عيد الفطر.. عيد المحبَّة والعطاء
للعيد في شرعنا الحنيف معاني سامية، وأبعاد مهمّة تنطوي على حكم عظيمة وأسرار شريفة، فالعيد هو مناسبة للشّكر الحقيقيّ والصّادق لله تعالى على نِعَمِه، وإتمام فضله بتمام عبادة الصّوم وغيرها على مساحة الزّمن، لأنّ كلّ يوم فيه رضا لله وشكر لنعمته وذكر لتسبيحه، هو عيد حقيقيّ للإنسان، يشعر فيه بإحساسٍ وشعورٍ جديد يزداد فيه غنًى وتقرّباً من الله تعالى، يدفعه إلى ردم الهوَّة بين شرائح المجتمع، حيث ينبغي أن يتشارك الغنيّ والفقير في الشّعور ذاته من التَّواصل والتَّكافل، كذلك التّواصل بين الأرحام، ليشعر النَّاس بوجودهم الفعليّ كمجتمعٍ إنسانيّ متحابّ ومتقارب يشترك في الهموم والآمال، ليكون العيد محطّةً تقوّي العزائم، وتنزع أغلال الأحقاد والعصبيّات، فلا مجال لحضورها بين معاني العيد الّتي تدعو إلى الانفتاح والتراحم، ليشعر المرء بأنّ في كلّ دار داراً له وسكناً، وعند كلّ إنسان أخوّة وتوادّ، وعند كلّ عائلة قوّة له وتعاضد، حتى يصبح المجتمع كلّه عائلةً واحدةً في شعورها وسلوكيّاتها، فلا يعيش المرء غربةً تحرمه من هذه المشاعر الطيّبة، لأنّ العيد يدعو إلى محو الحواجز والفروقات بين البشر، لأنّهم كلّهم عيال الله، وأحبّهم إليه أنفعهم لعياله...
هذا النّفع لا بدّ من أن يظهر وبخاصّة في الأعياد، النفع بالكلمة الطيّبة، والنّفع بالتّواصل، والنّفع بالتّكافل، والنّفع بالتّراحم، فهذه مصاديق العيد الّتي يجب أن نظهرها ونبرزها ونحافظ عليها، ونعمل عل توكيدها وتنميتها بيننا، لنعيش آثارها الطيّبة الّتي أرادها الله لنا كمناسبة للجمع على كلّ المستويات، لا التفرقة والتّنابذ...
فعيد الفطر هو ثمرة الصّيام، وعلينا أن نحسن قطفها، ونحسن الاستفادة منها، وأن نبرز خلاصة ما حصَّلناه من هذا الشَّهر المبارك، لتنعكس فوائده على كلِّ النَّاس محبّةً وخيراً وعدلاً وتكافلاً...
وأخيراً وليس آخراً، العيد مناسبة لعمران الرّوح وتذكيتها بكلّ معاني الخير والعطاء والمحبّة، لأنّه مناسبة يعكس فيها الإنسان روحيّته ونفسيّته وسط مجتمعه، ليمدّه بالشّعور الإنسانيّ الدّافئ والنّافع الّذي يعمل على مدّ جسور التّواصل وعمران ما تقطّع وتهدّم في غيره من الشّهور، فالعيد هو رضا الله في محبّة النّاس وتراحمهم...
السيد محمّد حسين فضل الله (ره)
رد مع اقتباس
