النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي السيّد فضل الله.. المصلِح والإنسان


    يدعو الإسلام إلى الإصلاح الدّائم أو التّجديد، ولكنّ الإشكاليّة تتمثّل في القاعدة الشعبيّة، حيث إنّها تعيش في عالمٍ من المثال عن دينها وصوره ومفاهيمه، ولقد تماهت معه إلى حدّ أصبحت هذه القاعدة الشعبيّة مريضةً ومنسحقة لأنَّها تخشى «الإصلاح أو التَّجديد»، ظنّاً منها أنّه يعمل على تدمير دينها وتشويه أحلامها المديدة الّتي بنتها تحت عباءته..
    فالدّين اليوم أصبح جزءاً من مشكلتنا الاجتماعيّة بدل أن يكون هو الملاذ، وكأنّه صار ضحيّةً لأهوائنا وطموحاتنا الشخصيّة، فبدل أن نكون تابعين إيجابيّين لمفاهيمه الصافية والموضوعيّة لخدمتنا، أصبح تابعاً وعبداً نسيّره وراء غاياتنا، ما أدّى إلى اختلاط الأمور وتعقيدها أكثر..
    إنّ إحياء الرّوح في الدين وبعثها من جديد، يتطلّب نفض الأوهام والالتفاف حول الأفكار التنويريّة والإصلاحيّة التي ترتكز على وضوح الرّؤية وسلامة المنطق والتّفكير لدى المصلحين، من أمثال المرجع الإسلاميّ الكبير، السيّد محمد حسين فضل الله، الّذي حاول استعادة زمام المبادرة الجادَّة لترميم ما يمكن ترميمه من العقل الجمعيّ على كلّ الصّعد، عن طريق الصَّدمة الّتي تنبّه الواقع..
    وهذا هو دأب جميع المصلحين والمجدّدين، بيد أنّ السيّد تميّز بأفقٍ واسعٍ يستشعر من خلاله الأحداث، ويتقن الرّبط بين خطوطها وخلفيّاتها، ويُحسن الاستنتاج منها بشكلٍ جريء، فالجرأة مطلوبة، لا لتسجيل المواقف، بل لإحياء الواقع، عن طريق الجرأة في القراءة والنِّقاش، والتعرّف إلى ما هو حقيقيّ وما هو مزيَّف، وحتَّى المسكوت عنه.. وقد حمل سماحته روحاً إنسانيّة صافية، نظر من خلالها إلى الواقع المليء بالتّعقيدات، فالمصلح الحقّ لا يمكنه الإصلاح إذا لم يعش المصالحة مع نفسه، ولم ينطلق من إنسانيّة شفّافة يقيّم من خلالها الأمور، فذلك ينعكس بالتّأكيد على تفكيره واستنتاجاته، لأنّ السموّ في فهم الإنسان لنفسه وحاضره ومستقبله ومصيره، هو الكفيل بالتغلّب على واقع يديره التّنافس الوحشيّ..
    فالسيِّد الرّاحل عاش عمره لله، ومن يعش لله لا يسقط في ظلمات الجهل والتّعقيد.. لقد أدرك سماحته كغيره من المجتهدين المجدّدين، أنَّ المحافظة السلبيّة على الموروث الدّينيّ والفكريّ تهيمن على العقول والنّفوس، فعمل بكلّ طاقته على تبيان آثارها المدمِّرة على واقع النّاس، والّتي تؤدّي بحالهم إلى اليباس والجدبِ الرّوحيّ والأخلاقيّ والإنسانيّ، فالمحافظة الإيجابيّة لديه هي الّتي تتحوَّل في سياقها التاريخيّ والاجتماعيّ الطّبيعيّ إلى إصلاحٍ وتجديدٍ في حلقاتٍ متَّصلةٍ تؤدّي إلى بناء الإنسان الواعي الّذي يعمل على النّهوض المعرفيّ والاجتماعيّ، في سبيل خدمة كرامة الإنسان في هذا العالم وصيانتها ضمن توجّهٍ عقليّ ناقد وبنّاء.
    فأنت لا ترى في كلامه فصلاً بين الدّين والواقع، بل يرى الواقع هو الدّين، وهو الميزان الّذي نضبط من خلاله حركة فكرنا وفهمنا ومسؤوليّاتنا، فالمصلحون من يعيشون بين النّاس ولأجل النّاس، فهم لا يفكّرون في ذواتهم بل في مسؤوليّاتهم عبر خطابٍ وأسلوبٍ مبدعٍ وحيّ، وليس مجرّد أساليب وإبداعات لاهوتيّة وطقوسيّة جافّة لا حياة فيها.. هذا الخطاب الّذي يرفض الخضوع والخنوع والعزلة...
    لقد عمل السيِّد فضل الله على مبدأ الحركة الواعية في تجديد التَّفكير الدّيني وتطوّره وبعثه، في ظلّ اجتهادٍ مطلقٍ تفرضه حاجات الواقع الّذي يواجه تطوّراً فكريّاً وإنسانيّاً، هذا الاجتهاد الحيويّ والمتحرّك، والبعيد عن السطحيّة في الطّرح والنّقاش، هو الّذي يعيد الحياة إلى الشّريعة التي تحتاج إلى ترجمان ذي خبرة وممارسة، وبخاصّة في كتاب الله، الّذي هو أبعد وأشرف من أن يسدّ الطّريق على النّشاط والتّفكير الإنسانيّ، بل هو المنبّه له دوماً، فجعل القرآن مرجعاً أصيلاً، وحاكماً نقيس عليه تجاربنا ونغني به حركتنا، لا مجرّد تركه ككتاب للتلاوة والمناسبات، واستحضاره لحشد الأمثال والقصص، فترى في فكره وآثاره التوجّه القرآنيّ الواضح في بناء شخصيّة قرآنيّة عاملة لا غافلة، فلا مجال في التّجديد والإصلاح للغفلة، بل العمل هو المطلوب...
    فكم نحن بحاجة اليوم إلى أمثال هؤلاء المصلحين الكبار لننهض من جديد، ونُبعد عن أنفسنا الضّعف والخوف، لنعيد بعضاً من الحياة في واقعٍ يزرع الموت في كلّ دروبه وزواياه جهلاً وتعصّباً... فهل إلى صدمةٍ من سبيل؟
    جريدة السفير اللبنانية
    التاريخ: 5 شوال 1432 هـ الموافق: 03/09/2011 م
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    1,948

    افتراضي


    بارك الله بكم

    في ميزان حسناتكم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    الدولة
    الاحواز
    المشاركات
    171

    افتراضي

    احسنتى اختى الفاضلة شرفنى مرورى الى حضرتكم تقبلى فائق تقديرى
    ******** الهم صلى على محمد وال محمد ********
    ******** ناقل الكفر ليس بكافر ********

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني