أمريكا بلا حسنات ّ
أحمد سعيد / أستراليا
كلنا يعلم إن الولايات المتحدة لم تقبل الدخول في مغامرة الحرب ضد نظام صدام حسين من اجل سواد عيون العراقيين ، وإن مشروع القضاء على أسلحة الدمار الشامل العراقية كان من الاساس حجة ضعيفة الثوابت بالنسبة للامريكين وغيرهم .
كولون باول وزير الخارجية ألامريكي ألاسبق عرض وجهه نظر الولايات المتحدة حول الشرق الاوسط بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 حيث اكد إن الولايات المتحدة الامريكية بحاجة الى حلف يشبه حلف بغداد لعام 1955 من خلاله يصبح لدى الولايات المتحدة القدرة في منطقة الشرق الاوسط على التحكم بمصير دول وأنظمة من الممكن أن تشكل خطراً كبيراً على المجتمع ألامريكي والعالم المتحضر .
وفقاً للرؤيا أعلاه تبنى ألامريكان مشروع الحرب ضد العراق وخاضوا ما خاضوا من معارك وبميزانية كلفت الامريكان مليارات الدولارات ، ترتب عليها إسقاط نظام صدام حسين الدكتاتوري والمجيء بأحزاب وقيادات معارضة لتبني مشروع سياسي جديد لحكم العراق خاضع بشكل معين لبرامج السياسة الامريكية الجديدة مما يُسهل إيجاد رؤية مختلفة وخارطة سياسية تتناغم والحاجة الامريكية في المنطقة والشرق الاوسط .
لا أدري إن كان المشروع الامريكي قد نجح بالقدر الذي خُطط له أم إن رواسب هذه الحرب ونتائجها ، كالصراع السني الشيعي على السلطة ، ومحاولات جر العراقيين الى الحرب الطائفية ، وإيجاد بعض الثوابت لتحقيق الحلم الكردي صعب المنال بتشكل دولة مستقلة ولو بعد خمسين عاماً ، بألاضافة الى العمليات ألارهابية ونمو تنظيم القاعدة السريع على شكل خلايا واسعة الانتشار في وسط وغرب البلاد ، والفساد المالي ونهب الثروات
قد أحبطت الكثير من ألافكار والمخططات الامريكية التي لم تلاقي الترحيب على أرض الواقع حتى من قبل شركاء امريكا العراقيين في مشروعها السياسي والعسكري داخل العراق .
لكن وبطبيعة الحال فأن الشيعة كانوا اكثر المستفيدين من زوال حكم صدام حسين لما عانوه من إضطهاد وظلم وحرمان في سنوات حكمه وبالتالي هم المستهدفون من قبل كل المعارضين لامريكا لانهم يُعتبرون صنيعتها وعملاؤها في العراق بحسب منظور وعقيدة من يحمل عبء معاداة الولايات المتحدة الامريكية وعليه كانوا العنوان الامثل لكل العمليات ألارهابية والتفجيرات والتصفيات . ويبقى السؤال ألاهم هو لِمَ يُحمّل العراقيون المستفيدون من زوال نظام البعث ، القوات ألامريكية المسؤولية عن كل ألاوضاع السيئة في البلاد وخاصة في المجال الامني والخدمي ويتنصل الكثيرون منهم عن هذه المسؤولية ، فالعديد من مناطق العراق على سبيل المثال كانت أمنة بالقدر الذي يكفي لاقامة مشاريع ضخمة وعملاقة تحقق الكثير من المكاسب الخدمية والسياسية لولا إنشغال العراقيين بالصراعات حول المناصب والوزارات ، وكذلك إستفراد الاحزاب الدينية بالثروات وتسخيرها للمصالح الشخصية !! تلك السلبيات وغيرها الكثير ألا تترك للامريكان حسنة إزالة نظام شمولي دموي مثل نظام صدام حسين الذي عجز العراقيون عن فعل شيء ملموس حيال جرائمه لاكثر من خمس وثلاثون عاماً وما كان ليزول لولا الحرب ألامريكية عام 2003 . ولنفترض إنسحاب القوات الامريكية من العراق في عام 2004 أو 2005 أو ألان إنقياداً لرغبة العراقيين بخروج المحتل ، ولنتصور ألية عمل ألاحزاب السياسية في الداخل وردة الفعل العربي والاقليمي حيال الوضع في العراق .