س: لماذا ذكر الله اسم العذراء مريم بنت عمران باسمها الصريح على عكس العديد من النساء اللاتي ورد ذكرهن في القرآن؟

ج: لأنها كانت موضع إظهار قدرة الله عز وجل ولأنها الإنسانة التي أراد الله سبحانه وتعالى لها أن تكون أمّاً لعيسى بالطريقة التي توحي بقدرة الله سبحانه وتعالى في أن يخلق إنساناً من دون أب. ثم هي تمثل في حياتها قبل أن تعيش هذه التجربة الروحية المتبتلة لله تعالى، فلقد عاشت كإنسانة متعددة الأب...عاد مما يجعل منها قدوة في هذا المجال خاصة وأن الله سبحانه وتعالى أنبتها نباتاً حسناً وكفّلها زكريا، وقد طلبت أمها من الله أن يعيذها من الشيطان { وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ}. وهي الإنسانة التي تتميز بأنّ الله رعاها رعاية شبه مباشرة: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[آل عمران:36 ـ 37] ثم هذا الموقف الذي وقفته عندما رميت بالانحراف وهي التي قال الله عنها{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}[التحريم:12]. كل ذلك يدل دلالة واضحة على أنها كانت تختلف عن النساء اللاتي ذكرن في القرآن فلها ـ مثلاً ـ خصوصية تختلف عن خصوصية امرأة فرعون{ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ}[التحريم:11] فهي امرأة صلبة الإيمان استطاعت أن تعيش إيمانها في قصر فرعون وأن لا تتنازل عن إيمانها وتمنّت أن يخلّصها الله من ذلك في خط هذا البعد الواحد. فلشخصية مريم أبعاد كثيرة بحيث تصلح أن تكون قدوة في أكثر من بعد.