الكميت بن زيد الأسدي (60 هـ-126 هـ) شاعر عربي من شعراء العصر الأموي، سكن الكوفة واشتهر بالتشيع وقصائده في ذلك المسماة بالهاشميات.
ولادته ونشأته
ولد الكميت في سنة ( 60 هـ ) وقتل في خلافة مروان بن محمد سنة ( 126 هـ ) بعد عام واحد من خلافة مروان. وينتهي نسبه إلى قبيلة بني أسد بن خزيمة من مضر.
قيل إنه كان ذكياً حاضر الجواب منذ صغره ، كاتباً حسن الخط ، خطيب بني أسد ، فقيهاً متضلعاً بالفقه ، فارساً ، شجاعاً ، سخياً ، حافظاً للقرآن ، وهو أول من ناظر في التشيع مجاهراً بذلك، ومما قال:
فَإِن هِيَ لَم تصلحْ لحيٍّ سِوَاهُمُ فإنَّ ذَوِي القُربى أحقُّ وأوجَبُ يقولون لَم يُورثْ وَلَوْلا تُراثهُ لَقَد شركت فِيهَا بكيلٌ وأرحَبُ
قال محمد العيساوي الجمحي : الكميت أول من أدخل الجدل المنطقي في الشعر العربي فهو مجدد بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، وشعره ليس عاطفياً كبقية الشعراء ، بل إن شعره شعر مذهبي ، ذهني عقلي .
فهو شاعر يناضل عن فكرة عقائدية معينة ، وعن مبدء واضح ، ومنهج صحيح ، ودعوته هذه قد آمن بها ، وكرَّس لها حياته وجهده ، وتحمل في سبيلها الأذى ومات بسببها .
وقال أبو الفرج : شاعر ، مقدَّم ، عالم بلغات العرب ، خبير بأيامها ، من شعراء مضر وألسنتها المتعصبين ، ومن العلماء بالمثالب والأيام المفاخرين بها ، كان في أيام بني أمية ، ولم يدرك العباسية ، وكان معروفاً بالتشيع لبني هاشم ، مشهوراً بذلك [ الغدير 2 / 286 ] . وقال الفرزدق له : أنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي . وسُئل معاذ الهرَّاء : من أشعر الناس ؟ قال : أمن الجاهليين أم من الإسلاميين ؟ قالوا : بل من الجاهليين ، قال : امرؤ القيس ، وزهير ، وعبيد بن الأبرص . قالوا : فمن الإسلاميين ؟ قال : الفرزدق ، وجرير ، والأخطل ، والراعي . قال : فقيل له : يا أبا محمد ما رأيناك ذكرت الكميت فيمن ذكرت ؟ قال : ذاك أشعر الأولين والآخرين.
مقتله
قتل في الكوفة في خلافة مروان بن محمد سنة ( 126 هـ ) ، وكان السبب في ذلك أنه مدح يوسف بن عمر ، بعد عزل خالد القسري عن العراق في قصيدة قال فيها : خَرجتَ لهم تُمسِي البراحَ وَلَم تَكُن كَمَن حِصنُهُ فيه الرتاجُ المضَّببُ وَمَا خَالدٌ يَستَطعِمُ المَاءَ فَاغِراً بِعَدلِكَ والدَّاعِي إِلَى المَوتِ يَنعبُ وكان الجند على رأس يوسف متعصبين لخالد ، فوضعوا نصال سيوفهم في بطن الكميت، فُوْجِؤُوهُ بها ، وقالوا : أتنشد الأمير ولم تستأمره ؟ فلم يزل ينزف الدم حتى مات. وروي عن المستهل بن الكميت أنه قال : حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه ، ثم أفاق ففتح عينه ثم قال ( ) : ( اللهم آل محمد ، اللهم آل محمد ، اللهم آل محمد ) ، ثلاثاً . وروي أيضاً أنه قال لولده المستهل : إذا متُّ فامضِ بي إلى موضع يقال ( مكران ) ، فادفنِّي فيه ، فدفن الكميت في ذلك الموضع ، وكان أوَّل من دفن فيه ، وهي مقبرة بني أسد .