مظفر النواب / من أعداد أبو عمار ألربيعي
1934-


مظفر عبد المجيد النواب شاعر عراقي معاصر، ولد في بغداد من أسرة ثرية أرستقراطية تتذوق الفنون والموسيقى وتحتفي بالأدب. وفي أثناء دراسته في الصف الثالث الابتدائي اكتشف أستاذه موهبته الفطرية في نظم الشعر وسلامته العروضية، وفي المرحلة الإعدادية أصبح ينشر ما تجود به قريحته في المجلات الحائطية التي تحرر في المدرسة والمنزل كنشاط ثقافي من قبل طلاب المدرسة.

ولكن والده تعرض إلى هزة مالية أفقدته ثروته. تابع دراسته في كلية الآداب ببغداد وبعد انهيار النظام الملكي في العراق عام 1958 تم تعيينه مفتشاً فنياً بوزارة التربية في بغداد.

في عام 1963 اضطر لمغادرة العراق، بعد اشتداد التنافس بين القوميين والشيوعيين الذين تعرضوا إلى الملاحقة والمراقبة الشديدة من قبل النظام الحاكم، فكان هروبه إلى الأهواز عن طريق البصرة، إلا ان المخابرات الإيرانية في تلك الأيام (السافاك) ألقت القبض عليه وهو في طريقه إلى روسيا و سلمته إلى الأمن السياسي العراقي، فحكمت عليه المحكمة العسكرية هناك بالإعدام، إلا ان المساعي الحميدة التي بذلها أهله وأقاربه أدت إلى تخفيف الحكم القضائي إلى السجن المؤبد. وفي سجنه الصحراوي واسمه نقرة السلمان القريب من الحدود السعودية- العراقية، أمضى وراء القضبان مدة من الزمن ثم نقل إلى سجن (الحلة) الواقع جنوب بغداد.

في هذا السجن قام مظفر النواب ومجموعة من السجناء بحفر نفق من الزنزانة يؤدي إلى خارج أسوار السجن، وبعد هروبه المثير من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ثم توجه إلى الجنوب (الأهوار)، وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة. وفي عام 1969 صدر عفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مرة ثانية. غادر بغداد إلى بيروت في البداية، ومن ثم إلى دمشق، وراح ينتقل بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر به المقام أخيراً في دمشق.

كرس مظفر النواب حياته لتجربته الشعرية وتعميقها، والتصدي للأحداث السياسية التي تلامس وجدانه الذاتي وضميره الوطني.
وللتنويه ان مظفر النواب قام قبل سنواب هو وعالم اجنبي بالتحضير لرسالة الدكتوراة في علم الباراسيكولوجيا والان مظفر النواب يعاني على فراش الموت من مرض العضال القاتل.
من قصائده:..

ندامى
مظفر النواب
اسقنيها لأوه أجمل عاما

بلغت نشوتها الخمرة في خديك

نثر الورى في كأس الندامى

فبسط الراح كي آخذ حظي

وبعيني من السكر انكسارات الخزامى

فلربي تاه وأطبقت له جفني

ابتعد جيدا

ما عاشق من لم يته فيها وهاما

كل بحار عتيق يشرك الدفة بالسكر

ويرخي جفنه لليل

نم يا ليل أنا لم نناما

ته ..

ته وهذي رشفة علمني البحارة العشاق

ميناء الليالي

ها أنا امضي ولا اسمع من سافر في ساقيه

يشكو من البحر الغراما

دفعوا في دهرهم أحزانهم

وأنا آخذ أحزاني

ولما قارنوا أغمضت جفني على البحر

وسلمت على الطحلب والصمت احتراما

أنت والصحب السكارى عطر ردني

سقط الزر عليهم قمرا

وتدلى سلما خيط حرير

مس من طاولة الخمرة أعصابا

سكارى نحن واللوحة هذه

والكراسي والقناني

ليس صاحب بيننا إلا أخ السكر الكلام

ان تمادت راحتي في عزفها الأسود

في شعرك يا سيدتي

أقدامي لم يعجبها هذا اللحن

والأنغام لم تأت كما الآن انسجاما

أيها الصحب مفاتيحي على آخرها

اسكتوا أوتاركم

اعزف وحدي

أو تكونوا وتراتكم في حالتي

يترك العود رمادا وضراما

كم مغن تاه في الخمر

أنا الخمر أعطتني اهتماما

آه من رخص المغنين

احترم صمتي

لم اعد اغني غير في أقذر حانات الأسى

هيا بكأس يا رفاق الحانة الأولى

خذوا قلبي

اعزفوا لحنا على خاطركم

والذي اقرب للباب

يسلم لي على الصحو سلاما

لم اعد أمزج خمري غير بالخمر

فمن دجلة أولا

لم أجد ماء وسكرا مثلهما في الذمام