تواجد في مستشفى بهمن قبل وفاة "السيد"متبرعاً بدمه له !

الصحافي الامريكي المعروف فرانكلين لامب :



فضل الله رجل نادر
يملك ذكاء الملائكة وخلقهم وقدرتهم
ورحيله خسارة لاتقدر بثمن
[line]-[/line]
(شبكة الفجر الثقافية) - (2010-10-04م)

أشاد الصحافي الامريكي المعروف فرانكلين لامب من مجلس المصلحة القومية في واشنطن بالمرجع الديني آية الله العظمى الامام السيد محمد حسين فضل الله ، معتبراً رحيله خسارة لاتقدر بثمن .

وتحدث في مقاله الذي ترجمه غسان رملاوي عن تواجده في أيام وفاة السيد في مستشفى بهمن من أجل التبرع بالدم ، واصفاً مشاهد الحزن والأسى التي عمت أغلب المتواجدين هناك بعد تلقيهم نبأ الوفاة .

وانتقد فرانكلين لامب وسائل الاعلام الغربية واعتبرها مضلله للناس حينما وصمت الراحل بالإرهاب ، معتبراً أن هذا اللقب كان وسام على صدر السيد فضل الله ، فيما كانت أعماله الخيّرة تَسم أولئك الذين وضعوا هذه القائمة بالجبن والعار.


وقال :
كان السيد محمد حسين فضل الله رجلاً نادراً يملك ذكاء الملائكة وخلقهم وقدرتهم على التعلّم. لقد كان رجلاً رائعاً في حنوّه وتواضعه وتواصله. وكان عندما يدافع عن حقوق المسلمين والمسيحيين واليهود وكل ذوي الديانات أو الطيبين الذين لا دين لهم، تملأ سحنته أحياناً مسحة من الحزن وتشتد ملامح عينيه الباسمة. فهو رجل كان يؤمن بعمق بالحق وبالمسؤولية في محاربة الظلم والاحتلال.

مضيفاً:
كان رجلاً لكل الفصول، ولم يكن ضميره وتقواه يسمحان له بالبقاء حيادياً ما دام المحرومون مضطهدين ولا صوت لهم، وما دام بلده المحبوب، لبنان، وفلسطين محتلّين...

نص ترجمة المقال
لقد وقفت طوال حياتي مع الإنسان في إنسانيته، وساندت المظلوم. وأعتقد أن من حق الإنسان أن يعيش حريته ومن حقه أيضاً أن يواجه الظلم ويثور عليه مستخدماً كل الوسائل العملية والواقعية والمتوافرة للقضاء على الظلم وسواء كان هذا المظلوم فرداً أو جماعة أو أمة وسواء كان رجلاً أم امرأة.

(محمد حسين فضل الله، في حواره مع مجلس المصلحة القومية في واشنطن، قبل نحو أسبوعين من وفاته.)




لقد دفنت اليوم أسرة المرجع اللبناني السيد محمد حسين فضل الله ومئات الألوف فقيدهم الغالي في الضاحية الجنوبية لبيروت، رحمه الله وأرقده بسلامٍ إلى الأبد.

وجاب عشرات الألوف من الناس بنعش رجل الدين اللبناني الأرفع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله شوارع ضاحية بيروت الجنوبية، ولقد صدم وفاته المنطقة وأحزنها.

ذلك أنّ خسارة داعية الحوار واحترام الأديان ووحدتها هي خسارة لا تقدر بثمن. كما أنّ فقدان مساندته للحملة الجارية حالياً للحصول على الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان ستزيد من صعوبة النضال. فلقد كانت العدالة لفلسطين وإنهاء الاحتلال الصهيوني جزءاً لا يتجزأ من قضيته طوال عمره. ولقد ذكرت بعض المصادر الصحافية أنّه قال، قبل وفاته، وفي ردٍ على سؤالٍ لأحد الممرضين، إذا كان بحاجة لشيء: لا أريد سوى نهاية الاحتلال الصهيوني لفلسطين.

في صبيحة الرابع من تموز، طلبت زينب الممرضة في مستشفى بهمن والمناوبة في عيادة التبرع بالدم مني أن أبقى جالساً لمدة خمس دقائق وأن أشرب العصير الذي أعطتني إياه قبل أن أخرج إلى شمس بيروت الحارقة.

وكنت أنا وصاحبي قد تبرعنا لتوّنا ببعض الدم استجابة لنداء من أصدقاء لنا يعملون في مكتب الترجمة التابع للمرجع الديني الأعلى في لبنان والذي يحظى بحب شديد، السيد محمد حسين فضل الله. وكان السيد قد أخضع للعلاج في المستشفى لمدة 12 يوماً، ولكن يوم الجمعة ازداد نزيف معدته في شكل درامي، ذلك النـزيف الذي نتج من مشاكل في كبده كان يعالج منها لسنوات عديدة. وكان السيد فضل الله يعاني أيضاً من السكري وضغط الدم المرتفع.

وبينما نحن ننتظر، عادت زينب والدموع في عينيها وقالت ببساطة: توفي السيد، ثم اختفت، كما اختفت مرافقتي المحجبة واختفى معهما، كما بدا، كل من في الطابق.

قررت أن أستخدم السلالم في نزولي إلى الطابق السفلي وكنت أسمع صوت نحيب موظفي المستشفى في كل طابق يزداد كلما نزلت طابقاً تلو الآخر.

وفيما كنت أغادر المستشفى ينتابني إحساس بالخدر أخذت أفكر في نحو أكثر من 10 لقاءات كان لي الشرف أن ألتقي فيها بالسيد أو بعض مساعديه في السنوات الثلاث الأخيرة. كتلك التي كنت أزوره فيها مع وفد المصلحة القومية في واشنطن أو الزيارة التي رتبتها للرئيس الأميركي السابق، جيمي كارتر.



وفجأة رأيت حركة على الشوارع الجانبية المحاذية لبهمن. ذلك المستشفى الحديث المبني وفقاً لأحدث المعايير العلمية والفنية، والتابع لجمعية المبرات الخيرية، وأحد مئات المباني المدنية التي دمرتها إسرائيل في تموز 2006 في حارة حريك وفي الضاحية الجنوبية.

وأخذت أتساءل: كيف وصل هؤلاء بهذه السرعة، ولم تمض دقائق على وفاة المرجع للملايين في الشرق الأوسط. لقد بدأ بعض العناصر الأمنية، - بعضهم يرتدي قمصاناً وبناطلين وقبعات سوداء ويحملون أجهزة لاسلكية، وآخرون بلباس مدني- بوضع عوائق تسد الطرقات إلى المستشفى، وأخذوا يطلبون بتهذيب من كل الآليات، بما في ذلك الدراجات النارية، أن تقف على مسافة بضعة أمتار من المستشفى. ولقد كان مظهر بعضهم يدل على أنّهم من المقاتلين الأشداء، إلا أنّهم كانوا ينتحبون ويواسون الرجال والنساء الذين بدأوا بالتوافد إلى المستشفى فرادى أولاً ومن ثم جماعات.
[line]-[/line]
لقد استهلّت وسائل الإعلام الغربية المضلِّلة للناس أكثر من ألف تقرير بالكلمات التالية: توفي رجل دين مناهض في شدة للأميركيين، وبالطبع هذا أمر غير صحيح..
فقبل وفاته بأقل من أسبوعين خالف نصائح أطبائه مغادراً فراشه لمقابلة مجموعة من الأميركيين من واشنطن حاضاً إياهم على العمل من أجل الحفاظ على المبادئ التي تأسّست عليها بلادهم [line]-[/line]

ثم بدأت مكبرات الصوت في مسجد الحسنين، حيث كان السيد فضل الله على مدى العشرين سنة الماضية يخطب كل أسبوع في آلاف المسلمين والمسيحيين، بإذاعة الموسيقى الدينية والآيات القرآنية إلى الحي المصدوم والحزين.

"رحل الأب والقائد والمرجع والمرشد والإنسان. توفي السيد فضل الله هذا الصباح".

هذا ما أعلنه أحد كبار مساعدي السيد، آية الله عبد الله الغريفي ، في مؤتمر صحافي ضمه إلى نجلي السيد الراحل السيد علي والسيد جعفر فضل الله، اللذين، مثلهما مثل الحاضرين، لم يستطيعا إخفاء دموعهما.


وفي مساء اليوم الخامس من تموز الشديد الحرارة حظي وفد أميركي، بموافقة أسرة فضل الله وأمن حزب الله، بالحصول على شرف رؤية جثمان السيد فضل الله، وذلك داخل مسجده وبالقرب من المكان الذي كان سيدفن فيه في الساعة الواحدة والنصف (بعد ظهر اليوم التالي).

ولقد التقت المجموعة بمروحة واسعة من قادة المقاومة ومن القادة السياسيين اللبنانيين، إلا أن أحداً من السفارة الأميركية لم يكن يرافقهم، ذلك أن حكومتهم ستقاطع يوم الحداد الوطني ومراسم دفن من وسمته واشنطن بسمة "الإرهابي".

ولقد حدث ذلك في عام 1995، عندما نزل الرئيس بيل كلينتون، وهو يواجه حملة إعادة ترشيحه، تحت رغبة اللوبي الصهيوني "الأيباك".

وقد ضمّ الوفد المعزي أميركيين من نيويورك وماساشوستس ونيوجرسي وكاليفورنيا وهاواي وأوريغون، وقس كاثوليكي وراهبتين، وكان بعضهم في بيروت كي يشارك في الأسطول اللبناني الهادف إلى كسر الحصار عن غزة.

ولقد شعر هؤلاء بأنهم، لا السفارة، الممثلون الحقيقيون لبلدهم، وهي السفارة التي يعتبرها البعض ممثلة لمصالح إسرائيل وليس المصالح الأميركية.
[line]-[/line]





[line]-[/line]

هذا، ولقد استهلّت وسائل الإعلام الغربية المضلِّلة للناس أكثر من ألف تقرير بالكلمات التالية: توفي رجل دين مناهض في شدة للأميركيين، وبالطبع هذا أمر غير صحيح، فلقد كان السيد فضل الله مؤيداً جداً للأميركيين بمعنى أنه كان يمدح دائماً مبادئ المؤسّسين الأميركيين وكانت علاقته بالشعب الأميركي موضع تقدير منه ومنهم.

وقبل وفاته بأقل من أسبوعين خالف نصائح أطبائه مغادراً فراشه لمقابلة مجموعة من الأميركيين من واشنطن وحضّهم على العمل من أجل الحفاظ على المبادئ التي تأسّست عليها بلادهم وعلى تشجيع الحوار بين المسلمين والمسيحيين واليهود وعلى إنهاء الاحتلالات في المنطقة.



بيد أنّه، مثله مثل العدد المتزايد من منتقدي السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، كان السيد فضل الله ينتقد في أغلب خطب الجمعة تسليح أميركا لإسرائيل وتأييد اعتداءاتها المتتالية.

ولقد عمل على مدى أكثر من نصف قرن على "تحديث" الشريعة وجعلها تستجيب لحاجات الشباب وطموحاتهم ومخاوفهم في عالم سريع التغير. لقد كان بحق مفتي الشباب والنساء، المرشد الذي لم يُحبط يوماً أحلامهم، وكان دائماً يُبسّط الفتاوى. كما كان دائماً حاضراً للإجابة عن الأسئلة التي تشكل المحرمات (تابو) الاجتماعية والسياسية مهما بلغت حرمتها.

ولقد كان أيضاً عدو الجمود ورافضاً للتقليد غير المرن. وكان يصر على إخضاع كل الأفكار للنقاش والجدل وإعادة التقويم، وكان أكثر اهتماماً بالإنسان من المنظومات العقدية.

وكما قالت جريدة النهار: السيد فضل الله مرشد فريد سيفتقده لبنان والعالمين العربي والإسلامي. وسيمضي وقت طويل قبل أن يظهر رجل في مثل تسامحه وانفتاحه ولديه مثل هذا الإيمان بالإنسان والرغبة في التعاون مع كل المحاولات والجهود ومع كل القوى والنخب في أيام التوتر.

وكان تابعو فضل الله يُجِلّون فيه آراءه الاجتماعية المعتدلة وانفتاحه وبراغماتيته، ولقد أصدر فضل الله فتاوى دينية تحرم ختان المرأة وتدين العنف المنـزلي وتصر على أن من حق المرأة الدفاع عن نفسها في حال اعتداء زوجها عليها.

ولقد أيّد بقوة المساواة بين الرجل والمرأة، ورفض التطبير في عاشوراء، وطالب بدلاً من ذلك أن يتم التبرع بالدم إلى الهلال الأحمر. وكذلك عارض الدعوة إلى الجهاد التي طرحها أسامة بن لادن، ودان الطالبان الذين اعتبرهم طائفة خارجة عن الإسلام.

وكان من الأوائل الذين دانوا هجمات الحادي عشر من أيلول. وكذلك وقف ضد الهجمات الانتحارية، ولكنه قال بحق الفرد في التضحية بنفسه كسلاح في الحرب غير المتساوقة مع المعتدين. ولقد أيّد فضل الله الثورة الإسلامية في إيران. وفي عام 2009، وفي لقاء له مع أميركيين يضمون يهود، أكّد فضل الله الذي تتحدّر أسرته من قرية عيناثا الجنوبية، على دعوته إلى الحوار المسلم ـ اليهودي كجزء من الحوار بين الأديان الذي يهدف إلى تجسير الهوة بينها رافضاً أي اعتداء على اليهود أو المسيحيين في أي بلد عربي ومسلم. ولكنّه شدد أمام الوفد أنّ هذا الحوار يجب أن يكون في منأى عن النفوذ الصهيوني، ذلك أنّ اليهود يجب أن يتحرروا من الصهيونية العالمية، كما يجب مواجهة إسرائيل لاحتلالها أراضٍ عربية.
[line]-[/line]عمل "فضل الله" على مدى أكثر من نصف قرن على "تحديث" الشريعة وجعلها تستجيب لحاجات الشباب وطموحاتهم ومخاوفهم في عالم سريع التغير.وحاضراً للإجابة عن الأسئلة التي تشكل المحرمات (تابو) الاجتماعية والسياسية مهما بلغت حرمتها.وعدو الجمود ورافضاً للتقليد غير المرن. و يصر على إخضاع كل الأفكار للنقاش والجدل وإعادة التقويم، وكان أكثر اهتماماً بالإنسان من المنظومات العقدية.[line]-[/line]

ولقد رحب السيد بانتخاب باراك أوباما في الولايات المتحدة، فقال لصحيفة "الوول ستريت جورنال" في عام 2009: إن بعض تصريحات أوباما تشي "بأنه يؤمن بوسيلة الحوار" وأضاف: "ليس لدينا مشكلة مع أي رئيسٍ أميركي ولكن مشكلتنا مع سياسته التي ربما أضرّت بمصالحنا الإستراتيجية، ثم عاد بعد ذلك وأبلغ زواره بخيبة أمله جراء سياسة أوباما الشرق أوسطية متهماً إياه بأنّه نزل تحت ضغط "مؤيدي إسرائيل وليس رجلاً لديه خطة سلام".
[line]-[/line]لكان"فضل الله" رجلاً لكل الفصول، ولم يكن ضميره وتقواه يسمحان له بالبقاء حيادياً ما دام المحرومون مضطهدين ولا صوت لهم[line]-[/line]
كان لمحمد حسين فضل الله صيتٌ واسعٌ كفقيهٍ متبحرٍ في العلوم الدينية وأحد كبار رجال الدين الأتقياء، وذلك عبر تعاليمه وكتبه وأطروحاته التي رَبَت عن الأربعين مؤلفاً. ولقد أسّس حوزات دينية ومبرات ومستوصفات ومكتبات في إطار جمعية المبرات الخيرية، وهي مفتوحة لجميع اللبنانيين والأجانب على اختلاف مللهم، وهي تُشكّل جزءاً من تراثه الحي.

كان السيد محمد حسين فضل الله رجلاً نادراً يملك ذكاء الملائكة وخلقهم وقدرتهم على التعلّم. لقد كان رجلاً رائعاً في حنوّه وتواضعه وتواصله. وكان عندما يدافع عن حقوق المسلمين والمسيحيين واليهود وكل ذوي الديانات أو الطيبين الذين لا دين لهم، تملأ سحنته أحياناً مسحة من الحزن وتشتد ملامح عينيه الباسمة. فهو رجل كان يؤمن بعمق بالحق وبالمسؤولية في محاربة الظلم والاحتلال.

كان رجلاً لكل الفصول، ولم يكن ضميره وتقواه يسمحان له بالبقاء حيادياً ما دام المحرومون مضطهدين ولا صوت لهم، وما دام بلده المحبوب، لبنان، وفلسطين محتلّين...

ولقد وُضِع فضل الله على لائحة الإرهابيين الأميركية، إلا أنّه، رفض، كتوماس مور، كل الرشاوى والإغراءات التي قدمتها واشنطن بما فيها محوه من قائمة الإرهابيين، إذا ما اتبع رغبات "الملوك" وأوقف دعمه للمقاومة الوطنية اللبنانية.

لقد علّق السيد لقبه "الإرهابي" كوسام على صدره، فيما كانت أعماله الخيّرة تَسم أولئك الذين وضعوا هذه القائمة بالجبن والعار، لتخليهم عن المبادئ الأميركية المؤسّسة وتوفيرهم الغطاء السياسي للصهاينة الذين اغتصبوا فلسطين.