النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    717

    افتراضي من حديث لسماحة الشيخ اليعقوبي:معنى تحريك بعض الأعضاء في الأدعية

    من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي مع الزائرين في مجلسه العام في ذكرى ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم 13/رجب/1432 المصادف 16/6/2011.

    معنى تحريك بعض الأعضاء في الأدعية

    بسمه تعالى
    الخميس
    13-رجب-1432هـ
    16-6-2011م
    القى سماحة المرجع الديني اية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي ( مد ظله) كلمة في جموع الزائرين الذين وفدوا على مكتبه في ذكرى ولادة الامام امير المؤمنين علي (عليه السلام )..
    ومما ورد في كلمة سماحة المرجع - مد ظله - هو اهمية الالتزام بما يصدر عن الائمة المعصومين (عليهم السلام ) من اقوال وافعال – حتى على مستوى المستحبات – لما تحويه هذه التوجيهات من ابعاد ودلالات قد يغيب مغزاها عن الكثير من المؤمنين ومن امثله على ذلك ما ورد في نهاية دعاء العهد (... ثم تضرب على فخذك الايمن بيدك ثلاث مرات ونندب في كل مرة العجل العجل يا مولاي يا صاحب الزمان ) او كالتلويح بالمسبِحة ( التي يسميها العرب السبابة) وغير ذلك من الحركات التي تهدف الى زيادة تفاعل الانسان واشتراكها في كل مكوناته في العبادة و الطاعة فضلا عن تحقيق الانسجام بين عوالمه من القلب و الجسد و النفس و الروح .
    وفي نهاية حديثه اكد سماحة المرجع ان هذه المعاني تحققت جميعها في امير المؤمنين (عليه السلام ) لكونه كان يتحرك بوجود واحد دون تكلف –
    وفيما يلي النص الكامل لكلمة سماحة المرجع الديني – مد ظله – بهذه المناسبة


    بسم الله الرحمن الرحيم
    معنى تحريك بعض الأعضاء في الأدعية[1]
    ورد في بعض الأدعية القيام بحركات في الأعضاء مقترنة مع الدعاء، كما في دعاء العهد حيث ورد في نهايته (ثم تضرب على فخذك الأيمن بيدك ثلاث مرات، وتقول في كل مرة: العجل العجل يا مولاي يا صاحب الزمان).
    وكان الأئمة (عليهم السلام) يقومون ببعض الحركات في موارد معينة كالذي ورد في دعاء شهر رجب المعروف (يا من أرجوه لكل خير) حيث تقول الرواية في نهاية الدعاء (ثم مدّ الإمام الصادق (عليه السلام) يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدعاء، وهو يلوذ بسبّابته[2] اليمنى ثم قال بعد ذلك: يا ذا الجلال والإكرام يا ذا النعماء والجود، يا ذا المنّ والطول حرّم شيبتي على النار).
    وأرى الكثير من المؤمنين لا يلتزمون بهذه التوجيهات ويتساهلون فيها، ربما لأنهم يجهلون معناها ولا يعرفون أسرارها، وربما يستهجن فعل من يقوم بها عند من لا يفهمها، لذا أحببنا أن نلفت نظركم إلى أن هذه الحركات لها مدلولاتها المعبّرة عن الخلجات الباطنية والمعاني الروحية.
    فالضرب على الفخذ المشار إليه في دعاء العهد يمكن أن يكون له أكثر من معنى:
    1- ما جرى عليه الناس حين يريد أحد أن يستعجل آخر ويطلب منه الاسراع في التنفيذ فإنه يضرب على فخذه مكرراً لحثّه على ذلك، والداعي بدعاء العهد يستعجل ظهور الإمام وإعلان دعوته المباركة.
    2- إن الانسان عندما يبكي جزعاً في مصيبة معينة، فإنه يقرن البكاء بالضرب على الفخذ، ولعل هذا معروف عند النساء أكثر، ومع التسليم بحرمة جزع الإنسان في مصائبه الماديّة، فإن طول غيبة الإمام (عليه السلام) وظهور الفساد في البر والبحر وغلبة أهل الباطل واستضعاف أهل الحق موجب للأسى والألم والجزع، وهو جزع محمود لأن غايته رضا الله تبارك وتعالى، كما في دعاء الندبة (هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلا، هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى).
    وهكذا في دعاء رجب المتقدم فإن القبض على اللحية يعني الاعتراف بالذنب والتقصير واستحقاق الغضب الإلهي ولذا اقترن بطلب النجاة من النار التي هي عقوبة المتمردين لأن المعروف عند الناس أن من غضب على آخر وله مقام الاستعلاء عليه أخذ بلحيته، كالذي حكاه القرآن الكريم عن فعل النبي موسى (عليه السلام) مع أخيه هرون (عليه السلام) (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) (طه/94)، كالتعبير بأنه (أخذ بناصيته) وهي مقدم الرأس وأول قصاص الشعر منه للإشارة إلى تمام المقدرة عليه، قال تعالى (مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) (هود/56) أي أنها في قبضته وتحت قدرته يفعل بها ما يشاء.
    أما التلويح بالمسبحة فكأنه طلب للهداية والرشاد لأن التلويح بالمسبحة علامة المنذهل الحيران الطالب للدلالة على الطريق الصحيح، ويكون مجموع معنى الحركتين هو طلب النجاة من النار والفوز بالجنة وعدم الاكتفاء بالأول، وهو معنى قوله تعالى (َمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) (آل عمران/185).
    ومن تلك الحركات: القيام ووضع اليد على الرأس عند ذكر الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) للتعبير عن الإيمان بحياته وإٍنا بمحضر وجوده المبارك الشريف.
    هذا في جانب الحركة، وقد يكون عدم الحركة هو المطلوب كما في الصلاة لابراز حالة الخشوع في الجوارح مع توجّه القلب قال تعالى(الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون/2)، لذا كُرِه في الصلاة العبث باللحية والاصابع، والروايات في هذا المجال كثيرة.
    والهدف من هذه الحركات والسكنات هو تفاعل واشتراك كل مكونات الانسان في العبادة والطاعة وتحقيق حالة الانسجام بين عوالم الانسان من القلب والجسد والنفس والروح، وورد في حديث مرسل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (لا يقبل الله من عبده عملاً حتى يشهد قلبه مع بدنه).[3]
    وهذا التفاعل التام في عبادة الله تبارك وتعالى وطاعته تجلى عند أمير المؤمنين (عليه السلام)، تروي لنا كتب السير عنه (عليه السلام) انه إذا وقف للصلاة بين يدي ربه سكنت كل جوارحه واستسلم للملك العلاّم ولا يتحرك منه إلا ما حركته الريح بحسب وصف الروايات ولا يشعر بما حوله مهما كان ملفتاً، وجاذباً للمشاعر.
    لكنه (عليه السلام) يتحرك في المواضع الأخرى بما يناسبها من حركة البدن من دون تكلف أو رياء، بل يتحرك بوجود واحد، ففي وصف ضرار بن ضمرة وهو من أصحاب علي (عليه السلام) عندما دخل على معاوية وطلب منه أن يصف علياً (عليه السلام) قال (فأشهدُ لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول: يا دنيا يا دنيا إليك عني غرّي غيري).
    عليّ الأوّاه الحزين المعظّم لمقام ربّه يتقلب لا يقر له قرار كما يتقلب الملسوع الذي لدغته حية فلا استقرار له من الألم والعياذ بالله تعالى.
    لقد التفت العلم الحديث مؤخراً إلى دلالة حركات الأعضاء على المشاعر الباطنية وما يدور في ذهن وقلب الانسان، وبدأ يُعدّ الدراسات والتحليلات في ما يعرف بعلم (لغة الجسد)[4] ولا زالت نتائجهم ظنية مبنية على الاستقراء الناقص.
    فطوبى لمن والى علياً الانسان الكامل واتخذه إماماً وهادياً وسيفخر يوم يُدعى كل اناس بإمامهم فيأتي غيرهم وأئمتهم الفراعنة والطواغيت والظلمة والكفار والفاسقون، ويأتي شيعة علي (عليه السلام) وإمامهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل بيت العصمة (عليهم السلام) الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

    [1] من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي مع الزائرين في مجلسه العام في ذكرى ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم 13/رجب/1432 المصادف 16/6/2011.

    [2] تسمّي العرب الأصبع المجاور للإبهام (السبّابة) لما جرت عليه سيرتهم، لكن المهذبين لا يسمونه بذلك بل يقولون (الابهام والذي يليه) أما المتشرعة فيسمونها بالمسبحة.

    [3] هامش المفردات للراغب مادة (خشع) عن تخريج أحاديث الاحياء: 1/339.

    [4] من أراد التعرف على التفاصيل فليراجع الموسوعات العلمية ودوائر المعارف.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    717

    افتراضي

    بسمه تعالى
    الاول من رجب بداية السنة المعنوية
    الأحد 2/رجب/1432هـ
    5/6/2011 م
    ألقى المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (مُد ظله) كلمة أخلاقية افتتح بها درسه الخارج في الفقه بمناسبة حلول شهر رجب الأصب
    وقد نبّه سماحة المرجع –في ضوء الأحاديث الشريفة الواردة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)- على أهمية استثمار هذا الشهر المبارك من جوانب عدة وما ينبغي على المؤمنين الالتفات إليه من تهذيب النفس وتطهير القلب، لأنها المقياس الحقيقي للكمال والقرب من الله تبارك وتعالى.
    فهو –أي شهر رجب- انطلاقة معنوية جديدة ضمن محطات عبادية أخرى تكمّل المسير نحو الحق تبارك وتعالى ونعني بها هنا شهري شعبان المعظّم ورمضان المُبارك.
    وفيما يلي النص الكامل لكلمة سماحة المرجع اليعقوبي (مُد ظله)

    بسمه تعالى
    أول رجب بداية السنة المعنوية[1]

    المعروف أن بداية السنة الهجرية هو الأول من المحرم، وعند بعض المؤرخين انه الأول من ربيع الأول باعتباره مبدأ هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعند البعض الأول من شهر رمضان بحسب ما يستفاد من بعض الأدعية ، هذا ولكن السنة المعنوية عند طالبي الكمال والمشتاقين إلى رضا الله تبارك وتعالى تبدأ في الأول من رجب، البداية التي تعني الانطلاقة الجديدة، وتعبئة الهمة , وزيادة النشاط , ومراجعة صحائف الأعمال الماضية و الأمل بفتح صحائف جديدة بيضاء.
    ولعل من الشواهد على ذلك أن أصحاب كتب السنن والمستحبات كمفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي ومصابيح الجنان للسيد عباس الكاشاني (رحمه الله تعالى) يبدأون أعمال أيام وشهور السنة بأعمال شهر رجب ، ويذكرون صلاة لشهر جمادى الآخرة باعتباره آخر شهر في السنة.
    إن عظمة شهر رجب تأتي من جهتين (أولهما) شرفه الذاتي، والقيمة الكبرى التي أعطيت لمن أدى عملاً فيه بما لا ترقى إليه نفس الأعمال في شهور السنة الأخرى بحسب ما ورد في الروايات الشريفة حتى سُمّي (رجب الأصب) لأن الرحمة تُصبّ فيه صبّا، و(الثانية) أن الاستعداد لضيافة الرحمن في شهر رمضان تبدأ منه، حيث يتنعم أولياء الله تعالى بعيدهم في الشهر الكريم، فمن أراد أن يحظى بتلك الضيافة، ويفرح بعطاء الله تعالى في ذلك العيد، فلابد أن يبدأ بالعمل وتقديم الطلبات – كما يقال - من شهر رجب، لينظر فيها في شهر شعبان، ويمضي القرار الإلهي بها في شهر رمضان، وهذا هو المدخل الطبيعي لنيل الألطاف الإلهية الخاصة، وإن كانت رحمة الله تعالى أوسع من ذلك.
    وهذا وجه آخر غير ما ذكرناه في بعض المناسبات السابقة لمعنى ما ورد أن شهر رجب شهر أمير المؤمنين (عليه السلام) وشهر شعبان شهر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وشهر رمضان شهر الله تبارك وتعالى، فيكون معناه أن السعي لنيل رضا الله تبارك وتعالى وألطافه الخاصة تبدأ من شهر رجب عن طريق أمير المؤمنين (عليه السلام) لأنه باب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وولايته ميزان قبول الأعمال، ثم ينظر فيها في شهر شعبان بواسطة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) باب الرحمة الإلهية والوسيلة إلى رضوان الله تبارك وتعالى، ويشهد له ما ورد في تفسير قوله تعالى (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) –الدخان4- انها ليلة النصف من شعبان، ثم يجري القضاء الإلهي بالفوز والفلاح وحسن الخاتمة في شهر رمضان بعد أن تكون مقدماته قد تحققت.
    هذا هو شهر رجب في شرفه وفضله، وقد منّ الله تبارك وتعالى علينا بإدراكه، ولا شك أن الكثير من المؤمنين ملتفتون إلى ما فيه من أعمال مستحبة كالصوم في بعض أيامه المخصوصة وكلما زاد كان أفضل، وكالصلاة والذكر والدعاء والتسبيح وزيارة المعصومين (عليهم السلام) كزيارتي الإمام الحسين (عليه السلام) في الأول والنصف منه وزيارة المبعث النبوي الشريف، كما تستحب فيه زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) والعمرة، واحياء ذكريات المعصومين (عليهم السلام).
    ولكن ما لا يُلتفت إليه الا نادراً أعمال الجوانح لا الجوارح أي ما يهذّب النفس ويطهّر القلب، مع أنها المقياس الحقيقي للكمال والقرب من الله تبارك وتعالى، وانتم تعلمون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما انتهى من خطبته في استقبال شهر رمضان في آخر جمعة من شعبان، سأله أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أفضل الأعمال في هذا الشهر العظيم، فأجاب (صلى الله عليه وآله وسلم) انه الورع عن محارم الله , والورع ملكة جوانحية ليست من أعمال الجوارح وإن كانت تظهر آثارها عليها فتمتنع عّما حرّم الله تبارك وتعالى .
    ولنذكر شاهداً على هذه التربية المعنوية التي قام بها المعصومون (عليهم السلام)، ففي الخصال للشيخ الصدوق (رضى الله عنه) بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لم يعبد الله عز وجل بشيء أفضل من العقل ولا يكون المؤمن عاقلاً حتى يجتمع فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، والشرُّ منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، ويستقل كثير الخير من نفسه ولا يسأم من طلب العلم طول عمره، ولا يتبرّم بطلّاب الحوائج قبله، الذلّ أحبّ إليه من العز، والفقرُ أحبّ إليهِ من الغنى، نصيبهُ من الدنيا القوت، والعاشرة وما العاشرة لا يرى أحداً إلاّ قال هو خير مني وأتقى، إنما الناس رجلان فرجل هو خيرٌ منه وأتقى وآخر هو شرٌّ منه وأدنى فإذا رأى من هو خيرٌ منه وأتقى تواضع لهُ ليلحق به، وإذا لقي الذي هو شرٌّ منهُ وأدنى قال عسى خير هذا باطن وشرُّه ظاهر، وعسى أن يختم له بخير، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده، وسادَ أهل زمانهموأ)[2] .
    هذه هي الصفات التي يكمل بها عقل المؤمن وتكون أفضل وسيلة لنيل رضا الله تعالى: أن يكون الخير منه متوقعاً في قوله وفعله وسائر حركاته ومعاملاته مع الآخرين، والشر منه مأمون فلا يسيء إلى أحد ولا يعتدي على أحد ولا يجرح مشاعر الآخرين ولا يظلمهم ولا يبخسهم حقوقهم ولا يبغي عليهم، ولا يشهّر ولا يسقّط ولا يفتري، حتى لو أسيء إليه فلا يتوقع منه رداً عدوانياً.
    يصنع المعروف إلى الناس من دون أن يصحبه مَنٌّ أو أذى بل لا يجد في نفسه أنه قدّم شيئاً يُذكر وان كان عملاً عظيماً كإنقاذ إنسان من موت أو تفريج كربة نكّدت حياته، لكنه إذا صُنِع إليه المعروف فإنه يجد نفسه مديناً لمن فعله ولا ينساه طول حياته حتى لو كان شيئاً بسيطاً لا يستحق أن يذكر كتقديم شربة ماء له.
    وهكذا يستمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذكر هذه الخصال الكريمة حتى يصل إلى العاشرة وما أدراك ما العاشرة، إنها التواضع للناس والذل الباطني والشعور بأنه أحقر هذا الخلق وأتفههم وأن كل الناس أفضل منه وأكرم عند الله تعالى، ويذكر (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك وجهين:
    1- أن الآخر حتى لو كان سيئاً في جملة من أفعاله فلعل له خصلة كريمة عرفها الله تبارك وتعالى منه ولا نعلمها كالبرِّ الشديد بالوالدين أو حب الناس وإنصافهم أو الغضب لله تعالى. قد نالت رضا الله تبارك وتعالى فعفا وصفح عن ذنوبه بينما أن المتظاهر بالصلاح، لعل له خصلة سيئة أوجبت المقت الإلهي فحبطت بها الأعمال والعياذ بالله.
    2- إن الأمور بخواتيمها فهذا الإنسان الذي تعتقد أنه سيئ الآن ولكنك لا تعلم كيف يُختم عمله، وكذا الإنسان الذي يظهر منه الصلاح، ولكن قد تنقلب الأمور إلى العكس، والعاقبة للمتقين والأمثلة كثيرة كالخاتمة الحسنة للحر الرياحي ، والخاتمة السيئة لمن انقلبوا على الأعقاب من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما وصفتهم الآية الشريفة.
    إنّ من يتأمل في هذا الحديث الشريف وفي الدعاء الوارد في شهر رجب (يا من أرجوه لكل خير، وآمن سخطه عند كل شر يا من يعطي الكثير بالقليل، يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله ولم يعرفه تحنناً منه ورحمة) يجد مطابقة وانسجاماً بين جملة من فقراتهما، لأننا أمرنا بالتخلق بأخلاق الله وهذه المذكورة في الدعاء من أخلاقه تبارك وتعالى وهي نفسها التي يكمل بها عقل المؤمن، وكأنه إيحاء بأن شهر رجب باعتباره بداية إنطلاقة جديدة للعمل ومراجعة للماضي لإصلاح ما فسد، وتكميل ما صلح، كأنّ هذا الشهر هو فرصة التأمل في هذه الخصال العشر والسعي الحثيث لتحقيقها بفضل الله تبارك وتعالى.

    (1) كلمة أفتتح بها سماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) درسه الخارج في الفقه يوم الأحد 2/رجب/1432 المصادف 5/6/2011 .

    [2] الخصال للشيخ الصدوق (رضي الله عنه): 433.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني