الشّيخ يوسف نبهة:مكانك خالٍ يا سيِّدنا !
في موسم الحجّ قبل خمس سنوات، كنت من جملة الأخوة الّذين رافقوا سماحة المرجع الرَّاحل السيِّد محمد حسين فضل الله(رض) في بعثته السنويَّة إلى الحجّ، حيث كنَّا نعمل على استقبال الأخوة الحجَّاج، والردّ على استفتاءاتهم، وإلقاء المحاضرات في بعض الحملات هناك.

ما لفت نظري وسائر الأخوة، هو حضور سماحة المرجع(رض) المميَّز، والّذي يضفي جوّاً روحيّاً وبيئةً حيويّةً مليئةً بالأسئلة والمحاضرات والزّيارات الشّعبيّة الّتي لا تنقطع طيلة وجود سماحته في الحجّ.

لعلَّ هذه الأيَّام الّتي أمضيناها مع سماحته(رض)، هي من أجمل الأيّام الّتي عشناها في حياتنا وأروعها، فبركة وجود سماحة السيِّد(قده) تشعر بها وأنت تستقبل كلَّ النّاس المتلهّفين للقائه، والحديث معه، واستماع محاضراته، وحتَّى التقاط الصّور الفوتوغرافيَّة إلى جانبه، وأخال أنَّ الكثير منَّا يعرف قيمة هذه اللَّحظات ومعناها، ويذرف الدَّمع شوقاً إليها وحزناً على فقدانها.

حقّا ـ يا سيّدنا ـ كنّا نستلهم القوَّة من همّتك العالية وإرادتك الصَّلبة، وكنّا نحلّق عالياً في عبق الرّوح وطهرها، عندما نصلّي خلفك ونستمع إلى دعائك بصوتك الشّجيّ العذب.

ستفتقدك مكَّة والبيت الحرام هذا العام، وسيشعر محبّوك بسطوة الفراق.

ستفتقدك المدينة المنوّرة هذا العام، وسيعزّ على أهلها وزائريها أن لا يسمعوا كلماتك الطيّبة كطيبة مدينتهم.

مكانك خالٍ ـ يا سيّدنا ـ وعزاؤنا أبداً أن نبقى حيث نحن في هذا الخطّ الوسطيّ المعتدل العاقل الّذي رسمته..