النتائج 1 إلى 7 من 7
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    673

    افتراضي فليذهب هذا الوطن إلى الجحيم !!

    (( آه ما أتعسني إلى الجحيم أيها الوطن الساكن في قلبي منذ أجيال لم أر زهرة )) - محمد الماغوط

    ملاحظة :كتبت هذا الموضوع قبل عدة سنوات تحت عنوان ( إلى الجحيم أيها الوطن ) ، ويبدو أنّ الوضع المزري الذي آل إليه حال المواطن العراقي حتى بعد مرور أكثر من ثمان سنوات على سقوط أبشع طاغية في تاريخنا المعاصر ، جعلني أفكر بإعادة نشره مرة ثانية .


    أتذكر أنني قرأتُ قبل سنوات ، مقالاً لأحد الكتاب ، يقارن فيه بين أوطاننا العربية ، وأوطان الآخرين في أوربا وأمريكا وغيرها ، حيث ذكر بأنّ المواطن لدينا هو من يحمل الوطن ، ويتحمـّل أعباءه ومشاكله وأمراضه ، بصبرٍ ووفاء لامثيل له ، بينما نرى أنّ الوطـن في ( الغرب ) هو من يحمـل المواطن ، ويسهر على تلبية احتياجاته ، والتخفيف عن همومه ، ويحرص على التأكيد على حقوقه التي ينبغي أن يتمتع بها .

    هذه الحقيقة المؤلمة ، صفعت بكفها الأبرية ، عين ، ووجدان كل ( عراقي ) هاجرَ ، أو لجأَ إلى ديار الغرب الأوربي والأمريكي ، بعد أن رأى الفرق بين نظرة الوطن لأبنائه في ( الغرب ) ، وهي نظرة أبوية رحيمة ومسؤولة ، تعبّر عن طبيعة ومتانة العلاقة بين الدولة ومواطنيها ، التي يكون البعد الإنساني والوطني والتربوي من أهم أركانها ، فضلاً عن تأكيد تلك العلاقة على أهمية الإنسان - المواطن ، باعتباره محوراً أساسياً للحياة والتطور والحضارة ، وهدفاً نهائياً لمسيرة البناء والإعمار والكفاح والنهوض العلمي والتكنولوجي والثقافي . . وبين نظرة الوطن لدينا ، التي تختلف كليّاً عن نظرة الوطن الآخر .
    فأبناء الوطن عندنا ، وعلى النقيض من الأبناء المدللين هناك في أوربا وأمريكا ... يُعاملون بقسوة واحتقار ، ويُساقون بلا رحمة في دهاليز البؤس والقهر والخوف والذل والجوع والتجهيل والتضليل ، ويُقذَف بهم في أتون الحروب والسجون والمقابر والمنافي والإرهاب ، وتُنتزَع منهم الكرامة والإرادة والحقوق ، ويُسلب منهم العقل والحلم والحرية والأمل والفرح والحب والأمان !!.
    وفوق كل ذلك ، يُطلب منهم أن يكونوا مواطنين صالحين ، وأوفياء مضـّحين يكتمون ألمهم وبؤسهم وذلّهم ومهانتهم ، ويعضـّون على جرحهم ، وينزفون ويحترقون ويموتون من أجل الوطن .. فكل شيء يهون من أجل عيون الوطن ، وكل الناس فداء للوطن !!.
    في ( الوطن الغربي ) يجري الحديث دائماً عن الإنسان وعن حريته وعن الحقوق التي ينبغي أن يمنحها الوطن لأبنائه ، وهي حقوق كثيرة جداً ، منها :
    حقهـم في التأمين الصحي ، والضمان الإجتماعي ، والعيش الكريم .. وحقهم في السكن في بيت نظيف ومؤثث يأويهم ويصون كرامتهم .. وحقهم في التعليم والدراسة ، والسفر ، والتدرّب على مهنة معينة ، والحصول على فرصة عمل .. وحقهم في تقديم النصيحة والمعونة لهم لتطوير أنفسـهم ، وبناء مستقبلهم .. وحقهم في رعاية أبنائهم قبل الولادة وبعدها .. وحقهم في الأمن والأمان ، وحمايتهم من المجرمين ، والعابثين .. وحقهم في عدم الإعتداء على حريتهم الشخصية ، أو إهانة مشاعرهم ، أو منعهم من الإحتجاج أو التظاهر ، أو التعبير عن قناعاتهم .. وغيرها الكثير من الحقوق والخدمات التي لايتردّد المواطن من المطالبة بها ، والتمتع بمميزاتها بعيداً عن دنَس المنـّة ، وعَفـَن المَكرُمة ، وسوط الجميل ... ولذلك ترى الناس هناك يحبون أوطانهم ، ويحرصون على سمعتها ، ويحترمون تقاليدها ، ويقدسون القانون والنظام والنظافة والطفولة والطبيعة والفنون والمكتبات والجامعات والمسارح والأسواق والعمل .. ألخ .
    بينما في ( الوطن العراقي ) تنعكس الآية ، ويكون الحديث فقط عن قائمة الواجبات والتضحيات الطويلة التي يجب أن يؤديها المواطن وهو يلبس رداء الطاعة والإستقامة ، وكفن الشهادة ، وقناع السعادة ، نحو وطن لم يقدّم له غير الفقر والمرض والوساخة والفساد والحزن والرعب والموت والتشرّد !!.

    الوطن لدينا يريد من أبنائه أن يؤدوا حقوق الوطن عليهم ، بينما هو يحرمهم من أبسط حقوقهم !.
    ويريد منهم أن يموتوا من أجله ، بينما هو ينتهك حريتهم وكرامتهم ، ويُسمـِّم حياتهم !.
    ويريد منهم أن يُنتجوا ويبدعوا ، بينما هو يسجن عقولهم ويمسخ نفوسهم !.
    ويريد منهم أن يخدموه ويخلصوا له ، بينما هو يذلّهم ويقمعهم ويذبح أحلامهم !.
    ويريد منهم أن يغنـّوا ويرقصوا على أنغام ِ أمجاده وبطولاته وإنجازاته ، بينما هو يدفعهم لـ ( الموت ، جوعاً ، أو قتلاً ، أو إغتراباً ) !.

    لكن .. بالرغم من كل هذا الظلم والحرمان والتربان والوجع والعذاب .. ترى الناس في أوطاننا يذوبون عشقاً بالوطن ! ، وتخفق قلوبهم وتهتز مشاعرهم عندما يُذكر إسمـَه أو ترتفع رايته ، ويذرفون الدموعَ السخية عندما يستمعون إلى قصيدة أو أغنية أو قطعة موسيقية تلهج ُ بجماله أو حزنه أوصموده ، ويُزمجرون من الغيظ ، وتخرجُ عيونهم من محاجرها عندما يجرؤ أحد على النيل منه ، ويحلمون بالعودة إلى أحضانه ( الباردة ) ، وهم ينعمون بالدفء والأمان والحرية والعيش الرغيد ، في أحضان الغربة !.

    أليست هذه معادلة مرّة ، وعسيرة على الفهم ، وثقيلة على القبول ؟

    أم أنّ ضرب الحبيب لايؤلم ، مع أنّه وللحق يؤلم كثيراً ، على قول ( الحـلاّج ) المصلوب ، الذي أخذ يتأوّه ويبكي عندما ضربه صديقه ( الشبلي ) مضطراً بباقة ورد ، بعد أن أمره الشرطة برجم الحلاج . ولما سأله الشبلي وهو يرتعد من الحسرة والنشيج على صديقه : ياحلاج ياصديقي الناس يضربونك بالحجارة والقاذورات ، وأنت تبتسم ، غير مبالٍ بقطع يديك ورجليك ، وتعليقك على الصليب ، والدماء التي تسيل منك ، وأنا قذفت بالورد ناحيتك مرغماً ، فصرختَ وبكيتَ ! . فقال له الحلاج : إنّ ضرب الحبيب ليؤلـم ياشبلي ! .

    وشتان بين ورد الشبلي ، وبين هذا الذي يفعله الوطن الحبيب بأبنائه المخلصين ، من قهر وقتلٍ وعذاب وتشريد !! .


    فارس الطويـل





    "يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً "

    سورة طه ، آية 102

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    174

    افتراضي

    أجت وأبدعت وأحسنت التحليل
    تحية الى قلمك الرائع أنك أصبت عين الحقيقة المرة التي نتجرعها لحد الآن ويبدو أننا سنتجرعها ما تبقى لنا من عمر.
    هو قلمي
    يكتب مايريد ويعبر عن رأيي وضعت له خطوط حمراء
    لايتجاوزها
    ليس لآي كان سلطة عليه
    ليس المهم أن يرضي الناس
    المهم أن يرضي ضميري

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    673

    افتراضي

    أخي العزيز أنا حر ..
    شكراً لك . يبدو أننا وأجيال ستأتي من بعدنا سنتجرّع علقم المرارات إلى مالانهاية ، مالم يحدث تغيير حقيقي في بنية المجتمع والنظام السياسي في العراق ، ومالم يجري تحديد مفهوم المواطنة وحقوقها وواجباتها ، وترسيخ الثقافة الديمقراطية على كل الأصعدة .

    تحياتي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,556

    افتراضي

    مقال رائع لكن لا اعلم من هو الوطن؟؟هل هو الارض التي تحمل خيرات الدنيا وواحده من اقدس بقاع العالم!!ام المقصود بالوطن الحكومات المتعاقبه التي دمرت العراق منذ زمن اجداد اجدادي؟؟اذا كانت الحكومات فهي من رحم الشعب وعندها سيكون العنوان كألاتي:فليذهب هذا الشعب الى الجحيم(لانه اختار حكوماته اما بمبايعه او انتخاب او بسكوت على الظلم)..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    772

    افتراضي

    كل شيء مقلوب في بلدنا الذي يسمى بلد الحضارات واول من اخترع الكتابة و و و و و الخ.....
    واضنه ليس ذنب الوطن بل ذنب من يتسلق على اكتاف الفقراء مرة ومرة بالانقلاب ومرة بالاحتيال فيصل الة دكة الحكم فيكون سلطانا جائرا ولسان حاله يقول انا ربكم الاعلى فأعبدون ...
    المشكلة لدينا هي ازمة فهم لثقافة الحكم الى الان يعتبرون الحكم سلطان وتفاخر وغنائم وحصص بينما في الغرب (الكافر)يعتبرون الحكم وظيفة تقدم لمواطني البلد الخدمات وتوفير الامن والعيش الكريم بلا منة ولا تفاخر !!!
    نسأل الله ان يمن علينا بحاكم عادل

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    673

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم العزاوي مشاهدة المشاركة
    مقال رائع لكن لا اعلم من هو الوطن؟؟هل هو الارض التي تحمل خيرات الدنيا وواحده من اقدس بقاع العالم!!ام المقصود بالوطن الحكومات المتعاقبه التي دمرت العراق منذ زمن اجداد اجدادي؟؟اذا كانت الحكومات فهي من رحم الشعب وعندها سيكون العنوان كألاتي:فليذهب هذا الشعب الى الجحيم(لانه اختار حكوماته اما بمبايعه او انتخاب او بسكوت على الظلم)..
    الأخ العزيز .. إبراهيم العزاوي :

    الوطن الرمز كأرض وتاريخ وشعب لايوجد خلاف عليه بين جميع أبنائه خيّرهم وشرّيرهم .. ولكن عندما يستولي على هذا الوطن حفنة من القتلة أو اللصوص أو الفاسدين ، فإنهم يحولونه إلى إقطاعية تابعة لهم ، ينعمون هم وحدهم ومرتزقتهم بخيراته وكنوزه ، بينما يجعلون من أبنائه عبيداً وجياعاً ومنبوذين .. عند ذاك لايكون هذا الوطن هو نفس الوطن الحقيقي الذي نحب ونعشق ، بل هو وطن أولئك الذين أسروه واغتصبوه ..

    تحياتي ومحبتي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    673

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو محمد النصراوي مشاهدة المشاركة
    ليس ذنب الوطن بل ذنب من يتسلق على اكتاف الفقراء مرة ومرة بالانقلاب ومرة بالاحتيال فيصل الة دكة الحكم فيكون سلطانا جائرا ولسان حاله يقول انا ربكم الاعلى فأعبدون ...
    المشكلة لدينا هي ازمة فهم لثقافة الحكم الى الان يعتبرون الحكم سلطان وتفاخر وغنائم وحصص بينما في الغرب (الكافر) يعتبرون الحكم وظيفة تقدم لمواطني البلد الخدمات وتوفير الامن والعيش الكريم بلا منة ولا تفاخر !!!
    نسأل الله ان يمن علينا بحاكم عادل
    أخي العزيز .. أبو محمد النصراوي
    أشكرك على هذا التعقيب الجامع المانع كما يقال .. لقد أوضحتَ بسطور قليلة كل أبعاد المشكلة بين الوطن وأبنائه .

    تحياتي ومحبتي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني