُم
غسولٌ وماءٌ للقلوبِ طَهُورُ

وزرناكُم يا خِيرَةَ اللهِ في الورى
وقد طاب منا زائرٌ ومَزورُ

وجئنا على القَدْرِ والدمع سافِحٌ
لهُ فوقَ أطرافِ الخدودِ غَديرُ

لثمنا ثرى ذاك المقامِ لأنّهُ
زلالٌ إذا اشتدَّ الظما ونميرُ

ولمّا انطفت تلكَ الجمارُ بوصلِهِ
وتمّت لِناغِبِ الوصال أجورُ

أتينا الشهيدَ السبطَ دُرَّةَ حيدرٍ
وليس لها بين العباد نظيرُ

وريحانةُ المختارِ كم شَمَّ عَرْفُها
فيعبقُ منها مندلٌ وعبيرُ

وكم ضمها للصدر منه إشارةً
إلى أنّهُم للعالمين صُدورُ

وقبّل ثغراً والوجهُ منهُ مُشرقٌ
لهُ فرحةُ من أجلها وسرورُ

أُصيبَ بهِ حيّاً وأخبرَ أهلهُ
بما نالهُ لا شكَّ وهو خبيرُ

أما كان ثارَ حين النقعِ وأقبَلَت
خُيُولُ العِدى في كربلاءَ تثورُ

خيولٌ عَمَتْ لمّا تعامت سَراتُها
عليها سفيهٌ ناكثٌ وعقورُ

فجالَتْ على آل النبيِّ فيا لها
مصائبُ سودٌ في الكرامِ تدورُ

أما كان فيهم مِن تذكُّر أحمداً
ومدمعه للظاعنين غزيرُ

أما كان فيهم مِن تذكر بنتهُ
وبضعتها في كربلاءَ تَحِيرُ

أمَا كان فيهم مِن تذكر حيدراً
فتى الحرب مقدام الجيوشِ أميرُ

أما كان فيهم مَنْ يَرِقَّ لِصِبْيَةٍ
لهُم حَنَّةٌ في كربلاءَ وزفيرُ

أتمنعُ أطفالَ النبيِّ على الظما
منَ الماءِ،والماءُ الفرات كثيرُ

صغارٌ من الرمضاءِ أمْسَوا ذوابلاً
وليسَ لَهُم يومَ الهجيرِ مُجِيرُ

فَدَيتُ بأولادي الصغارَ صغارَهُم
فخطبهم بين العباد كبيرُ

سقاكَ إلهُ العرشِ يا فاتكاً بهم
شراباً بهِ منك الدماغَ يفورُ

طَغَيتَ وأحزَنتَ الرسولَ بقبرهِ
وأطفأتَ نوراً في الوجودِ يُنَوِّرُ

شَقَيتَ ،ودارُ الأشقياءِ جهنّمٌ
لها زفرة من حرِّها وسعيرُ

ولا بأس لئن أُذوا ولله درُهُم
فتلكَ مقاماتٌ علت وأُجورُ

حسينٌ حسينُ من يدانيك في العُلى
وفضلُكَ يا سبطَ النبيِّ شهيرُ

فَدَتْكَ أبا الأشراف روحي ومهجتي
وما ذاك إلاّ تافهٌ وحقيرُ

ولستُ عن العبّاسِ سائل فإنّهُ
كريمٌ بأنواعِ الثناءِ جديرُ

رفيعُ تدلّى من ذؤابةَ حيدرٍ
أبيكَ، وذو قَدْرٍ هناكَ خطيرُ

لهُ مَحْفِلٌ فوق المحافِلِ كُلِّها
ومحفلُ فضلٍ في العُلى وسريرُ

كرامُ العَبَا قلبي إلى حيّكُم صبا
لهُ حرقةٌ يومَ النوى وزفيرُ

لِجَدِّكُم فضلٌ عليَّ ومنّةٌ
وَجُوُدٌ وإنعامٌ عليَّ غَزيرُ

هداني وأواني ولم أعرف الهدى
فصرتُ على نهجِ الرشادِ أسيرُ

أَأَنسى هداكم يا سُلالةَ هاشم
وأنكُرُهُ إني إذن لكفورُ

على جدكم أزكى صلاةٍ يحِفُّها
سلامٌ وتشريفٌ لديهِ كثيرُ

تَعُمُّ مدى الأيامَ آلاً بأسرِهِم
وصحبا رحاهم في الكمال تدورُ

(( حسين بن علي العُشاري))





\