المرجعيّة المؤسّسة: المشروع ـ الطموح
1 - المـرجـع:
يرى سماحة السيد فضل الله أنه مضافاً إلى شرط الأعلمية - لمن يقول بها- والصفات الأخرى للمرجع، لا بد من توفّر صفات أخرى لكي يكون المقلَّد في الفتيا مرجعاً للشيعة، لأن المرجع أصبح في الواجهة السياسية في العالم، بعدما أصبحت مسألة الطوائف أو الأديان تمثل وجهاً من وجوه الحركة العالمية… وقد أصبحت الناس ترجع إلى المرجع في القضايا السياسية والاجتماعية وما إلى ذلك من الأمور التي تقتحم على العالم الإسلامي كل مواقعه وقضاياه.
وكذلك، فإن الفقيه لا يستطيع -في المرحلة الحاضرة- أن يعيش خارج نطاق قضايا عصره، باعتبار أن قضايا العصر حتى في الأمور الفقهية، تمثل موضوعات الأحكام التي يحتاج المجتهد أن يستنبطها ويحدّدها كمنهج إسلامي في الحياة.


2 - المؤسسة المرجعية:
يحدد سماحة السيد فضل الله منهجية العمل للمؤسسة المرجعية على أساس دائرتين رئيسيتين:
الأولى: إبعاد المرجعية عن الصفة الشخصية، وجعلها مؤسسة متكاملة موحَّدة لا تعيش الفواصل في شخصيات المراجع، ولا يتحدد امتدادها الزمني بحياة المرجع، بل تضم مختلف الطاقات التي يحتاجها المرجع (رئيس المؤسسة) في إطلالة المرجعية على العالم، فيستفيد من تجارب السابقين ضمن التراث المتوفر لدى المؤسسة، وتستمر من بعده من خلال المرجع الذي يأتي بعده.
الثانية: أن تتخلى المرجعية عن حالتها التقليدية في الميل إلى الوسط الحوزوي بعيداً عن الاهتمامات العامة في حياة المسلمين، فلا بد للمرجعية أن تطلّ على قضايا العالم السياسية والثقافية والاجتماعية.


3 - الأمة الإسلامية:
تلعب المرجعية المؤسسة دوراً مهماً في تماسك الأمة الإسلامية ووحدتها من خلال وحدة الموقف ووحدة الرؤية التي تستند إلى استيعاب شامل للحالة الإسلامية في واقعها المعاصر وواقعها المستقبلي، ولا تُبنى مع كل ذلك على نظرة شخصية، بل تنطلق من خلال تلاقح الطاقات داخل المؤسسة المرجعية.. كما تؤمّن المرجعية المؤسسة التواصل المباشر بين المرجعية الشيعية وبين قاعدتها، والقاعدة الإسلامية عموماً.
ولكنّ هذا المشروع في امتداده الواقعي بحاجة إلى رأي عام يؤمن به ويدعمه ويتفاعل معه، ولا سيما من خلال توفير الإمكانات التي تساعد حركة المؤسسة المرجعية، وتطوّرها في بنيتها التنظيمية، وتهيّئ لقيادتها فرصة التأييد الانتخابي، وغير ذلك مما لا يتناسب مع أية مرجعية فردية محدودة الإمكانات، ولا سيما مع الحرب المجنونة الظالمة التي تستهدف المرجعيات الواعية والطليعية من قبل أكثر من فريق من الناس.