بقلم / فراس الوائلي.

الهجمات الإعلامية الشرسة ضد المالكي تؤكد إن "ائتلاف دولة القانون "هو الأقوى و الأوفر حظا في الانتخابات المقبلة

ارتفعت في الأسابيع الماضية الهجمات الإعلامية الشرسة ضد رئيس الوزراء نوري المالكي والتي تهدف جميعها إلى إضعاف شخصية السيد المالكي قبيل الانتخابات المقبلة المتوقع إجراؤها في آذار المقبل.

وكان الهدف من وراء جميع هذه الحملات هو مصادرة الانجازات الأمنية التي تحققت في فترة حكم السيد المالكي والتي يراهن عليها كثيرا في حملته الانتخابية بعدما حقق فوزا كاسحا بانتخابات مجالس المحافظات.

وجاءت هذه الهجمات عقب التفجيرات السوداء التي تعرضت لها العاصمة العراقية بغداد والتي استغلها جمع كبير من الساسة العراقيين من اجل مخادعة الناخب العراقي وجر صوته إليه وإبعاده عن قائمته" ائتلاف دولة القانون" التي أسسها المالكي بجهود جبارة في أحلك الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها تاريخ العراق المعاصر،وقد تسابق السياسيون إلى توجيه التهم المباشرة لشخص المالكي واتهامه بالتقصير في حفظ الأمن ،وبذلك صنعوا مغالطة كبرى وسوقوا لها عبر وسائل الإعلام المأجورة هنا وهناك، وكأن وزاراتهم غير معنية بما حدث وما يحدث في عراق ما بعد سقوط نظام بغداد السابق.

وبذلك صار هؤلاء السياسيون جزءا لا يتجزأ من الإرهاب الذي حصد نفوس الأبرياء،لأنهم تقاطعوا معه في نفس النتيجة المتوخاة من هذه التفجيرات الدموية وهي إسقاط وتشويه صورة السيد المالكي في نفس الناخب العراقي والإيحاء بصورة خبيثة إن المالكي كان مقصرا في حفظ الأمن ،في وقت حصر المالكي جميع الأمور والقضايا الأمنية واللوجستية بيده وبمكتبة مباشرة لكي يكون مطلعا على أهم ملف في الساحة العراقية ألا وهو الملف الأمني ،فكيف يعقل أن يغتال المالكي نفسه من خلال تقصير صنعته وسائل الإعلام بإيعاز من الساسة الذين ينافسون المالكي في الانتخابات المقبلة فهذا أمر لا يرتضيه المجنون فضلا العاقل .


إن هذه الحملة تعود لأسباب عديدة منها:


1- إن السيد المالكي استطاع وبنجاح أن يستقرئ الشخصية العراقية التي تغيرت خارطتها النفسية بعد سقوط القناع عن الساسة الذين يمثلون الإسلام بعد معرفة الجميع بأن هؤلاء القوم لا يمثلون ما يدعون وإنما يجعلون من الشعارات الروحية مطية للانتفاع الشخصي وللتسلق السياسي الذي حصدوا من ورائه الملايين من الدولارات بالإضافة إلى الجاه والشهرة والحضور الإعلامي بعد أن كانوا نكرات يعيشون في كهوف الماضي.

2- سياسة المالكي نحو الانفتاح والحرية الشخصية بعد تراجع المليشيات والقضاء عليها في اغلب مناطق العراق وظهور غاطس الشخصية لكثير من العراقيين الذين يعشقون العيش بحرية بعيدا عن مراقب نصب نفسه خليفة للرحمن يفتي بدخولهم للجنة أو النار،لذلك هذا الدعم للحرية الفردية بعد تراجع فرق الموت وخاصة بعد خطة "فرض القانون" جعل طبقات كبيره من المجتمع العراقي تتنفس الصعداء بعدما ألقمت حجر الذل والخوف والقتل وتهم الارتداد والكفر والفسوق الجاهزة لكل من يعارض سياستهم التي تمتص الأموال والأرواح،فالعراقي يريد أن يعيش حرا بطبعه سواء كان ذلك الطبع صوابا أم خطأ وهذه خصلة وجينة تاريخية رافقت العراقي منذ أقدم الأزمنة، لذلك فان الساحة الاجتماعية تميل للانفتاح والتحرر من كل القيود التي من شأنها أن تصادر شخصية الإنسان وتجعله كالببغاء لا يجيد إلا تقليد الكلمات، فالمراهنة اليوم لمن يناغي الجماهير بالحرية وتحقيق وتحرير ذواتهم من الخوف والموت والانقياد وراء الأحمق الجاهل الذي نزل فجأة بمظلات سياسية على مسرح الواقع، ولأن طريقة جلب الأصوات باسم السماء والأولياء قد سقط عنها القناع وتبين زيف المدعين لها من خلال قصورهم في بغداد أو من خلال استثماراتهم المليونية خارج العراق أو من خلال السلوك الذي يخالف كل ما يقولون.

3- توجه السيد المالكي نحو استعمال الصيغة العلمانية بإدارة الدولة ساعدته كثيرا خصوصا وانه ذو خلفية إسلامية فهو للعدل اقرب في تطبيق هذه المفاهيم من شخصيات علمانية أخرى موجودة على الساحة العراقية ويقودون كتلا وقوائم انتخابية ويراهنون على بقايا النظام السابق فضلا عن إنهم جزءا من نظام صدام قبل سقوط بغداد،وهذا العامل يوفر حظا أعظم للمالكي من غيره في إدارة الدولة العراقية المعقدة التركيب ويوفر الحد المعقول من التوازن بالتعاطي مع الأمزجة والميول المتنوعة للتركيبة العراقية من حيث الدين والمذهب والقومية خصوصا بعد هذه الخبرة في قيادة العراق في اعقد ظرف أمني تمر فيه البلاد عبر تاريخيها الطويل بالإضافة إلى إن الطبع العراقي يميل دائما نحو الإنسان النزيه، علاوة على ذلك لم تسجل أي مؤشرات فساد ضد المالكي مع إن مقدرات الدولة العراقية بقبضته.

4- قفز المالكي على الطائفية والخروج منها للوحدة الوطنية شكل له أفقا سياسيا قويا من خلال انفتاحه على مكونات سياسية عديدة ومتنوعة تختلف بأيدلوجيتها تماما عن أيدلوجية المالكي الفكرية قبل ارتقائه لكرسي رئاسة الوزراء مما أضاف للمالكي بعد سياسيا واندماجا أعظم مع المكون الواقعي للساحة العراقية من خلال تشكيل ائتلافه الشهير"ائتلاف دولة القانون".

5- فشل السياسيين العراقيين الذين وصلوا في يوم ما صدفة أو لظروف المحاصصة الطائفية لمجلس الحكم أو لرئاسة الوزراء من المراهنة على أدائهم السياسي وطرح أنفسهم بصورة مستقلة بعيدا عن حضن الطائفية أو الحزبية لذلك نرى إن كثيرا منهم قد عاد إلى الحاضنة الطائفية التي ستؤمن وجوده واستمراره بالحياة السياسية حتى لو كان هامشيا.

6- مغازلة بعض السياسيين الذين يدعون تمثيل الإسلام في السياسة العراقية المعاصرة للبعثيين والتصريح في عواصم عربية وغربية إن هناك فرقا بين البعثيين والصداميين وهي محاولة واضحة لاستجداء مقيت لاسترضاء البعثيين في محاولة يائسة وبائسة لاستقطاب أصواتهم في الانتخابات المقبلة وهذا لن يحدث، ومحاولة ذليلة في الوقت ذاته لإرضاء الدول العربية التي تطالب بإعادة البعث للعملية السياسية وعلم هذا السياسي الذي ضاع بين السياسة والدين بأن البعثيين لن يصوتوا له، فحاول أن يوحي بأنه سياسي على حساب مئات الآلاف الذين قتلهم النظام السابق وبفضل موتهم صار سياسيا، لأنه تاجر بدمائهم طويلا ونافق بمظلوميتهم طويلا حتى اقتنع البسطاء من الناس به وبأمثاله فصوتوا له باسم الشهداء، واليوم يصرح بأن هناك فرقا بين اليد التي قتلت والدم الذي يجري فيها والفكر الذي أوعز إليها القتل والاعتداء، فأعداء الأمس لن يكونوا إخوة اليوم ،ولمعرفة هذا السياسي بقوة تغلغل تلك الدول في الواقع السياسي العراقي وهذا بالنسبة لمن يدعي الإسلام,أما غيرهم من الذين يدعون العلمانية وأنهم وطنيون ولا سبيل لإثبات وطنيتهم إلا بأن يكون للبعثيين دورا في الحياة السياسية للعراق الجديد وان البعثيين جزءا لا يتجزأ من النسيج الفكري والسياسي للعراق فضلا عن جزئيتهم الاجتماعية ,ولا سبيل لمثل هذا السياسي ذو الخلفيات الشيعية إلا أن يلمع صورة البعث حتى يكون مقبولا للجانب السني الذي صار في لا وعيه إن البعث جزء من عقيدته الدينية بعدما ربط بذهنية العراقي إن صدام كان سنيا وإن البعث هو صدام.

7- اندماج المالكي مع الائتلاف العراقي الموحد معناه مصادرة لجميع انجازاته السياسية التي يراهن عليها وسيكون تابعا لذلك الائتلاف وصوته قد يرفض ويعارض بصوت أي عضو آخر وهذا ابتلاع لكل ما قدمه خلال سنوات حكمه وتهميش له ولحزبه وهذه من الموانع العظمى بعدم الاندماج ومعرفة المالكي بطبيعة التفكير الكلية لدى الائتلاف العراقي الموحد والثوابت التي تحكم الائتلاف على مستوى سياسته الإقليمية والمحلية والتي سوف تصطدم بكل خبرته ومعرفته ببواطن السياسة العراقية على المستوى الداخلي والخارجي منها بفعل موقعه رئيسا للوزراء وتنامي ثقافته في كيفية تحريك الأشياء.

8- مراهنة المالكي على الوطنية والابتعاد عن الطائفية رغم كل الضغوط التي تعرض إليها لكي يعود إلى أحضان البيت الشيعي فضلا عن الانشقاق التاريخي والخطير الذي تعرض إليه حزب الدعوة وآخره انشقاق الجعفري وعودته للائتلاف العراقي الموحد ،كل هذه الأمور أعطته كاريزما الانتشار الواقعي ،مما أثار حفيظة كل القوى الطائفية بشقيها السني والشيعي وعمقهما الإقليمي معا فجاءت كاريزما "ائتلاف دولة القانون" قوية جدا بعد الإعلان عنها مما اضطر العقل الدموي الأسود إلى ابتكار أسرع وسيلة لاختطاف تلك المغناطيسية، من خلال التفجيرات السوداء الثلاث التي طالت الدم العراقي حتى تطيح بالمالكي في غايتها وأهدافها والتي تقاطع معه العديد من السياسيين العراقيين وسارعوا بالهجوم على المالكي باتهامه بالتقصير بإيعاز من العمق الحزبي أو الإقليمي الذي ينتمون إليه أو من خلال استغفال وإيهام الناخب العراقي بعجز المالكي وبالتالي مصادرة كل نجاح حققته حكومته خلال الأعوام المنصرمة.

9- ابتعاد المالكي كليا في حملته المقبلة عن الاتكاء على المرجعية الدينية لتكون غطاء يعزز فوزه بالانتخابات المقبلة، تؤكد إن المالكي قد سما واقعيا فوق كل قبلياته الطائفية وان عقلة السياسي قد صار وطنيا بفعل المسؤولية التاريخية وإدراكه تماما إن العراق ليس طائفة بحد ذاتها وإنما هو عراق بمكونات مختلفة وبثقافات متباينة شكلت بمجموعها بلاد مابين النهرين حضارة وتاريخيا.

10- رفض المالكي وبصورة تكاد تكون جازمة بعدم الاندماج مع الائتلاف العراقي الموحد يؤكد مقدار قوة ائتلافه "ائتلاف دولة القانون" النابعة من ثقة الناخب العراقي بمكونتها وإنها البرنامج السياسي والقائمة الأفضل لتوفير ما يسعى إليه المواطن العراقي في كافة المجالات الخدمية والاجتماعية وخصوصا إذا تم إيقاف التآمر الداخلي والخارجي ضد كل من يصدح أو يصرح بالوطنية وبعيدا عن الأفق الواحد.

فراس الوائلي
Firas_alwaealy_(at)_yahoo.com