مفهوم الارهاب بين الغرب والاسلام
يشرح سماحة المرجع الفقيه المجدد السيد محمد حسين فضل الله قده مفاهيم الارهاب والمقاومة وعدم ازهاق الارواح بالباطل .

خلط بين الارهاب والمقاومة
س: الولايات المتحدة قدّمت خياراً للدول العربية والإسلامية مع الإرهاب أو مع التحالف الذي يُحارب الإرهاب، بتقديركم إذا هاجم التحالف أفغانستان ما هو الموقف الذي يجب أن يفعله العرب والمسلمون؟ هل هو الوقوف إلى جانب طالبان أو الولايات المتحدة أم هناك خياراً آخر؟
ج: بموضوعية وبقطع النظر على الموقف السياسي من السياسة الأميركية، لنناقش هذا الشعار: «إمّا أن تكونوا معنا أو مع الإرهاب»، إنَّ هذا الموقف يفترض منّا تحديد معنى الإرهاب، هل يشمل الإرهاب العمليات التي يقوم بها الباحثون عن تحرير بلادهم من الاحتلال؟ أو من الديكتاتورية، حين تحشر الشعب في زاوية لا تُطاق؟ أو أنَّ الإرهاب هو فعل الذين ينطلقون من حالات ذاتية أو مادية أو سياسية في غير حالة حرب، ليكون العنف الوسيلة الوحيدة للاحتجاج السياسي، من دون أن يحقّق نتيجة على مستوى الاستراتيجية الحيوية لبلوغ الهدف؟
ونلاحظ أنَّه حتَّى الدول العربية والإسلامية الصديقة للولايات المتحدة تختلف معها في اعتبار أنَّ العمليات التي يقوم بها الفلسطينيون ضدَّ الاحتلال واللبنانيون سابقاً عمليات استشهادية جهادية تحررية وليست إرهابية، كما حاولت أميركا أن تصف أعمال حركتي حماس والجهاد في فلسطين وحزب اللّه في لبنان.
المسألة أولاً في تحديد الإرهاب، فبعض الدول قد تكون مؤيدة لسياسة الولايات المتحدة الأميركية، لكنَّها ليست معها في تحديدها لمفهوم الإرهاب، ولكنَّها ضدَّ الإرهاب في مفهوم آخر.
لذلك فإنَّ هذه المعادلة الأميركية (إمّا معنا أو ضدَّنا) هي معادلة استعراضية ديكتاتورية مضمونها دعوة العالـم إلى الخضوع.
س: بوصفكم مرجعية إسلامية كبرى وعليا في العالـم الإسلامي، كيف تحدّدون المفهوم الإسلامي للعنف؟
ج: إنَّ المفهوم الإسلامي للعنف هو نفسه المفهوم الإنساني في الحضارات كلّها في العالـم، فلنبدأ من الجوانب الفردية، حيث لا يجوز للإنسان أن يضرب أيّ إنسان آخر سواء كان ولداً دون سبب، ولا يجوز ضرب من يسبّك أو يشتمك، ولا يجوز لك ضرب أيّ إنسان أو قتله أو جرحه إلاَّ في حالات الدفاع عن النفس، كما لا يجوز لك البدء بقتال أيّ إنسان إلاَّ في حالة الدفاع عن النفس.
إنَّ بعض الغربيين يعتقدون أنَّ الإسلام يطلق كلمة الجهاد بدون شرط أو ضوابط، فما هي هذه الكلمة: [ وقاتلوا في سبيل اللّه الذين يقاتلونكم] ، [ وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين..] [ وقاتلوهم حتَّى لا تكون فتنة] ، لذلك فإنَّ قراءتنا لتعامل المجتمع المسلم مع غير المسلمين [ لا ينهاكم اللّه عن الذين لـم يقاتلوكم في الدِّين ولـم يخرجوكم من دياركم، أن تبروهم وتقسطوا إليهم إنَّ اللّه يحبّ المقسطين، إنَّما ينهاكم اللّه عن الذين قاتلوكم في الدِّين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم] .
فإنَّ كلّ إنسان مسالـم لك ولدينك هو إنسان له الحقِّ في أن تبره وتقسط معه وتؤدّي حقَّه وأمانته.
للحرب قوانين في الإسلام
س: في المعنى الشرعي أيضاً، هل الردّ على الولايات المتحدة الأميركية جائز بالمعنى الشرعي، أي استهدافها، وبتعبير آخر، هل يجوز العنف الثوري في الإسلام؟
ج: نقول في الإسلام هناك الآية [ وقاتلوا في سبيل اللّه الذين يقاتلونكم.. وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين] ، المسألة هي أنَّ الحرب عندما تفتح بين دولة تقاتلك أو تقاوم وتريد أن تقتلك فرداً أو شعباً، أو تقتل المستضعفين من النَّاس، فلا بُدَّ لك من أن تقوم بمهمة الدفاع عن نفسك سواء كنت فرداً أو مجتمعاً أو شعباً، كما عليك أن تقوم بمهمة الدفاع عن المستضعفين، إذا كنت تملك أن تنصرهم باعتبار وجوب نصرة المظلوم، عندما تفتح الحرب وتأخذ شرعيتها من خلال أنَّك في موقع الدفاع عن النفس المبرّر إسلامياً والمبرّر في كلّ الحضارات، فإنَّ من الطبيعي أن تستحضر كلّ أسلحتك في سبيل الدفاع عمّا يجب أن تُدافع عنه.
إنَّ الإسلام يبرّر للإنسان أن يُدافع عن نفسه لكنَّه يختم بأكثر من آية في قوله: [ ولا تعتدوا إنَّ اللّه لا يحبّ المعتدين] و [ إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به] ، [ من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم] . إنَّ للحرب قوانينها العادلة في الإسلام، ولكن للحرب شرعيتها في الإسلام، عندما توجّه لمن يقاتلونك أو لمن يظلم المستضعفين مما يجعل موقعك موقعاً شرعياً في هذه الحرب.
الدعوة للجهاد
س: انطلاقاً من هنا، وقبل الانتقال للتعريف الثاني في موضوع الإرهاب، من الضروري جداً أن نعرف من سماحتكم: من له الحقّ في إعلان الجهاد، لا سيّما أنَّ دعوات عدّة قد تردّدت في الفترة الأخيرة ردّاً على التهديدات الأمريكية لأفغانستان بالدعوة للجهاد؟
ج: عندما تكون هناك دولة إسلامية تملك الشرعية الإسلامية فمن الطبيعي أنَّ رئيس الدولة هو الذي يملك الحقّ في إعلان الحرب على الآخرين، تماماً كأي رئيس دولة في العالـم، أمّا في حالات عدم وجود دولة إسلامية بالمعنى الشرعي للدولة....
س: هل أفغانستان دولة إسلامية اليوم؟
ج: إنَّنا عندما نختلف معها في مفهومها للإسلام فقد لا نعترف بشرعية هذا المفهوم لهذا إنَّ مسألة الإفتاء بالجهاد لا تنطلق الآن بالمعنى التنفيذي للآليات الواقعية العملية، إنَّما تنطلق كالدعوات الهادفة إلى ضرورة أن تكون هناك حرباً على الاستعمار، والاستكبار.. فإنَّ العلماء الذين أفتوا بالجهاد أرادوا أن يقولوا أيُّها المسلمون إنَّ هناك حرباً على الإسلام والمسلمين في اقتصادهم وسياستهم وأمنهم وعليكم الاستعداد لمواجهة هذه الحرب بحرب مماثلة، ولهذا فإنَّ دعوات الجهاد تكون بحسب طبيعة الظروف الموضوعية التي تحيط بهذه الطروحات وتمثِّل حالة الدفاع عن النفس، و هذه الحالة لا تحتاج إلى فتوى في هذا المقام، تماماً كدفاعك المباشر عن نفسك إذا هوجمت في بيتك، ولهذا نجد أنَّ عملية الثورة على الديكتاتوريات والثورة على الاستعمار هي مسألة دفاع عن النفس.
غاية ما هناك أنَّ المجتهد الذي يملك شرعية الفتوى يحدِّد للنَّاس طبيعة الخطوط الشرعية لحركتهم في خطّ المواجهة.
نحن ضدَّ الإرهاب كما نفهم الإرهاب
س: إذا كان الإسلام يرفض الإرهاب إلى هذا الحدّ، فلماذا لا توافقون على شنّ حربٍ واسعة ضدَّ هذا الإرهاب؟
ج: نحن نوافق على شنّ حربٍ واسعة ضدَّ الإرهاب بالمعنى الذي نفهم فيه الإرهاب، بأنَّه الحرب على المدنيين وعلى الأبرياء في غير ضرورات الحرب، أمّا أمريكا فإنَّها تعتبر الانتفاضة والمقاومة في لبنان إرهاباً، ونحن لا نوافق على ذلك، لأنَّنا نعتبر أنَّ هذه الحركات هي حركات تحرّر وليست إرهابية، ونحن نقرأ في كلّ هذه الحركة الأمريكية الدولية التي تضغط على كلّ الدول الكبرى والصغرى، أنَّ أمريكا تُحاول أن تجعل من شعار الحرب على الإرهاب وسيلة من وسائل تنفيذ كلّ مخططها السياسي، والذي لـم تستطع أن تنفذه في الحالات العادية. ولعلّنا قرأنا في تصريح المسؤول الأمريكي، أنَّ على التحالف أن يتحرّك لتحقيق هذه المهمة وليس لإرباك هذه المهمة. ومعناه أنَّ على العالـم كلّه مساعدة أمريكا لتنفيذ كلّ مخططها السياسي الذي لـم تستطع تنفيذه.
الضغط يولّد الانفجار
س: ما هي أسباب الإرهاب؟ هل هي الغطرسة الأمريكية؟ هل هو الفقر؟ هل لها دوافع دينية؟
ج: من الطبيعي أنَّ أيّ إنسان لا يقوم بعمل يهدّد حياته، سواء كان بتفجير نفسه أو بوسائل أخرى، إلاَّ إذا كان هناك شيءٌ كبير في وجدانه، طبعاً هؤلاء هم غير الأشخاص الذين يستعملون الإرهاب للسرقة والاغتصاب.
إنَّ الإرهاب السياسي ـ إن صحّ التعبير ـ أو ما يُسمّى بالإرهاب السياسي، يخضع دائماً لردّ الفعل من الضغوط السياسية التي تجعل جماعة من النَّاس، وتجعل الشعب يشعر بفقدان حريته، وتجعله يشعر بأنَّه محاصر في اقتصاده وأمنه، وحتّى في دينه مثلاً.. وعندما ندرس ما يُسمّى بالعمليات الإرهابية ضدَّ هذا النظام أو ذاك، فإنَّنا نجد أنَّ الضغط على الحريات يدفع النَّاس إلى العنف، سواء كان عنفاً يصل إلى نهايته أو يقف عند حدود معينة.
إنَّ القانون المعروف هو أنَّ شدّة الضغط تولّد الانفجار، وهذا الانفجار يختلف حسب درجة الضغط.
أميركا وأوروبا يأوون مطلوبين
س: سماحة السيِّد مع التسليم من أنَّ هناك خلطاً بين «طالبان» و «بن لادن» وبين الشعب الأفغاني الذي يتعرّض للقتل إلاَّ أنَّ طالبان وبن لادن يتحمّلان مسؤولية ما يجري فما هو الموقف الشرعي وما هو التصرّف الذي يجب أن يلتزمه المسلم؟
ج: إنَّني أحاول أن أدرس المسألة الشرعية بعقلٍ هادئ، أنَّ المبدأ الذي طرحته أمريكا في هجومها على «طالبان»، هي أنها تبغي المتهمين بالتفجيرات، وأنَّ تأييد الدول لهؤلاء هو تأييد للإرهاب. لذلك لا بُدَّ أن تتعامل معاملة الإرهاب. إنَّني أتساءل: هل هذا المبدأ يمثِّل خطّاً للعدالة الحضارية، بقطع النظر عن المبادئ الإسلامية وغير الإسلامية لإعلان الحرب على أيّ دولة تختزن نظاماً يؤيد فريقاً من النَّاس متهماً لدى دولة أخرى. ولو أردنا أن نطبّق هذا المبدأ فمن الممكن جداً أن تقف الدول العربية والإسلامية التي تتهم جماعات بالإرهاب لإسقاط أنظمتها موجودين في أوروبا وأميركا وتطالب أميركا وأوروبا أن تسلّمهم. ولا تجد أوروبا أو أميركا أيّة مادة قانونية لتسليمهم. لو طبّقنا هذا المبدأ، فيمكن أن نقول إنَّ لهذه الدول الحقّ في إعلان الحرب على أميركا وعلى أوروبا.
ثُمَّ إنَّ كلّ الدول العربية والإسلامية بشعوبها تتهم أميركا بأنَّها تؤيّد تأييداً مطلقاً إسرائيل، التي تُمارس إرهابها بالأسلحة الأميركية ضدَّ الفلسطينيين، فإذا أردنا أن نطبّق هذا المبدأ، فإنَّنا نقول إنَّ أميركا تؤيّد هذا الإرهاب، يعني إرهاب الدولة الإسرائيلي ضدَّ الفلسطينيين اليوم. وضدَّ العرب والمسلمين غير الفلسطينيين، ثُمَّ نبرر على أساس المنطق الأميركي لابن لادن وللقاعدة ولكلّ المنظمات التي تقف ضدَّ أميركا وضدَّ مصالحها، لأنَّها تؤيّد إسرائيل تأييداً مطلقاً، إنَّه يبرر لها فيما تقوم.
لذلك نقول عندما ندرس هذه المسألة فإنَّنا لا نبرّر لها أيّ أساس شرعي وقانوني وحضارياً إنسانياً أن تعلن الحرب على دولة لمجرّد أنَّها لا تسلّم المتهمين بالاعتداء على تلك الدولة.
مع ملاحظتنا أنَّ هؤلاء المتهمين صدقوا أو كذبوا بنكران علاقتهم بهذه التفجيرات. وأنَّ نظام «طالبان» الذي لا نؤيده لفهمه الإسلامي، لأنَّنا نختلف معه في الكثير من طريقة فهمه للإسلام. لا سيّما للمرأة. إنَّ نظام «طالبان» قد طرح على الولايات المتحدة الأميركية أن تقدّم له الإثباتات التي تدين بن لادن وقاعدته ليُحاكم في أفغانستان أو في دولة إسلامية محايدة. ولتدخل أميركا في كلّ إمكاناتها القانونية لإثبات عناصر الإدانة. ليحكم في إدانته إسلامياً، لأنَّ هذا العمل الذي اتهم به ليس مبرراً إسلامياً كما هو الحال في موقف علماء المسلمين في العالـم، الذين أعلنوا موقفاً ضدَّ التفجيرات، لأنَّه لا يجوز قتل الأبرياء بهذه الطريقة لمجرّد معارضة سياسية الدولة التي يعيشون تحت تأثيراتها. ومع ذلك لـم تقدّم أميركا الإثباتات حتَّى للدول الإسلامية، بل قدّمتها لدول أوروبا. والسبب لتضغط عليها لتعتبر هذه التفجيرات عدواناً خارجياً لتنفيذ البند الخامس من ميثاق الحلف الأطلسي الذي يفرض على الحلف المساعدة لأيّ دولة من الدول الأعضاء التي تتعرّض لعدوان خارجي.
وفي القانون الوضعي أو الدولي، إذا ارتكب شخص جريمة من دولة وينتمي إلى دولة أخرى، فإنَّ القانون يفرض تقديمه للمحاكمة، في دولته. أمّا أن يسلّم إلى الدولة المعتدى على بعض أفرادها، فهذا أمرٌ لا يقرّه القانون، وهناك بعض القوانين حول تسليم المجرمين إذا كانوا في دولة ما لدولتهم. أمّا أن يقدّم المتهم الذي قام بجريمة من دولته للدولة التي جرى الاعتداء على بعض أفرادها ليس قانونياً. لذلك نرى أنّ أميركا لـم تقدّم أيّة طروحات قانونية على مستوى كلّ الأعراف القانونية سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية. تبرّر لها ما قامت به من هذه الحرب ضدَّ أفغانستان.
والحرب لـم تقم ضدَّ «نظام طالبان» بل قامت ضدَّ كلّ البنية التحتية للشعب الأفغاني الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وضدَّ المدنيين الذين تطالهم الطائرات الأميركية والبريطانية، مع الاعتذار منهم أحياناً على الخطأ مع أنَّه لا ندري كيف يقع الخطأ، مع كلّ هذه الدقة التي تملكها التقنية العسكرية الغربية. لذلك لـم نجد أيّ أساس شرعي في هذه الحرب، ونعتبرها حرباً عدوانية تماماً كما لـم نجد أيّ شرعية في التفجيرات التي حصلت في أميركا، إذ ليس لها مبرّر شرعي.
أهداف التحالف الأمريكي
س: في ظلّ الأحداث الأخيرة شنت الولايات المتحدة حملة واسعة النطاق لإيجاد حلف دولي لمحاربة ما تسميه بالإرهاب، كيف يرى سماحة السيِّد محمَّد حسين فضل اللّه هذا الحلف الأمريكي؟
ج: إنَّني أتصوّر أنَّ هذا التحالف ربَّما يأخذ صيغة دولية على أساس التقاء المصالح ولا سيّما مصالح الدول الكبرى، التي ربَّما شعرت بالخطر من هذا الذي يسمّونه إرهاباً على مصالحها، ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ دول حلف الأطلسي شعرت بأنَّ عليها أن تقدّم دعماً لأمريكا في حربها ضدَّ هذا العدوان باعتبار أنَّ إحدى مواد نظام هذا الحلف تنص علىالتدخل من جانب هذه الدول للدفاع عن أيّ دولة إذا تعرّضت لاعتداء خارجي، ولهذا كانت أمريكا تعمل جاهدة لتثبت لهذه الدول بأنَّ هناك عدوّاً خارجياً هو أسامة بن لادن وقاعدته وحركة طالبان المؤيدة له يجب أن يتحمّل مسؤولية ذلك لينطبق عليه نص المادة الخامسة ـ كما يقولون ـ في حلف النظام الأطلسي.
أمّا بالنسبة إلى روسيا فإنَّها تُحاول أن تستغل هذه الحرب على الإرهاب للاستفادة من بعض المكاسب التي قد تحصل عليها في دعم هذا الحلف، لأنَّها تتهم طالبان في وقوفها وراء حرب الشيشان.
وهي أيضاً من خلال عنوان الحرب على الإرهاب تتمكن من إدخال حرب الشيشان في دائرة الإرهاب وتدفع بالحلف الأطلسي إلى الوقوف ضدَّ مقاتلي الشيشان، حيث كانت تلك الدول ولا سيّما دول الاتحاد الأوروبي غير موافقة عليها، أمّا الدول الصغرى سواء كانت عربية أو إسلامية، فإنَّها تدخل في هذا التحالف خوفاً من الضربات الأمريكية التي تتحرّك على أساس الاتهامات الأمريكية الجائرة لهذه الدول أو تلك في دعمها للإرهاب أو في وقوفها مع الإرهابي، لا سيّما مع الشعار الأمريكي الذي يقول "إمّا أن تكونوا معنا أو مع الإرهاب". لذلك فإنني أتصوّر بأنَّ هذا التحالف لا يصل إلى نتيجة حاسمة، لأنَّه سوف يخلق أكثر من فوضى سياسيّة وأمنيّة في أكثر من دولة من دول العالـم.
حرمة المشاركة في الحرب الأميركية
س: هل يجوز للدول الإسلامية أن تشارك في حلف عسكري تقوده الولايات المتحدة لضرب أفغانستان أو ما تسميه بالإرهاب؟
ج: لقد أصدرنا فتوى منطلقة ومرتكزة على القاعدة الشرعية وهي: أنَّه لا يجوز لأيّ مسلم سواء جولة أو حزباً أو منظمة أو شخصاً أن يساعد أيّ جهة استكبارية ضدَّ أيّ شعب مسلم، حتَّى لو كانت الدولة التي تحكم هذا الشعب المسلم مرفوضة من قبلنا في فهمها للإسلام، أو في طريقتها في إدارة المسألة الإسلامية.
فنحن لا نتفق مع حركة طالبان في فهمها للإسلام الذي يمثِّل فهماً متخلّفاً على مستوى الثقافة الإسلامية ولا سيّم بالنسبة إلى المرأة أو لتكفير الشيعة بشكل غير معقول أو ما إلى ذلك.
لكن عندما تكون المسألة مسألة حرب فإنَّ أمريكا منطلقة من مصالحها ومن إثباتات قد لا تثبت أمام النقد القضائي ـ المحكمة القضائية ـ فإنَّنا مع الأفغان لا سيّما أنَّ الشعب الأفغاني ليس بأجمعه مع حركة طالبان في هذا المجال، وعندما تكون المسألة مسألة إسلام وكفر، أو مسألة إسلام واستكبار فنحن مع الإسلام