النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,593

    ذكرياتهم مع السيد ...


    مدير المركز الاسلامي الثقافي في بيروت السيد شفيق الموسوي
    يستذكر تفاصيل مشرقة من حياة العلامة المرجع فضل الله


    قال له الشيخ حسين الراضي إنّ المستقبل لفكركم سيّدنا فرد عليه بل هو للإسلام


    حدثت أم اولاده بأنه بكى بكاء الثكلى ليلة إعلان مرجعيته لعظم المسؤولية التي سيتحملها من مقلديه في رقبته يوم القيامة

    كان يردد للدعاة..اطعموا الناس ولاتسألوا عن دينهم ومذهبهم



    (شبكة الفجر الثقافية) (2011-07-18م)


    استذكر مدير المركز الاسلامي الثقافي في بيروت السيد شفيق الموسوي بعض اللمحات والتفاصيل التي ربما تنشر لأول مره عن حياة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله عليه.

    وقال السيد الموسوي ضمن كلمته التي القاها في الحفل التأبيني في الكويت بمناسبة الذكرى الاولى للرحيل ،ونشرها موقع «تواصل أون لاين» أن : عالَمُ السيّد، عالَمٌ متنوّع، متعدّد، قد تحتار في طرق الأبواب التي يمكن أن تُدخلك إلى هذا العالم، والحَيرة نابعةٌ من انجذابك إلى كلّ مفردة من مفردات هذا العلم، فقهاً واجتهاداً وعلمَ قرآن وحديثاً شريفاً، ونهجَ بلاغة، وتحدّيات معاصرةً وما إلى ذلك...

    وأضاف: الحديث عن رجلٍ بقامة السيد لن يكون إلاّ بقرب القلب من القلب، وتماس العقلِ من العقل...

    إضاءات من حياة السيد فضل الله

    معلّمٌ للصلاة

    في الوقت الذي كان فيه السيّد الشهيد محمد باقر الصدر(رضوان الله عليه) يقول: "كلُّ من خرج من النجف خسر النجف، إلاّ السيد محمد حسين فضل الله فقد خسرته النجف"...

    هذا السيد الذي خسرته النجف، كفقيه ومجتهد، هذا السيّد يقف على باب حسينية النبعة في ضاحية من ضواحي بيروت المزنّرة بالحرمان، ينتظر الأطفال المارّين في الشارع ليقنعهم بالدخول إلى المسجد ليعلّمهم الوضوء والصلاة.. هذه شهادةٌ موثّقةٌ أدلى بها أمامي أحدُ أكبر الأطباء النفسيين في أميركا، وهو الدكتور حيدر مكي، الذي حظي بنعمة تعلّم الصلاة على يدي السيّد، حين أدخله وأخاه من الشارع إلى المسجد ومعهما مجموعة من الأطفال يعلّمهم السيد كيفية الوضوء والصلاة.

    روحٌ متسامحة

    هذه هي الروحيّة نفسُها التي تقوم الحملة الظالمة عليه، يصبرُ ويصبرُ حتى يملَّ الصبر منه.. وفي ليلةٍ، كانت الحملة الظالمة على سيدنا في ذروة عنفها... تلك الليلة كنا نستمع إلى السيّد، وهو يشرحُ الحديث الشريف: "اللهم صِلْ من قطعني، وأعطِ من حرمني، واغفر لمن ظلمني.."

    كان هذا ليلة جمعة في مسجد الإمامين الحسنين(ع) بعد الخطبة والصلاة والدعاء، ذهب السيّد إلى البيت، وهذا ما يحدّث به ولده سماحة السيّد علي، وقال: اتصلوا بفلان، وفلانٌ رأس الحربة المسمومة الموجّهة إلى صدر السيّد، تعجّب كلَّ مَنْ حول السيد، اتصلوا به، حادثه السيّد، تودّد إليه، اطمئنّ عنه وعن عياله، وفلانٌ باردٌ برودة الثلج كما أخبر السيد لاحقاً، وعندما سُئل (رضوان الله عليه) عن سبب إقدامه على الاتصال، قال: كيف لي أن أترجم عمليّاً ما كنتُ أشرحه لعموم المؤمنين: صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، واغفر لمن ظلمك... أيُّ سيّدٍ هذا السيّد؟

    دعْهم يقولون

    في لقاء جمعنا بالدكتور إبراهيم الجعفري، تحدّث فيه عن السيّد، ومن جملة ما رواه عن علاقته بالسيّد، أنّه جاءه مرّة يشكو إليه قريبَه عن ارتكاب الإثم باستغابة السيّد، قال السيد للدكتور الجعفري: أنت تعرف محمد حسين فضل الله.. دعهم يقولون...

    انطلق السيّد في ذلك من موقفه الرسالي الثابت وهو كما يقول: كُنْ أكبر من أساليب الاتهامات والشتائم، إذا أساءوا فأحسِن، حاول أن تدفع سيئاتهم التي يوجّهونها إليك بالكلمة الأحسن حتى تستطيع أن تفتح عقولهم على الحق.

    العابدُ العارف

    أنتقلُ إلى ضفّةٍ أخرى من ضفاف حياة السيد، نحن نعرف أنّ الحديث الشريف يقول: "أفضل الناس مَنْ عشق العبادة، فعانقها، وأحبّها بقلبه وباشرها بجسده، وتفرّغ لها، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا على عُسر أم على يُسر".

    كمثال تطبيقي على الحديث الشريف، حرصُه على الدعاء بنفسه بعد الصلاة يتلوه على جموع المصلين، وكانت له علاقةٌ خاصّة بدعاء كميل كلّ ليلة جمعة، كنا نسمعه يقول: إنَّ بكاء هؤلاء الشباب وكبار السنّ وهم يستمعون لي في الدعاء يحمّلني مسؤولية إسلامية أكبر، لذلك لم يقعده عن الدعاء، لا حربٌ ولا مرضٌ ولا أيُّ انشغال حتى نال منه المرض منالاً عظيماً... أذكرُ عندما يحسُّ بالتعب ليلة الجمعة ويصادف أن يكون الحاج ميثم كاظم في بيروت بطلب مني أن يقرأ الحاج ميثم الدعاء، ويبقى جالساً في محرابه حتى انتهاء الدعاء..
    العابدُ العارف الذي مثّلت له العبادة ممارسةً عمليّة في شتى مناحي الحياة.. فيما يذكره لي الشيخ حسن بشير مدير مكتبه في بيروت أنّه عندما كان يتسلّم الحقوق الشرعية من الناس كان يردّد دائماً: "لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم... حسبي الله ونِعم الوكيل استغفر الله ربي وأتوب إليه" هنا يسأله الشيخ بشير، ولماذا الحوقلة والاستغفار، سيّدنا؟ كان يجيب: أشعر بأنّ هذه الأموال عقاربُ وأفاعٍ تلسعني إن لم تُصرف في مكانها الطبيعي وحدي المسؤول عن صرفها أمام الله..

    ذابَ في الله تعالى، وكان العابدَ بحقّ، والعابدُ العابد، هو الذي لا يقدّم رِجلاً ولا يؤخّر أخرى إلاّ أن يعلم أنَّ في ذلك لله رضى.. نستمع هنا، إلى ما حدّثت به حرمه السيّدة أم عليّ أولادها السادة، تقول: ليلة عزمه على إعلان مرجعيّته، كان يبكي كما الأطفال، وكانت تحاول أن تهوّن عليه، فيجيبها بأنَّ المسؤولية أمام الله كبيرة، وبأنّ هؤلاء الناس الذين سيقلّدونه هم أمانة الله في عنقه...

    لم يترك الصلاة في المسجد، كان مَنْ حوله ينصحه بالصلاة في المنزل ولكنه كان يتحامل على نفسه ويردّد ما كان صادق أهل البيت (ع) يقوله: "ما ضعف بدنٌ قويت عليه النيّة".

    وفيما ذكره ولده السيد جعفر يقول: "كان لديه برنامجٌ ثابتٌ، هو صلاة الليل، يستيقظ قبل الفجر بساعة، يصلّي، ويدعو بدعاء أبي حمزة ويقرأ القرآن، ثم يصلّي الفجر، وكان من عادته أن تنهمر دموعه غزيرة وهو يدعو الله في صلاة الليل... ولطالما كان يردّد الآية الكريمة: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ وأظنّ كما يقول السيد جعفر يلاحق حتى الوهم والفكرة التي تطرأ على أفق النفس، فكان يطردها بذكر الله عزّ وجلّ..

    الراحة حرام

    حرّم على نفسه الراحة... الراحة على الدعاة حرام.. هذا الكفر قد شحذ كلّ أسلحته ضدّ الإسلام والمسلمين، وهذه الأرض تهتزُّ من تحت أقدامنا، وهذا عالمٌ لا يحترم إلاّ الأقوياء، فلنكن الأقوياء بالعلم والثقافة والسياسة والاقتصاد وما إلى ذلك..

    وترجم مقولته إلى عمل: كان ينطلق كما يحدّث سائقه الشخصي فوزي صالح، من بيروت الواحدة فجراً، يصل إلى الجنوب في الثالثة يبيت عند أحد الأصدقاء، لينطلق في صباح اليوم التالي، من قرية إلى قرية، يخطب ويعظُ ويوجّه، ويحلُّ مشاكل الناس، ثم يعود إلى بيروت في الواحدة فجراً...

    ويحدّث السيد محمد الحسيني، مدير حوزة المرتضى في دمشق، كنّا ننطلق صباحاً من دمشق إلى حمص إلى حلب إلى حدود تركيا، ثم وبشكلٍ معاكس إلى درعا على الحدود الأردنية، ثم إلى دمشق، يقول السيد الحسيني، لم أسمعه شكا من التعب، بل كان عندما ينظر إلينا ويجد أنَّ التعب قد نهش كلّ مفاصلنا، كان يمازحنا ويقرأ الآية الكريمة: ﴿ قَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً .

    كلّ من رافق السيّد في لبنان، في سوريا، في إيران، في باكستان، في الخليج، في الحج، في أوروبا وأميركا، يحدّث عن جهد السيّد كما لو أنّ واحداً بعينه مرافقاً له في كلّ سفراته إلى كلّ البلدان يحدّث بذلك..فهذا الحاج أبو هاشم الوزان، والسيد عبد السميع البهبهاني والسيد رضا البهبهاني والسيد الطباطبائي، يحدّثون بأن يوم السيّد العملي، يبدأ من لقاء إلى ندوة إلى محاضرة إلى حوار، وهكذا على مدى ساعات الليل والنهار..

    أنقل لكم حادثة وهي أنّه أثناء زيارة له إلى إيران، وبعد أن بذل مجهوداً كبيراً، في اللقاءات والمحاضرات والندوات، شعر المسؤولون عن أمْن السيّد أنّه بحاجة للراحة ذهبوا به إلى منطقة بحر قزوين، حيث الجوّ اللطيف والساحر، قضى السيّد ليلة أو ليلتين هناك، قضاهما بالكتابة والبحث والقراءة، في صباح اليوم الثالث طلب من الجميع التوجّه إلى طهران، بحجة أنّنا لم نأتِ إلى النزهة بل إلى العمل...

    من الوقفات السريعة في حياة السيد:

    انشغالٌ دائم

    كان عندما ينتقل بالسيارة من بيروت إلى دمشق أسبوعياً فإنّه كان يقضي وقت الرّحلة بالكتابة.

    "الفطور" خيرٌ من النوم

    أحياناً، ومن شدّة تواضعه وحبّه للناس، كان يُعدّ طعام الفطور بنفسه للمرافقين، يوقظهم في الصباح قائلاً لهم: "الفطور خيرٌ من النوم".

    قد يذهب الدكتور عَلَم إلى الحج في العام القادم

    عندما وَصَفَ بدقّة وتشويق رحلة الحج لطبيبه المسيحيّ الدكتور سليم علَم ظنَّ من حول السيد أنّ الدكتور عَلَم سيذهب إلى الحجّ في العام القادم..

    مَلَّ الصبرُ من صبرِه

    رغم مرضه كان لا يشكو أبداً وعندما كانوا يدخلونه إلى غرفة الأشعة لتُجرى له صورة سكانر، وكانت تستغرق حوالي الساعتين، لم تتوقف شفتاه البتّة عن ذكر الله..

    أعصابٌ حديديّة

    بعد ليلةٍ عنيفة من القصف في حرب تموز، وكانت ليلة الجمعة وآخر ما أفكّر فيه أنّ السيد يمكن أن يأتي لصلاة الجمعة، عند الأذان استُدعيت إلى المسجد لتنظيم مراسم الصلاة لأنّ السيّد يتهيأ للخطبة والطيران الإسرائيلي في الأجواء..

    عزيمةٌ ما بعدها عزيمة وهو مصداقٌ للحديث الشريف: "المؤمن أعزُّ من الجبل، الجبل يُستقل منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلّ شيءٌ من دينه".

    الثقةُ بالله

    عندما كانت تضيق الأحوال المادّية بمؤسساته وحاجات الفقراء كثيرة، كان بعض المشرفين يقول لو نخفّف من الصرف سيّدنا، كان يقول: اصرفوا كلّ شيء ولتكن ثقتكم بالله كبيرة.

    المستقبلُ للإسلام

    يحدّث العلامة الشيخ حسين الراضي يقول: قلتُ للسيّد، إنّ المستقبل هو لفكركم سيّدنا، قال: المستقبل هو للإسلام.. لأنّ السيد (رضوان الله عليه) كان يؤكّد على خطّ البطل وليس على بطل الخطّ.. وكثيراً ما كان يقول: "إذا كان الفكر الذي أطرحه لله، فالله يتكفّل به، وإذا لم يكن لله، فما النفع منه؟"

    المسجدُ لله وليس للشيخ

    حدّثني المرحوم الحاج سمير حمدون وهو كان من الذين لا يقُدمون على شيء إلاّ بعد استشارة السيّد، قال: إنّ مسجداً يُبنى، وإنّ المشرف طلب مساعدة المرحوم حمدون، ذهب لسؤال السيد وفي ظنّه أن السيد لن يشجّعه كون شيخ هذا المسجد على مسافة بعيدة من السيّد.. قال له السيّد: هذا مسجدٌ لله وليس للشيخ.. ادفع وتوكّل على الله.

    المتواضعُ في محرابِ العِلْم

    كان (رض) معروفاً عنه بمراجعة أهل الخبرة، فليس من ضير عنده أن يسأل بنفسه العلماء والأطباء وغيرهم، ولذا، كان الفلكي الشيخ العُجيري، يقول: لا أحد يحقُّ له أن يتكلّم بموضوع الفلك إلاّ الشيخ فضل الله، فهو الوحيد الذي يتصل به.

    أَدْخِلوا الفرحَ إلى قلبه

    شابٌ يريد الزواج، ويرغب بإقامة حفلة مولد، وليس من مال عنده، يلجأ إلى السيد، يتّصل السيد فوراً بالحاج محمد رمال متمنّياً عليه إقامة الحفل من دون مقابل ليسعد هذا الشاب وهكذا كان.

    لا تكونوا مبذِّرين

    كان عندما تنام عائلته، يتفقد البيت غرفة غرفة ليطفئ المصابيح أو اللمبات التي بقيت مشتعلة، ويردّد: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ .

    احترامُ الصغار

    ينقل الأخ أبو نقاء المسقطي أنَّ ولده الصغير كان يناقش السيد في أمور عقائدية أكبر من مستواه العقلي، وكان يستمع إليه السيّد ويناقشه ويحدّثه على قَدْر عقله، ويخاطبه بكلمة يا أخي...

    اتركوا "نور" تسألُ ما عندها!

    تُحدِّثُ السيدة أم هاشم الوزان، أنّه في أثناء زيارة عائلية للسيد، جرت فيها نقاشات وطُرحت أسئلة وكانت الصغيرة نور تريد أن تسأل السيّد سؤالاً، ولأنّ الوقت صار متأخراً منعوها من طرح سؤالها على السيّد، من دون أن يلتفت السيّد إلى ذلك.. بدأت بالبكاء، عاد السيّد على صوت بكائها، استفسر عن حالها، هدّأ من روعها وأجابها على سؤالها...

    أطعموهم ولا تسألوهم عن دينِهم

    الحاج أبو فيصل الغضنفري والعم الحاج كاظم عبد الحسين عندما بدأت أعمالُهما الاجتماعية التبليغية في إفريقيا جاءا إلى السيّد يطلبان التوجيه والنصيحة، قال لهما: ما أوصيكما به أن تساعدا الناس وتقدّما لهم الخدمات من دون أن تسألا عن دينهم وطائفتهم، أطعموهم وكفى. أيّ روحٍ إنسانية هذه... إذا أردت كما يقول السيد أن تدخل إلى عقل إنسان، فادخل إلى قلبه أوّلاً...

    أغيثوا الملهوف

    الحاج جواد حمدان، ملازمٌ دائمٌ للسيّد، أُصيبت زوجته بمرض نفسي، تعب من جرّاء معالجتها، أراد طلاقها، جاء إلى السيد يستشيره، أجابه السيد بالحديث الشريف: "مَنْ أغاث ملهوفاً أعانه الله يوم القيامة"، أحجم عن ذلك ولم يطلّق.

    حِفْظكم للنظام حِفْظكم لإسلامكم

    كان يُرشد الشباب إلى عدم الانفعال في العمل الإسلامي، يحدّث السيد عبد السميع البهبهاني يقول: عندما كنّا في أميركا وكنّا شباباً متحمّسين، هذّب فينا الكثير من الأمور وهدّأ من فورة حماسنا، حيث كان يوجّهنا إلى أن تكون قوّتنا في عقولنا وأفكارنا لا في تهوّرنا. ولأنّه كان يحرص على الوحدة الإسلامية كان ينصحنا بعدم إقامة تجمّع شيعي، بل بإقامة تجمّع ينضوي تحت لوائه الطلبة المسلمون من الشيعة والسنّة.

    لطالب عِلْم الدين: "إيّاك وأن تفتح دكاناً"

    كان يؤكّد على طالب العلم الديني أن يكون مشروعَ قائد رساليّ وألاّ تكون العمامة مدخلاً لفتح دكان للبيع والشراء.

    أَقْرأُ 200 كتاب يومياً

    كان يُسألُ كم كتاباً تقرأ؟ كان يقول: أقرأ مائتي كتاب يوميّاً، فأنا ألتقي يومياً بحوالي 200 إنسان أتعلّم من خلالهم الشيء الكثير، حتى أنّني أتعلّم من الأطفال.

    ضوءُ الشموع و"مِنْ وحي القرآن"

    في حرب لبنان عام 1975، وكان محاصراً مع مجموعة صغيرة من الناس في حسينية النبعة، حيث رفض الخروج إلاّ إذا خرجوا إلى بيروت الغربية، كان يكتب تحت القصف وعلى ضوء الشمعة، تفسيره الحركي (من وحي القرآن).

    تذكّروا حوائج الناس

    عندما تضغط ظروف العمل على بعض الإخوة، يأتون إليه طالبين النصيحة، كان يقول: "من نِعَم الله عليكم حاجة الناس إليكم". وكان يركّز على كلّ واحد: إجعل من نفسك حاجة للآخرين..

    "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً"

    أثناء إحدى زياراته إلى قمّ المقدّسة، وخلال لقاءٍ علمائي كان السيد يتحدّث فيهم، دخل أحد المعمّمين وصار يكيل التهم للسيد من دون سبب سوى الحسد: كان رابط الجأش، كاظم الغيظ، أجابه بالآية القرآنية: ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً .

    بعد لقائك به... ستكون أفضل

    السفيرة البريطانية في بيروت، كانت لها لقاءات فكريّة وسياسية مع السيد: كانت تقول دوماً: "كلّما خرجت من عند السيّد فضل الله كلّما شعرت بنفسك أنّك أصبحت أفضل".





  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,593

    افتراضي

    المستشار الاعلامي والسياسي للمرجع فضل الله :
    هذه ذكرياتي مع السيِّد





    محطَّات من ذكريات كثيرة، صاغها التَّاريخ الجهاديّ والنّضاليّ الإسلاميّ لسماحة العلامة المرجع، السيِّد محمَّد حسين فضل الله(رض)، يرويها تلميذه ومستشاره الإعلاميّ، الحاج هاني عبد الله، متوقِّفاً في الذّكرى السَّنويَّة الأولى لرحيل سماحته، عند محطَّاتٍ تبرز بعضاً من السِّيرة العطرة الّتي كتبها سماحته بحبر المعاناة والجهاد والحركة والتَّعب.. عن السيِّد المتواضع، عدوّ الرّاحة، الدّاعية، وعن الأيّام الأخيرة، وما بعد الرَّحيل.. بعض من ذكريات....

    وفي مقاله الذي نشره موقع بينات ، يعود عبد الله إلى العام 1986م حيث يقول: استمعت إلى أحد أمراء الحرب، كان يقول أنا أختلف مع السيّد فضل الله 180 درجة، ولكنّي لا أحترم شخصاً مثل هذا الشَّخص.. لأنّه صريح وواضح.. وأذكر أنه في أعقاب الحرب، وفي أوّل زيارة قام بها رئيس حزب الكتائب، وهو جورج سعادة، إلى منزل سماحة السيّد، كان يسأل، وكان سماحة السيّد يجيب، وكنّا نشعر بعلامات التعجّب باديةً على وجهه، إلى أن قال له: أنت تفاجئني يا سماحة السيّد.. فقال سماحته: لم أفاجئك؟ قال: لأنّك لست كما تتحدّث.. قال له سماحة السيّد: بل أنا كما أتحدّث، ولكنّ المشكلة أنّكم كوّنتم فكرةً عنّي من خلال وسائل الإعلام، وخصوصاً وسائل الإعلام الغربيّة... وكانت الجلسة مطوّلةً، وأذكر أنّه في نهايتها، قال جورج سعادة لسماحته: لقد أتيت إلى هنا وأنا أعتبرك عدوّي اللّدود، أما الآن، فأقول لك: أنت مرشدي دون محاباة. واستطاعت هذه الجلسة أن تفتح السّاحة الإسلاميّة على السّاحة المسيحيّة.

    وعن سمو الاخلاق عند المرجع السيد فضل الله يذكر عبد الله ان احدهم جاءه بسؤال ذات يوم يقول: إنَّنا اغتبناك، فهل من مسامحة؟ فأجاب سماحته: أنا أسامح من اغتابني ومن يغتابني ومن سوف يغتابني، ولن أكون حجر عثرةٍ في طريق مؤمنٍ إلى الجنَّة..

    وعن ذكرياته في أيام الحرب، يقول عبد الله : أستطيع أن أتحدَّث عن سماحة السيّد في أيّام الحرب الصّعبة والقاسية جدّاً، أذكر أنّنا كنّا في أواخر الحرب الأهليّة اللّبنانيّة، والجميع يعرف أنَّ سماحة السيّد كان يصرّ على الذّهاب إلى مسجد الإمام الرّضا(ع) في بئر العبد، لقراءة دعاء كميل بنفسه، وفي يومٍ من أيّام الحرب، وفي ليلة الجمعة، كان القصف يشتدّ على هذه المنطقة، وبالتَّحديد على منطقة حارة حريك وبئر العبد، وفي ذلك الوقت، كان القصف يتساقط عشوائيّاً في جوار المسجد، وأخبر سماحته الأخوة المرافقين بأنّه سينزل إلى المسجد، فاستغرب الإخوة وتساءلوا كيف ننزل والقصف يتساقط، فقال سماحته: "اتَّكلنا على الله". وأذكر أنَّ سماحته ذهب إلى المسجد، ولم يكن أحد يتوقّع أن يأتي سماحته في مثل هذه الظّروف.

    وعن الحروب الصهيونيه، يقول هاني عبد الله : الكل كان يعرف أنَّ سماحته لم يكن ليترك النَّاس في أيِّ لحظةٍ من اللّحظات.. وكان أن دكت الطّائرات الإسرائيليّة أماكن قريبة في حارة حريك، وكان سماحته يصرّ على أن لا يترك النّاس وأن يبقى معهم، مع أنّ الكثير منهم تركوا مناطقهم .. في حرب تموز مثلاً، من العام 2006، وفي اليوم الثاني للحرب، قلت لسماحته إنّ الحرب أصبحت تنذر بالشّيء الخطير، ويبدو أنها كبيرة وشاملة، وعليك أن تذهب إلى الشّام، لأن هذه المنطقة ستدمَّر على ما يبدو، فكان ينظر إليَّ نظرة استهجانٍ، وكأنه يقول لي: أنت لا تعرف من أنا، ولم تعرف مواقفي.. وفي نهاية المطاف قال لي: أنا لا أترك النّاس.

    لم يترك سماحة السيّد النّاس، حتّى عندما كان الناس كلهم تقريباً قد خرجوا من الضّاحية الجنوبيّة، كان هو لا يزال فيها، والكلّ يعلم أنه كان في محراب المسجد عندما سقط منزله بفعل غارتين صهيونيّتين.. حتى الشّباب الذين كانوا برفقة سماحته، عندما كانت الأبنية تتساقط وهو في جوار المسجد، قال لي بعضهم إنّ الغبار كان يتصاعد عليهم، ومع ذلك، لم يكن يرفّ للسيّد جفن، وكان يشعر باطمئنان غير عاديّ وبقوة غير عاديّة، وكان يردِّد كلمته الشهيرة: قوَّتي حبّ النّاس، ونقطة ضعفي حبي للنّاس.

    وعن الأشهر الأخيرة من حياته، يقول الحاج هاني عبد الله : وعندما كنا نتحدَّث إلى سماحته في تلك المرحلة، شعر الجميع بأنَّ صوته كان متهدّجاً، ولكنَّه كان يصرّ على الأطبَّاء أن يحلّوا مشكلة الصَّوت، لأنَّ هذه المشكلة هي الّتي تضع حاجزاً بينه وبين النَّاس.. كان في ذلك الوقت، يصعد إلى منبر خطبة الجمعة، وكنت أستمع إلى أحد الإخوة في مسجد الإمامين الحسنين يقول: انظروا، هكذا تكون مراجع الدِّين، انظروا مرجعاً في آخر حياته يصرّ على أن يصعد إلى المنبر، وأن يتكلَّم مع النّاس، وهو يحمل على الأيدي والأكتاف ليستطيع النزّول من المحراب..

    وفي جانب آخر تحدث هاني عبد الله عن استماعه إلى الكثير من المشايخ والعلماء ممّن أتوا ليطلبوا المسامحة، وكان يسامحهم جميعاً، ويقول لهم: أنتم من البيت وأنتم أولادي، حتَّى ولو أسأتم إليّ، سامحكم الله..

    وعن اللحظات الاخيره للرحيل تحدث الحاج هاني عبد الله: أذكر أنني في اللّيلة الّتي سبقت وفاة سماحته، كنت أسأل طبيبه عنه، فكان يقول لي: إنّ قلب هذا الرّجل لا يستسلم.. تماماً كما نفس السيّد الّذي لم يكن ليستسلم لأيِّ شيء.. وكنَّا نعيش لحظات الفراق بكلّ قساوتها وألمها.. في تلك اللّحظات، لم نكن نشعر بأنَّنا يمكن أن نأخذ قسطاً من الرّاحة أو لحظةً أو غمضةً من عين.. كنّا نشعر بأنّ الدّنيا تفارقنا إذا فارقنا سماحة السيِّد.

    في آخر اللّحظات، نزل الطّبيب وقال لابنه السيّد أحمد: ثمة بضع دقائق ثم يتوقّف قلب سماحة السيّد.. وهذا ما حصل..

    لا أريد أن أتحدّث عن اللّحظة الّتي شعرت فيها بأنّ الدّنيا كلّها اسودّت عندما نظرت إلى سماحته، وكان ذلك القلب الكبير قد توقَّف عن الخفقان، لأنّني أعتقد أنّ هذه اللّحظة لن تفارقني في كلّ حياتي، لأنَّني كنت أشعر بأنَّ هذا الشّخص الكبير جدّاً الّذي قدَّم كلّ ما في جعبته للإسلام، والّذي كان مثلاً يحتذى، كنت أشعر بأنَّه يقول لي وأنا أنظر إليه في تلك اللَّحظات، وإلى وجهه الّذي كان يتدفّق منه النّور، يقول لي ما قاله عليّ(ع): "أنا بالأمس صاحبكم، وأنا اليوم عبرة لكم، وغداً مفارقكم... وستعقبون منّي جثة خلاء، ساكنةً بعد حراك، وصامتةً بعد نطق، ليعظكم هدوّي وخفوت أطرافي، فإنّه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ".





ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني