بسم الله الرحمن الرحيم

سألني أحد الإخوة عن الظهور البسيط والظهور المركب في سياق موضوع آخر ففضلت إفراده بموضوع مستقل تعميماً للفائدة.
=====================

الظهور مصطلح أصولي يراد به دلالة اللفظ على المعنى, والظهور المعتمد في اصطلاحهم هو الظهور العرفي -ليس الزواج العرفي طبعاً ;) - أي ما يفهمه الناس الموجه لهم الكلام, ولا يقال دائماً "الظهور العرفي" بل تختصر العبارة بكلمة "الظهور" فقط, فيقال مثلاً إن الآية القرآنية الفلانية ظاهرة في هذا المعنى ويقصدون أنها ظاهرة عرفاً في هذا المعنى.

فإذا كان لكلمة أو عبارة أكثر من معنى سواء كانت المعاني حقيقية أم مجازية فإنه يفترض أن يفهم منها المعنيون أحداها دون سائر المعاني, ويفترض أن يكون هذا هو المعنى المقصود من المتكلم.

فكلمة "غابة" تدل في معناها الحقيقي على الأشجار الكثيرة وهو المعنى المتبادر إلى الذهن عند غياب القرائن. ولكن عندما نسمع جملة مثل: "العالم تحول إلى غابة" فإننا نفهم المعنى المجازي وهو الفوضى وظلم القوي الضعيف. والأصل حمل الكلام على المعنى الحقيقي لأنه الظاهر عرفاً عند غياب القرائن.

أما في تعدد المعاني الحقيقية فلا بد من قرينة مقالية أم مقامية لتحديد المعنى:
فنقول مثلاً "أرض تكثر فيها العيون" و"العين حساسة من الغبار" فيختلف ظهور كلمة "عين" حيث إنه في الجملة الأولى نبع الماء وفي الثانية عضو البصر لاختلاف السياق الذي هو قرينة مقالية.

فالاستفتاء في اللغة طلب الفتوى وهي الرأي البين والحكم.
قَالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي في أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ, أي أشيروا علي بآرائكم.

فلو قلنا بأن للاستفتاء أكثر من معنى اصطلاحي منها الاستفتاء الشرعي والاستفتاء السياسي, وقلنا بأن الاستفتاء السياسي خاص بحالة التصويت بـ"نعم" أو "لا", فستبقى صحة استعمال الكلمة في معناها اللغوي الأصلي في الانتخابات العامة والبلدية والرئاسية. وألاحظ أن سماحة السيد فضل الله يستعمل في كثير من تصريحاته كلمة "الاستفتاء" في مقام الحديث عن الانتخابات.

اقتباس:
--------------------------------------------------------------------------------
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الجابري
إننا نؤكد على أهلنا في العراق، أن يقفوا مع مسألة الاستفتاء الشعبي الذي يعبّر عن الإرادة الشعبية، ولعل الوسائل التي يمكن أن تحقق هذا الأمر ليست صعبة ولا مستحيلة إذا توافرت النيّات الخالصة والأفكار النيّرة لدراسة الواقع في شكل موضوعي دقيق
--------------------------------------------------------------------------------

وهذا السياق يدل في كل كلماته على الانتخابات موضوع الخلاف مع ملاحظة أنه جاء في زمن اشتد فيه الخلاف عليها داخل العراق. والزمن هنا قرينة مقامية.

وثمة مصطلحان هما "الظهور البسيط" و"الظهور المركب" يستعملهما بعض العلماء ليس فيهما شيء جديد، ومثالهما إذا قلت لك: "اذهب إلى البحر" فسيتبادر إلى ذهنك المعنى الحقيقي, ولكنني أكملت "واستفد من علمه" فسيتبادر إلى ذهنك من المقطع الثاني أمر آخر هو أن المقصود هو العالم الذي تحضر دروسه مثلاً, وحيث إن الظهور الأول متوقف على كلمة "البحر" التي تحتمل الحقيقة والمجاز, والظهور الثاني مستند إلى الاستفادة من علم وهو لا يحتمل إلا معنى واحداً وهو الإنسان العالم فالظهور الثاني أقوى من الأول. من هنا يقول بعض العلماء إن ثمة ظهوراً آخر للجملة كلها بأن المقصود هو العالم وليس البحر الحقيقي وهذا الظهور هو محصلة الظهورين الأول والثاني فييسمونهما بالظهورين البسيطين ويسمونه بالظهور المركب.

وفي رأيي لا حاجة لتعقيد المصطلحات إذا لم يك ثمة من فائدة.



أرجو أن أكون قد وضحت الأمر ولم يك شرحي معقداً
وتقبلوا تحياتي :=