أين يقامر رأس المال العربي؟




بقلم أبو بكر الحسن في يوم الاثنين, 26 مايو 2008

صدق او لا تصدق، حجم الاستثمارات العربية في صناعة الفيديو كليب بلغ 16.4 مليار دولار في منطقة الشرق الاوسط فقط حسب دراسة اقتصادية حديثة لم تتحفنا بأسباب هذا التضخم الهائل باتجاه الاغاني المصورة بينما توجد حاجة ملحة للاستثمار في التعليم، الصحة وتوفير مياه شرب نظيفة الخ الخ.

لا اشك لحظة في ان كل من سيقرأ هذه الاحصاءات إما ألا يصدقها، وهذا شأنه، او ان يضرب كفا بكف للتعبير عن عدم رضاه او استهجانه للمليارات التي تذهب هدراً، ولكن في كلتا الحالتين فإننا -كمواطنين عرب- مسؤولون عن تضخم استثمارات الموسيقى المصورة وشح الاستثمارات في المجالات الحيوية المعنية بإحداث تنمية حقيقية في المنطقة العربية، لاننا نتكالب على شراء منتجات الاغاني المصورة الامر الذي يرفع الطلب عليها إلى اقصى درجة وما يفعله المستثمرون لا يتعدى تلبية ذلك الطلب دون زيادة او نقصان.

يعني هذا ان المتلقي العربي هو الملام وليس اصحاب الثروة الذين يحسنون قراءة افكار المستهلكين لتنفيذ رغباتهم وحصد الارباح، فإذا كان المواطن العربي تواقا للعلم والمعرفة فإن الاستثمارات كانت ستتجه للتعليم وكذلك الحال بالنسبة إلى قطاعات الصحة.. و.. الخ.

ويجب ألا نعفي اصحاب رؤوس الاموال من المسؤولية تجاه فساد الذوق العربي العام لأن بامكانهم المشاركة في تصحيح المسار بالابتعاد عن الاستثمارات غير المجدية اخلاقيا لانهم جزء من هذا النسيج الاجتماعي وكل ما يعلق بالثوب الابيض من دنس سيطالهم منه نصيب ان لم يكن اليوم ففي الغد القريب.

منذ ان تشكل وعينا المعرفي كنا نسمع بعبارة «رأس المال جبان» وكأنها حقيقة اقتصادية لا تقبل الجدل باعتبار ان اصحاب رؤوس الاموال لا يملكون الاستعداد الكافي للمجازفة بالدخول في استثمارات خاسرة أو لا تعمل على مضاعفة اموالهم بمعدلات عالية، ولكن ان يكون رأس المال مخرباً، معول هدم للمجتمع المسلم فهذا ما لم نسمع به من قبل إلا في المجتمعات الغربية التي لا تقيم وزناً لأي اعتبارات اخرى سوى الربح المادي حتى لو كان ذلك على حساب القيم والمثل والاخلاق.

وبالرجوع إلى تقديرات حجم الاستثمارات في صناعة الفيديو كليب التي جاءت في اطار دراسة انجزها د. أحمد حجازي استاذ الاقتصاد الاجتماعي في احد« الجامعات المصرية» وعزت رواج الاغنية المصورة إلى انها تخاطب الغرائز وليس العقول، بحيث ان الفيديو كليب يشبه الاعلان الذي يسبق السلعة ويعمل على ترويجها لدى اكبر عدد من المستهلكين المحتملين، فالسلعة هنا هي المطرب أو المطربة وهذا يعني ان الاعلان -الفيديو كليب- كلما كان ساخناً وتضمن ايحاءات غريزية معلنة أو بشكل غير مباشر نجحت السلعة في الترويج لنفسها اكثر وحققت ارباحاً ضخمة.

ولعل دراسة استاذ الاقتصاد الاجتماعي تفسر لنا سر زيادة القنوات الفضائية المعنية بالموسيقى والطرب في الوطن العربي لاكثر من خمس عشرة قناة، ليس لديها هدف سوى بث الاغاني المصورة على مدار الساعة مع شريط للرسائل والاهداءات المرسلة من قبل المشاهدين بغض النظر عن محتواها والعبارات المستخدمة فيها.

http://www.arabianbusiness.com/arabic/520295